جثث سودانيين تملأ ممرات التهريب
تاريخ النشر: 11th, June 2024 GMT
في ممرات وعرة وصحارٍ شاسعة ممتدة، يسقط السودانيون صرعى لا يدري بهم أحد، في مشاهد مؤلمة لا تصورها عدسات الكاميرات، في واحدة من أكبر المآسي الإنسانية في المنطقة والعالم.
فمع موجة ارتفاع درجات الحرارة التي تعاني منها المنطقة، يواجه السودانيون الفارين من ويلات الحرب، المصير الأصعب في دروب صحراوية ساخنة وبشعة لا ترحم، فما بين الحافلة والأخرى، على طول طريق ممتد آلاف الكيلومترات، تعمل مجموعات من المهربين على بيع حلم التهريب إلى الأراضي المصرية، غير مبالين بمصائر الآلاف من السيدات والأطفال والشباب والمسنين، الذين يلقون حتفهم على طريق الموت.
“أغنياء الحرب”
وفي تصريحات خاصة للعربية.نت، يروي أحد السودانيين المعاصرين لإحدى رحلات الموت هذه، والذي طلب عدم ذكر اسمه، جشع المهربين شركائهم من “أغنياء الحرب” الذين يستغلون ظروف السودانيين لكسب المال، فيقول “تحركنا من عطبرة هربا من الحرب اللعينة التي أغلقت علينا كل سبل المعيشة على أمل أن نجد ملاذا آمنا”.
ويضيف” بدأت الرحلة مع جشع سماسرة البكاسي -(سيارات النقل)- يمتصون كل ما في جيبك بكل جشع، اتجهنا شمال عطبرة حتى وصلنا إلى قهوة الجيش في الطريق الرابط بين هيا وعطبرة، ومنها دخلنا إلى قلب الصحراء في تسارع جنوني وغبار الصحراء يعمي العيون”.
الماء كالذهب..جشع متواصل
ويضيف الشاهد السوداني” أتى علينا الصبح ووصلنا إلى مكان اسمه الرتج وهو مكان بشع يتحكم فيه أبناء قبيلة الرشايدة بنا، الماء كالذهب يبيعون شربة الماء التي لا تكفي رضيعا بمبلغ 200 جنيه”.
وأضاف الشاهد” كان مفترضا أن يقوم أهالي هذه القبيلة في المساعدة للوصول إلى أرض مصر، لكنهم بدأوا في مساومتنا، وطلب مبالغ مالية إضافية غير التي دفعناها في أول الرحلة المشؤومة، وطلبوا 1000 جنيه مصري أو ما يعادلها بالسوداني على كل شخص، وهنا كانت المأساة حيث لا يملك معظم الناس هذا المبلغ في هذه الظروف ونحن هاربين تاركين منازلنا وما لنا ولا نملك شيئا، كما لا توجد إشارة إنترنت أو اتصال للتواصل مع أحد”.
عربة تحمل جهاز “ستارلينك”
واستغلالا للموقف الذي يبدو معتادا على هؤلاء المهربين وشركائهم، من رجال بعض القبائل، حضرت عربة تحمل جهاز “ستارلينك” لتوفر الإنترنت للسودانيين للتواصل مع ذويهم لإرسال الأموال المطلوبة منهم لاستكمال الرحلة بحسب شهادة من عايشها.
أعداد كبيرة تحملهم هذه الرحلات غير الشرعية للمهربين، فبحسب رواية الشاهد، كان على هذه الرحلة 240 شخصا على متن 16 عربة نصف نقل.
ويستكمل الشاهد شهادته فيقول “أخرج الرشايدة سلاحهم يلوحون به في وجوهنا تعبيرا عن السيادة، ولإرشادنا إلى العربات التي تقلنا في المرحلة الجديدة من الرحلة، وعندما أشرقت الشمس كانت درجات الحرارة مرتفعة للغاية وكأنها 70 درجة، ونكاد نموت من العطش، وبعد استنجادنا وطلبنا للماء أعطونا شربة صغيرة لا تسد الرمق”.
