فزغلياد: دول البلطيق والبولنديون يدفعون أوروبا نحو حرب نووية
تاريخ النشر: 29th, May 2024 GMT
تواصل أوروبا التصعيد في العلاقات مع موسكو، ويتجلى ذلك في دعوة رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين دول الاتحاد إلى الاستعداد للحرب مع روسيا.
في هذا التقرير الذي نشرته صحيفة "فزغلياد" الروسية يقول كاتباه -أناستازيا كوليكوفا ويفغيني بوزدنياكوف- إن مزيدا من دول الاتحاد الأوروبي تميل إلى الموافقة على استخدام الجيش الأوكراني الأسلحة الغربية لشن هجمات على الأراضي الروسية.
ودعا الاتحاد الأوروبي إلى الاستعداد للحرب مع روسيا واتخاذ عدد من الإجراءات للتسلح بشكل مشترك. وعلى هذه الخلفية، أشارت فون دير لاين إلى أهمية الدعم المستمر لأوكرانيا، فضلا عن الحاجة إلى تعزيز القدرة الدفاعية للاتحاد الأوروبي.
ووفقا لها، تبذل موسكو جهودا كبيرة لتنفيذ "هجمات هجينة". ومن بين القضايا، تطرقت فون دير لاين إلى الإزالة الأخيرة للعلامات الحدودية مع إستونيا، واستخدام المهاجرين أداة للمواجهة مع الاتحاد الأوروبي، وحتى محاولات تقسيم الأوروبيين باستخدام الشبكات الاجتماعية.
تدهور حادووفق الكاتبين، فقد كتبت مجلة دير شبيغل الألمانية أن عددا من السياسيين الإقليميين حذروا ألمانيا من هذا الأمر. وفي مؤتمر لينارت ميري في تالين، أعربوا عن قلقهم البالغ إزاء تخاذل الغرب عن مساعدة القوات المسلحة الأوكرانية بشكل فعال، مما يؤدي إلى "تدهور حاد في الوضع".
ومن جانبها، تؤكد دول البلطيق وبولندا أنها لن تقف مكتوفة الأيدي حتى تتمركز القوات الروسية على حدودها. وفي رأيهم، من الضروري التحرك بشكل استباقي بإدخال وحداتهم الخاصة إلى منطقة الصراع؛ العمل الذي قد يجعل حلف شمال الأطلسي (الناتو) مشاركا كاملا في الحرب.
وأضاف التقرير أن بعض دول الناتو تدرس خيار حماية المجال الجوي لغرب أوكرانيا بمساعدة أنظمة الدفاع الجوي الخاصة بها، وقد قدمت بولندا هذا الاقتراح. كما تجري مفاوضات لإرسال مدربين من الناتو إلى الجيش الأوكراني. وحسب بعض السياسيين، فإن هذا أكثر فاعلية من إجبار "مئات الآلاف من الجنود على السفر إلى أوروبا لتلقي التدريب".
الامتثال لقوانين الحربويعمل الناتو على رفع درجة التوتر بعد تكرار الأمين العام للمنظمة ينس ستولتنبرغ دعوته للسماح للجيش الأوكراني بشن ضربات على الأراضي الروسية بالأسلحة الغربية. وقد حظيت دعوة ستولتنبرغ بدعم في السويد، حيث صرح وزير الدفاع السويدي بول جونسون بأن أوكرانيا يحق لها قصف الأراضي الروسية، واصفا هذه الإجراءات بأنها جزء من دفاع الجيش الأوكراني عن نفسه، وينبغي أن تنفذ وفق "الامتثال لقوانين الحرب".
ولفت الكاتبان إلى أن بريطانيا كانت أول دولة أذنت لمكتب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي باستخدام أسلحتها لضرب الأراضي الروسية. وكتب رئيس الوزراء البريطاني السابق ديفيد كاميرون خلال زيارة إلى كييف أنه بهذه الطريقة ستكون أوكرانيا قادرة على حماية سيادتها.
ومع ذلك، ليست كل دول الاتحاد الأوروبي على استعداد لدعم التحيز العسكري للناتو، فيرى المستشار الألماني أولاف شولتس أنه لا يوجد أي سبب لتوسيع منطقة تغطية الأسلحة الغربية في إطار الصراع في أوكرانيا، مشددا على أن هدف سياسته الخارجية هو تجنب إثارة "حرب كبيرة".
حل دبلوماسيوينقل الكاتبان عن عالم السياسة الألماني ألكسندر راهر أن "موقف النخب الغربية هو أن روسيا لا ينبغي لها تحت أي ظرف من الظروف الانتصار على أوكرانيا. ومن وجهة نظرهم، فإن انتصار موسكو سوف يكسر البنية الأوروبية التي بناها الغرب في أوروبا من خلال توسع الناتو والاتحاد الأوروبي على مدى السنوات الـ30 الماضية".
