متابعة بتجــرد: يعود مهرجان “موازين إيقاعات العالم”، إلى تنشيط الساحة الفنية المحلية والعالمية، من خلال سهرات متنوعة تتوزع بين مختلف صنوف الفن والموسيقى، من شرقي وغربي ومحلي مغربي، ناهيك عن استقطاب فئة المواهب من خلال تخصيص حيز لها في البرمجة العامة.

عودة “موازين” في نسخته 19، التي تأتي بعد انقطاع أملته ظروف جائحة فيروس كورونا، وطال لمدة أربع سنوات، وهو اليوم يضرب موعدا متجددا لجمهوره العريض في الفترة من 21 إلى 29 من شهر حزيران/ يونيو المقبل، تعيد أيضا حملات كانت ترافقه طيلة مسيرته وتتعلق بدعوات مغاربة لمقاطعته لأسباب مختلفة وغالبا كانت تصنف في خانة تبذير الأموال على السهرات بدل استثمارها في مشاريع تخفف من عبء البطالة وغيرها من المشاكل الاجتماعية التي لا يمكن منع الفن أن يكون الحل الأنسب والأمل لها، كما يؤكد بعض المتخصصين في المجال.

وعلى بعد أيام من انطلاق أولى سهرات موازين، اعتلت تدوينات المقاطعة منصات التواصل الاجتماعي كما هي عادة كل دورة، وكان السبب هذه المرة الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة، ليكتب عدد من المغاربة تدوينة أو “هاشتاغ” يقول “لا ترقص على جرح إخوانك”، وللناس في ذلك طرق وصيغ عديدة يصرفون من خلالها دعوتهم تلك، بين الهجوم المباشر على فعاليات المهرجان وبين انتقاد تعويضات الفنانين خاصة الأجانب والعرب، وبين من يكتفي بالقول “لا” ويمر إلى انشغالاته اليومية.

ولم تبق الساحة الافتراضية في مواقع التواصل الاجتماعي وحدها في معترك الدعوة إلى مقاطعة مهرجان ناجح بكل المقاييس والمعايير الفنية والسياحية والتواصلية وأيضا الاجتماعية كما يؤكد المناصرون لموازين، بل انضمت إليه الساحة السياسية على أرض الواقع، وأطلق الأمين العام لحزب “العدالة والتنمية” المعارض، عبد الإله بن كيران، النيران على المهرجان مجددا، مثلما يفعل حزبه في كل موسم.

وعبّر بن كيران عن عدم سروره كما قال “من إعادة إقامة حفلات موازين مرة أخرى بالمغرب في هذه الظروف التي يمر بها الشعب الفلسطيني، وفي قطاع غزة تحديدا”، واعتبر “هذا عيبا وعارا”، مستنكرا إقامته في أوج الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، داعيا إلى إلغاء نسخة هذه السنة.

تصريحات بن كيران وردت في كلمة أو “لايف” بث منتصف ليلة الأربعاء صبيحة الخميس، وأعاد من خلاله إلى الأذهان تلك الخرجات التي سبق أن سجلها في “لايفات” سابقة وأثارت الكثير من الجدل خاصة على الصعيد السياسي والاجتماعي أيضا.

وحسب الأمين العام للحزب الإسلامي المعارض، “في تقديري أن المغرب ينبغي أن يتراجع عن تنظيم نشاط موازين”، مشددا على أنه “لا يمكن ونحن نرى إخوتنا يتعرضون للتقتيل ويتم تقطيعهم إلى أطراف، ويموتون بالجوع، ولا يجدون العلاج في الوقت الذي دمرت مستشفياتهم عن آخرها أو تكاد، ولا يجدون حتى الصرف الصحي، ويعانون هذه المعاناة كلها”، لذلك وفق كلمة بن كيران فإن “أقل ما يمكن تقديمه لفلسطين هو ألا نظهر الاحتفال والسرور، واستدعاء مغنيين من كل حدب وصوب”.

وخص بنكيران في كلمته بالغمز، كل من الفنان المصري محمد رمضان حين أشار إليه بـ”ذلك الذي جاء إلى معرض الكتاب”، وأيضا الفنان المغربي سعد لمجرد حين قال عنه بالمعنى “واحد مغربي سبق أن توبع قانونيا”، مؤكدا أنهما سيغنيان في هذا الوقت، وأن ذلك يؤلمني وأريد التعبير عن ألمي وأطالب بتأجيل هذه الأنشطة إلى أن تتوقف هذه الحرب على الأقل”.

