هل سيعالج قرار نقل البنوك من صنعاء إلى عدن انهيار حكومة الشرعية؟
تاريخ النشر: 11th, June 2024 GMT
الجديد برس:
يؤكد خبراء اقتصاد أن المحافظات اليمنية الواقعة في نطاق سيطرة حكومة الشرعية الموالية للتحالف تعيش حالة انهيار اقتصادي غير معلن، وأن الوضع في حالة احتياج إلى معالجات حقيقية تنتشل الاقتصاد من الانهيار وتنهض به، عن طريق معالجات مبنية على أسس صحيحة تنعكس نتائجها بشكل إيجابي على المؤشرات الاقتصادية، مشيرين إلى أن هذه المعالجات لا تتم بالتصريحات الإعلامية، ويذهب الخبراء إلى أن البنك المركزي في عدن فشل في إدارة السياسات النقدية والمالية في البلاد، فيما يقول آخرون إنه لا علاقة له بالانهيار الاقتصادي الحاصل، مرجعين ذلك إلى فساد حكومي يظهر في تفوق النفقات على الإيرادات العامة.
الخبير النفطي والاقتصادي الدكتور علي المسبحي، قال في منشور على حسابه بمنصة “فيسبوك”، إن “المعالجات والحلول الاقتصادية ليست بحاجة إلى تصريحات إعلامية بقدر احتياجها إلى أفعال حقيقية ومعالجات واقعية ملموسة تنهض بالاقتصاد وفق أسس وإجراءات صحيحة تظهر نتائجها في إيجابية المؤشرات الاقتصادية.
ويرى الخبير الاقتصادي المسبحي أن البنك المركزي في عدن ليس مسؤولاً عن انهيار الوضع الاقتصادي في البلاد، كونه مسؤولاً فقط عن وضع السياسة النقدية، مؤكداً أنه طالما كانت النفقات العامة أكبر من الإيرادات فإن العجز المالي وانهيار العملة سيظل قائماً، موضحاً أن ذلك الوضع لن يزول إلا حين يتم العثور على موارد وإيرادات تغطي العجز القائم في الموازنة، وفي وقت يرى المسبحي ذلك يدين خبراء آخرون البنك بأنه فشل في وضع وإدارة السياسات النقدية، وأنه أحد الأسباب الرئيسة في انهيار الوضع الاقتصادي.
وأضاف المسبحي أن القرارات الأخيرة لمركزي عدن بشأن نقل المراكز الرئيسية للبنوك التجارية من صنعاء، ومعاقبة البنوك التي لم تمتثل للقرار، في إطار ما وصفه بالإصلاحات النقدية والمصرفية، ستواجه صعوبات كبيرة، مشدداً على ضرورة دعم الحكومة للبنك محلياً وخارجياً، لكن اللافت تأكيده أن تلك القرارات لن تؤدي إلى استقرار أسعار الصرف، وأن النهوض بالاقتصاد لا يعتمد فقط على إصلاح السياسة النقدية بل أيضاً إصلاح السياسة المالية للحكومة، في إشارة إلى أن قرار نقل البنوك لا يخدم الإصلاحات التي يتحدث عنها البنك، وهو الأمر الذي يعزز ما تقوله حكومة صنعاء وبنكها المركزي من أن قرارات مركزي عدن جاءت بإملاءات خارجية وتقف خلفها الولايات المتحدة بهدف الضغط على حكومة صنعاء لوقف عمليات قواتها ضد الملاحة الإسرائيلية.
المسبحي أوضح أن المؤشرات الاقتصادية للعام الماضي 2023م تكشف أنها كانت الأسوأ على الإطلاق، حيث بلغت مستويات قياسية من ناحية التدهور، إذ سجل الاقتصاد في مناطق الشرعية نمواً سالباً بلغ نحو 2% بينما بلغت نسبة العجز في الموازنة العامة حوالي 58% وبمبلغ 1727 مليار ريال، بينما كانت نسبة العجز في عام 2022م حوالي 28% فقط وبمبلغ 746 مليار ريال، وفي ما يخص النفقات العامة ذكر المسبحي أنها بلغت في 2023م حوالي 2968 مليار ريال، مشيراً إلى أنها كانت أكثر من ضعف الإيرادات العامة البالغة 1241 مليار ريال، لكنه قال إن الملفت للنظر ليس زيادة النفقات العامة بين عامي 2023 و2022م بفارق 307 مليارات ريال، فهو أمر قد يبدو طبيعي إلى حد ما، لكن الملفت هو انخفاض الإيرادات العامة بفارق 674 مليار ريال، مؤكداً أن ذلك يعتبر مؤشراً خطيراً يحتاج إلى معرفة الأسباب ومعالجتها.
