الاستقطاب والديون وتدهور الحوكمة.. لهذا خفّضت فيتش تصنيف أميركا الائتماني
تاريخ النشر: 2nd, August 2023 GMT
قال ريتشارد فرنسيس، كبير مديري التصنيفات السيادية في وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني -اليوم الأربعاء- إن الوكالة اتخذت قرارها بخفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة بسبب المخاوف المالية وتدهور الحوكمة وحالة الاستقطاب التي ظهرت جلية خلال أحداث 6 يناير/كانون الثاني 2020، عندما اقتحم المئات من مؤيدي الرئيس السابق دونالد ترامب جلسة مجلسي النواب والشيوخ المشتركة للتصديق على نتائج الانتخابات الرئاسية آنذاك.
وفي خطوة فاجأت المستثمرين، خفضت "فيتش" أمس الثلاثاء تصنيف الولايات المتحدة من "إيه إيه إيه" (AAA) إلى "إيه إيه بلس" (AA+)، وأرجعت هذا إلى التدهور المالي المتوقع على مدى السنوات الثلاث المقبلة، وتكرار مفاوضات سقف الدين الحكومي التي تهدد قدرة الإدارة على سداد التزاماتها.
وعلى الفور شهد الدولار انخفاضا، أما أسعار الذهب فقد ارتفعت بعد تراجع الدولار وعائدات سندات الخزانة الأميركية، وهو ما زعزع الثقة بالاقتصاد الأميركي قبل صدور بيانات مهمة منتظرة هذا الأسبوع.
الاستقطاب وتدهور الحوكمة
وقال فرنسيس -لوكالة رويترز- إن "فيتش" استندت في قرارها لأسباب منها التدهور الملحوظ في الحوكمة الأميركية، والذي أكد أنه يقلل من الثقة في قدرة الحكومة على معالجة المسائل المالية والديون.
وانعكس هذا التدهور على أحداث العنف التي وقعت في 6 يناير/كانون الثاني، وهو ما سلّطت عليه الوكالة الضوء خلال مناقشاتها مع وزارة الخزانة، فضلا عن زيادة الاستقطاب السياسي في البلاد.
وكانت فيتش -التي أشارت إلى نظرة مستقبلية مستقرة للتصنيف- قد عقدت اجتماعات مع وزارة الخزانة قبل خفض التصنيف، وأثارت خطوتها الأخيرة ردود فعل غاضبة من البيت الأبيض، وفاجأت المستثمرين، خاصة أنها تأتي بعد شهرين من التوصل إلى حلّ لأزمة سقف الدين.
وقال فرنسيس "سلطنا الضوء على ذلك لأنه لم يكن سوى انعكاس لتدهور الحوكمة، وهذا واحد من عدة (أسباب)".
وأضاف "هناك سقف الدين، هناك أحداث السادس من يناير/كانون الثاني. وبشكل واضح، إذا نظرت إلى الاستقطاب في الحزبين… ذهب الديمقراطيون إلى اليسار، بينما مال الجمهوريون بدرجة أكبر صوب اليمين، مما أدى بشكل أساسي إلى إضعاف (تيار) الوسط نوعا ما".
تدهور المالية العامةوجاء في بيان فيتش أنّ "خفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة يعكس التدهور المتوقّع للماليّة العامّة خلال السنوات الثلاث المقبلة، والعبء المرتفع والمتزايد للدين العام الحكومي، وتآكل الحوكمة".
وأضاف البيان "ليس لدى الحكومة إطار مالي متوسّط الأجل… ولديها آليّة ميزانيّة معقّدة. وقد ساهمت هذه العوامل -إلى جانب كثير من الصدمات الاقتصاديّة والتخفيضات الضريبيّة ومبادرات الإنفاق الجديدة– في زيادات متتالية في الديون على مدى العقد الماضي".
وقالت وكالة التصنيف "إضافة إلى ذلك، لم يُحرَز سوى تقدّم محدود فقط لمواجهة التحدّيات على الأجل المتوسّط، والمتعلّقة بارتفاع تكاليف المعاشات التقاعديّة والتأمين الصحّي بسبب شيخوخة السكّان".
وصارت "فيتش" ثاني وكالة تصنيف ائتماني كبرى تخفض تصنيف الولايات المتحدة، بعد أن خفضته "ستاندرد آند بورز" عام 2011 إثر رفع سقف الدين العام، مما أثار أيضا استياء في صفوف الحزبين الجمهوري والديمقراطي آنذاك.
وانتقدت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين قرار "فيتش"، قائلة إنه "تعسفي ويستند إلى بيانات قديمة"، وشدّدت على أن "سندات الخزانة لا تزال الأصول الآمنة والسائلة الأبرز في العالم، وأن الاقتصاد الأميركي قوي في جوهره".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: سقف الدین
إقرأ أيضاً:
رئيس المجلس الأوروبي: لن نقبل بتدخلات وتهديدات أميركا في سياساتنا
أكد رئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا أن الاتحاد الأوروبي لا يمكن أن يقبل بـ"التهديد بالتدخل" في سياساته، وذلك بعد الكشف عن الإستراتيجية الأميركية الجديدة التي وجهت انتقادات شديدة إلى الأوروبيين.
وقال كوستا في مداخلة بمعهد جاك ديلور "ما لا يمكننا القبول به هو هذا التهديد بالتدخل في حياة أوروبا السياسية"، مضيفا أن الولايات المتحدة لا يمكن أن تحل محل المواطنين الأوروبيين لاختيار أحزابهم الجيدة من أحزابهم السيئة.
وأعلنت إدارة الرئيس دونالد ترامب الجمعة وثيقة تعيد تحديد "إستراتيجية الأمن القومي" الأميركية، وهي تنتقد بشدة الحلفاء الأوروبيين، مؤكدة أن الولايات المتحدة ستدعم معارضي القيم التي يقودها الاتحاد الأوروبي ولا سيما في مجال الهجرة.
وتنتقد الإستراتيجية الجديدة أوروبا منددة بما سمته "تقويض الحرية السياسية والسيادة، والرقابة على حرية التعبير، وقمع المعارضة السياسية، وانهيار معدلات الولاية، وخسارة الهويات الوطنية والثقة بالنفس في القارة".
وقال كوستا "ثمة اختلافات في رؤيتنا للعالم، لكن هذا يتخطى ذلك الأمر".
وتابع "لا تزال هذه الإستراتيجية تتحدث عن أوروبا بصفتها حليفة، هذا جيد، لكن إن كنا حلفاء، علينا التصرف كحلفاء"، مؤكدا أن على الحلفاء "احترام سيادة الآخر".
وختم كوستا قائلا إن "الولايات المتحدة تبقى حليفا مهما، الولايات المتحدة تبقى شريكا اقتصاديا مهما، لكن قارتنا الأوروبية يجب أن تكون سيدة".
وكان نائب الرئيس الأميركي جيه دي فانس أثار صدمة لدى الألمان والأوروبيين عموما في فبراير/شباط، حين أكد في كلمة ألقاها في ميونخ أن حرية التعبير "تتراجع" في القارة.