بعض الانتقاد همّ شروط الفنانين مثل اللبنانية هيفاء وهبي التي قيل إنها “مقابل حضورها في مهرجان موازين هيفاء وهبي ستحيي سهرتها وستتقاضى مقابل ذلك مبلغًا ضخمًا، بالإضافة إلى طائرة خاصة تقلها مع فرقتها إلى المغرب، والإقامة في فنادق الخمس نجوم”، وأكدت صفحة “علاش تيفي” على “الفيسبوك” أن هذا الأمر “أثار جدلاً واسعًا على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تساءل الكثيرون عن سبب دفع مبالغ ضخمة لهيفاء وهبي، وأيضا عن مدى حب الجمهور المغربي لها، لدرجة قبوله دفع مبالغ باهظة لحضور حفلها.

في مقابل انتقاد تعويضات الفنانين، هناك حضور بارز لدعوات المقاطعة بسبب الحرب على غزة، ومنها تدوينة قال فيها صاحبها بالدارجة المغربي ما معناه “بماذا تشعر وأنت ترى النصارى أطلقوا حملة عالمية ضد المشاهير، في الوقت أنت مسلم في بلد مسلم وفرحان لأنهم سيأتون للغناء عندك وتتسابق من أجل شراء التذكرة وحضور سهرتهم”، وأضاف بأسلوب التساؤل دائما “بماذا تشعر وأنت ترقص وإخوتك يتعرضون للإبادة كل يوم؟”.

ووضع صاحب التدوينة ملصقا يضم عددا من صور لمشاهير عالميين ومغاربة من بينهم: نيكي ميناج ونيكي نيكول ومغاربة مثل الستاتي والداودية ومسكير، مع وضع علامة حمراء على الصور والتي تعني المقاطعة.

إلى جانب الحرب على غزة والتعويضات المالية، حضرت مسألة التعليم أيضا، وعنها كتب مدون يقول “مغاربة يطلقون حملة مقاطعة مهرجان موازين في المغرب ويقولون التعليم في الدرك الأسفل (رتبة 154 عالميا) وموازين على رأس القائمة”، وسأل متابعيه “هل أنتم مع حملة مقاطعة مهرجان موازين”، وأضاف “اظهروا عندي حتى أراكم بكل افتخار”.

مقابل هذا الجدل الذي يبدو صاخبا على مواقع التواصل الاجتماعي، هناك في الجهة الأخرى سير عادي للاستعدادات لإطلاق النسخة 19 من مهرجان موازين إيقاعات العالم، والعمل على قدم وساق لإضافة نجاح آخر إلى جملة المواسم السابقة التي سجلت حضورا قياسيا للجمهور ونقلا أكثر من قياسي لمختلف الفضائيات العالمية التي تحرص على مواكبة فعالياته عن كثب.

بالنسبة لنسخة هذه السنة 2024، فالأمور في مسارهم الطبيعي، والإقبال نفسه على مختلف سهرات موازين، بل هناك تذاكر نفذت وعلى رأسها حفلة سيدة الطرب العربي أم كلثوم على طريقة الهولغرام رغم سعرها المرتفع.

وكما هو الحال في الدورات السابقة، لم تنجح حملات المقاطعة التي يطلقها بعض المغاربة، في الحد من الإقبال الكثيف على السهرات في المنصات الرئيسية مثل السويسي وأب رقراق ومسرح محمد الخامس، وينبري المناصرون لموازين إلى الدفاع عن الحق في الفن وحق البلد في الاشعاع، وحقه أيضا في إيصال ثقافته الغنية عبر برمجة ذكية يعتمدها المنظمون للمهرجان، كما يقول مدون.

وعلى مدى تسعة أيام، سيعيش سكان الرباط وسلا وزوارهما من مختلف المدن المغربية وأيضا السياح الأجانب الذين يصنفون في خانة السياحة الفنية، برمجة غنية تتوزع عبر سهرات لأكبر النجوم في العالم عرب وأجانب.

ومن المتوقع أن يستقطب موازين هذا العام جمهورا غفيرا سيتجاوز النسخة السابقة 18، والتي تم خلالها تسجيل 3 ملايين شخص تابع السهرات الحية، وهو ما كان رقما قياسيا، يعبر عن رغبة المغاربة في أن يكونوا بالفعل رواد التسامح والتعايش والسلام.

main 2024-05-23 Bitajarod

المصدر: بتجرد

كلمات دلالية: التواصل الاجتماعی مهرجان موازین

إقرأ أيضاً:

د. مزمل أبو القاسم: مذبحة ود النورة.. وعار التبرير!