وأوضح أن تغطية عجز الموازنة العامة يتم بإحدى ثلاث طرق، أولاها بالاقتراض المباشر من البنوك التجارية والمؤسسات والأفراد، والثانية عبر زيادة الضرائب، أما الثالثة فهي عن طريق طباعة عملة جديدة، مشيراً إلى أن البنك المركزي بعدن وجد أن أسهل طريقة هي الاقتراض المباشر، وهو ما أدى إلى زيادة الدَّين العام الداخلي إلى 5976 مليار ريال حتى نهاية ديسمبر 2023م بزيادة 35% عن العام السابق له 2022م، والذي كان 4442 مليار ريال.
وفيما أرجع المسبحي مسؤولية زيادة الدَّين العام للحكومة، أوضح أنها هي المسؤولة عن وضع السياسات الاقتصادية، ومنها السياسة المالية، وأن عليها إيجاد الحلول والمعالجات الاقتصادية والبحث عن إيرادات وموارد إضافية لرفد الخزينة العامة والبنك المركزي، مضيفاً أن المعالجات الاقتصادية يجب أن تكون منظومة متكاملة من السياسات النقدية والمالية معاً، وأن تشتمل الإصلاحات على جميع القطاعات الاقتصادية والخدمية.
الخبير الاقتصادي أكد أن على الحكومة الإسراع في إطلاق إصلاحات اقتصادية شاملة في مختلف المجالات، والقضاء على الفساد وتجفيف منابعه وخفض النفقات العامة غير الضرورية وعجز الموازنة العامة إلى مستويات مقبولة وآمنة، وتنمية الموارد، والنهوض بالمؤسسات الإيرادية، وإعادة هيكلتها كونها تعاني الكثير من الاختلالات الوظيفية والمالية.
ويتبين من حديث الخبير الاقتصادي المسبحي أن إجراءات البنك المركزي بعدن، المتمثلة بقرار نقل البنوك من صنعاء، لا أهمية لها في انتشال الوضع الاقتصادي من الانهيار، حيث أن مسبباته الرئيسة هي الفساد والفشل الحكومي والاختلالات الوظيفية والمالية، وهو ما يؤكد بشكل منطقي نظرة حكومة صنعاء إلى تلك الإجراءات باعتبارها مجرد تنفيذ توجيهات خارجية للتصعيد الاقتصادي ضد صنعاء، الذي سيدفع ثمنه المواطن اليمني، خصوصاً في مناطق الشرعية.
*YNP / إبراهيم القانص
المصدر: الجديد برس
كلمات دلالية: النفقات العامة البنک المرکزی ملیار ریال إلى أن
إقرأ أيضاً:
حسني بي: اختلال القاعدة النقدية وراء المضاربة ونقص السيولة
حسني بي: سحب فئة الـ50 دينار جزء من هيكلة القاعدة النقدية وليس تعويضًا للنقص
ليبيا – علّق رجل الأعمال حسني بي على مسألة سحب إصدارات فئة الـ50 دينار من السوق، وما يترتب عليها من آثار تتعلق بالسيولة وهيكلة القاعدة النقدية، إضافة إلى الدفع الإلكتروني وسياسات سعر الصرف في ليبيا.
هيكلة القاعدة النقدية وأزمة السيولة
وفي رده على سؤال حول ما إذا كان سحب العملة يهدف إلى تعويض النقص الناتج عنها، أوضح حسني بي في تصريح لقناة “ليبيا الأحرار” التي تبث من تركيا وتابعته صحيفة المرصد أن هذه العملية تندرج ضمن إطار هيكلة القاعدة النقدية. وبيّن أن ودائع المصارف كانت تبلغ نحو 110 مليارات دينار، لترتفع بعد سحب العملة إلى 140 مليار دينار، في حين كان حجم النقد الورقي المتداول 78 مليار دينار، وأصبح الآن أعلى بـ39 مليار دينار.
