تحل فى يونيو كل عام ذكرى صمود الشعب والجيش المصرى، ذكرى رفض الهزيمة، وإعادة بناء القوات المسلحة والمجتمع القادر على النصر، الذى تحقق فى حرب أكتوبر المجيدة 1973، بعد نحو 6 سنوات من نكسة 1967.
فمع حلول ذكرى النكسة، نستمع إلى وصلات النواح، فى محاولة يائسة لتصفية الحسابات مع الحقبة الناصرية، وتشويهها لصالح الرأسمالية العالـمية، التى يــزعجها بقــاء هذه الـمرحلة شامخة فى تاريخ الوطن.
لذلك أجد من واجبنا، أن نُــذكِّـر ونتذكـــر، كـيـف تجـــاوز الـوطن محنتــه، رافضـًا النكسة، مدركا أن الهزيمة فى انتهاء المشروع التحررى النهضوى.
نُــذكِّـر ونتذكـــر، أن إسرائيل لم تحاربنا وحدها، فقد كانت المعركة الحقيقية مع الغرب، وهو ما كشفته فيما بعد، وثائق الدول التى شاركت مع جيش الاحتلال الصهيونى فى العدوان.
نعيد إلى الأذهان بطولات جيشنا وشعبنا العظيم، خاصة أن قرار الانسحاب تسبب فى التعتيم على بطولات عديدة لأبطال قواتنا المسلحة، فى المعركة التى خضناها ضـد العـدوان وآلـة الحرب الغربية.. فقد خسرت إسرائيـل يومى 5 و6 يونيو 20% من قوة طيرانها، و15% من طياريها، وقاتلت لواءات مدرعة وقوات مشاة مصرية الجيش الإسرائيلى بوسط سيناء حتى 9 يونيو 1967، وطارد اللواء الأول مدرع وكتيبة دبابات، اللواء الأول مشاة إسرائيلى داخل أراضى فلسطين الـمحتلة لمسافة 55 كم شرق الكونتلا، كما عطلت قوة من 100 جندى صاعقة مصريين تقدُّم العدو لمدة 18 ساعة على طريق مثلث القنطـرة، ولـم يستطع العدو التقدم إلا بعد انسحاب جنود الصاعقة.
نُــذكِّـر ونتذكـــر، خروج الـملايين الجمعة والسبت يومى 9 و10 يونيه 1967 فى مظاهرات رافضة لتنحى الزعيم الخالد جمال عبد الناصر، ومطالبة بالصمود، استعدادًا للجولة الثانية مع الكيان الصهيونى.
الأمر الذى انعكس على أرض الـمعركــة، فكانت «رأس العش»، حيث نجحـت قـــوة مصريـــة محــدودة من الصاعـقة «ثلاثين مقاتلاً»، فى التصدى لسرية دبابات إسرائيلية مدعمة بقوة مشاة ميكانيكية تحركت لاحتلال بور فؤاد باعتبارها المنطقة الوحيدة فى سيناء التى لم يحتلها الكيان الصهيونى أثناء العدوان، ورغــم معــاودة الصهــاينة الهجــوم، إلا أنهم فشلوا فى اقتحام الموقع، وكانت النتيجة تدمير المعدات الصهيونية، وقتل الكثير من جنودهم، ما دفع القوات الإسرائيلية للانسحاب ليبقى قطاع بور فؤاد، الجزء الوحيد من سيناء الذى ظل تحت السيطرة المصرية حتى حرب أكتوبـر 1973.
ولم يمــر 40 يومـًا على النـكــسة حتى قــام الطيران الـمصرى بقيادة اللواء مدكــور أبـوالعز بتوجيه ضربــة جــوية للعدو الإسرائيلى بسيناء نجح خلالها فى إصابـــة مطــاراتــه ومراكــز قيــادته، وتشكيلاتـــه على مــدار يــومى 14و15 يوليو دون أن يفقد طائرة واحدة، فى أول ضربة طيران مصرية أصابت قلب العدو لأول مرة فى تاريخه، بعد قصف مصرى عنيف بالمدفعية على طول الجبهة وبعد اشتباكات مع العدو جنوبـًا فى اتجاه السويس.
