موقع النيلين:
2025-06-25@11:27:50 GMT

جثث سودانيين تملأ ممرات التهريب

تاريخ النشر: 11th, June 2024 GMT

في ممرات وعرة وصحارٍ شاسعة ممتدة، يسقط السودانيون صرعى لا يدري بهم أحد، في مشاهد مؤلمة لا تصورها عدسات الكاميرات، في واحدة من أكبر المآسي الإنسانية في المنطقة والعالم.
فمع موجة ارتفاع درجات الحرارة التي تعاني منها المنطقة، يواجه السودانيون الفارين من ويلات الحرب، المصير الأصعب في دروب صحراوية ساخنة وبشعة لا ترحم، فما بين الحافلة والأخرى، على طول طريق ممتد آلاف الكيلومترات، تعمل مجموعات من المهربين على بيع حلم التهريب إلى الأراضي المصرية، غير مبالين بمصائر الآلاف من السيدات والأطفال والشباب والمسنين، الذين يلقون حتفهم على طريق الموت.

“أغنياء الحرب”
وفي تصريحات خاصة للعربية.نت، يروي أحد السودانيين المعاصرين لإحدى رحلات الموت هذه، والذي طلب عدم ذكر اسمه، جشع المهربين شركائهم من “أغنياء الحرب” الذين يستغلون ظروف السودانيين لكسب المال، فيقول “تحركنا من عطبرة هربا من الحرب اللعينة التي أغلقت علينا كل سبل المعيشة على أمل أن نجد ملاذا آمنا”.
ويضيف” بدأت الرحلة مع جشع سماسرة البكاسي -(سيارات النقل)- يمتصون كل ما في جيبك بكل جشع، اتجهنا شمال عطبرة حتى وصلنا إلى قهوة الجيش في الطريق الرابط بين هيا وعطبرة، ومنها دخلنا إلى قلب الصحراء في تسارع جنوني وغبار الصحراء يعمي العيون”.
الماء كالذهب..جشع متواصل
ويضيف الشاهد السوداني” أتى علينا الصبح ووصلنا إلى مكان اسمه الرتج وهو مكان بشع يتحكم فيه أبناء قبيلة الرشايدة بنا، الماء كالذهب يبيعون شربة الماء التي لا تكفي رضيعا بمبلغ 200 جنيه”.

وأضاف الشاهد” كان مفترضا أن يقوم أهالي هذه القبيلة في المساعدة للوصول إلى أرض مصر، لكنهم بدأوا في مساومتنا، وطلب مبالغ مالية إضافية غير التي دفعناها في أول الرحلة المشؤومة، وطلبوا 1000 جنيه مصري أو ما يعادلها بالسوداني على كل شخص، وهنا كانت المأساة حيث لا يملك معظم الناس هذا المبلغ في هذه الظروف ونحن هاربين تاركين منازلنا وما لنا ولا نملك شيئا، كما لا توجد إشارة إنترنت أو اتصال للتواصل مع أحد”.

عربة تحمل جهاز “ستارلينك”
واستغلالا للموقف الذي يبدو معتادا على هؤلاء المهربين وشركائهم، من رجال بعض القبائل، حضرت عربة تحمل جهاز “ستارلينك” لتوفر الإنترنت للسودانيين للتواصل مع ذويهم لإرسال الأموال المطلوبة منهم لاستكمال الرحلة بحسب شهادة من عايشها.
أعداد كبيرة تحملهم هذه الرحلات غير الشرعية للمهربين، فبحسب رواية الشاهد، كان على هذه الرحلة 240 شخصا على متن 16 عربة نصف نقل.
ويستكمل الشاهد شهادته فيقول “أخرج الرشايدة سلاحهم يلوحون به في وجوهنا تعبيرا عن السيادة، ولإرشادنا إلى العربات التي تقلنا في المرحلة الجديدة من الرحلة، وعندما أشرقت الشمس كانت درجات الحرارة مرتفعة للغاية وكأنها 70 درجة، ونكاد نموت من العطش، وبعد استنجادنا وطلبنا للماء أعطونا شربة صغيرة لا تسد الرمق”.
أول الضحايا طفلة عمرها عامان
ويضيف الشاهد” انفجرت إحدى عجلات العربة، فتوقفنا لإصلاحها مدة ساعتين تحت هذه الشمس والحرارة البشعة بدون ماء أو ظل، وهنا سقطت أولى الضحايا من الحرارة المرتفعة والعطش، طفلة عمرها سنتان، كانت ظهرت عليها آثار الجفاف والتعب واستجديناهم زجاجة مياه لها لكنهم رفضوا، حتى فاضت روحها إلى بارئها أمام أعيننا وأمها دخلت في غيبوبة من الصدمة ثم لحقت بطفلتها بعد مدة قصيرة”.
واستنجد مسن بسائق العربة أن يعطي له شربة ماء، حيث قال له إنه يعاني من مرض السكري وعبر عن غضبه، يقول الشاهد “أحد الرشايدة ضرب المسن بسلاحه بلا رحمة، ووصف المسن بـ”العبد”.
“أصبحنا عبيدا على أرضنا”
ويضيف “أصبحنا عبيدا في أرضنا، سكتنا خوفا من الضرب أو الموت، وتوفي هذا المسن بعد وقت قصير متأثرا بالضرب والعطش وشدة الحرارة التي كانت لا تطاق، لا يحتملها بشر”.
وفي مشهد أصعب من مشاهد الأفلام الدرامية، يقول الشاهد: “أصر سائق العربة على إلقاء جثة المسن في الصحراء، ونحن نستعطفه أن يبقيها لنهاية الطريق، وصرنا على هذه الحال يتساقط الناس موتى من شدة الحرارة والعطش، في مشاهد مؤلمة لا تنسى”.