ويضيف راهر أن "معظم السياسيين الغربيين يعتقدون أن الأسلحة المنقولة إلى القوات المسلحة الأوكرانية تزيد من فرص جيشها في الفوز بالصراع. وفي مجتمع الخبراء في الغرب تدور مناقشات حامية حول إذا ما كانت أوكرانيا بمساعدة الغرب أقوى أم روسيا". ووفقا له، يرفض الأوروبيون الشرقيون الآخرون رفضا قاطعا البحث عن حل دبلوماسي للصراع، مثلما طالبت المجر وسلوفاكيا.
ويتابع راهر: "تقول دول البلطيق والبولنديون إنه في حال انسحاب الجيش الأوكراني من مواقعه الحالية، فإنهم إلى جانب الفرنسيين والبريطانيين، مستعدون لإرسال قواتهم لمساعدة القوات المسلحة الأوكرانية. ويأمل قادة هذه الدول أن تضطر الولايات المتحدة، باعتبارها قوة نووية، إلى الدخول في صراع عسكري في حالة حدوث اشتباكات مباشرة بين الجيش الروسي وقوات دول الناتو".
تأثير نفسيوحسب الكاتبين، يتبنى الباحث السياسي تيموفي بورداتشيف -مدير البرامج في نادي فالداي الدولي للمناقشة- وجهة نظر مختلفة قليلا، فبرأيه أن انتخابات البرلمان الأوروبي مسألة داخلية، تجري في إطارها مناقشات منفصلة أقل ارتباطا بموسكو. وعلى هذه الخلفية، يرى الساسة الأوروبيون أنهم بهذه الطريقة يمارسون تأثيرا نفسيا على روسيا.
ويقول بورداتشيف: "في الحالة الثانية، نتحدث عن محاولة سخيفة من قبل دول البلطيق لإقناع ألمانيا بتقديم مزيد من المساعدة لكييف. لكنني لا أعتقد أنهم سينجحون. وربما يكون هناك بالفعل تفاهم بين واشنطن وبرلين بشأن هذه القضية".
وأضاف بورداتشيف أن السياسيين الذين يدلون بتصريحات حادة ضد روسيا لا يدركون إلى حد كبير عواقب مثل هذه الأمور، مضيفا "أنهم لا يعرفون روسيا ومع من يتعاملون". ووفقا له، يهتم الأوروبيون الشرقيون وعدد قليل من الدول الإسكندنافية بالصراع مع موسكو.
وختم التقرير برؤية بورداتشيف أن الجميع في غنى عن احتدام الصراع كونهم يعملون في ظل الظروف التي وضعهم فيها الأميركيون. ومن الأمثلة الصارخة على ذلك إيطاليا، التي تدعم الولايات المتحدة من ناحية، رغم أنها لا ترغب في التورط بشكل عميق في الصراع من ناحية أخرى.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات ترجمات الاتحاد الأوروبی الجیش الأوکرانی الأراضی الروسیة دول البلطیق
إقرأ أيضاً:
الاتحاد الأوروبي.. حذر ودعوة للتهدئة بشأن التصعيد الإيراني الإسرائيلي
باريس- بينما استيقظ العالم اليوم على تصعيد عسكري إسرائيلي إيراني متبادل، وجدت أوروبا نفسها في موقف دقيق تحاول من خلاله الحفاظ على توازن صعب بين الاستقرار الإقليمي والمصالح الإستراتيجية والالتزام بالقانون الدولي.
وشنت إسرائيل هجمات ليلية على 12 موقعا إيرانيا، بما في ذلك منشآت نووية، في عملية أطلق عليها اسم "الأسد الصاعد"، ووصفتها طهران بأنها "إعلان حرب".
وفي ظل غياب خطة أوروبية موحدة تجاه الشرق الأوسط، تبقى ردود الفعل الحالية مقتصرة على الكلمات بدون مواقف فعالة، وبيانات تدعو للتهدئة وتنتظر ما ستؤول إليه التطورات الدبلوماسية والميدانية.
موقف حذروممثّلا بالمفوض الأعلى للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية جوزيب بوريل، أصدر الاتحاد الأوروبي بيانات تعكس مدى القلق البالغ مما يحدث، مؤكدا أن "دوامة العنف بين إسرائيل وإيران قد تؤدي إلى إشعال حرب إقليمية واسعة".
وبدا رد الثلاثي الأوروبي -فرنسا وألمانيا وبريطانيا- حذرا في التعامل مع الهجوم، وهي الدول الأوروبية التي وقعت على الاتفاق النووي الإيراني المتعثر لعام 2015.
فقد احتفظت فرنسا بموقف متوازن، إذ دعا وزير خارجيتها ستيفان سيجورنيه إلى "خفض التصعيد"، محذرا من أن "أي استهداف مباشر للأراضي السيادية يفتح الباب أمام انفجار واسع يصعب احتواؤه".
إعلانفي المقابل، بدت ألمانيا أكثر تحيزا للموقف الإسرائيلي، ووصف المستشار فريدريش ميرتس حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها بأنه "غير قابل للتفاوض"، مشيرا في اجتماع لمجلس الوزراء الأمني إلى أن ضرب أهداف داخل إيران "ينطوي على مخاطر كبيرة تهدد استقرار المنطقة بأكملها".
بدوره، قال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر إن "التقارير عن هذه الضربات مثيرة للقلق، ونحث جميع الأطراف على التراجع وخفض التوترات بشكل عاجل".