مضاربة ناتجة عن اختلال السيولة والودائع
وأشار إلى أن هذه الهيكلة أفرزت وضعًا شبيهًا بالمضاربة على العملة، حيث استمر نقص السيولة مقابل وفرة الودائع، ما خلق فرص ربح تصل إلى 25% لكل من يتمكن من سحب النقد، سواء عبر الصرافات الآلية أو خزائن المصارف أو من خلال المصارف التي تتيح سحب 3 آلاف دينار شهريًا. ولفت إلى أن المضاربة تنشأ عندما يسحب المواطن النقد ويستفيد منه.
غياب الثقة بالمصارف
وأكد حسني بي ضرورة إعادة هيكلة النظام النقدي، مشيرًا إلى أن ثقة المواطن بالمصارف مفقودة، إذ لم يتمكن المواطنون من سحب الأموال المودعة خلال العام الحالي، والبالغة 47 مليار دينار، بسبب أن حجم السيولة التي ضُخت أقل بكثير من هذا الرقم، في وقت تُقدَّر فيه السيولة الموجودة في المنازل بنحو 39 مليار دينار.
الإنفاق العام وتمويل العجز
وأوضح أن أي إنفاق عام من الحكومة أو الحكومات المتعددة لا يكون له أثر سلبي إلا في حال تم تمويله نقديًا من مصرف ليبيا المركزي، مشيرًا إلى أن أرقام المصرف خلال شهر نوفمبر أظهرت وجود فائض بالدينار، سواء أُعلن عنه أو لم يُعلن. وأضاف أن التمويل الموازي يحدث فقط عند تمويل العجز عبر خلق نقود جديدة، مؤكدًا أن ما جرى هذا العام لم يكن خلقًا للنقود، بل انخفاضًا بنسبة 4% في عرض النقود.
سعر الصرف والدفع الإلكتروني
وبيّن أن هذا الانخفاض لم ينعكس على تحسن سعر الصرف أو الفارق بين النقد والصكوك، لأن المشكلة الأساسية تكمن في هيكلة القاعدة النقدية وعرض النقود، لا في خلق نقود جديدة. وبشأن الدفع الإلكتروني، شدد على أن تطبيقه ممكن جدًا في ليبيا، في ظل امتلاك أكثر من 90% من السكان أجهزة ذكية، وتجاوز عدد بطاقات الدفع الإلكتروني عدد السكان، مع امتلاك الغالبية حسابات مصرفية.
تضارب المصالح والسياسات النقدية
وأشار إلى وجود تضارب مصالح، حيث تعمل بعض الشركات الوطنية كمعالجات وطنية وفي الوقت نفسه مُصدِرة لبطاقات الدفع، ما يمثل عائقًا. وأكد أن مصرف ليبيا المركزي لا يتحمل المسؤولية إلا إذا لجأ إلى تمويل العجز أو الميزانية نقديًا، معتبرًا أن تجنب ذلك كفيل بعدم انهيار الاقتصاد أو الدولة.
سياسة سعر الصرف والمزادات
وتطرق حسني بي إلى ممارسات خاطئة في السوق، مثل شراء سبائك الذهب من تونس بالدينار الليبي ثم تحويلها إلى الدولار لتوريد بضائع، معتبرًا أن هذه العمليات تخلق فرصًا للمضاربة. وأوضح أن العملة تُعد سلعة تُباع وتُشترى مقابل السلع والخدمات، وأن أي عوائق لحركتها تولد بيئة خصبة للمضاربة.
وأكد أن تغيير سياسة السعر الثابت والاعتماد على المزادات يمثل الحل الأنسب، مشيرًا إلى أن الحكومة تمتلك الدولار بينما يمتلك المواطن الدينار، وأن المصلحة الاقتصادية للمواطن تدفعه لتحويل الدينار إلى الدولار لتحقيق ربح أكبر. ولفت إلى أن الدولار النقدي في المزادات قد يمثل 20%، وبطاقات الدفع 45%، مع اختلاف فرص الربح لكل وسيلة، موضحًا أن اعتماد المزادات سيقلل الحاجة إلى البطاقات والوسطاء بنحو 19%، ومؤكدًا أن النظريات الاقتصادية يجب أن تراعي الواقع الليبي حتى تكون فعالة.