معادلات السياسة بين الثورة و الحرب
تاريخ النشر: 5th, June 2024 GMT
زين العابدين صالح عبد الرحمن
الواقع التاريخي و الاجتماعي للبشرية يقول أن أعلى درجات العنف في المجتمعات هي الحروب و ليست الثورة، و الأخيرة يمكن أن تتحول إلي حرب، و تخلق واقعا مغايرا تماما للذي كان قبل الثورة، في الأجندة و المطالب و حتى في الشعارات، و الحرب مادامت تمثل أعلى درجات العنف في المجتمع لا تتوقف لكي تتحول إلي ثورة، فالذين يعتقدون أن الحرب المستمرة في السودان سوف تتحول إلي ثورة لكي تحقق لهم الشعارات التي يبشرون بها، هذا الاعتقاد يعتبر محاولة لخلق وهم سياسي وسط قلة محدودة، و هذا الاعتقاد لا مكان له وسط الطليعة الاجتماعية التي تملك "الوعي و إدارة الصراع" لأنهم يعلمون أن الحرب سوف ينتج عنها عنصرين مهمين في مسيرة العمل السياسي " العنصر الأول سوف تخلق أجندة جديدة مغايرة تماما للتي كانت سائدة قبل الحرب.
أن المنتصر في الحروب هو الذي سوف يكتب التاريخ بعدها، و هو الذي سوف يضع أجندة مستقبل البلاد، و يكشف عن القوى التي كانت سببا فيها، و هو سوف يصبح صاحب الكلمة العليا بسبب التحولات التي حدثت في المجتمع تأييدا له و حملت معه السلاح، و قاتلت معه كتفا بكتف، و هذا ليس إحباط للناس لكنه الواقع، فأهم عامل في السياسة معرفة المتغيرات في الواقع و دراسته، و يجب معرفة المكنزمات المحركة له، فالسياسي يجب أن لا يقفز على الواقع، و يضع افتراضات من الخيال، بل لابد من تشريح الواقع حتى يعرف كيف يتعامل معه حاضرا و مستقبلا.. هناك بعض القوى السياسة و النخب الذين يبشرون أنهم سوف يسيرون في خط الثورة و عدم الانحراف عنه، هذا التعهد كان يجب أن يكون بعد انتصار الثورة و يجعلونه مشروعهم السياسي، لكن بعد فشل هذه النخبة عن انجاز شعارات الثورة لا تعد وعودهم صالحة لصناعة المستقبل.. هي محاولة لتبرئة الذمة من الذي حدث، و لكنهم على قناعة أن عجلة التاريخ لا تعود للوراء مرة أخرى..
كما ذكرت تكرار في المقالات أن " الشعار" لا يصبح بديلا عن الفكرة، فالأفكار هي التي تغير الواقع، و إذا أحسنت النخب السياسية التعامل معها، و أجادوا إدارتها.. و دائما تجهض الأفكار؛ إذا كانت القيادات التي تتولى تنفيذها ذات قدرات متواضعة، و قليلة التجربة في الإدارة و الخبرة السياسية، و أيضا تعاملت معها بإنتهازية، أي يخاطبون الناس بأنهم يريدون تنفيذها، و هم يخططون لتنفيذ مصالح أخرى أقل منها شأنا.. فإذا كانت النخب السياسية تحترم الشعب يجب عليهم أحترام خياراته.. و الحرب الدائرة الآن فرضتها تناقضات السياسة، و عدم التعامل معها بعقلانية.. خاصة أن الرهان حتى اليوم عند أغلبية القيادات السياسية ليس رهانها على الشعب، و مايزال رهانها على الخارج بأن يصبح لها رافعة للسلطة.. و السؤال هل الخارج سوف يصبح هو القوى التي سوف تشكل توازن القوى في المجتمع؟ إذا كانت هناك إمكانية لفعل ذلك؛ كانت نجحت في فيتنام و أفغانستان و العراق و لم تفر أمريكا تاركة أدواتها تواجه مصيرها في تلك الدول، الشعب وحده هو الذي سوف يشكل توازن القوى في المجتمع، و يضغط لفرض أجندته، و الآن تغيرت المعادلة السياسية، و الذي يريد الثور يجب عليه أن يبدأ التحضير لها لكي تنجح من خلال أجيال جديدة لم تحضر الحرب، و لا سلبيات مرحلة الفترة الانتقالية...
