تنظر إسرائيل إلى صدور مذكرات اعتقال من المحكمة الجنائية الدولية في حق مسؤولين كبار فيها بسبب الحرب على غزة، على أنه تهديد جاد يتجاوز الضغوط والمناكفات السياسية.

وبحسب القناة الـ12 الإسرائيلية، فإن المعنيين أساسا بمذكرات الاعتقال هم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت ورئيس الأركان هرتسي هاليفي، وهم الذين يعتبرون رؤوس الهرم في القيادة السياسية والعسكرية المنخرطين في الحرب على قطاع غزة.

ووفقا لتقرير بثته الجزيرة، فإنه من المتوقع -قياسا على مواقف سابقة- أن يصدر القرار أولا على شكل القرار القضائي المعلل، ومن ثم تدعو المحكمة الدول الأعضاء فيها وأحيانا مجلس الأمن للمساعدة على تطبيقه.

ثم تخطر الدول المعنية -إسرائيل في هذه الحالة- بفحوى القرار وبالعمل على تطبيقه، ومن ثم تعمم نشرات تتضمن بيانات الشخص المطلوب وسبب كونه مطلوبا وموقعه المفترض.

ونظريا لن يتمكن من تصدر مذكرة اعتقال بحقه من السفر إلى 123 دولة موقعة على إعلان روما المؤسس للمحكمة، ولا العبور فوق أجوائها، مع احتفاظ كل دولة بحقها في توقيف المتهمين أو عدم القيام بذلك في ظل عدم امتلاك المحكمة الجنائية الدولية وسيلة ضبط وإحضار.

ويشير التقرير إلى أن البند الأول من المادة 89 في قانون المحكمة ينص على أنه يتعين على الدول الأطراف الامتثال لطلبات القبض والتقديم، وإذا كان المطلوبون مسؤولين كبارا فإن المادة 27 من القانون ذاته تنص على عدم الاعتداد بالصفة الرسمية في تطبيق إجراءات القبض والتسليم.

وتنطبق هذه المادة على البلدان الأعضاء في المحكمة ولا تنطبق على إسرائيل كونها ليست ضمن الدول الموقعة على اتفاقية روما، رغم أن العرف الدولي ينص على عدم تمسك الدول بحصانة المسؤولين المطلوبين أمام المحاكم الدولية.

ومما يعزز فرص تنفيذ مذكرات اعتقال المسؤولين الإسرائيليين هو أن الدائرة التمهيدية للمحكمة الجنائية الدولية كانت قد أصدرت في فبراير/شباط 2021 قرارا بولايتها القضائية على جرائم الحرب التي ترتكب في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، نظرا لكون فلسطين طرفا في نظام روما الأساسي.

وتعود خلفيات ملاحقة الجنائية الدولية للمسؤولين الإسرائيليين إلى الـ18 من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي حينما أعلنت المحكمة أن 5 دول تقدمت بطلب للتحقيق في مجريات وآثار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وما رافقها من أفعال وقرارات عسكرية.

ومنذ ذلك الحين عاد الملف إلى الواجهة، وتصاعد بشكل لافت وتفاعلت معه تل أبيب بغاية الجدية والتوتر، رغم أنها ليست موقعة على نظام المحكمة الجنائية الدولية.

ورغم ما شهدته الحرب الإسرائيلية من انتهاكات وصفتها دول ومسؤولون أمميون بالإبادة الجماعية، فإن أوامر الاعتقال يعتقد أنها ستتعلق أساسا بالمسؤولية عن الأزمة الإنسانية وعرقلة وصول المساعدات، مما فاقم المجاعة في قطاع غزة، حسب ما جاء في التقرير.

مذكرات قبل تأسيس الجنائية

وتعود ذكريات المسؤولين الإسرائيليين مع الملاحقات القضائية إلى ما قبل تأسيس المحكمة الجنائية الدولية، ففي بلجيكا صدر عام 1990 "قانون الاختصاص الإنساني" الذي يسمح بمقاضاة المسؤولين الأجانب عن انتهاكات لحقوق الإنسان وقعت خارج البلاد.

وبين عامي 2001 و2003 قبلت دعوى وفقا لقانون الاختصاص الإنساني رفعها في بروكسل ناجون من مجزرة صبرا وشاتيلا بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق أرييل شارون.

وفي ديسمبر/كانون الأول 2009 أصدرت محكمة بريطانية أمر اعتقال بحق وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة تسيبي ليفني على خلفيه اتهامها بارتكاب جرائم حرب في العدوان على غزة خلال عامي 2008 2009.

وزارت ليفني لندن في صيف عام 2019 بعد تركها منصبها وتلقت استدعاء رسميا للتحقيق، لكن اتصالات وضغوطا من تل أبيب حوّلت زيارتها من شخصية إلى رسمية فنجت من الملاحقة.

أوامر قبض من الجنائية

ولم تقتصر قرارات المحكمة الجنائية الدولية على ملاحقة المسؤولين الإسرائيليين فقط، بل سبق لها أن أصدرت في مارس/آذار 2009 مذكرة اعتقال بحق الرئيس السوداني الأسبق عمر البشير، لكن دولا أفريقية موقعة على نظام المحكمة رفضت توقيف البشير عندما زارها.