وهو ما دفع إسرائيل وقتها لطلب وقف إطلاق النار من الولايات المتحدة، التى كلفت سكرتير عام الأمم المتحدة بإبلاغ عبد الناصر بهذا الطلب.
وفى يوم 8 مارس 1968 قامت قواتنا المسلحة بأول قصف عنيف للمدفعية على طـــول الجبهة، وعـنـدما فشلت القوات الإسرائيلية فى التصدى للهجوم، استهدفت المدنيين المصريين بضرب الزيتية والسويس، ومع الخسائر المتتالية لجأت إسرائيل إلى الهجــوم على أهداف مدنية ــ مدرسة بحر البقر ومصنع أبو زعبل ــ لتحقيق نصر ولو شكليـًا، للتغطية على خيبتها على الجبهة.
لقد حققت حرب الاستنزاف نصرًا كبيرًا لـمصر ودفعت القيادة الإسرائيلية لحث الولايات المتحدة الأمريكية على إنقاذ «إسرائيل» من الانهيار الذى أصابها على جبهة القتال، فيما عُرف وقتها بـ«مبادرة روجرز».. حتى كان نصر أكتوبر 1973.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: 5 يونيو ٥ يونيو ٦٧ الجيش المصري القوات المسلحة النكسة حرب 5 يونيو 1967 حرب الاستنزاف حرب النكسة حرب مصر وإسرائيل حرب يونيو 1967 سيناء معركة رأس العش نكسة نكسة 1967 نكسة ٦٧ هزيمة يونيو
إقرأ أيضاً:
تحقيق في تورّط جمعيات خيرية بريطانية بدعم إسرائيل
لندن- اتهمت منظمة "كايج إنترناشيونال" البريطانية بعض الجمعيات الخيرية الإسرائيلية التي تعمل داخل المملكة المتحدة بـ"توفير غطاء قانوني وسياسي لسياسات دولة الفصل العنصري"، لتتزايد التساؤلات عن مدى التزامها بقواعد العمل الخيري.
وتواصلت الجزيرة نت، بمفوضية العمل الخيري في لندن، وهي الجهة الرقابية المنوط بها متابعة هذه الأعمال، وقالت متحدثة باسمها للجزيرة نت، -فضلت عدم الكشف عن هويتها- إن القانون واضح بأن أي جمعية خيرية لا يمكنها تقديم مساعدات أو إمدادات عسكرية لأي قوة مسلحة أجنبية في سبيل تحقيق غرض خيري. وأضافت "حيثما يُكتشف هذا النشاط، سنتصرف بحزم".
لكنها تحدثت عن بعض الاستثناءات، منها أن القانون البريطاني يسمح للجمعيات الخيرية بجمع الأموال لتعزيز غرض خيري، مثل تخفيف حدة الفقر، ويمكن أن يشمل ذلك أفرادا حاليين أو سابقين من جيش أجنبي كمستفيدين، إضافة إلى إمكانية دعم الجمعيات الإغاثية والصحية أو التعليمية لـ"الأشخاص المصابين في القتال" أو "تعليم قدامى المحاربين" داخل المملكة المتحدة وخارجها.
تحقيقاتويُسلط ناشطون الضوء على 6 جمعيات خيرية على وجه التحديد، متهمة بتقديم دعم مباشر للجيش الإسرائيلي.
وفي هذا السياق، تتعامل مفوضية العمل الخيري مع تحقيقات جارية أو تم إغلاقها أخيرا عن بعض هذه الجمعيات. وقد سمحت للجزيرة نت، الاطلاع على آخر مستجدات هذه التحقيقات، مؤكدة إمكانية إعادة فتحها فور ظهور أي مخاوف جديدة.
إعلانوإليكم قائمة هذه الجمعيات:
أصدقاء المملكة المتحدة لجمعية رعاية جنود إسرائيل:يتهم النشطاء هذه المنظمة، التي يتزعمها الرئيس السابق للقوات البريطانية في العراق وأفغانستان، ريتشارد كيمب، بـ"بناء حمامات سباحة للجنود الإسرائيليين على مقربة من سجن سدي تيمان سيئ السمعة في صحراء النقب"، حيث يُتهم الاحتلال بارتكاب انتهاكات فظيعة بحق أسرى فلسطينيين.
