الوطن:
2025-08-01@00:12:49 GMT

أحمد عبدالسلام يكتب: عالم بلا موبايل بلا ضجيج

تاريخ النشر: 6th, June 2024 GMT

أحمد عبدالسلام يكتب: عالم بلا موبايل بلا ضجيج

يستمد الإنسان فخره واعتزازه بذاته ونجاحاته ومميزاته وقد يكون بحسبه ونسبه أو عرقه وربما بـ«موبايله» أيضاً! لا تندهش، فالإمساك بالهاتف المحمول له شعور آخر ربما لا تحس به أو لم «تُبتلى به» بمعنى أدق كما ابتُلى مدمنو «المحمول»، عندما اخترح العلماء الهاتف المحمول كان الهدف منه عظيماً؛ كإغاثة الملهوف وإنقاذ المتعثر والاطمئنان على الأهل والأحباب والمغتربين وتسهيل الأعمال.

ولكن أن يكون الموبايل وسيلة للشعور بـ«الجمدان الاجتماعى» ووضعه على الخدين على الفاضى والمليان «لا يمكن أبداً»، ولكن للأسف هذا ما قد كان، وأصبحنا نرى فى واقعنا المعاصر نماذج مريرة تتكرر يومياً لأناس يمسكون بهواتفهم أربعاً وعشرين ساعة للحديث عن أى شىء وكل شىء.

وعندما تحدّق فى أحدهم ليس تطفلاً - لا سمح الله - وإنما من الضجر وكثرة الصداع الذى شملنا به فى المواصلات، يرمقك نظرة استهانة ثم ينأى بجابنه ويعرض بوجهه يميناً أو يساراً ويواصل حديثه إلى ما لا نهاية، فالرجل مشغول، أو ربما تستيقظ على شجار أحدهم مع زوجته أمام منزلك «احترمى نفسك بقول لك.. لا لا لا هى حصلت: أحترم نفسى أنا!!!».

هذه تحدث أيضاً مراراً وتكراراً وكأن صاحب المشكلة الزوجية ضاقت به الدنيا بما رحُبت ولم يجد مكاناً «يفش فيه غلّه الزوجى» إلا أمام بيوت الناس، وكم من تعيس حظ أخرج هاتفه من جيبه ليتكلم فى الشارع ولم يعلم أنه سيكون الخروج الأخير يا كبدى، وإذا بابن الحلال «ينتشه منه» ويكاد يقتلع يده معه أيضاً ويطير به ويريحه ويريحنا منه إلى الأبد.

أجرت جامعة مكغيل دراسة شملت عينتها أكثر من 34 ألف مستخدم للهواتف خلال الفترة بين عامى 2014 و2020، وخلصت إلى نتائج صادمة؛ وهى أن البلدان العربية فى طليعة الشعوب الأكثر استخداماً للهواتف المحمولة، بينما - ويا للعجب - احتلت المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية مراكز متأخرة، أى إن الدول الأكثر تقدماً فى كوكبنا العظيم الأقل استعمالاً للهواتف، إذن فهل هناك ثمة علاقة بين التقدم العلمى وانخفاض معدلات الثرثرة؟!

نعود إلى الماضى الجميل وهو ليس ببعيد، نتذكر حقبة ما قبل الهواتف المحمولة؛ كيف كانت العلاقات الاجتماعية والأسرية وكيف أصبحت؟ هل البشر لا يمكنهم الاستغناء عن هواتفهم ولو ليوم واحد حقاً؟

أظن أنه كان عالماً بسيطاً يشبه من عاصروه فى أدواتهم ومعيشتهم، كان هناك مجال للخيال، للاختلاء بالنفس، لتأمل الطبيعة، لتوطيد العلاقات الاجتماعية التى ظن بعض المساكين أن الهاتف المحمول يقوّى أواصرها ولا يدمرها، صحيح أن الهاتف المحمول اختصر المسافات ولَمّ شمل الفرقاء، ولكن الأمور إن زادت عن حدها قَلّ خيرها وصارت نقمة، فالاعتدال كنز لا يفنى، ولندع أنفسنا نتخيل ماذا سيكون عالمنا بلا هواتف.. بلا ضجيج.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الميديا الموبايل

إقرأ أيضاً:

ظفار تنتظرك.. ولكن ليس على نقالة!

