شبكة اخبار العراق:
2024-06-16@08:37:41 GMT

الدولة البديلة هي من تحكم العراق

تاريخ النشر: 23rd, May 2024 GMT

الدولة البديلة هي من تحكم العراق

آخر تحديث: 23 ماي 2024 - 11:44 صبقلم:د.منقذ داغر

ذكرت في المقال السابق أن من وضع دستور العراق ،وأتساقاً مع تجربته التاريخية المريرة مع الدولة،كان على ما يبدو مقتنعاً بأن المستقبل السياسي لمكوّنه الطائفي أو العرقي يجب أن لا تضمنه الدولة يعد اليوم (بسبب ما يعتقدونه من ظلمهم التاريخي لها) بل تضمنه لهم تنظيماتهم المكوناتية الذاتية التي لا تسيطر عليها الدولة.

وقد تجسد ذلك عملياً في الممارسات السياسية في العراق،وليس فقط في المدونّة الدستورية التي أوضحت سابقاً كيف أنها أنحازت لقوة المكونات بدلاً من قوة الدولة. وبدلاًمن أن تكون المصدر الأساس لسلطة الدولة باتت أحد مصادر أضعاف الدولة في مقابل اللاعبين السياسيين المنافسين لها.
لقد عكست كثير من الممارسات السياسية(وبعضها خالف حتى الدستور) الفلسفة المكوناتية لسياسة عراق ما بعد 2003. فمثلاً باتت ممارسة المحاصصة “المكوناتية” تتفوق في أهميتها على النصوص القانونية والدستورية للدولة. فقد جرى مثلاً طوي كثير من ملفات الفساد التي تورطت فيها كتل سياسية وأشخاص ذوي نفوذ مقابل غض النظر عن فضائح فساد أخرى لممثلي المكوّن الآخر. وصار العرف للتصويت في البرلمان وأتخاذ القرار في الوزارات والمديريات التابعة لها على أساس مصلحة المكوّن(كما يراها ممثلوه السياسيين) حتى ولو أدى ذلك للإضرار بالدولة. لا بل أنه جرى أبتلاع الماكنة البيروقراطية للدولة بمختلف أذرعها،من قبل المحاصصة العمودية(الطائفية) والأفقية(ضمن الطوائف). وضاع الفصل تماماً بين السياسة والإدارة حتى باتت الإدارة أنعكاس أو صدى للمكونات وليس أنعكاس أو صدى لسياسة الدولة. ووصل الحال أن يتم تعيين مديري المديريات والشعب والأقسام الأدارية حتى البسيطة منها على أساس الولائَين الطائفي أولاً والحزبي ثانياً. بذلك حلّ نظام الغنائم Spoil System  محل نظام الجدارة Merit System  في البيروقراطية العراقية. بمعنى أنه جرى هدم البنية التحتية للدولة العراقية،والتي تتمثل بالجهاز البيروقراطي حتى باتت النظرة السائدة عن الإدارة العراقية أنها إدارة فاسدة وغير كفوءة.
وفي مقابل هذه الدولة منخورة الأسس،تم تأسيس وتطوير كثير من التنظيمات والقوى السياسية الموازية للدولة والتي باتت فيما بعد أقوى منها،بل وسيّدّة لها. خذ مثلاً ما يسمى بالمكاتب الأقتصادية لأحزاب السلطة. وخذ مثلاً مدراء مكاتب الوزراء ووكلاء الوزراء والمديرين العامين في الدولة العراقية. لقد تحوّل هذين المكتبَين (الأقتصادي ومدير مكتب المسؤول الإداري) الى ما يشبه المطبخ السياسي والأداري لتلك الوزارة أو المديرية. فكل العقود والقرارات الأساسية التي تخص عمل الوزارات وتوابعها يجب أن تمر من خلال هذا المطبخ الذي يقوم بسلقها أو شيّها أو طبخها بحسب رغبة المكوّن و\ أو الحزب وليس بحسب حاجة الدولة. 
ولم تقتصر الممارسات المحاصصية المضعِفة للدولة على الجهاز البيروقراطي لها،بل تعدته في كثير من الأحيان الى المؤسسات الكبرى للدولة فضلاً عن جهازها التنفيذي. خذ مثلاً أحد قادة الأحزاب السياسية(المسلحة) الذي يصرّح علناً أن رئيس الوزراء هو مدير عام بيد أحزاب السلطة يحركونه كيف يشائون وينفذ لهم ما يقرروه هم وليس ما تقرره الدولة أو رئيسها!! وهذا فصيل مسلح يدخل للمنطقة الخضراء ويحتلها، لا بل ويقتحم معسكر أهم جهاز أمني(مكافحة الأرهاب) ويعتقل ضباط منه لأنهم تحدوا سلطة ذلك الفصيل. ثم لا يكتفي ذلك الفصيل بهذا ولا حتى بالدوس بأقدام مسلحيه على صورة رئيس الوزراء،بل يهدد علناً بقطع(أذن) رئيس الوزراء. وقبل ذلك فأن رئيس أحدى أهم الكتل السياسية التي شاركت في (بناء الدولة) في العراق بعد 2003 يعترف عبر الإعلام أنهم (أي الأحزاب السياسية) ساهموا في إضعاف السلطة القضائية من خلال تدخلهم المستمر في قراراتها!! أما المؤسسة الأخرى بالغة الأهمية للدولة(البرلمان) فقد فَقَدً ثقة من يمثلهم من جمهور منذ مدة طويلة حتى أن أعلى درجة ثقة حاز عليها من قبل الشعب خلال العقدين الماضيَين  كانت بحدود 25% ‘في حين أنها كانت بين 10-20% في معظم أستطلاعات الرأي العام التي أجريت منذ 2005 ولغاية اليوم. ولعل عزل رئيس البرلمان من قبل المحكمة الأتحادية بسبب أتهامه بالتزوير(تصوروا رئيس برلمان العراق مزوِّر) ثم عجز البرلمان عن أنتخاب بديل عنه بعد أكثر من سبعة أشهر،مع ما رافق ذلك من أحداث مؤسفة في جلسة أنتخاب البديل أدلّة مضافة على ضعف ووهن الدولة العراقية ومؤسساتها وقوة وعُلوية منافسيها السياسيين. لقد باتت الدولة العراقية ألعوبة الأحزاب والقوى المنافسة لها،وصار الحديث عن دولة موازية لدولة العراق،أو دولة عميقة ضمن دولة العراق حديث غير صحيح واقعاً. فهناك فعلاً دولة بديلة،ومعيقة هي التي تحكم العراق فعلاً. فدولة العراق كما تبدو عليه اليوم،غريقة، أما الدولة البديلة فهي قويّة وعميقة.