* إذا أقدم مجرمٌ على قتل مواطنٍ بريء يسكن بالقرب من أحد أقسام الشرطة، وأخفقت الشرطة في ضبط القاتل فإن المُلام عند هواة (ومحترفي) تبرير القتل هو الشرطة، لا القاتل المجرم!

* وإذا تعرّض منزل قريب من أحد أقسام الشرطة إلى السطو، وفشلت الجهات الأمنية في ضبط السارق فهي الملامة عندهم، لا المعتدي الأثيم.

* بمثل ذلك القول اللئيم، يبرر الدكتور علاء الدين نُقد؛ المتحدث الرسمي باسم (تقدم) مذبحة قرية ود النورة، التي أزهقت فيها مليشيات الدعم السريع الإرهابية أكثر من مائتي نفس زكية لمدنيين عُزَّل وقرويين مسالمين بدمٍ باردٍ، قصفاً بالمدافع ورمياً بمضادات الطيران، لا لشيء إلا لأن بعضهم رفضوا استباحة المجرمين للقرية، وحاولوا حماية أنفسهم وأعراضهم وممتلكاتهم، بحقٍ جوَّزته لهم كل الشرائع السماوية والقوانين الوضعية.

* يندفع المبرراتي الفاشل، (حليف الجنجويد المجاهر بدعمهم، المجتهد في تبرئتهم من جرائمهم المنكرة) في دفاعه المفضوح عنهم، بقوله: (ود النورة دي أي نعم مأساة كبيرة، لكن أيضاً السبب فيها الجيش، والتجييش والتحشيد والمقاومة الشعبية، في تلاتة فيديوهات واضحة جداً جداً، تقوم فيها الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني بتزويد المواطنين بالسلاح، ويضعونهم أمام الآلة العسكرية للدعم السريع)!

* إذا صحّ زعمه، وصدقنا أن الكيزان أحضروا السلاح ووزعوه على المواطنين، وصدقنا كذلك أنهم حرصوا على توثيق فعلهم بالفيديو ونشروه على الملأ، فسنسأله: هل سيبرر ذلك الفعل قتل غير المسلحين من أهل ود النورة.. وهل كان الأطفال الذين قتلتهم المليشيات (وتعدادهم 35) من بين حملة السلاح في القرية المنكوبة؟

* وهل كانت النساء اللواتي مزق الرصاص والمدافع أجسادهن الطاهرة من بين المسلحين والمستنفرين في ود النورة؟

* فعلت هذه المليشيات المثل، بل تفوقت على نفسها في الإجرام والوحشية عندما قتلت أكثر من 15 ألفاً من أبناء قبيلة المساليت في الجنينة وأردمتا وبعض نواحي ولاية غرب دارفور في بدايات الحرب، فهل كان أولئك الضحايا من المستنفرين؟

* هل كانوا يحملون سلاحاً وزعه عليهم الكيزان؟
* بعد الجنينة قتل المرتزقة آلاف المواطنين في ولاية الخرطوم، وهجروا الملايين من سكانها، واقتحموا المنازل وطرودا أهلها منها ونهبوها وسكنوها، وحدث ذلك منذ اليوم الأول للحرب في أحياء وسط الخرطوم والخرطوم 2 والعمارات والصفا وبري، فهل كان أولئك من المستنفرين؟
* وهل كان فيهم حملة للسلاح؟

* اجتاحت مليشيات الدعم السريع الإرهابية مئات القرى في ولاية الجزيرة، وقتلت واغتصبت وسلبت ونهبت وهجّرت وبغت وأذنبت، وكانت غالبية تلك القرى خاليةً من أي مستنفرين، ومنزوعة السلاح ولا يوجد بها جندي واحد من الجيش، ومع ذلك تعرض أهلها إلى أبشع تنكيل، فكيف سيفسّر فلنقاي الجنجويد كل تلك الجرائم البشعة؟

* كيف سيفسّر المذبحة التي ارتكبها المتمردون وقتلوا فيها أكثر من مائة مواطن في قرية الحُرقة المغاربة، التي تخلو تماماً من المستنفرين.. وكيف سيفسّر اجتياح قرية التكينة التي لم يكن بها حتى مسدس واحد، ولم تشهد أي دعوات للاستنفار، وكيف سيفسّر اجتياح المتمردين لقرية معيجنة وقتل 12 وجرح أكثر من 30 من موطني قرية لم يكن للجيش وجود فيها، ولم يكن بها سلاح ولا استنفار؟

