عربي21:
2025-07-05@14:01:01 GMT

قفازات إسرائيل للسيطرة على قطاع غزة

تاريخ النشر: 17th, May 2024 GMT

تبحث الولايات المتحدة عن قفازات تُلبسها للاحتلال الإسرائيلي لتضمن سيطرته على قطاع غزة وإدارته مدنيا وعسكريا، فتقدم تارة عروضا للدول العربية وتارة لقوات أممية تشرف عليها الأمم المتحدة لإدارة القطاع بشرط احتفاظ الاحتلال بقدرته على تنفيذ عمليات اقتحام واغتيال تشبه ما يقوم به في الضفة الغربية على مرأى ومسمع من السلطة الفلسطينية وأجهزتها في رام الله.



الطروحات المقدمة تم استخراجها من الأقبية المظلمة للدوائر الاستعمارية في بريطانيا وفرنسا، حيث تحولت عصبة الأمم التي أسست عشية الحرب العالمية الأولى إلى أداة طيعة بيد القوى المنتصرة لإخضاع الأمم والشعوب التي تم احتلالها تحت بند "الوصاية والانتداب"؛ قفازات سمحت لفرنسا وبريطانيا إدارة مستعمراتها الجديدة بكلفة منخفضة جدا قياسا بما يجب أن يكون، فالدولتان خرجتا من الحرب منهكتين اقتصاديا وبشريا وعسكريا من الحرب العالمية الأولى، فكانت "قفازات عصبة الأمم" الخيار المناسب لتحقيق ثلاث أهداف في واحد، وهي إطالة عمر الاستعمار، وشرعنته، وخفض كلفه.

الطروحات المقدمة تم استخراجها من الأقبية المظلمة للدوائر الاستعمارية في بريطانيا وفرنسا، حيث تحولت عصبة الأمم التي أسست عشية الحرب العالمية الأولى إلى أداة طيعة بيد القوى المنتصرة لإخضاع الأمم والشعوب التي تم احتلالها تحت بند "الوصاية والانتداب"؛ قفازات سمحت لفرنسا وبريطانيا إدارة مستعمراتها الجديدة بكلفة منخفضة جدا قياسا بما يجب أن يكون
المبررات

 القوة الأممية خيار أمريكا المنهكة والمستنزفة دوليا وإقليميا وداخليا، لإخراج الاحتلال الإسرائيلي من مأزقه القاتل، ولكن هذه المرة عبر الحديث عن تدخل أممي بدعم من الجامعة العربية وتمويل من دولها، الأمر الذي تعتقد أمريكا أنه يحرج الدول التي صوتت في الجمعية العامة للأمم المتحدة لصالح إقامة دولة فلسطينية، ويضع الصين وروسيا في مأزق داخل مجلس الأمن لتمرير المشروع الأمريكي، فيما يمكن وصفة بأكبر وأخطر مناورة دبلوماسية أمريكية وأكثرها كلفة وتعقيدا منذ تأسيس الأمم المتحدة.

رغم ذلك، يُتوقع أن تضع الجزائر ولبنان وسوريا والعراق وسلطنة عمان وقطر والسودان عوائق وقيودا أمام هذا الطرح المثير للشك والريبة في الجامعة العربية، وأن تعيد صياغته في أسوأ الأحوال، كما يُتوقع أن تتصدى جنوب أفريقيا ودول العالم الحر لهذا التحرك في الجمعية العامة، في حين يتوقع أن تقف روسيا والصين في مجلس الأمن بالمرصاد لخيار شرعنة الاحتلال، وخفض كلفته، والتغطية على جرائمه، وهزيمته التاريخية أمام المقاومة الفلسطينية التي تملك الحق في فرض إرادتها وسيادتها على الأرض التي قاتلت وضحت من أجلها.

المناورات والأدوات

الدعوات الإسرائيلية والأمريكية للدول العربية وللأمم المتحدة تكررت خلال الأشهر الفائته، وتكثفت خلال الأسابيع القليلة الماضية للانخراط في حل سياسي وعسكري في قطاع غزة عبر إرسال قوات عسكرية، وهو أمر رفضته منفردة لحراجة موقفها، غير أن إعادة طرحه في أروقة الجامعة العربية وقمتها الرئاسية يشير إلى محاولة الالتفاف على العوائق والحرج الناجم عن "المبادرة الأمريكية-الإسرائيلية" للسيطرة على القطاع والقضاء على مقاومته؛ عبر تحويله إلى مشروع قرار وبند في البيان الختامي للقمة العربية في المنامة.