المصدر: شبكة اخبار العراق

كلمات دلالية: دولة العراق کثیر من

إقرأ أيضاً:

المندوب الدائم للدولة لدى “آيرينا”: المرأة عنصر فاعل في دبلوماسية المناخ

أكدت سعادة الدكتورة نوال الحوسني، المندوب الدائم للدولة لدى الوكالة الدولية للطاقة المتجددة “آيرينا” على الدور الفاعل الذي تلعبه المرأة في دبلوماسية المناخ، ومواجهة التغير المناخي سواء داخل الدولة أو خارجها.

وقالت الحوسني، في تصريحات لوكالة أنباء الإمارات “وام”، على هامش أعمال اجتماع مجلس “آيرينا” الـ 27 التي تعقد في أبوظبي يومي 13 و14 يونيو الجاري، إن دولة الإمارات من الدول السباقة في إدخال العناصر النسائية الناجحة بشكل كبير في جميع القطاعات بما فيها قطاع الطاقة المتجددة ودبلوماسية المناخ.

ولفتت إلى الحرص على إشراك الكادر النسائي في كافة الاجتماعات المتعلقة بمواجهة التغير المناخي، ودعمه من خلال إطلاق مبادرات نوعية تعزز من حضورها كمبادرة “المرأة في دبلوماسية المناخ” التي تم إطلاقها مؤخرا بالتعاون مع “آيرينا”.

وقالت سعادتها : “نعتمد في دولة الإمارات مثل هذه المنصات واستضافة الحوارات لإلقاء الضوء على النجاحات التي تساهم بها المرأة في هذا القطاع، بالإضافة إلى مشاركة وتوضيح التحديات التي قد تخرج من خلال عدم تفعيل دور المرأة بشكل فعال في هذا الشأن”.

وحول تطور مشهد الطاقة المتجددة في الدولة، أكدت الحوسني أن الإمارات في طريقها للوصول إلى هدف مضاعفة الطاقة المتجددة ثلاث مرات بحلول عام 2030، حيث تبلغ إنتاجية الطاقة المتجددة في الدولة نحو 6 جيجاوات وبالتحديد من الطاقة الشمسية، إضافة إلى مشروعات قيد التطوير التي ستضيف نحو 3.3 جيجاوات موزعة بواقع 1.8 جيجاوات من المرحلة السادسة من مجمع محمد بن راشد للطاقة الشمسية و1.5 لمحطة عجبان.

وأوضحت أن الدولة تمشي بخطى ثابتة وواثقة للوصول إلى هذا الهدف حيث تطمح بأن يصل هدفها إلى 16 جيجاوات من الطاقة المتجددة وبحدود الـ 19 جيجاوات من الطاقة النظيفة بحلول عام 2030.

وقالت: ” نفخر بما تم إنجازه في مؤتمر الأطراف “cop28” واتفاق الإمارات، الذي يرتكز على واحد من أهم المخرجات، وهو مضاعفة الطاقة المتجددة ثلاث مرات بحلول عام 2030، وتم اعتماد آيرينا لمراقبة منجزات الدول في الوصول إلى هذا الهدف وإعداد تقرير يسهم في دعم “cop28”.

وحول اجتماع مجلس آيرينا الـ 27، أكدت أهميته في الاطلاع على ما تم إنجازه والمشروعات التي تم ترسيتها واعتماد الميزانية والبرامج التشغيلية للوكالة خلال المرحلة المقبلة.وام


مقالات مشابهة

  • الانتخابات المبكرة: تحديات التمثيل الشعبي ومقترحات للمستقبل
  • وعي الثنائيَّات الاستبعاديَّة وأُفق الرِّواية البديلة
  • بين الماضي والحاضر.. تاريخ ارقام السيارات في العراق وارتباطها بالتغيرات السياسية
  • محكمة جنايات الزاوية تحكم بالإعدام على قاتل المواطن “مؤيد حماد”
  • لنقي يؤكد على ضرورة التنسيق بين حكومتي الدبيبة وحماد فيما يتعلق بالموازنة المالية العامة للدولة
  • هل باتت مشاركة الإسلاميين في المجالس البرلمانية شكلية لمجرد الحضور؟
  • المندوب الدائم للدولة لدى “آيرينا”: المرأة عنصر فاعل في دبلوماسية المناخ
  • حصر السلاح بيد الدولة.. شعار حكومات متعاقبة مصيره الفشل: هل ستنجح حكومة السوداني؟
  • تقرأها كثيرًا ولا تعرف معانيها: مصطلحات الميزانية العامة للدولة؛ ماذا يقصد بها؟
  • حركة النهضة بين أزمة الدولة الوطنية ومأزق بنيانها السياسي في ظل حرب غزة