أول الضحايا طفلة عمرها عامان
ويضيف الشاهد” انفجرت إحدى عجلات العربة، فتوقفنا لإصلاحها مدة ساعتين تحت هذه الشمس والحرارة البشعة بدون ماء أو ظل، وهنا سقطت أولى الضحايا من الحرارة المرتفعة والعطش، طفلة عمرها سنتان، كانت ظهرت عليها آثار الجفاف والتعب واستجديناهم زجاجة مياه لها لكنهم رفضوا، حتى فاضت روحها إلى بارئها أمام أعيننا وأمها دخلت في غيبوبة من الصدمة ثم لحقت بطفلتها بعد مدة قصيرة”.
واستنجد مسن بسائق العربة أن يعطي له شربة ماء، حيث قال له إنه يعاني من مرض السكري وعبر عن غضبه، يقول الشاهد “أحد الرشايدة ضرب المسن بسلاحه بلا رحمة، ووصف المسن بـ”العبد”.
“أصبحنا عبيدا على أرضنا”
ويضيف “أصبحنا عبيدا في أرضنا، سكتنا خوفا من الضرب أو الموت، وتوفي هذا المسن بعد وقت قصير متأثرا بالضرب والعطش وشدة الحرارة التي كانت لا تطاق، لا يحتملها بشر”.
وفي مشهد أصعب من مشاهد الأفلام الدرامية، يقول الشاهد: “أصر سائق العربة على إلقاء جثة المسن في الصحراء، ونحن نستعطفه أن يبقيها لنهاية الطريق، وصرنا على هذه الحال يتساقط الناس موتى من شدة الحرارة والعطش، في مشاهد مؤلمة لا تنسى”.
فقد زوجته وأطفاله
ويروي الشاهد أحد المشاهد لوفاة أسرة كاملة فيقول “ما أدمى قلبي حقا أسرة صغيرة مكونة من شاب وزوجته وابنته 7 سنوات وابنه 5 سنوات، كانت جرعة ماء كفيلة بإنقاذ حياتهم، لكن سلم الطفل روحه ولحقت به أخته والأم وسط ذهول الأب، احتضنته على أمل أن يبكي ويرتاح ولكن من الصدمة الشاب ما نطق ولا بكى”.
رفض مفارقة جثمان أمه وأخيه حتى لحق بهم
وتوالت المآسي وحالات الوفاة، حيث صرخت إحدى النساء التي سقطت والدتها المسنة كما سقط الآخرون، وسألتها معاك رجل قالت لي معها إخوتها الاثنان ووالدها جاين في بوكس تاني لسه ما وصل، وحين وصل البوكس الذي يحمل أخويها الاثنين وأبوها أنزلوا لها أحد إخوتها جثة هامدة مات عطشا ووضعوا الجثمان بالقرب من أمه ورفض الأخ الآخر أن يفارق جثمان أمه وأخيه فحين جاءنا الإنقاذ ذهبنا إليه وجدناه قد لحق بهما وتوفي بذات الطريقة لنجد أنفسنا محاطين بالجثث من كل جانب”.
وهن وضعف
يكمل الشاهد” نزلونا في الصحراء، وقررت إن كان هذا آخر يوم في عمري فلأموت وأنا أحاول النجاة، وحملت أغراضي بصعوبة ووهن، وضربت الصحراء بغير هدى، حتى عثر علي شابان من قبيلة العبيدية، الذين أكرمونا أنا ومن تبقى منا وأحضروا لنا الماء، وجهزوا لنا عربات تنقلنا إلى أسوان المصرية، وهناك أحضروا لنا الأطباء والإسعاف وجهزوا وجبات ومحاليل حيث كانت حالاتنا غاية في الصعوبة”.
العربية نت
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
محاكمة "إسكوبار الصحراء": الناصري واليزيدي والموثقة في مواجهة مثيرة حول بيع شقق
في جلسة محكمة الاستئناف المنعقدة اليوم الجمعة في الدار البيضاء، واصلت المحكمة مواجهة سعيد الناصري، القيادي السابق في حزب الأصالة والمعاصرة، وفؤاد اليزيدي والموثقة سليمة، على خلفية ملف « إسكوبار الصحراء »
وخلال الجلسة، أدلى كل من سعيد الناصري واليزيدي وسليمة بتصريحات متضاربة حول تفاصيل شراء شقتين والأموال المتعلقة بهما.
