من الواضح أن فداحة الأثمان البشرية الباهظة التي يدفعها الاحتلال أمام المقاومة في غزة، تعيد إلى أذهان أوساطه الكابوس الذي عاشوه في لبنان طيلة 18 عاما منذ احتلال جنوبه في 1982، حتى انسحابهم المهين منه في عام 2000.

لكن المعطيات الجارية، لدى حكومة الاحتلال تؤكد أنها لم تتعلم الدرس من لبنان، بدليل أن رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، سيقوم بإنشاء قطاع أمني ضخم في غزة، مع أن الجيش يعرف أن ثمن الدم الذي دفعه في لبنان سيكون صغيرا في ضوء ثمن الدم الذي سيدفعه في غزة، يوما بعد يوم.



أريئيلا رينغل هوفمان، وهي الكاتبة في صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، أكدّت أنه "بعد وقت قصير من اتخاذ قرار الانسحاب الإسرائيلي من لبنان، في يناير 1985، أنشأ الاحتلال نقطة مراقبة في القطاع الشرقي من الشريط الأمني، وكان فريق من المراقبين يغادر كل ليلة من القاعدة الأم في فلسطين المحتلة، ويستقر في المنطقة قبيل شروق الشمس، وينفذ المهمة نهارا وليلا بعد عودته هناك مجددا".

وأضافت، في مقال ترجمته "عربي21" أن "المهمة الرئيسية لذلك الموقع كانت تحديد قوات حزب الله التي تتحرك في المنطقة، وإعادة البيانات، وفي مرحلة معينة، تقرّر تحسين الموقع، وتم زرع خيمة مموّهة جيدا بدلا من ذلك".

وأوضحت أنه "بمرور الوقت، أصبحت الخيمة موقعًا راسخًا، ثم تطور ليصبح موقعًا استيطانيًا ضخمًا، وبدلا من المائة جندي الباقين هناك لمساعدة الجيش، فقط بقي ألف جندي، واستمرت الأعداد في التزايد، حتّى انسحب بصورة مهينة في مايو 2000 بعد أن دفع خسائر بشرية كبيرة في صفوف قواته".

وأشارت إلى أن "التواجد العسكري الاسرائيلي، اليوم، في غزة، بدعوى حماية مستوطني الغلاف، هو شعار فارغ، ويحمل في طياته مزيدا من الإخفاقات العسكرية، ولن ينجح في القضاء على حماس، كما لم ينجح التواجد في لبنان بالقضاء على حزب الله، حيث قُتل هناك 1404 جنديا على مدار 18 عاما، وأصيب 3750 آخرون، وهذا بالضبط ما سوف ينشئه نتنياهو في غزة، مع العلم أن الجيش يعرف أكثر من سواه أن ثمن الدم الذي دفعه في لبنان، سيكون أقل بالنظر لثمن الدم الذي سيدفعه في غزة".


وأردفت بأن دولة الاحتلال الإسرائيلي "ليست مجبرة لدفع هذه الأثمان البشرية في غزة، يوما بعد يوم، في حرب تقرّر أنها ستستمر لأجل غير مسمى، من قبل حكومة كثير من أعضائها لم يخدموا في الجيش، وأبناؤهم ليسوا مع الجنود أيضا، مما يطرح السؤال: متى ستنشأ "حركة الأمهات الأربع" على نمط 2024، لأن الهاجس الذي يشغل بال كل أم اسرائيلية ابنها في غزة هل سيعود أم لا، ولذلك من الصعب أن أجد الكلمات لوصف رعبهن اليومي".

وفي سياق متصل، أكّد أمنون ليفي أنه "يقرأ طوال الوقت عن الثمن الباهظ الذي يدفعه الجيش في غزة مما يستدعي نهاية عاجلة لهذه الحرب العمياء، لأن الوقت قد حان فعلا، قبل نشوب موجة هجرة عكسية جديدة من الدولة إلى خارجها، وقبل أن يفقد سكانها الأمل في العيش فيها، بعد ما يقرب من عام من الثورة المهتزة والاحتجاج العنيف، وسبعة أشهر من الحرب، التي بدأت بهزيمة عسكرية، واستمرت إلى انهيار سياسي وأخلاقي، مما يستدعي السؤال: هل نحن ضائعون في هذا المكان؟". 