ويعد الموقف البريطاني مختلفا، إذا أكد مسؤولون دفاعيون عدم مشاركة الطائرات البريطانية في الدفاع عن إسرائيل من أي هجمات إيرانية مضادة في الوقت الحالي، وهو عكس ما حدث العام الماضي عندما أعلن سلاح الجو الملكي البريطاني استعداده للاشتباك مع أهداف إيرانية.
وفي اليوم السابق، قدم الثلاثي الأوروبي قرارا للوكالة الدولية للطاقة الذرية ينص على أن إيران لا تزال غير ملتزمة بالكشف عن عملها في تخصيب المواد القادرة على صنع الأسلحة النووية، في حين هددت طهران بتسريع تخصيب اليورانيوم في منشآتها للتجارب النووية.
وبينما يعكس الموقف الأوروبي مزيدا من التحالف الإستراتيجي مع إسرائيل والرغبة في تجنب الانجرار إلى حرب أوسع، تدرك أوروبا أن أي تصعيد أكبر قد ينسف ما تبقى من المفاوضات النووية.
ويشدد الاتحاد الأوروبي على ضرورة ضبط النفس والعودة إلى الحوار، مسلطا الضوء على المخاوف الحقيقية من تقويض الجهود الدبلوماسية بشأن الملف النووي الإيراني وأن "التوصل إلى حل دبلوماسي أصبح أكثر إلحاحا من أي وقت مضى".
وفي هذا السياق، يرى توماس غينولي، الأستاذ المشارك في العلاقات الدولية في مدرسة "سنترال سوبيليك"، أن الحل العقلاني والنهائي للمشكلة يتطلب التفاوض على الأخذ والعطاء، بدل الحل العسكري المتمثل في القصف بين كلا الطرفين.
إعلانويتوقع غينولي، في حديث للجزيرة نت، أن الموقف الأوروبي سيتمثل في اقتراح العودة لأسلوب الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، أي التفاوض بشأن البرنامج النووي الإيراني في مقابل مستوى العقوبات الدولية المفروضة على إيران.
من جانبه، يعتقد رئيس مركز الاستشراف والأمن في أوروبا، إيمانويل ديبوي، أنه لا يوجد حل دبلوماسي ممكن، ويقول "نحن في وضع مختلف اليوم، حيث يلجأ فيه الطرفان المعنيان، إيران وإسرائيل، إلى المواجهة المباشرة عمدا، بدلا من ضمان عدم خوضهما حربا فعلية".
وفي حديثه للجزيرة نت، اعتبر ديبوي أن إمكانية الحوار في الظروف الحالية منعدمة بين الولايات المتحدة وإيران، مفسرا ذلك بالقول إن "الرئيس الأميركي دونالد ترامب اضطر للاعتراف بذلك، قائلا إن بعض المفاوضين الإيرانيين الذين حضروا إلى فيينا لديهم فكرة كسب الوقت وعدم التفاوض".
تهميش إستراتيجيوفي مؤتمر صحفي، صرحت ممثلة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس بأنها تحدثت مع وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، مشيرة إلى أن بروكسل مستعدة لدعم أي جهود دبلوماسية لتهدئة الوضع الذي وصفته بـ"الخطير" في الشرق الأوسط.
وفي غضون ذلك، من المفترض أن يجتمع قادة مجموعة السبع نهاية هذا الأسبوع في كندا، لإجراء محادثات موسعة حول الوضع في المنطقة مع الولايات المتحدة، التي تظل الطرف الأكثر فعالية فيما يتعلق بإيران، مما يعني بقاء أوروبا في دور تفاعلي وهامشي.
وتعليقا على ذلك، يرى إيمانويل ديبوي أن الأميركيين لن يوقعوا على أي قرار يُتخذ مع الأعضاء الستة الآخرين، متوقعا وجود موقف أكثر ميلا لدعم الموقف الإسرائيلي، سواء في إيطاليا أو ألمانيا.
أما بالنسبة لفرنسا، فيعتقد رئيس مركز الاستشراف والأمن في أوروبا أن باريس ستجد صعوبة في التحرك في هذا الاتجاه، لأنها تنتظر اللحظة الحاسمة للاعتراف بدولة فلسطين "لذا، لن يكون هناك قرار ملزم بالإجماع من مجموعة السبع".
وأكد المتحدث أن الدول الأوروبية لا تملك النفوذ الكافي لمحاولة ليّ ذراع إسرائيل لتجنب الدخول في صراع أو مواجهة مباشرة، معتبرا أن ما يحدث الآن يؤكد إلى حد ما هذا التهميش الإستراتيجي لأوروبا.
وفي ظل ازدياد تباعد الأوروبيين عن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو -المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة- بسبب عدم تطبيق وقف إطلاق النار، قال ديبوي إن الدول الأوروبية تجد نفسها في موقف حرج للغاية لأن "عليها دعم إسرائيل، خاصة بعد تأكيد الضربات الإيرانية التي ستتصاعد، وسيكون من الصعب تحدي الموقف الإسرائيلي".
إعلان