في وقتٍ لا يلوح في الأفق أيّ أمل بانفراجة حقيقية في ملفّ الانتخابات الرئاسية المجمَّدة منذ ما قبل الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وتلك الموازية لها على الجبهة اللبنانية، تشهد الساحة السياسية ما يصحّ وصفه بـ"زحمة" المبادرات، التي تتشابك على المستويين الداخلي والخارجي، وتتقاطع على العناوين نفسها تقريبًا، فضلاً عن المَداخِل والمنطلقات، ولكن أيضًا على النتائج "المخيّبة" نفسها، التي تفضي إليها كلّ الجهود بصورة أو بأخرى.


 
هكذا، لم تكن كتلة "اللقاء الديمقراطي" قد أنهت جولتها على الأفرقاء، في إطار المبادرة السياسية التي أطلقها بعيد زيارة المبعوث الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان إلى بيروت، واستندت فيها إلى موقعها "الوسطي"، حتى قرّر رئيس "التيار الوطني الحر" الوزير السابق جبران باسيل أن يدخل على الخطّ، ويجرّب "حظّه"، فأعلن عن مبادرة جديدة، استهلّها من بكركي حيث التقى البطريرك الماروني بشارة الراعي، رافضًا ما سمّاه "استسهال" الفراغ الرئاسي، قبل ان يحط عند رئيس مجلس النواب نبيه بري وقوى المعارضة.
 
وتأتي مبادرة باسيل، وقبلها مبادرة "الاشتراكي"، بالتزامن مع سلسلة من المبادرات التي يقول القيّمون عليها إنّها لا تزال مطروحة على الطاولة، وإنّهم ينتظرون اللحظة المناسبة لإعادة تفعيلها، على غرار مبادرة كتلة "الاعتدال" التي أعطيَت إعلاميًا ما لم يُعطَ لغيرها، فضلاً عن حراك "الخماسية"، الذي تتفرّع منه مبادرات متصلة منفصلة، فرنسيّة تارةً، وقطرية تارة أخرى، فما العبرة من "زحمة" المبادرات هذه؟ وهل يمكن البناء عليها فعلاً؟
 
عناوين "واحدة"
 
اللافت في كلّ المبادرات المطروحة على طاولة "البازار الرئاسي"، أنّها تتلاقى على العناوين والمبادئ نفسها بصورة أو بأخرى، بل إنّ هناك من يعتبرها بمجملها "مُستنسَخة" عن المبادرة الحوارية الأولى لرئيس مجلس النواب نبيه بري، التي رمى بأوراقها منذ الأيام الأولى للفراغ الرئاسي، لكنها اصطدمت بتحفّظات وفيتوات العديد من القوى، بما في ذلك رئيس "التيار الوطني الحر"، أحدث المنضمّين إلى "سوق المبادرات"، إن جاز التعبير.
 
بهذا المعنى، فإنّ كل المبادرات المطروحة تستند في المبدأ إلى فكرة الحوار الذي قامت عليه مبادرة الرئيس نبيه بري الأولى، ولو أنّ القيّمين عليها يلجأون إلى بعض المفردات والمصطلحات "الرديفة"، على غرار عبارة "التشاور" الرائجة في الوقت الحالي، وقبلها "اجتماع العمل" الذي كان الفرنسيّون أول من دعوا إليها، وإن كان القاصي والداني يدرك أنّ كلّ التسميات تدور في النهاية ضمن "حقل معجمي واحد"، مهما تفاوتت المفاهيم.
 
في السياق نفسه، تقوم مختلف المبادرات على "خريطة طريق" شبه موحّدة أيضًا، فما قالته "الخماسية" أولاً، وبلورته كتلة "الاعتدال"، وأعاد "الاشتراكي" صياغته، ويتكرّر اليوم بمفهوم "الوطني الحر"، ينطلق أيضًا من الفكرة نفسها تقريبًا، والتي تقول على حوار أو تشاور محدود في الزمان والمضمون، ينبثق عنه تفاهم على مرشح توافقي أو عدد محدود من المرشحين المحتملين، وتعقبه جلسة انتخابية مفتوحة، أو جلسات متتالية بدورات عدّة.
 
ما العِبرة؟
 يفتح هذا الأمر باب علامات الاستفهام على مصراعيه، فما العبرة من "زحمة" المبادرات الرئاسية التي تتقاطع في الشكل والمضمون إذاً؟ لماذا تتكرّر المبادرة نفسها تقريبًا بصِيَغٍ مختلفة ومتعدّدة؟ وما الذي يجعل القيّمين على مبادرات "مستنسَخة" يعتقدون أنّ بمقدورهم أن ينجحوا حيث أخفق الآخرون؟ هل هو الرهان على "نقاط قوة" مخفيّة، أم هي الرغبة بتحقيق "السبق"؟ وهل يمكن الرهان على أن تفضي هذه الزخمة إلى إحداث "الخرق" عاجلاً أم آجلاً؟
 
قد لا تكون الإجابة "الحاسمة" على مثل هذه التساؤلات متوافرة فعليًا، باستثناء الرغبة الموجودة بطبيعة الحال لدى أكثر من جهة، بالقول إنّها تعمل ما باستطاعتها من أجل إنجاز الفراغ، أو "تبرّئ ذمتها"، إن جاز التعبير، لكنّ الثابت وفق ما يقول العارفون، أنّ هناك من يسعى إلى الاستثمار في "علاقاته" مع الأطراف لمحاولة تحقيق "خرق ما"، كما فعل "الاشتراكي" مثلاً بما يملك من "مَونة" لدى الطرفين، أو ما يسعى إلى تحقيقه باسيل، بتموضعه "في المنتصف".
 
