جريدة الرؤية العمانية:
2025-05-09@01:24:09 GMT

شغف الإنجاز

تاريخ النشر: 6th, June 2024 GMT

شغف الإنجاز

 

فاطمة الحارثية

من يتذوق نشوة الإنجاز والفوز، يُدمنها، إنه شعورٌ لا يوصف ولا يستطيع أيا كان أن ينتزعه من صاحبه، حتى في مسائل السرقات الفكرية والعملية والعلمية، يبقى الشعور أصيلا في صاحبه، والمدعي قد ينال الأضواء لكنه يبقى داخليا في خلل وتوجس، حتى لو حاول أن يعيش الدور ويتقمصه، هيهات أن يذق تلك المشاعر النقية.

قد ذكرت سابقا أنني أحدد لنفسي أهدافًا شخصية كل عام؛ منها طويلة الأمد وأخرى قصيرة، ومن الأهداف كان خوض تجربة المقال القصصي، أقرُ أنه يحتاج الكثير من الجهد، ومع هذا الجهد، الشخصنة لدى بعض الجمهور كانت أمرًا فاق تصوري، أعادني إلى تاريخ القرون الماضية، وأجواء الكاتب المتوجس خيفة التنكيل به بسبب كلماته. أعلم أن قولي غير منطقي للكثيرين حتى لي أنا الكاتبة فيه، لكن الحقيقة الأكثر صدمة لي أن الجهل ما زال قائما ومتفشيا ومُعيقا للكثير من المبدعين والمبتكرين، وللأسف في هذا العصر وهذا الزمن. 

يُقال إن الكُتَّاب هم من أبلغونا بما حدث للحضارات السابقة، وبلغة أدق صاغوا التاريخ الذي تعلمناه. ونحن نعلم أن الكاتب رهن البيئة التي هو فيها، وما يُصيغه يحمل الكثير من تجاربه وما عاينه أو بلغه من أحداث، واغتيال الكاتب الجيد جريمة في حق الأمة، لأننا لن نجد من يُبلغ المستقبل عن حضارات استحقت أن تُعرف ويُتعلم من تجاربها وما مر عليها.

وعندما قدمتُ إلى عُمان وعملت مع الشباب في إشهار الجمعية العمانية للكتاب والأدباء، ذكر الكثير من أصحاب القلم عن مسائل التنكيل تلك، لن أخفي عليكم أنني لم أقتنع بها بتاتًا، خاصة أنني كنت أدقق في كتابات كل مُدّعٍ، وأرى وأبني تصوري بالبرهان والأدلة.

ولم تكن الشهرة أو أهداف شخصية هي ما قادني لعالم الكتابة، بل مُعلِّمة اللغة العربية في الصف السادس، التي طلبت مني أن اكتب وأن أهتم وأدقق بالذي أقرأه، وحدثتني كثيرًا عن ترجمة الزمن والمكان في صياغة النصوص، وزميلات الدراسة في المراحل التي بعدها، وتحفيزهن المستمر لي، وبعدها رعاية الكثيرين من أدباء عمان وجهابذتها، منهم من تحدث عن الأسلوب، ومنهم من تحدث عن المفردات ومنهم من تحدث عن المشاعر في النصوص، كنت استمع بحرص الراغب في ازدياد ومازلت أرغب في التطور والتحسين المستمر، وكل ما نمر به من التجارب هي جزء من التعلم.

إن الزمن يتغير، ولقد أصبح مؤخرا منهكا بعيش القناع وهوى النفس، ورفض الواقع الذي بالاعتراف به نتقدم ونُحسن التجربة الحياتية ونستمتع، لا توجد حياة نموذجية، ولم يُخلق إنسانا كاملا، وقبول النقص بحد ذاته أمر مثالي. نحن مثل بعض نتكامل بالآخر وليس بالتقوقع مع النفس، أنت تستمتع بحوارك مع الذات وعنها ومع الآخر وعنه في خير ومودة، لا يوجد كيمياء تفصل بين البشر، لكن تُوجد الضغائن والأنفس المريضة التي ترى الخير شرا والشر خيرا. 