وأضاف في مقال نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت"، وترجمته "عربي21" أن "قيادة الدولة لا ترى حجم الأزمة القائمة، وهي تواصل ترديد ذات النغمة بضرورة القضاء على ما تبقى من كتائب حماس القليلة، بزعم تحقيق "النصر المطلق"، مع أن كل من لديه عينين يبتسم ساخرا حين يسمع هذه العبارة".

وتابع: "يبدو أن مجلس الحرب يرى التحركات العسكرية اللازمة على الجبهة، دون رؤية الأزمة على الجبهة الداخلية، والأكثر إحباطا أنهم مقيّدين بالتزامات حزبية، والخوف من ردة فعل القواعد الحزبية، وماذا سيحدث لو سقطت الحكومة، وماذا سيفعل بن غفير، وكيف سنتغلب على قانون التجنيد". 

وأشار: "لسنا في أيام عادية، نحن أمام السقوط العظيم، ممّا يطرح التساؤل عن مصدر "العمى الرهيب" الذي يعانيه السياسيون، والأمر الأكثر إثارة للقلق هو كيف لا يجبرهم عامة الإسرائيليين على إنهاء الحرب، والآن".


وأبرز "لعل جزءاً من الإجابة يكمن في الإغفال الكبير من قبل المراسلين والمذيعين والمشرفين والمعلقين، لأنهم تجاوزوا واجبهم بالامتناع عن تقديم المعلومات الأساسية عن الحرب، بعد الصدمة التي تسببت بها أحداث السابع من أكتوبر لدرجة أننا غضضنا الطرف عما حدث بعد ذلك في غزة".

وأكد: أن "الرغبة في الانتقام أعمت أعيننا، وجعلتنا نكمل، بل ونشجع في بعض الأحيان، الضرر الفظيع الذي لحق بأكثر من مليوني فلسطيني هناك، من تدمير منازلهم، وتجويع أطفالهم، وإصابة حياتهم بجروح مميتة".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية سياسة دولية غزة فلسطين فلسطين غزة قطاع غزة المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الدم الذی فی لبنان فی غزة

إقرأ أيضاً:

مصادر إسرائيلية: أسبوع حاسم ستتخذ فيه قرارات تغير وجه الحرب

تحدثت مصادر إسرائيلية عن قرارات وصفتها بالإستراتيجية، يتوقع أن يتم اتخاذها الأسبوع الجاري الذي وصفته بالمصيري، وأكدت أن القرارات المنتظرة ستغير وجه الحرب الدائرة منذ قرابة عامين على قطاع غزة.

ونقل الموقع عن مسؤول إسرائيلي رفيع قوله إنه لم يتخذ بعد قرار نهائي بتغيير المسار بشأن المفاوضات، وإن إسرائيل اليوم أمام ما وصفه بـ"مفترق طرق، فحماس تماطل ولا تنخرط، لكن هذا قد يتغير قريبا".

وذكر هذا المسؤول أن الصفقة الجزئية التي تشمل وقف إطلاق النار لمدة 60 يوما لا تزال مطروحة.

وبينما لم تتضح بعد طبيعة القرارات التي تنوي إسرائيل اتخاذها في هذا الأسبوع الذي وصفته وسائل إعلام إسرائيلية بالحاسم؛ نقلت القناة 12 الإسرائيلية عن مصادر وجود مخاوف من صدام محتمل بين المستويين السياسي والعسكري في إسرائيل.

كما نقلت هيئة البث الإسرائيلية من جهتها عن مصادر أن الجيش يتحفظ على تحركات القيادة السياسية وغير راض عن نية توسيع المناورات بغزة.

وفي تطور آخر، نقلت جيروزاليم بوست عن مصادر أن رئيس الأركان الإسرائيلي إيال زامير ألغى زيارة إلى الولايات المتحدة كانت مقررة الثلاثاء، وأنه ربط توجهه إلى الولايات المتحدة بتحقيق وقف إطلاق نار دائم في غزة.