أحمد البوسعيدي

كل عامٍ، عندما يهبّ نسيم الخريف على محافظة ظفار، تتحوّل هذه البقعة الساحرة إلى لوحةٍ طبيعيةٍ تسرق الألباب. السحب تلامس الجبال، والأرض تكتسي خضرةً نضرة، والهواء العليل يدعو الجميع إلى السفر والاستمتاع. لكنّ هذه الرحلة الجميلة تحمل بين طيّاتها قصصًا مؤلمة، قصص لم تُكتَب نهاياتها بعد، لأنّ ضحايا الطريق إلى ظفار ما زالوا يُضافون إلى القائمة كل يوم!

تخيّل معي للحظة أنك تقف على حافة الطريق، تشاهد سيارةً تتجاوز بتهوّر، تخطفها الكثبان الرملية فجأةً، أو تصطدم بسيارةٍ أخرى قادمة من الاتجاه المعاكس. في ثانية واحدة، تُحكَم على أسرةٍ كاملة بالموت أو الإعاقة الدائمة. طفلٌ يفقد أباه، امرأةٌ تفقد زوجها، عائلةٌ تُدفَن تحت ركام الحزن والأسى. كل هذا بسبب لحظة طيشٍ من سائقٍ لم يتحلَّ بالصبر، أو لأنّ أحدهم ظنّ نفسه بطل سباقٍ خيالي! 

يا سائق السيارة، هل تعلم أنّ قدميك على دوّاسة البنزين قد تكونان أقرب إلى نعشك مما تتصوّر؟ هل تدرك أنّ تجاوزك الخاطئ قد يُنهي حياة أبٍ يعيل أولاده، أو شابٍ في ريعان شبابه؟ القرآن الكريم يقول: "مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا" (المائدة: 32). فكيف بمن يقتل غيره بغير حق، لمجرّد أنه أراد الوصول ساعةً أسرع؟ 

 

النبي ﷺ قال: "إياك والتعرّضَ للتهلكة"، فكيف بمن يضع نفسه والآخرين في مهبّ الخطر لمجرّد إثباتٍ وهمي للشجاعة؟ السرعة الجنونية، والتجاوز في المنعطفات، والقيادة تحت تأثير الإرهاق، كلّها أسلحة فتّاكة تقتل بأبشع الطرق.

أخي المسافر، أختي المسافرة، ظفار لن تذهب بعيدًا، ولن تهرب منكم. الجمال الذي تبحثون عنه لن يختفي إذا وصلتم متأخّرين ساعةً أو ساعتين. لكنّ الحياة التي تُزهَق على الطريق لا تعود أبدًا. فلا تجعلوا فرحة العودة من ظفار محفوفةً بالدموع، ولا تجعلوا أطفالكم ينتظرونكم على الباب ليعلموا أنّكم لن تعودوا أبدًا.

السلامة ليست خيارًا، بل هي مسؤولية. مسؤولية تجاه نفسك، وتجاه أسرتك، وتجاه كل من يشاركك الطريق. فلتكن قائدًا واعيًا، ولتكن رحلتك إلى ظفار ذكرى جميلة، لا جرحًا لا يندمل.

تذكّروا دائمًا: الطريق إلى ظفار يجب أن ينتهي بابتسامة، لا بجنازة!




 

مقالات مشابهة

  • ضجيج الطعام.. لماذا لا يمكنك التوقف عن التفكير في وجبتك القادمة؟
  • يعلن عمر عبدالملك أنعم عن فقدان شهادة أسهم يمن موبايل
  • إسحق أحمد فضل الله يكتب: والحرب الحقيقية تبدأ الآن
  • عالم أزهري: القرآن قدم وصفة واضحة في 5 آيات لحماية الأوطان من الانهيار
  • أحمد ياسر يكتب: مصر.. التاريخ والعنوان
  • ظفار تنتظرك.. ولكن ليس على نقالة!
  • إسحق أحمد فضل الله يكتب: (رصف الدخان)
  • إسحق أحمد فضل الله يكتب: (يوم في حياة كاتب)
  • دراسة حديثة تؤكد سلبيات استخدام الهاتف المحمول في سن مبكر
  • أحمد الأشعل يكتب: لماذا مصر؟ ولماذا الآن؟