فالواقع السياسي يفرض على النخب السياسية قراءة تاريخ الثورة و الانتفاضة في السودان، و لماذا كان التباعد بينهما دائما و يتم تنفيذها بقيادات جديدة؟ عندما تفشل القيادات السياسية في انجاز شعارات الثورة يصيب الإحباط قيادات الثورة و خاصة الشباب، و يصعب أن تقنعهم أن يثوروا مرة أخرى، و يقدموا ذات التضحيات، و لكي تعود ذات القيادات التي عجزت عن تحقيق الشعارات. لذلك تنتظر المجتمعات حتى تأتي أجيال جديدة لكي تتولى زمام الأمر.. و التاريخ يقول قد حدث التجديد في قيادات ثورة أكتوبر و في انتفاضة إبريل و في ثورة ديسمبر.. و أيضا أنظر إلي الفارق الزمني بين كل واحدة و أخرى بسبب الحاجة لتجديد الأجيال.. فالذين يعتقدون أنهم يريدون إعادة العجلة للوراء لكي يبدأون عندما توقفوا هم يطاردون السراب. لكن يستطيعوا أن يغيروا اجندتهم حتى تتماشى مع متغيرات الواقع، حتى يستطيعوا أن يخلقوا منافذ جديدة للحوار بأجندة جديدة..
أن الحرب هي أعلى مراحل النزاعات في المجتمعات، و هي المناط بها أن تخلق واقعا جديدا مغايرا للذي أدى إلي الحرب، و أن الحرب صنعت تحالفات جديدة في المجتمع، و أجندة و قيادات جديدة، و هؤلاء هم الذين سوف يضعون أجندة الحوار في المجتمع، و ليس هناك قوى تستطيع أن تبعدهم إذا كانت خارجية أو داخلية.. القيادات التي سوف تفرزها الحرب هؤلاء الذين يصنعون السودان الجديد.. أما المجتمع الدولي و الدول الأخرى أن كانت أمريكا و الغرب و بعض دول الإقليم الذين يتدخلون في شأن السودان الداخلي، هؤلاء يريدون الطمأنة على مصالحها حتى يستطيعوا تغيير مواقفهم.. و أقول؛ ليس بعد الحرب ثورة كما يعتقد بعض الذين لا يقرأون التاريخ.. فالذي يفرض شروطه لوقف الحرب على الأخر هو الذي سوف يشكل مستقبل السودان.. نسأل الله حسن البصيرة..
zainsalih@hotmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: فی المجتمع أن الحرب إذا کانت
إقرأ أيضاً:
وزارة التربية والتعليم تكثف جهودها استعداداً للامتحانات العامة… وأكثر من 724 ألف طالب وطالبة سيتقدمون لها
دمشق-سانا
جهود مكثفة تبذلها وزارة التربية والتعليم لضمان سير امتحانات الشهادات العامة لهذا العام بالشكل الأمثل، من خلال التركيز على تسهيل مهمة الطلاب والمراقبين على حد سواء، والالتزام بالتعليمات الناظمة، وتهيئة أجواء امتحانية منضبطة لتحقيق أعلى درجات النجاح للطلاب.
مدير الامتحانات في الوزارة محمود حبوب أوضح في تصريح لمراسلة سانا اليوم، أن عدد المتقدمين إلى امتحانات الشهادات العامة بفروعها كافة لدورة عام 2025 بلغ 724216 طالباً وطالبةً، موزعين على 2145 مركزاً امتحانياً.
وأشار حبوب إلى أن عدد الطلاب المتقدمين إلى شهادة التعليم الأساسي العام بلغ 359282، والشرعي بلغ 10502، بينما بلغ عدد الطلاب المتقدمين للثانوية العامة الفرع العلمي 212217، والفرع الأدبي 115397، والشرعي 2152، والمهني 24666.
وعن التحضيرات والاستعدادات اللازمة لضمان إنجاز العملية الامتحانية، لفت حبوب إلى أن الوزارة تكثف جهودها لإنجاز كل التحضيرات على أكمل وجه، انطلاقاً من حرصها على مصلحة التلاميذ والطلاب، من خلال تحديد قوائم بأعداد الطلاب المتقدمين للامتحانات والمراكز الامتحانية، وتوزيع البطاقات الامتحانية للطلاب، مشدداً على ضرورة التزام المراقبين والمصححين بالمهام الموكلة إليهم لضمان سير الامتحانات بالشكل الأمثل، وتأمين الأجواء الهادئة لجميع الطلاب.
ومن المقرر أن تبدأ امتحانات شهادتي التعليم الأساسي العام والشرعي لدورة عام 2025 يوم السبت الواقع في ال14 من شهر حزيران الحالي، وتستمر حتى يوم الأربعاء في الثاني من شهر تموز القادم للتعليم الأساسي، وحتى يوم الخميس في الثالث منه للشرعي، بينما تبدأ امتحانات الشهادة الثانوية العامة للفرعين العلمي والأدبي والثانوية الشرعية لدورة 2025 يوم السبت الواقع في الـ5 من شهر تموز القادم، وتنتهي يوم الخميس الواقع في الـ24 من الشهر نفسه للفرع الأدبي، ويوم الأحد الواقع في الـ27 منه للفرع العلمي، بينما تنتهي امتحانات الثانوية الشرعية يوم الإثنين الواقع في الـ28 من شهر تموز القادم.
تابعوا أخبار سانا على