خطة لإنهاء الحرب

وكانت عائلات الأسرى الإسرائيليين في قطاع غزة، أعلنت مساء اليوم أنها أنهت اجتماعا استمر 3 ساعات مع المبعوث الأميركي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف.

وذكرت عائلات الأسرى -في بيان- أن ويتكوف أكد التزام واشنطن بإعادة المحتجزين جميعا، معتبرا أن ذلك يمثل أولوية قصوى، وأنه أبلغهم أن لدى واشنطن خطة لإنهاء الحرب على غزة تتضمن إعادة جميع الأسرى الإسرائيليين لكنه لم يقدم تفاصيلها.

ورغم اثنين من أفراد عائلات الأسرى الإسرائيليين، قالا إن ويتكوف استمع طويلا لكل فرد من العائلات، وإنه نادرا ما تحظى العائلات بلقاء كهذا مع مسؤولين كبار بالحكومة الإسرائيلية، فإن العائلات في عمومها خرجت محبطة من هذا اللقاء؛ حيث أكدت في بيانها أن ويتكوف يتبنى نهج نتنياهو ويمنحه دعما لسياساته.

عشرات الآلاف يتظاهرون

هذا وقد تظاهر عشرات آلاف الإسرائيليين، مساء اليوم السبت، وسط تل أبيب، للمطالبة بإبرام صفقة تبادل مع الفصائل الفلسطينية تؤدي للإفراج عن الأسرى في قطاع غزة.

إعلان

وقالت القناة 12 الإسرائيلية، إنّ عشرات آلاف الإسرائيليين تظاهروا في ساحة المختطفين وسط تل أبيب، للمطالبة بإبرام صفقة فورية، تشمل الإفراج عن كافة المحتجزين في غزة.

وشارك في المظاهرة عائلات محتجزين في غزة، من بينهم عائلة الأسير أفيتار ديفيد، حيث ألقت شقيقته كلمة أكدت على حاجته للرعاية الصحية العاجلة.

وهذه المظاهرة الثانية خلال اليوم، حيث شارك مئات الإسرائيليين في مظاهرة بالمدينة ذاتها، صباح السبت، للمطالبة بصفقة لإعادة جميع الأسرى المحتجزين بقطاع غزة، بينما دعت عائلات الأسرى إلى مظاهرات حاشدة مساء اليوم.

ووفق صحيفة هآرتس العبرية، فإن المظاهرة التي دعت إليها هيئة عائلات الأسرى، جاءت في أعقاب مقاطع فيديو نشرتها (حركتا) حماس والجهاد الإسلامي في الأيام الأخيرة، والتي يظهر فيها الأسيران أفيتار ديفيد، وروم بارسلافسكي، وهما في حالة نفسية وجسدية صعبة.

وقالت شقيقة المحتجز أفيتار، في مؤتمر صحفي عقد خلال مظاهرة المساء: نطالب حكومة إسرائيل، والشعب الإسرائيلي، ودول العالم، والرئيس الأميركي (دونالد ترامب)، أن يفعلوا كل ما بوسعهم لإنقاذ حياة أبيتار، وغاي (جلبوع) وبقية الأسرى، والتأكد من حصولهم على المساعدة الطبية والغذائية.

وقال قريب محتجز آخر في غزة مخاطبا نتنياهو: أنت من أهمل، وعرقل، ومن اخترع مراحل وتكتيكات عبثية، أنت من أضاع كل فرصة لإنقاذهم.

عائلات الأسرى الإسرائيليين في #غزة: لا يمكن لإسرائيل أن تكون وطنا لليهود وهي تتخلى عنهم، ومن يستطيع إبرام صفقات جزئية يمكنه إبرام صفقة شاملة#حرب_غزة #الأخبار pic.twitter.com/T8sJ2tQ4ps

— قناة الجزيرة (@AJArabic) August 2, 2025

تغير لافت بإدارة الحرب

وكانت صحيفة معاريف كشفت عن ما وصفته بتغير لافت في إدارة إسرائيل للمعركة ضد قيادة حركة حماس في الخارج بعد اتهامات للموساد بالتقاعس عن القيام بمسؤولياته في هذا الملف، مما دفع جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) إلى إنشاء وحدة خاصة لتصفية وملاحقة قادة الحركة في دول عربية وأوروبية رغم أن هذا العمل ليس من صلاحياته التقليدية.