فقد ذكر سعيد أنه التقى باليزيدي لأول مرة في 21 يوليوز 2014، وهو تاريخ إبرام 4 عقود لشقتين، اثنتان منهما في ملكية إسكوبار واثنتان في ملكية سعيد الناصري.
ومن جهته، نفى اليزيدي هذه الرواية، مؤكدًا أنه تعرف على سعيد الناصري في أواخر سنة 2013 عن طريق عبد النبي بعيوي في أحد مطاعم الدار البيضاء.
وأضاف اليزيدي أنه تلقى اتصالًا من سعيد الناصري يطلب منه التوسط لبيع شقتين في ملكيته. وبناءً على هذه المكالمة، أوضح فؤاد أنه توصل بشيك من أحد الزبائن الراغبين في اقتناء الشقتين، ثم سلمه لكاتبة الموثقة. واستفسره القاضي عما إذا كان الزبونان حاضرين لدى الموثقة، فأجابه بأنه لا يعلم، بل كان عند كاتبة الموثقة وليس الموثقة نفسها.
وبدوره، قال سعيد الناصري إن اليزيدي « لخص كل شيء »، وإن المعطيات التي أدلت بها سليمة تشير إلى إبرام أربعة عقود في 21 يوليوز 2014، اثنان منها لفائد إسكوبار واثنان آخران لفائدته. وادعى الناصري أنه لم يتوصل بكامل مبالغ إحدى الشقق موضوع القضية.
وأضاف الناصري أن اليزيدي باع الشقتين بتعليمات منه، وأنه وعد إسكوبار بمبلغ 20 مليون سنتيم سلمها له اليزيدي، وأنه أرسل له مبلغ 10 ملايين سنتيم أخرى في شتنبر 2014.
وفي سياق متصل، أشار الناصري إلى شهادة شخص آخر يدعى عاشوري وهو زبون الذي اقتنى إحدى الشقتين، الأخير، بحسب الناصري أكد أن اليزيدي هو من باع الشقتين وتسلم شيكًا بذلك، إلا أن عقد البيع لم يتم إبرامه إلا في شتنبر 2015، على الرغم من أن البيع تم في عام 2014، معتبرًا ذلك تفسيرًا لمبلغ 65 مليون سنتيم.
وفيما يتعلق بشقة أخرى، ذكر الناصري أنه لم يتوصل إلا بجزء من المبلغ، وقال (يقصد اليزيدي) إنه فاعل خير، لكنني لم أتوصل إلا بجزء من المبلغ، « فين مشات الفلوس »، وفقا لتعبير سعيد الناصري.
أما المتهمة سليمة بنهاشمي، وهي موثقة، فقد أكدت أمام المحكمة أن كل الأطراف المعنية حضرت لمكتبها يوم 21 يوليوز، بمن فيهم العاشوري والعاتيقي، خلافاً لما يدعيه المتهم فؤاد.
وأوضحت، أن الشيك كان موجها لتغطية رسوم التسجيل والتحفيظ، مضيفة أن صرف تلك الرسوم تم لاحقًا، حوالي يوم 29 من الشهر نفسه.
استفسرها القاضي بشأن كيفية معرفتها بهوية المشتريَين رغم نفيهما الحضور بدعوى ان احدهما كان بمكناس والاخر كان يتواجد خارج ارض الوطن انذاك، مؤكدة على أنهما قدما إلى مكتبها شخصيًا وأدليا بوثائقهما.
وأشارت سليمة إلى أن الناصري كان هو من تكفّل بأداء المصاريف، في حين لم يتمكن العاشوري والعتيقي من دفع نصيبهما بسبب صعوبات مالية، ليتم الاتفاق على تسوية لاحقة مع الحاج بنبراهيم هي لاتعرف تفاصيلها.
كلمات دلالية إسكوبار الصحراء التزوير الدار البيضاء محكمة الاستئناف