المسلة:
2025-07-27@08:38:45 GMT

ما هو إنترنت الأجسام.. وكيف يجعل أجسادنا متصلة؟

تاريخ النشر: 4th, June 2024 GMT

ما هو إنترنت الأجسام.. وكيف يجعل أجسادنا متصلة؟

4 يونيو، 2024

بغداد/المسلة الحدث: لعبت التكنولوجيا دوراً حاسماً في تحقيق التطور الطبي على مدى العقود الماضية، ما فتح أفاقاً جديدة أمام الأطباء في عملية فهم وتشخيص الأمراض، وبالتالي توفير علاجات أفضل وأكثر فعالية للمرضى، الأمر الذي ساهم في تعزيز مستوى الرعاية الصحية على مستوى العالم.

وبشكل عام، يمكن القول إن التكنولوجيا تلعب دوراً حيوياً في تحقيق التطور الطبي، على صعيد جعل الأدوات والأجهزة الطبية ذكية، وقادرة على مراقبة المعلومات الصحية للمرضى على مدار الساعة، وتوفير بيانات دقيقة عن حالتهم، كما ساهمت التكنولوجيا بتطوير تقنيات التصوير عبر الأشعة السينية، والأشعة المقطعية، والرنين المغناطيسي، إضافة إلى تمكينها للجراحين، من إجراء عمليات دقيقة تفوق قدرة البشر وذلك بمساعدة الروبوتات الجراحية.

وبحسب تقرير أعدته CNBC، فإن عام 2016 شهد انتقال عالم الطب إلى مرحلة متقدمة جديدة، مع صياغة الأكاديمية والمؤلفة الدكتورة أندريا ماتويشين، لمصطلح إنترنت الأجسام، أو IoB التي تمثل اختصاراً لعبارة internet of bodies.

ويشير مصطلح إنترنت الأجسام (IoB) إلى شبكة الأجهزة والتقنيات المتصلة بالإنترنت، التي تتفاعل مع جسم الإنسان، حيث يشكل هذا المصطلح، امتداداً لمفهوم إنترنت الأشياء (IoT)، ولكن مع التركيز على جسم الإنسان وصحته، فـ إنترنت الأجسام يعني جزئياً أن الأجسام البشرية، تعتمد في سلامتها ووظائفها على الإنترنت والتقنيات ذات الصلة، مثل الذكاء الاصطناعي.

3 أجيال من إنترنت الأجسام

ورغم أن ما يجسده إنترنت الأجسام قد يبدو تحقيقه بعيد المنال بالنسبة للكثيرين، إلا أن هؤلاء يجهلون أنهم قد يكونوا بالفعل من المستفيدين مما توفّره هذه التقنية، التي تضم حتى الآن 3 أجيال، فأي شخص لديه واحدة من هذه الأشياء التالية، هو بالفعل جزء من عالم “إنترنت الأجسام” أو IoB:

الجيل الأول الذي يتمثل بالأجهزة الخارجية: مثل سماعات الأذن والملابس الذكية وأجهزة تتبع اللياقة البدنية، كالساعات والخواتم والنظارات الذكية، التي تستخدم أجهزة استشعار لتتبع خطواتنا ومعدل ضربات القلب. الجيل الثاني الذي يتمثل بالأجهزة الداخلية: وهي الأجهزة التي تتم زراعتها في الجسم مثل أجهزة تنظيم ضربات القلب وضغط الدم ومضخات الأنسولين، والأطراف الاصطناعية الذكية المثبتة في أعصاب المرضى وعضلاتهم، أو حتى الحبوب الرقمية التي تنقل البيانات الطبية بعد تناولها. الجيل الثالث الذي يتمثل بالأجهزة التي تندمج تماماً في جسم الإنسان، مع الحفاظ على اتصال فوري بجهاز خارجي وارتباط بشبكة الإنترنت، وإحدى أبرز الشركات التي توفّر خدمات في هذا المجال هي شركة Neuralink التابعة لشركة Elon Musk، والتي تعمل على تطوير شريحة، تتم زراعتها تحت الجمجمة وتربط بين الدماغ والحاسوب، حيث يمكن لهذه الشريحة مثلاً قراءة إشارات دماغ شخص مصاب بالشلل، لمساعدته على التحكم في جهاز خارجي.