ولا يزال التتبع القانوني، الذي تقوده المفوضية ضد هذه المنظمة، جاريا، وقد أكدت المفوضية وجود مخاوف تتعلق بأنشطة الجمعية.
معهد "تكنيون" في المملكة المتحدة:تُتهم هذه المنظمة بـ"تدريب أشخاص مباشرة، وحتى بجمع المعلومات الاستخبارية، قبل نقلها إلى الجيش الإسرائيلي".
وأُغلقت القضية المفتوحة بشأن جمع التبرعات لدعم الطلاب العائدين للدراسة من جنود الاحتياط الإسرائيلي، بعد أن اقتنعت المفوضية بأنها تخدم أغراض الجمعية الخيرية.
"أورت" المملكة المتحدة:تُتهم هذه الجمعية الخيرية بـ"العمل على تسليح الجيش الإسرائيلي". ولكنها لم تثر أيّ مخاوف لدى المفوضية حتى الآن.
دعم الاحتلال "بيت هالوهيم" (بيت المحارب):تمكنت هذه الجمعية في ليلة واحدة بلندن من "جمع مليوني جنيه إسترليني، لصالح القوات الإسرائيلية" خلال فترة الحرب على قطاع غزة.
وأُغلقت قضية الامتثال القانوني بعد أن وجدت المفوضية، أن الجمعية "تصرفت ضمن أغراضها القانونية في دعم قدامى المحاربين المصابين".
شركة "يو كيه توريميت":تُتهم هذه الشركة "بتحويل الأموال إلى جيش الاحتلال الإسرائيلي ثم العمل مع مجموعات معينة لتوفير الأسلحة له". ولا تزال المتابعة القانونية للتحقق من امتثالها للقانون جارية.
الأصدقاء البريطانيون لضحايا حرب إسرائيل:تُتهم هذه المنظمة بـ"جلب 5000 جندي إسرائيلي إلى المملكة المتحدة". وتم إغلاق شكوى ضدها بعد أن وجدت المفوضية، أن الجمعية "تعمل ضمن أغراضها القانونية لدعم المصابين من أفراد القوات المسلحة الإسرائيلية".
وأوضح المكتب الإعلامي لمفوضية الجمعيات الخيرية للجزيرة نت، أن الجمعيات الست التي تناولها الإعلام البريطاني ليست هي القضايا الأبرز التي حققت فيها المفوضية، وأن قضية جمعية "مراكز حباد لوبافيتش في شمال شرقي لندن وإسيكس المحدودة" (Chabad Lubavitch Centres North East London and Essex Limited) تُبرز نوعا من التجاوزات الخطِرة.
إعلانوأصدرت المفوضية تحذيرا رسميا لهذه الجمعية بعد أن وجدت أن "أمناءها تصرفوا خارج أغراضها الخيرية، وفشلوا في حماية مصالحها الفضلى وسمعتها". وتشمل أهدافها المعلنة "تعزيز الديانة والتعليم اليهودي الأرثوذكسي وتخفيف الفقر والمرض".
سوء سلوكلكن تحقيقات المفوضية، التي بدأت في ديسمبر/كانون الأول 2023 بعد تلقي أكثر من 180 شكوى، كشفت أن هذه الجمعية أنشأت صفحة لجمع التبرعات، في أكتوبر/تشرين الأول 2023، من داخل المملكة المتحدة لدعم جندي في الجيش الإسرائيلي، وقد أُرسل مبلغ إليه مباشرة، ولم يتمكن أمناء الجمعية من تقديم حساب عن كيفية إنفاق هذه الأموال.
أما الأموال المتبقية، فقد أُنفقت على "معدات عسكرية غير فتاكة" اشتراها أمناء الجمعية وأرسلوها إلى الجندي ذاته في إسرائيل.