فقد زوجته وأطفاله
ويروي الشاهد أحد المشاهد لوفاة أسرة كاملة فيقول “ما أدمى قلبي حقا أسرة صغيرة مكونة من شاب وزوجته وابنته 7 سنوات وابنه 5 سنوات، كانت جرعة ماء كفيلة بإنقاذ حياتهم، لكن سلم الطفل روحه ولحقت به أخته والأم وسط ذهول الأب، احتضنته على أمل أن يبكي ويرتاح ولكن من الصدمة الشاب ما نطق ولا بكى”.
رفض مفارقة جثمان أمه وأخيه حتى لحق بهم
وتوالت المآسي وحالات الوفاة، حيث صرخت إحدى النساء التي سقطت والدتها المسنة كما سقط الآخرون، وسألتها معاك رجل قالت لي معها إخوتها الاثنان ووالدها جاين في بوكس تاني لسه ما وصل، وحين وصل البوكس الذي يحمل أخويها الاثنين وأبوها أنزلوا لها أحد إخوتها جثة هامدة مات عطشا ووضعوا الجثمان بالقرب من أمه ورفض الأخ الآخر أن يفارق جثمان أمه وأخيه فحين جاءنا الإنقاذ ذهبنا إليه وجدناه قد لحق بهما وتوفي بذات الطريقة لنجد أنفسنا محاطين بالجثث من كل جانب”.

وهن وضعف
يكمل الشاهد” نزلونا في الصحراء، وقررت إن كان هذا آخر يوم في عمري فلأموت وأنا أحاول النجاة، وحملت أغراضي بصعوبة ووهن، وضربت الصحراء بغير هدى، حتى عثر علي شابان من قبيلة العبيدية، الذين أكرمونا أنا ومن تبقى منا وأحضروا لنا الماء، وجهزوا لنا عربات تنقلنا إلى أسوان المصرية، وهناك أحضروا لنا الأطباء والإسعاف وجهزوا وجبات ومحاليل حيث كانت حالاتنا غاية في الصعوبة”.

العربية نت

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

كيف يستخدم الاحتلال العمارة لإضعاف الأقصى وطمس هويته؟ الجواب في الرحلة

حذّر الأكاديمي والمختص في التخطيط العمراني الدكتور سلطان بركات من خطورة ما يتعرض له المسجد الأقصى من تدخلات معمارية إسرائيلية قد تؤدي إلى انهياره "في لحظة"، معتبرًا أن الاحتلال يوظف العمارة كسلاح لتغيير الهوية الإسلامية للمكان وسحب رمزيته السياسية والدينية.

جاء ذلك في الحلقة الأولى من بودكاست "الرحلة"، الذي يعده ويقدمه مسؤول قسم "أفكار" في "عربي21" عادل الحامدي، حيث ناقش مع الدكتور بركات خطط الاحتلال الممنهجة لتغيير طبيعة المسجد الأقصى، ليس فقط من خلال الاعتداءات المباشرة، بل عبر الهندسة المكانية والتخطيطية التي تنفذ على الأرض بهدوء، لكنها لا تقل خطرًا عن الاقتحامات العسكرية.