ويقول أنصار أجهزة إنترنت الأجسام، إن الفوائد التي توفرها هذه التقنية واضحة، فهي تحسّن نتائج الرعاية الصحية من خلال تمكين المراقبة المستمرة، والكشف المبكر عن المشكلات الصحية ومراقبة المرضى عن بعد، في حين يرى البعض الآخر أن هذه الأجهزة، تثير مخاوف بشأن الخصوصية والأمن والآثار الأخلاقية، المتعلقة بجمع واستخدام البيانات الصحية الشخصية الحساسة.

هل يغير الذكاء الاصطناعي مستقبل التعليم؟

ويرى المعترضون على ما توفره “إنترنت الأجسام”، أن هذه التقنية تتيح للحكومات والشركات جمع البيانات، واستخدامها للتجسس على المواطنين، أو تحويلها إلى مصادر للإيرادات، وهناك أيضاً مخاوف بشأن السلامة الشخصية للأفراد، فعلى سبيل المثال، اعترف نائب الرئيس الأميركي السابق ديك تشيني بأنه تم تعطيل الوظيفة اللاسلكية، للجهاز الذي تمت زراعته في قلبه في عام 2007، بسبب مخاوف من أن يحاول طرف ما اختراق هذا الجهاز للتسبب في نوبة قلبية مميتة له.

حجم سوق الأجهزة الطبية المتصلة

ووفقاً لشركة Mordor Intelligence، ستبلغ قيمة سوق الأجهزة الطبية، المتصلة بالإنترنت عالمياً، نحو 66 مليار دولار في عام 2024، ومن المتوقع أن تصل إلى أكثر من 132 مليار دولار بحلول عام 2029، بمعدل نمو سنوي يبلغ حوالي 15 بالمئة.

وعادة ما يتم تشريع استخدام أجهزة “إنترنت الأجسام” القابلة للزرع والهضم من قبل وكالات، مثل إدارة الغذاء والدواء في الولايات المتحدة، أو نظيراتها على المستوى الدولي، ولكن ظهور شرائح مرتبطة بالإنترنت تزرع في الدماغ، يحتاج لإقرار مزيد من الضوابط والتشريعات، لحماية بيانات المرضى وأيضاً لحمايتهم من مخاطر خروقات الهجمات الإلكترونية.

نقلة نوعية في حياة المريض

ويقول الدكتور جورج الهاشم وهو طبيب أخصائي في أمراض الدم والمرض الخبيث، في حديث لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، مما لا شك فيه أن تقنية “إنترنت الأجسام”، حققت تقدماً كبيراً لعالم الطب، وهي بدأت بتحقيق الانتشار بطريقة خجولة سابقاً، بواسطة الأجهزة الخارجية لمراقبة نبضات القلب والأوكسيجن، وصولاً للأجهزة الحالية، التي سمحت بتحقيق قدر أكبر من الدقة، من خلال مراقبة كهرباء القلب، إضافة إلى الدور الكبير الذي لعبته في تحسين وضع الأشخاص، الذي يعانون من مشاكل بالسمع والرئة وحركة الجسم، مشيراً أيضاً إلى أن “إنترنت الأجسام”، ساهمت في مساعدة من يعانون من أمراض مرتبطة بالجهاز العصبي، مثل ألزهايمر والباركنسون.