كما أصدرت المحكمة مذكرة اعتقال في مارس/آذار 2023 بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بسبب حرب أوكرانيا.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات المحکمة الجنائیة الدولیة

إقرأ أيضاً:

لماذا فرضت أمريكا عقوبات على قاضيات المحكمة الجنائية بسبب نتنياهو؟

أعلنت الولايات المتحدة، عن فرض عقوبات على 4 قاضيات في المحكمة الجنائية الدولية، وذلك على خلفية قضايا مرتبطة بواشنطن ودولة الاحتلال الإسرائيلي، بينها: إصدار مذكرة توقيف بحق رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، المطلوب من المحكمة جرّاء العدوان المتواصل على قطاع غزة.

وبحسب المحكمة فإنّه: سيحظر على القاضيات الأربع دخول الولايات المتحدة، كما سيتم تجميد أي أموال أو أصول يملكنها في البلاد، وهي تدابير غالبا ما تتخذ ضد صانعي سياسات دول مناهضة للولايات المتحدة، وليس ضد مسؤولين قضائيين.

وفي السياق نفسه، قال وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، في بيان له، أمس الخميس: "ستتخذ الولايات المتحدة كل الإجراءات التي تعدها ضرورية من أجل حماية سيادتنا، وسيادة إسرائيل، وأي حليف آخر للولايات المتحدة، من الخطوات غير المشروعة للمحكمة الجنائية الدولية".

وتابع "أدعو الدول التي لا تزال تدعم المحكمة الجنائية الدولية، والتي كلفت الحرية في الكثير منها تضحيات أميركية كبيرة، إلى التصدي لهذا الهجوم المخزي على بلدنا وعلى إسرائيل".


وفي ردها على القرار الأميركي، اعتبرت المحكمة الجنائية الدولية، ومقرها في لاهاي، أنّ: "العقوبات هي: محاولة جلية لتقويض استقلالية مؤسسة قضائية دولية تعمل بتفويض 125 من الدول الأطراف من كل أنحاء العالم".

وكانت قاضيتان في الجنائية الدولية، وهما بيتي هولر، من سلوفينيا، ورين ألابينيغانسو، من بنين، قد شاركت في إجراءات أفضت لإصدار مذكرة اعتقال في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي بحق نتنياهو.

وخلصت المحكمة، آنذاك، إلى ما اعتبرته: "وجود أسباب معقولة" لتحميل نتنياهو ووزير حربه السابق، يوآف غالانت، المسؤولية، عن أفعال تشمل جرائم حرب على غزة منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023.

أما القاضيتان الأخريان، البيروفية لوث ديل كارمن إيبانيث كارانثا، والأوغندية وسولومي بالونغي بوسا، فإنهما قد شاركتا في السابق، بإجراءات أدّت لفتح تحقيق فيما يوصف بأنّ: "القوات الأميركية قد ارتكبت جرائم حرب خلال الحرب في أفغانستان".


إلى ذلك، دعت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، الدول الأخرى، إلى: "رفع الصوت وإعادة التأكيد على استقلالية المحكمة الجنائية الدولية التي أنشئت عام 2002 لمقاضاة الأفراد المسؤولين عن أخطر الجرائم في العالم، عندما تكون الدول غير راغبة أو غير قادرة على تحقيق العدالة بنفسها".

وأوضحت مديرة برنامج العدالة الدولية في المنظمة الحقوقية، ليز إيفنسون، أنّ: "العقوبات تهدف إلى ردع المحكمة الجنائية الدولية عن السعي إلى المساءلة وسط الجرائم الخطيرة التي ارتكبت في إسرائيل وفلسطين، بينما تتصاعد الفظائع الإسرائيلية في غزة، بما في ذلك بالتواطؤ مع الولايات المتحدة".

مقالات مشابهة

  • تضامن فرنسي مع المحكمة الجنائية الدولية رداً على العقوبات الأميركية
  • واشنطن تفرض عقوبات على 4 قضاة من المحكمة الجنائية الدولية
  • الأمم المتحدة تدعو واشنطن لرفع العقوبات عن قضاة المحكمة الجنائية الدولية
  • رفض أمم وأوروبي لعقوبات ترامب على قضاة المحكمة الجنائية الدولية
  • واشنطن تفرض عقوبات على أربع قاضيات في المحكمة الجنائية الدولية
  • لماذا فرضت أمريكا عقوبات على قاضيات المحكمة الجنائية بسبب نتنياهو؟
  • فرض عقوبات أميركية على 4 قضاة في المحكمة الجنائية الدولية
  • أول تعليق من نتنياهو على عقوبات ترامب ضد المحكمة الجنائية الدولية
  • الإدارة الأمريكية تفرض عقوبات على قضاة في المحكمة الجنائية الدولية
  • واشنطن تفرض عقوبات على 4 قضاة في المحكمة الجنائية الدولية