وخلصت المفوضية إلى أن نشاط جمع التبرعات "كان خارج أغراض الجمعية الخيرية ولا يمكن اعتباره عملا خيريا، وأن الأمناء فشلوا في التصرف بما يخدم مصلحة الجمعية وسمعتها الفضلى". واعتبرت ذلك "سوء سلوك أو سوء إدارة، إضافة إلى خرق للثقة".
وأكدت مديرة الخدمات التنظيمية في مفوضية العمل الخيري هيلين إيرنر، أنه "ليس من القانوني أو المقبول أن تقوم جمعية خيرية بجمع الأموال لدعم جندي تابع لجيش أجنبي". وحذّرت من أن "أي إخفاق من الجمعية في تنفيذ المتطلبات الواردة في التحذير الرسمي قد يؤدي إلى المزيد من الإجراءات التنظيمية بحقها".
من جانبه، قال مدير منظمة "كايج إنترناشيونال" للأبحاث القانونية عاصم قرشي للجزيرة نت، إن المنظمة تتبعت عمل جمعيتين خيريتين في المملكة المتحدة، وهما "محامو المملكة المتحدة من أجل إسرائيل" (UK Lawyers for Israel Charitable Trust) و"حملة مناهضة معاداة السامية" (Campaign Against Antisemitism)، وتتهمهما بتوفير غطاء قانوني وسياسي لسياسات دولة الفصل العنصري.
إعلانووفق قرشي، يأتي هذا الاتهام بناء على قرار محكمة العدل الدولية في عام 2024، الذي قضى -في رأي استشاري- بأن "إسرائيل دولة قائمة على الفصل والتمييز العنصري، وأن احتلالها المستمر للأراضي الفلسطينية يمثل انتهاكا للقانون الدولي". وتؤكد منظمته أن الجمعيتين تقدمان "شكاوى كيدية بانتظام ضد من ينتقدون إسرائيل".
واستند قرشي في هذا التحليل إلى تقرير معمق أصدرته "كيدج" أخيرا كشف عن تداخلات اللوبي الصهيوني ببريطانيا، بحسب وصفهم.
وعن العواقب القانونية لأعمال هذه الجمعيات، قال مسؤول العلاقات العامة بمؤسسة "كيدج" أنس مصطفى للجزيرة نت، إن هذه الجهات "قد تفقد صفتها القانونية كجمعيات خيرية ويتم منع إداراتها من إنشاء جمعيات خيرية أخرى". وأوضح أن "العمل الخيري" أهم صفة يعتمدون عليها لتمرير أي مشروع والاستفادة من إعفاءات الضرائب ومميزات الجمعيات الأهلية.
أما بخصوص تورطهم وتواطؤهم مع جرائم الإبادة في قطاع غزة، فقال مصطفى "سيكون هناك وحدة خاصة منوطة بالتحقيق في هذا الأمر في شرطة العاصمة، وستكون مسؤولة عن البحث والتدقيق في قضايا جرائم الحرب سواء كانت تمويل المتورطين أم غيره".
وأضاف "اكتشفنا أيضا، أن هناك دعم للاستيطان وثمة عدة اتفاقيات تجرّم التعامل التجاري مع مستوطنات أسست على أراضٍ محتلة بحسب مواثيق الأمم المتحدة، وهذا يعتبر انتهاكا للقانون الدولي والبريطاني على سواء".
وفي رأي الناطق، "يبقى كل هذا مرتهنا للمزاج السياسي العام الداعم للكيان الصهيوني، فإذا ثبتت الخروقات كما بينا في تقريرنا، سيكون هناك عواقب وخيمة".
ولكنه يعتقد في الوقت نفسه، بأنه سيتوفر غطاء سياسي لتمرير هذه الخروقات، إلا أن مجرد التحقيقات، كما يقول، هو "ضربة قوية" لهذه الجمعيات "لأنها تثبت أن المشروع الصهيوني ينتهك كافة الحقوق الإنسانية ولا يشكل فقط تهديدا لحقوق الفلسطينيين، لأنه ببساطة يمثل تهديدا وتشويها للنظام الديمقراطي هنا وفي كل مكان".
إعلان