ويكشف الهاشم أن تقنية “إنترنت الأجسام”، ساعدت على تحسين وإحداث نقلة نوعية في حياة المريض، ففي الكثير من الأحيان، قد لا يشعر الفرد أنه يعاني من مرض أو خلل ما، فتقوم أجهزة “إنترنت الأجسام”، بإصدار تنبيهات، من أن العضو الذي تراقبه، ليس على ما يرام، فمثلاً إذا تم وضع هذه الأجهزة لمراقبة كهرباء، ونبضات وضغط القلب، فإنها ستصدر تنبيهاً في حال لاحظت أن هناك أمراً غير مألوف يحصل، وهذا ما يساعد في تشخيص وتفادي المشكلة الصحية، في حين أن هذا الأمر لم يكن متاحاً في السابق، حيث كان يؤدي نقص المعلومات والبيانات في بعض الأحيان، إلى وفاة المريض.

أخطاء يقع فيها بعض المرضى

ويرى الدكتور جورج الهاشم أنه ليس هناك خطورة مطلقة من الأجهزة التي تدعم تقنية “إنترنت الأجسام”، ولكن الخطأ الذي قد يقع فيه بعض المرضى، هو اتكالهم كلياً على هذه الأجهزة، من خلال استبعاد الدور المهم للطبيب، في تشخيص ومتابعة المريض، وإهمال القيام بالفحوصات المخبرية، وصور الأشعة والمعاينات الطبية، إذ لا يجوز وبشكل نهائي، استبدال العنصر البشري والطاقم الطبي، الذي يتكامل عمله مع عمل الأجهزة المدعومة بـ “إنترنت الأجسام”، مشدداً على أن دور أجهزة “إنترنت الأجسام”، يتمحور حول متابعة المريض بشكل متواصل، لتقدم ما تعرفه للطاقم الطبي، ولتكون النتيجة في النهاية مساعدة المرضى، في تفادي العواقب التي قد تنتج عن حدوث خلل في عضو ما.

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

المصدر: المسلة

إقرأ أيضاً:

في غزة الجائعة.. الدواء لا ينفع والمعدة خاوية

في قسم الباطنة بمستشفى المعمداني وسط مدينة غزة، يرقد الطفل النحيف مالك السعدي (14 عامًا)، وقد رفع ما تبقى من ساقه المبتورة على وسادة. لا يبدو على جسده الغض أي أثر لنعومة الطفولة، فجلده بالكاد يُخفي عظامه، وعيناه غائرتان من شدة الهزال، بينما يلتف حول ذراعه أنبوب رفيع يحمل له قليلاً من محلول الجلوكوز، تعويضًا عن وجبة لم يتناولها منذ يومين.

طفولة مبتورة وجائعة

يحدق مالك في سقف الغرفة وهو يحاول إخفاء ألمه، ثم يقول بصوت واهن: «لا نأكل غير العدس، كل يومين مرة، ما في لا خبز ولا فواكه.. الطبيب قال بدنا موز وتفاح وطحين علشان أتعافى، بس ما في». صوته ينكسر وهو يستدرك: «كلما أتعب يضعوا لي جلوكوز، لكن ليس هذا علاجًا.. جسمي محتاج طعام».

ليس الألم الجسدي وحده ما يُعذِّب مالك، بل الأشد إيلامًا أنه يسمع أخبار أقرانه وهم يتزاحمون أمام شاحنات المساعدات أملًا في كيس طحين، بعضهم يسقط قتيلًا برصاص الاحتلال، وآخرون يُدهسون تحت الأقدام.

يقول مالك بنبرة ممزوجة بالحسرة خلال حديثه لـ«عُمان»: «نفسي ألعب مع أولاد الحارة، نفسي أكون طبيعي.. لكني لا أستطيع الحركة، ومجبر على التوقف عن الأكل».

تتوقف كلماته فجأة، يغمر الصمت الغرفة، ثم تنهار دموعه على خديه الشاحبين: «يا عالم، نريد الحياة، نريد الأكل، نريد اللعب مثل باقي الأولاد». في لحظات كهذه، لا يبدو أن الجرح الأكبر في ساقه، بل في قلبه الصغير الذي ذاق قسوة الحرمان قبل أن يكتمل نموه.