 ربما ظلمت "الجهل" بوصفه عن البعض، وربما لو أعطينا "حُسن الظن" صوتا لقال كفاكم تذرعا بي، وربنا العليم قد قالها لنا في كتابه المبين "إن بعض الظن إثم"، وربما نحن لا نتصدى لذلك البعض المضاد ونأثم به؛ ثمة أخطاء مقبولة ولكن للقبول حدود ولقد وُجد القانون لحماية التوازن، ومع ذلك نجد الكثير من الاضطرابات، ليس لأن لا قانون يحافظ على استقرارها، بل لأنه لا صوت يتحدث ولا كليم حق ويُبلغ عنها، بدون صوت الحق يعجز كل شيء، والتثقيف المجتمعي تحديا آخر، فالأنفس المختلة والمتأبطة شراتلعب بالورقة الرابحة دائما "السمعة"، كم ضحية وفقد على هذه الرقعة بسبب "السمعة وحملات القيل والقال"، حتى إن البعض اتخذوا من الشائعات سلاحا للتنمر والتدمير، مهما تقدم الإنسان تكنولوجيا وعلميا وفكريا وفي كافة الأصعدة، يبقى بدائيا في مشاعرة وتفاعله البيئي.

المثير للسخرية عندما يُسخر علمه ويُدمجه في بدائيته كالتنمر الإلكتروني وإشاعات المنصات، والقيل والقال في وسائل التواصل الاجتماعي، لأعود وأقول فقط القلم الجيد هو الذي يتصدى للكثير من هذه العقبات، ويُساهم في صياغة التاريخ الإنساني والحقيقة المفقودة وسط معمعة الضغائن والشهوات البدائية. 

وإن طال... 

أمران علينا التفكر فيهما جيدا، ما الذي سوف تحمله معك إلى قبرك، وما البصمة التي ستتركها خلفك؟ قد تحمل معك الدعاء لك أو عليك، والبصمة قد تكون علما نافعا أو صدقة جارية أو ذرية ضعفاء، فانتبه ما الذي تُشيِّده لنفسك على المدى الطويل. 

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

فريق “ظاهر” بقيادة منسوبي جامعة الأمير سلطان يتوَّج بالمركز الأول في تحدي أبشر 2025

في إنجاز وطني يعكس تميز العقول الشابة السعودية وريادة الجامعات المحلية في ميادين الابتكار، حصد مشروع “ظاهر” المركز الأول في تحدي أبشر 2025، متفوقًا على أكثر من 4,000 فكرة ابتكارية قدّمها 446 فريقًا من مختلف أنحاء المملكة.
جاء هذا الإنجاز ثمرة جهد مشترك لفريق متعدد الجامعات، تقوده فكرة الطالبة نورة بنت خليفه بن بديع بإشراف وتطوير أكاديمي من الدكتورة أنيس أرا، عضو هيئة التدريس في كلية علوم الحاسب والمعلومات بجامعة الأمير سلطان، وضمّ في فريقها الطالبة لبنى العجلان من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، والطالبة شذى الصاعدي من جامعة الملك عبدالعزيز.
وقدّم الفريق حلاً مبتكرًا يستند إلى تقنيات الذكاء الاصطناعي لرصد المواد المخدرة والتعامل مع التهديدات غير الظاهرة التي تمسّ أمن المجتمع. ويُعد هذا الفوز انعكاسًا لتفوق جامعة الأمير سلطان، أول جامعة أهلية غير ربحية في المملكة، والتي تؤكد من خلال هذا الإنجاز مكانتها الرائدة في دعم الابتكار التقني، وتمكين طلابها من الإسهام في تعزيز الأمن الوطني وتحقيق مستهدفات رؤية السعودية 2030 بالشراكة مع جهات بارزة كـ”سدايا”، ومركز المعلومات الوطني، وشركة علم.

مقالات مشابهة

  • الإمارات في المركز العاشر عالميا في تقرير منظمة رقابة البيانات المفتوحة
  • بطولة لاأدعيها واتهام لاأنكره
  • ثلاثة محاولات واضحة لإستهداف الرئيس وما خفي الكثير بالتأكيد
  • فريق “ظاهر” بقيادة منسوبي جامعة الأمير سلطان يتوَّج بالمركز الأول في تحدي أبشر 2025
  • طلاب طب الأسنان بجامعة بنها الأهلية يُحققون مركزين متقدمين بمسابقة «الاستعاضة السنية»
  • طلاب كلية طب الأسنان بجامعة بنها الأهلية يحققون إنجازًا مشرفًا في مسابقة الاستعاضة السنية
  • محاكمة محمد رمضان بتهمة إهانة العلم المصري
  • أطباء يروون قصة نجاح أول عملية زراعة قلب نبض باسم عُمان
  • وزير الخارجية: ما يحدث في غزة كارثة إنسانية تحدث أمام أعين العالم كله
  • أمير جازان يتفقد سير العمل في مشروع مطار الملك عبدالله الدولي الجديد.. صور