لكنّ العارفين يشدّدون على أنّ الرهان على "وسطية" من هنا أو "اعتدال" من هناك قد لا يكون كافيًا لتحقيق النتائج، طالما أنّ كلّ المبادرات تدور في "الحلقة" نفسها، وهي حلقة "أفرغتها من مضمونها" فيتوات الأفرقاء وشروطها التي تراوح مكانها منذ اليوم الأول للفراغ، علمًا أنّ هناك من لا يتردّد في وضع كلّ هذه المبادرات في خانة "تقطيع الوقت" ليس إلا، بانتظار نضوج الظروف والمعطيات، التي ستتيح الخرق، بوجود مبادرات أو من دونها.
 
لا عِبرة يمكن الحديث عنها في "زحمة" المبادرات إذاً، بمعزل عمّا إذا كانت تعبّر عن "نوايا صادقة"، أو عن "رغبة في الاستثمار". الثابت انّ كلّ المبادرات لن يُكتَب لها النجاح، إذا لم تقترن بـ"قناعة ضمنية" لدى جميع الأطراف بأنّ المراوحة ما عادت مقبولة، وبالتالي بـ"تنازلات متبادلة" يمكن أن تفضي في نهاية المطاف إلى انتخاب رئيس للجمهورية، يضع حدًا لـ"خطيئة" الفراغ الرئاسي المستمرّة بلا أفق! المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

الأمم المتحدة: واحد من كل 3 أشخاص في غزة لم يأكل طعاما منذ أيام

الثورة نت/وكالات قالت الأمم المتحدة إن “إسرائيل”، القوة القائمة بالاحتلال، تواصل عرقلة مبادرات المساعدات الإنسانية لقطاع غزة، معلنة رفض سلطات الاحتلال 3 من أصل 8 مبادرات إغاثة من المنظمة الدولية، أمس الأحد. جاء ذلك على لسان متحدث الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، خلال مؤتمره الصحفي اليومي، الإثنين. وأشار دوجاريك إلى أن واحدا من كل 3 أشخاص في غزة لم يأكل طعاما منذ أيام. وأكد أنه “ينبغي على السلطات “الإسرائيلية” فتح جميع المعابر لضمان توزيع المساعدات الإنسانية، والوفاء بالتزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي”. ولفت دوجاريك إلى أن الوقود “شريان أمل للبقاء على قيد الحياة” في غزة، داعيا إلى السماح بدخوله دون تأخير. وأكد أن “السلطات الإسرائيلية” تواصل عرقلة مبادرات المساعدات الإنسانية”، موضحا أنها رفضت بشكل مباشر 3 من أصل 8 مبادرات إغاثة من الأمم المتحدة أمس الأحد. وشدد على ضرورة ضمان وصول المساعدات دون عوائق وبشكل عاجل. كما ذكر أن 700 ألف شخص نزحوا عدة مرات في غزة منذ انتهاك إسرائيل لوقف إطلاق النار في آذار/ مارس المنصرم. وأشار دوجاريك إلى أن هؤلاء الناس ليس لديهم مكان آمن يلجؤون إليه.

مقالات مشابهة

  • رسالة إلى رئيس الوزراء
  • رئيس مجلس القيادة الرئاسي يلتقي بقيادة السلطات المحلية بمحافظة المهرة بحضور وزير الدفاع .. تفاصيل
  • برعاية رئيس الدولة .. حمد الشرقي ومنصور بن زايد يفتتحان مستشفى الشيخ خليفة في الفجيرة ضمن مبادرات رئيس الدولة بتكلفة 843 مليون درهم
  • وزير التعليم العالي: تحالف وتنمية مبادرة رئاسية لتعزيز التعاون بين الجامعات والصناعة
  • الأمم المتحدة: واحد من كل 3 أشخاص في غزة لم يأكل طعاما منذ أيام
  • رئيس اتحاد البنوك لصدى البلد: لا يمكن الحسم بأن البنوك تعمل بشكل طبيعي.. وفروع تقدم جميع الخدمات
  • الأمم المتحدة: إسرائيل تواصل رفض مبادرات الإغاثة لغزة
  • حقن التخسيس.. وهم النحافة وأضرار بالجملة | ضحايا الوزن المثالي
  • حبست نفسها
  • مشاورات رئاسية مكثفة عشية زيارة برّاك.. والحزب يرد: لا داع لاتفاقات جديدة