وبينما يقف والده إلى جواره عاجزًا عن التفسير أو التبرير، يتمتم في يأس: «أخذت ولدي من الميدان على كرسي بعجل.. والآن هو يموت من الجوع في مستشفى لا تملك غير الجلوكوز». وما بين البتر والجوع، يكبر مالك على ذاكرة الألم، بلا طعام، بلا دواء، وبلا وعد قريب بالشفاء.

جوع يمنع الشفاء

في غزة المحاصرة، لا تتوقف المعاناة عند صوت الانفجارات أو صور الركام، بل تمتد إلى أجساد المرضى والجرحى التي تنهشها المجاعة بصمت. ففي مستشفى المعمداني، تتوالى مشاهد المرضى الذين أنهكهم الجوع وأعاق تعافيهم. لا دواء يفيد إن لم يكن هناك طعام، ولا علاج يكتمل على معدة خاوية.

يؤكد أطباء في المستشفى أن المجاعة لم تعد خطرًا وشيكًا، بل واقعًا يوميًا يعرقل عملهم ويضعهم أمام خيارات شبه مستحيلة. فالمضادات الحيوية التي تُصرف بعد الجراحات يجب أن تُتناول مع الطعام، ولكن المرضى لا يجدون لقمة تسند أجسادهم الهزيلة، فتتأخر الاستجابة للعلاج أو تسوء الحالات الصحية أكثر.

وتكشف شهادات الطواقم الطبية أن كثيرًا من المرضى يرفضون تناول أدويتهم رغم توفرها نسبيًا، لأنهم يدركون أن تأثيرها على معدة فارغة سيكون مدمرًا، وقد يُسبب نزيفًا أو قرحة. أما الجرحى، فالكارثة أعظم، إذ يظل الجرح مفتوحًا ومتقيحًا لأن الجسم، المنهك بالجوع، يعجز عن إنتاج خلايا جديدة للشفاء.

وما يزيد من فداحة المشهد أن كثيرًا من المرضى لا يعانون فقط من الإصابة، بل من ضعف عام شديد، يجعل أجسادهم أقرب للهزال المزمن، فتفشل حتى محاولات التغذية الوريدية في تحسين الوضع.

هكذا تصبح المجاعة في غزة عدوًا خفيًا لا يكتفي بتجويع الأصحاء، بل يسرق الأمل من المرضى والجرحى، ويحوّل العلاج إلى عبء لا طائل منه.

جرح يتعفن بلا طعام

على سرير مهترئ في ركن القسم ذاته، يرقد الشاب حمزة البشيتي، الذي أُصيب بشظية قذيفة في فخذه منذ ثلاثة أشهر. كان الجرح في بدايته قابلًا للعلاج، لكن مع مرور الوقت، ومع غياب الطعام والدواء، بدأت حالته في التدهور حتى ظهرت الديدان في موضع الجرح.

يقول حمزة بنبرة مغلّفة بالخذلان: «الجرح كان بسيطًا، لكن مع الجوع ونقص المضادات الحيوية، صار يتفاقم. لا نأكل شي، والأدوية قليلة، وإذا موجودة، مش قادر آخذها على معدة فاضية». يرفع الغطاء عن ساقه ليكشف عن جرح متقيح، تفوح منه رائحة نتنة تعبّر عن تآكل الأنسجة.

يشير حمزة خلال حديثه لـ«عُمان» إلى صينية فارغة بجانبه ويقول ساخرًا: «هذه وجبتي اليوم.. ولا شيء». ثم يضيف بأسى: «صار لنا شهرين والطعام شحيح، بس الآن ما في بالمرة، حتى عندما تأتي مساعدات، أراها فقط في الأخبار، وليس في الصحن».