* كيف سيعفي نقُد جناحهم العسكري من المجازر التي ارتكبها في قرى ود حسين الخوالد وأب قوتة والكشامر وود البصير ومريود وتنوب وغريقانة وقرى شبونات والدوحة وتباخة وأبو عدارة وود البلية والفريجاب وأم دوانة وأم عضام وأم جرس وقرى الحلاويين وغيرها من القرى الوادعة المطمئنة المسالمة التي أحالها القتلة إلى جحيم؟

* ومن أين سيأتي هذا الطبيب المُدلِّس لكل هؤلاء الضحايا بمستنفرين وسلاح كيزاني أثيم، كي يبرر به جرائم حلفائه، الذين نافسوا المغول والتتار والقرامطة في الوحشية والبربرية والولع بقتل الأبرياء وسحلهم وإذلالهم ونهب ممتلكاتهم؟

* على درب الطبيب (منزوع الإنسانية)؛ سارت رحاب مبارك، المحامية وعضو المكتب التنفيذي لمحاميي الطوارئ، عندما تكرمت بتخفيض عدد الضحايا إلى 109، ثم رفعته في البيان نفسه إلى 132، مع أن العدد الذي أوردته بنفسها في بيانها شارف على 140، وزعمت أن خمسة عشر من الضحايا ماتوا (غرقاً) لأنهم (سقطوا) في الكنار مع بداية الهجوم وغرقوا (وظهرت جثامينهم في الموية أمس)!! مثلما اجتهدت لتحميل الجيش وزر بعض المقتلة، بادعاء أن خمسة من أطفال ود النورة ماتوا نتيجة قصف جوي نفذه الجيش في اليوم التالي للمذبحة!!
* إذا قبلنا روايتها العجيبة، سنصدق أن الجيش يمتلك قذائف زكية، تنتقي الأطفال وحدهم، وتقتلهم بمعزل عن ذويهم الموجودين بقربهم، وقد استبان دجلها في عبارة: “الدعم السريع هجم على القرية بعد (المعركة)”، ولا ندري عن أي معركة تتحدث، لإن ما وقع في ود النورة كان (مذبحة).. لا (معركة)!

* لم يقصف الجيش قرية ود النورة مطلقاً ولم تكن هناك معركة بين الجيش والمتمردين في ود النورة كما زعمت رحاب، التي لم توضح لنا، هل حوت قرى الخروعة الجديدة والخروعة القديمة وتحاميد القديمة وعراق والقلعة وشكير وود الجترة مستنفرين أيضاً أم تم اقتحامها ونهبها وترويع أهلها وتهجيرهم (مزاج كدة ساي)، بعد أن أثبتت تلك الجرائم المروعة اضطراراً على المتمردين، نتاجاً لهول المجزرة وبشاعة المذبحة التي استعصت على الإنكار وصعُب الصمت عنها، فجاءت إدانتها كما ترون!

* إدانة خجولة وعامرةً بالكذب والتدليس والمراوغة ومحاولات رمي بعض أوزار المجزرة المروعة على الجيش، لتخفيف الجرم وتهوينه ومقاسمته مع جيش لا يتحرجون في إدانته اختلاقاً.. علماً أن (تقدم) نفسها لم تجرؤ على إدانة تلك المجزرة المروعة حتى اللحظة.. فما أعظم الجرم، وما أحقر الصمت.. وما أثقل عار التبرير!!

د. مزمل أبو القاسم

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • البحرية الأمريكية تواجه “أعنف معركة” منذ الحرب العالمية الثانية.. هكذا وصف قادة عسكريون هجمات الحوثيين
  • جديد المومياء “الفضائية” في البيرو.. دعوات لفحص أمريكي
  • “هويّات معتمدة”..تحقيق حول مشاركة أجانب في حرب السودان
  • إيهود باراك: “إسرائيل” تواجه أخطر أزمة في تاريخها منذ 7 أكتوبر
  • هيفاء وهبي توجه رسالة قاسية لمنتقدي حضورها مهرجان “كان”
  • حفلات يونيو 2024| ليلة من الخيال مع أم كلثوم في الإمارات
  • تسعيرة “السّنك” تدفع الكسابة لمقاطعة أسواق الأضاحي بالرباط
  • مفوض الأونروا: الحرب سرقت طفولة أطفال غزة.. “الدمار والخراب لا نهاية له”
  • فعاليات الصويرة تنتفض ضد مهرجان كناوة وتتهم “نايلة التازي” بتفضيل الأجانب على الفنانين المحليين
  • د. مزمل أبو القاسم: مذبحة ود النورة.. وعار التبرير!