الهيمنة من تحت الأرض.. لا فوقها فقط

يرى بركات أن الاحتلال بات يركز على التحكم الجوفي من خلال الحفريات أسفل المسجد، مما يهدد البنية التحتية ويزيد من احتمالية الانهيار الهيكلي. وأشار إلى أن أي تصدع قد يقع، سيُبرر لاحقًا بأنه "طبيعي"، بينما هو نتيجة مباشرة لتخطيط مسبق.

كما تحدث عن تغييرات ممنهجة في محيط الأقصى، تهدف إلى فصل المسجد عن عمقه السكاني العربي، من خلال مشاريع عمرانية تهويدية تفصل البلدة القديمة عن محيطها المقدسي.

"سلاح العمارة".. تغيير الواجهة لطمس الذاكرة

أكد بركات أن "العمارة سلاح"، وأن السيطرة المعمارية هي إحدى أدوات الاحتلال في إعادة تشكيل الفضاء العام لصالح الرواية الصهيونية. وهذا يشمل: إزالة أو تهميش المعالم الإسلامية، فرض تصاميم "محايدة" ظاهريًا لكنها تخدم الهيمنة، إضعاف العناصر الرمزية كالقبة والقباب الثانوية.

خطر فيزيائي.. وخطر رمزي

لفت بركات إلى أن الخطر لا يقتصر على البناء المادي، بل يمتد إلى المعنى الرمزي والسياسي للمسجد الأقصى، إذ تسعى إسرائيل لفرض رؤية ترى في المكان مجرد "موقع تراثي مشترك"، وليس رمزًا للعقيدة والسيادة العربية والإسلامية.

ودعا بركات إلى: توثيق علمي دقيق لكل تفصيل عمراني في الأقصى، وإشراك الخبراء المسلمين عالميًا في حماية الموقع، وتنشيط الوعي المعماري العام، لا سيما بين الشباب، لفهم ما يحدث خارج إطار الاشتباك الأمني أو السياسي.

من وساطة طالبان إلى القدس.. مقارنة مؤلمة

وفي ذات الحلقة، استعاد الدكتور بركات تجربته في الوساطة بين الولايات المتحدة وحركة طالبان، مشيرًا إلى نجاح مسار الدوحة بفضل وجود وساطة إقليمية موثوقة (قطر، إيران) واستعداد الأطراف للاستماع والتفاوض بجدية. وقد أسهم هذا المسار في تحقيق انسحاب أمريكي عبر تفاهم سياسي مباشر.

لكنه اعتبر أن الوضع الفلسطيني يفتقر لهذه المقومات بالكامل، إذ: لا توجد جهة إقليمية أو دولية تمتلك ثقة الأطراف كافة، وتغيب الخبرة التفاوضية التراكمية لدى الفصائل الفلسطينية مقارنة بطالبان، ولا توجد قنوات وساطة نشطة أو متماسكة تسهم في بناء مسار تفاوضي عادل.

وأوضح أن غياب هذا النوع من الوساطة المركبة، كما حدث في أفغانستان، يجعل الفلسطينيين عرضة لمزيد من التآكل الرمزي والمادي، كما يظهر في حال المسجد الأقصى.

يمكنك متابعة الحلقة كاملة على الرابط التالي:




مقالات مشابهة

  • وزير الدفاع الأمريكي: ضرباتنا التي استهدفت المواقع النووية بإيران كانت مثالية
  • عرض تمثال أثري يمني من القرن الأول قبل الميلاد للبيع في إسبانيا
  • أمــــل
  • الزعاق للطلاب: استمتعوا بالأشياء التي تمتلكونها ولو كانت بسيطة..فيديو
  • كيف يستخدم الاحتلال العمارة لإضعاف الأقصى وطمس هويته؟ الجواب في الرحلة
  • العرابي: إيران اكتسبت قوة ليست فى نفس الوضع التي كانت إسرائيل تستهين به من قبل العمليات العسكرية
  • حميدتي: سيطرة «الدعم السريع» على المثلث الحدودي تهدف لتأمين السودان ومحاربة التهريب
  • ‏الطائرات الإسرائيلية تقصف "ساعة فلسطين" التي كانت تؤشر إلى "العد العكسي لتدمير إسرائيل" عام 2040 وفقا للسلطات الإيرانية
  • وزير الداخلية يُقرر إبعاد سودانيين خارج البلاد لأسباب تتعلق بالصالح العام
  • قوات الجمارك مكافحة التهريب بكريمة تضبط كميات كبيرة من المخدرات