في بعض الأيام، كما يروي، يضطر لتأجيل جرعات المضاد الحيوي ليلًا علّه يجد شيئًا يأكله قبل تناولها، لكن في معظم الأوقات، يبتلع الجرعة وهو يعلم أنها ستؤذيه. يقول بنبرة منهكة: «الجوع يسبق الدواء.. ولو في دواء، لن يعمل دون طعام.. والجسد صار هيكل».

شيخ كسير هزيل

أبو ناصر الدحدوح، مسن في أواخر الستينات، وزنه لا يتجاوز 30 كيلوجرامًا، يعاني من كسور مزدوجة في ساقيه، وسوء تغذية حاد جعله غير قادر حتى على الجلوس بمفرده. صوته بالكاد يُسمع، لكن كلماته تخرج كأنها تنهيدة طويلة من جسد أثقلته المعاناة.

يقول بصوت مرتجف: «أتغذى على نصف رغيف في اليوم.. ولا أملك أي مال للدواء، لولا أهل الخير لمت منذ زمان». يشير إلى ساقه المغطاة بمثبت طبي خارجي من التيتانيوم.

ويضيف لـ«عُمان»: «العملية تأجلت ثلاث مرات لأنه لا توجد أدوات.. الأطباء يقولون: لا يوجد معدات أو طعام يساعد الجسم يتعافى».

جوع المرضى

في حديث مع أحمد عابد، الحكيم بالمستشفى العربي المعمداني، تتجلى صورة كارثية لما يمر به المرضى والطاقم الطبي على حد سواء. يقول عابد: «أغلب المرضى يعانون من سوء تغذية حاد، لا يوجد سكر ولا طحين، ولا حتى الأساسيات.. هناك خطر حقيقي على حياتهم».

ويضيف خلال حديثه لـ«عُمان» أن مرضى السكري والضغط خصوصًا يواجهون مصاعب هائلة، لأنهم بحاجة إلى نظام غذائي متوازن لم يعد متاحًا منذ شهور، ويضطر الأطباء إلى إعطاء أدوية لا يستطيع الجسم امتصاصها بشكل سليم لغياب الغذاء الداعم.

يشير إلى أن حتى الأطفال الذين يحتاجون مكملات غذائية لم يعودوا يجدونها، «وفي حالات صعبة، نضطر لتعليق جلوكوز مكان الطعام»، ويصف المشهد بأنه «أشبه بمستشفى حرب في العصور الوسطى.. بلا دواء، بلا أكل».

جلوكوز للطواقم

مرح جاد الله، حكيمة تعمل في المستشفى المعمداني منذ خمس سنوات، لم تكن تتخيل أنها ستضطر يومًا لتعليق محلول الجلوكوز لنفسها لتُكمل نوبتها، بعد أن سقطت مغشيًا عليها من الجوع. تقول: «اضطررت أن أعلّق جلوكوز، كي أستطيع العمل».

وتوضح خلال حديثها لـ«عُمان» أن الطاقم الطبي بأكمله يعاني من ضعف وإرهاق مزمنين بسبب نقص الطعام، وهو ما يجعلهم أكثر عرضة للأخطاء ويُقلل من فاعلية التدخلات الطبية.

تقول مرح: إن المرضى يعتقدون أن الطواقم أفضل حالًا، «لكن الحقيقة إننا نجوع مثلهم تمامًا، وما في تمييز، حتى عندما نحصل على أكل، يكون قليلًا ولا يكفي دوام 12 ساعة».

وتوضح أنهم أعدّوا جدولًا خاصًا لتوزيع المحاليل الوريدية للمرضى الأكثر تدهورًا، لأنهم لا يملكون بديلًا. تختم بصوت منكسر: «نعمل ونحن نشعر أننا سنسقط في أي لحظة.. الجوع هنا للجميع، للطبيب والحكيم والممرض».

الحياة أرخص من الخبز

يصف الدكتور «بسام زقوت»، مدير جمعية الإغاثة الطبية في غزة، الوضع في القطاع بأنه انهيار شامل للمنظومة الإنسانية، موضحًا أن غزة دخلت فعليًا في مجاعة مطلقة، وأن الحالة الصحية وصلت لمستويات غير مسبوقة من الخطر.