المحاولة والإصرار عليها جاء بعد تيقن الاحتلال والإدارة الأمريكية باستحالة حسم المعركة والانتصار فيها، ما يعني انتصارا صافيا للمقاومة وحركة حماس، وهو ما تسعى أمريكا لتجنبه من خلال إلباس الاحتلال قفازات أممية لمواصلة جرائمه وبغطاء عربي ودولي، فيقفز على الفيتو الروسي الذي رفض تجريم المقاومة واتهامها بالإرهاب، وعلى الموقف الصيني الذي اعتبر مندوبها لدى مجلس حقوق الإنسان في جنيف أن حماس حركة تحرر وطني وأن الشعب الفلسطيني يملك الحق بالمقاومة المسلحة.

 أمريكا تحاول وبكل الوسائل الممكنة الالتفاف على المعيقات واستعادة زمام المبادرة التي تكاد تفقدها، بإدانة المقاومة وتبرئة الاحتلال الذي بات ملاحقا في محكمة العدل والجنائية الدولية على جرائمة التي تجاوزت 35 ألف شهيد و80 ألف جريح حتى اللحظة، إلى جانب تدمير البنى التحتية كالمستشفيات والمدارس.

فرص النجاح والفشل

الضغوط الأمريكية على الجانب الإسرائيلي للقبول بأدوار إدارية ومدنية للدول العربية وسلطة رام الله، قابله رفض إسرائيلي مثله رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو ومن معه في الائتلاف الحاكم (وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير).

 ورغم الانحياز الانتهازي والبراغماتي لوزير الدفاع يؤاف غالانت لصالح الأجندة الأمريكية، إلا أنه لا زال يتأرجح في طموحاته بين الائتلاف الحاكم وقاعدته اليمينية الصلبة والمعارضة المهشمة وغير المتماسكة التي يقودها يائير لبيد وعضوا مجلس الطوارئ؛ وزير الدفاع الأسبق بيني غانتس ورئيس الأركان غادي إيزنكوت.

عوامل الفشل لعملية إلباس الاحتلال قفازات عربية وأممية لفرض سيطرته على قطاع غزة أكثر في عددها وعمق تأثيرها من عوامل النجاح، فرغم الحملة الإعلانية القوية والواضحة التي ترافقت مع القمة العربية في البحرين لإدانة المقاومة وتمرير بيانها الختامي لإرسال قوات أممية للقطاع، فإن التجارب السابقة والحقائق المتعلقة بالاحتلال والانقسام العربي في مقابل صمود المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها حركة المقاومة حماس؛ عوامل تدفع نحو انهيار الاستراتيجية الأمريكية وتبددها
عجز الاحتلال الإسرائيلي عن حسم خياراته والقبول بالقفاز العربي الأممي المقترح أمريكيا لإدارة قطاع غزة؛ يمثل عائقا يحرج الدول العربية المنخرطة في هذا النقاش، ويهدد بتعطل عمل الإدارة الأمريكية وإعاقة عملها، وهو أمر أكدته وكالة بلومبيرغ الأمريكية الخميس الفائت (16 أيار/ مايو الحالي)، إذ نقلت عن مسؤليين أمريكان القول: إن إسرائيل غير منفتحة على المقترحات الأمريكية.

انقسامات وأجندة اليمين الإسرائيلي عنصر معطل لأي دور تلعبه الدول العربية المتحمسة للمشروع؛ لكنها أيضا تعاني من الانقسام بفعل انعدام الثقة والتنافس والتصارع الحاد فيما بينها على النفوذ في اليمن والسودان وليبيا والصومال، وفي المياه الإقليمية المناطق الخاصة؛ سواء كانت الجزر في الخليج العربي والبحر الأحمر وبحر العرب، أو المشاريع اللوجستية الكبرى للمدن والممرات والمعابر.

الدول العربية ممثلة بنظمها الرسمية تخشى ان يورط بعضها البعض لغايات أبعد من مجرد التوافق والتفاهم مع واشنطن وإقصاء حركة حماس، فنكوص بعضها عن أي اتفاق في السر أو العلن، وتحميل تبعاته لطرف دون الآخر، يرفع مستوى الحذر والتحفظ كونه أمرا لطالما تكرر في ملفات عربية عدة.

ختاما..