جاء ذلك في سياق التقرير الذي أعده مراسل الصحيفة العسكري آفي أشكنازي وحمل عنوان "حماس الخارج لم تعد محصنة"، وانتقد فيه بشدة أداء المستوى السياسي في إسرائيل خلال الحرب.

وحذر المراسل العسكري من أن البلاد وصلت إلى واحدة من أدنى نقاطها منذ اندلاع المواجهة بعد فشلها في تحقيق هدفيها الأساسيين المعلنين، وهما تحرير 50 أسيرا لا يزالون في قبضة حماس، وإزاحة الحركة عن السيطرة في قطاع غزة.

وأشار أشكنازي إلى أن رئيس الأركان الفريق إيال زامير أجرى زيارة ميدانية أمس الجمعة لقوات فرقة 162 العاملة في قطاع غزة، وهي القوة التي تقاتل بلا انقطاع منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 ضمن عملية "عربات جدعون"، وانتشرت خلالها في جباليا وبيت حانون وبيت لاهيا والأحياء الشمالية لمدينة غزة، ويُتوقع أن تُكمل خلال أيام مهمتها في تدمير المناطق التي سيطرت عليها شمال القطاع.

ونقل المراسل العسكري عن مصادره أن زامير أبلغ قادة وجنود الفرقة أن الأيام القريبة ستكشف إمكانية التوصل إلى صفقة جزئية لتحرير بعض الأسرى، محذرا من أن فشل المفاوضات سيعني استمرار القتال دون توقف.

إعلان

وأشاد بما زعمها من إنجازات حققتها الفرقة، مشيرا إلى أن هذه النجاحات تمنح الجيش مرونة عملياتية وقدرة على تعديل أساليبه وتقليل الاستنزاف، ودفع حماس إلى مأزق متصاعد، على حد قوله.

ووفق أشكنازي، يستعد الجيش الإسرائيلي لتنفيذ خطتين بديلتين في المرحلة المقبلة، أبرزها فرض حصار كامل على مدينة غزة، مع شن هجوم واسع تشترك فيه القوات الجوية والبحرية والمدفعية ويستهدف مباني ومناطق داخل المدينة بنيران كثيفة.

أما في الجانب الإنساني فيرى أشكنازي أن إسرائيل ارتكبت خطأ إستراتيجيا عندما استجابت لضغط وزير المالية بتسلئيل سموتريتش الذي دعا إلى تقليص المساعدات الإنسانية وحصر توزيعها بالجيش في محطات رفح.

وأشار إلى أن الموقف الأسلم كان منذ البداية إغراق غزة بكميات ضخمة من المواد الغذائية والدقيق الممول من جهات دولية إلى درجة تفوق قدرة حماس على السيطرة عليه.

ولفت التقرير إلى أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب دعا مؤخرا إلى توفير إمدادات غذائية تفوق الطلب في غزة، بهدف إضعاف سيطرة حماس على قنوات توزيع المساعدات الإنسانية.

مقالات مشابهة

  • مصادر إسرائيلية: أسبوع حاسم ستتخذ فيه قرارات تغير وجه الحرب
  • أزمة حادة بين زامير ونتنياهو بشأن استمرار الحرب على غزة
  • الحكومة: الحوثيون يجنون من قطع التبغ الذي سيطروا عليه نصف مليار دولار سنوياً
  • 4 شهداء بغارات إسرائيلية على لبنان.. والجيش يتحدث عن عوائق انتشاره في الجنوب
  • 4 قتلى في غارات إسرائيلية على لبنان
  • قائد الجيش اللبناني: نتابع بدقة أي تحرك لمجموعات إرهابية ونعمل على توقيف أعضائها
  • قائد الجيش اللبناني: استمرار الاحتلال العائق الوحيد أمام استكمال انتشار القوات
  • تحذيرات تسونامي بعد أقوى زلزال منذ 2011.. ما المناطق التي يشملها؟
  • تحذيرات جدية.. شرقا
  • تحذيرات أممية من استمرار تدهور الأوضاع الإنسانية بغزة.. ودعوات لإدخال المساعدات