ويؤكد في تصريح لـ«عُمان»، أن كثيرًا من العائلات في غزة تعيش على وجبة واحدة فقط إن وُجدت، بينما يلجأ بعض الآباء إلى حرمان أنفسهم لتوفير لقيمات لأطفالهم، ويغادر الشباب منازلهم بحثًا عن الطعام، ولا يعود بعضهم إلا محمولين شهداء.

أما عن الوضع الطبي، فيُشير إلى أن المستشفيات لم تعد قادرة على تقديم أكثر من خدمات إنقاذ الحياة فقط، وسط نقص فادح في الأدوية الحيوية، خصوصًا تلك المرتبطة بسوء التغذية، مثل المكملات الغذائية الضرورية للأطفال الرضع، الذين لا يجدون حتى الحليب.

ويكشف زقوت أن بعض الأمهات يترددن على المستشفيات لإرضاع أطفال أخريات لم يعد لديهن لبن، «لأن الأمهات أنفسهن جائعات ولا يستطعن إدرار الحليب». ويضيف أن الطواقم الطبية لم تسلم أيضًا من آثار المجاعة، بل إن بعض الأطباء يُجازفون بالخروج بعد دوامهم بحثًا عن المساعدات.

ويختم بتحذير مرعب: «نحن أمام سياسة إسرائيلية ثلاثية الأركان: القتل بالتجويع، شلّ عمل مؤسسات الأمم المتحدة، ودفع المجتمع نحو الانفجار.. غزة تنهار على صمت العالم».

تحذير أممي

أصدر برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة بيانًا عاجلًا يحذر فيه من أن المجاعة في غزة وصلت إلى مستوى غير مسبوق من اليأس، مؤكدًا أن الوضع يتجه نحو كارثة شاملة في حال استمرار إغلاق المعابر ومنع دخول المساعدات.

ويُشير البرنامج إلى أن الغذاء بات «الحل الوحيد المتبقي» لمنع الانهيار الكامل، داعيًا المجتمع الدولي إلى التحرك الفوري دون تأخير. ويحذر من أن أي تأخير إضافي في إيصال الغذاء والدواء سيُعرض مئات الآلاف للخطر.

كما يُسلّط البيان الضوء على أن قرابة 90 ألف امرأة وطفل بحاجة ماسّة لعلاج من سوء التغذية، وسط انهيار تام في البنية التحتية الطبية وشلل كامل في سلاسل الإمداد اللوجستي.

ويؤكد البرنامج أن استمرار الوضع الراهن يُنذر بموت بطيء لعشرات الآلاف من المدنيين، وأن غزة بحاجة لتدفق منتظم ومستمر للمساعدات، وليس شاحنات محدودة لا تكفي ليوم واحد.

مقالات مشابهة

  • ما الفرق بين الرؤيا والحلم وكيف يميز الإنسان بينهما؟.. الإفتاء تجيب
  • التقوى.. تعرف على معناها وثمراتها وكيف يكون المسلم من المتقين
  • في غزة الجائعة.. الدواء لا ينفع والمعدة خاوية
  • حسام موافي يكشف سببا يجعل الكبد يحتفظ بجزء من الصفرة
  • تركيب نحو 2500 بوابة إنترنت جديدة في مركز اللاذقية الثاني
  • ماجد المهندس في أول ظهور بعد الأزمة الصحية التي تعرض لها
  • «أطيافنا أطيافكم».. يجعل الصحراء بطل الشاشة
  • في الذكرى الرابعة لـتصحيح المسار بتونس: لماذا نجح شخص وفشلت الأجسام الوسيطة؟
  • باحثون فرنسيون يستخدمون أجسامًا مضادة مشتقة من اللاما لعلاج الفصام
  • الجوع يفاقم معاناة المرضى وكبار السن في قطاع غزة