عوامل الفشل لعملية إلباس الاحتلال قفازات عربية وأممية لفرض سيطرته على قطاع غزة أكثر في عددها وعمق تأثيرها من عوامل النجاح، فرغم الحملة الإعلانية القوية والواضحة التي ترافقت مع القمة العربية في البحرين لإدانة المقاومة وتمرير بيانها الختامي لإرسال قوات أممية للقطاع، فإن التجارب السابقة والحقائق المتعلقة بالاحتلال والانقسام العربي في مقابل صمود المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها حركة المقاومة حماس؛ عوامل تدفع نحو انهيار الاستراتيجية الأمريكية وتبددها، فعوامل الفشل أكثر عمقا وتأثيرا وأصالة من عوامل النجاح التي تعول عليها الإدارة الأمريكية التي تعيش أيامها الأخيرة في البيت الأبيض.

twitter.com/hma36

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الإسرائيلي غزة الفلسطينية الجامعة العربية إسرائيل امريكا فلسطين غزة الجامعة العربية مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة على قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

الأمم المتحدة تتهم إسرائيل بارتكاب واحدة من أكثر عمليات الإبادة الجماعية وحشية في غزة

فلسطين – صرحت المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بالقضية الفلسطينية، فرانشيسكا ألبانيز، اليوم الخميس، بأن إسرائيل مسؤولة عن واحدة من أبشع عمليات الإبادة الجماعية في التاريخ الحديث في غزة، وأن الفلسطينيين ما زالوا يعانون معاناة لا تصدق. وقالت ألبانيز خلال الدورة التاسعة والخمسين لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة: “الوضع في الأراضي الفلسطينية المحتلة كارثي. في غزة، لا يزال الفلسطينيون يعانون معاناة لا تصدق. إسرائيل مسؤولة عن واحدة من أسوأ عمليات الإبادة الجماعية في التاريخ الحديث. تشير الأرقام الرسمية إلى أن عدد القتلى يتجاوز 200 ألف. ويقدر خبراء الصحة البارزون أن العدد الحقيقي أعلى من ذلك بكثير”. وأضافت ألبانيز أن الفلسطينيين في الضفة الغربية لا يزالون يواجهون أكبر موجة تهجير قسري، منذ عام 1967، حيث قتل ما يقرب من ألف شخص، وجرح عشرة آلاف، واعتقل عشرة آلاف، وتعرض الكثيرون للتعذيب. وتابعت: “كنت أعتقد ذات مرة أن المشكلة تكمن في الجهل، في عدم فهم فلسطين وتاريخها. لكن لاحقا، أدركت أن وراء ذلك أيديولوجية: تقارب سياسي عميق بين العديد من الدول والنخب وإسرائيل. ولكن في مواجهة الإبادة الجماعية، التي باتت جلية وتبث على الهواء مباشرة، فإن هذه التفسيرات لا تجدي نفعا”. وتعقد الدورة التاسعة والخمسون لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف، في الفترة من 16 يونيو/ حزيران إلى 9 يوليو/ تموز. ويضم هذا المجلس، الذي أنشئ ،عام 2006، 47 دولة عضوًا، ويعمل على حماية حقوق الإنسان وتعزيزها من خلال مناقشة الانتهاكات، واعتماد القرارات، وتنسيق الجهود العالمية في هذا المجال. وفي فبراير/ شباط الماضي، أعلنت الولايات المتحدة وإسرائيل انسحابهما من جلسات المجلس، في حين تشارك روسيا بصفة مراقب. وردا على ذلك، شنت القوات الإسرائيلية عملية “السيوف الحديدية”، التي شملت ضربات على أهداف مدنية، وأعلنت حصارًا كاملا على قطاع غزة، وتوقفت إمدادات المياه والكهرباء والوقود والغذاء والأدوية. وأودى القتال، الذي توقف بسبب وقف إطلاق نار قصير الأمد، بحياة أكثر من 57 ألف فلسطيني، ونحو 1500 إسرائيلي، وامتد إلى لبنان واليمن، ونتج عنه تبادلا للضربات الصاروخية بين إسرائيل وإيران. سبوتنيك

مقالات مشابهة

  • الأونروا: الاحتلال جعل من قطاع غزة مكانا غير صالح للحياة
  • جيش الاحتلال يعترف بمقتل جندي جديد بنيران المقاومة شمال قطاع غزة
  • حدث أمني واشتباكات عنيفة جنوبي قطاع غزة
  • دبلوماسي فلسطيني سابق: إسرائيل تصعّد المجازر قبل الهدنة المحتملة لفرض أمر واقع بالدمار
  • رئيس بعثة الجامعة العربية: وحدة عربية غير مسبوقة لدعم فلسطين بالأمم المتحدة
  • دبلوماسي: المجموعة العربية موحدة دوليا بشكل لم نشهده على مدى 45 عاما
  • لماذا أصبح تحقيق أهداف إسرائيل التكتيكية أصعب في غزة؟
  • الأمم المتحدة تتهم إسرائيل بارتكاب واحدة من أكثر عمليات الإبادة الجماعية وحشية في غزة
  • الجامعة العربية تؤكد دعمها لـ "الأونروا" وتطالب باتخاذ إجراءات فورية لحمايتها
  • الجامعة العربية تؤكد دعمها الثابت لوكالة الأونروا