شبكة انباء العراق:
2025-05-09@11:20:53 GMT

فلسفة الضحك

تاريخ النشر: 11th, June 2024 GMT

بقلم : حسين عصام ..

كان الفيلسوف اليوناني ” ديمقريطس ” دائم الضحك والسخرية من كل شيء ، لدرجة أنه عُرف باسم الفيلسوف الضاحك وتقول للأسطورة أنه كان يضحك باستمرار لدرجة أن الناس ظنّوا به جنوناً ، فأخذوه إلى أبي الطب “أبقراط” لعلاجه جلس “أبقراط” مع ” ديمقريطس” ليفحصه ويتحدث معه وبعد فترة طويلة خرج للناس بالتشخيص الطبي لحالته قال إنه ليس مجنوناً على الإطلاق ، بل إن ضحكه هذا دليل على أنه أكثر الناس حكمةو جدية ، وفهماً لمفارقات هذه الحياة وتناقضاتها

كان العنف سلوكاً طبيعياً في العصور القديمة الطبيعة قاسية لا يمكن التحكم فيها الموارد قليلة والقبائل يغير بعضها على بعض للاستئثار بالمواد الشحيحة في هذه العصور كان الغضب والعنف والقوة مميزات تحافظ على البقاء وكانت الشراسة في الفتك بالأعداء أمراً يمكن التباهي به في هذه الأجواء يمكننا تخيل رجل الكهف الجائع وهو يضحك سعيداً لأنه وجد طعامه بينما فريسته تتلوى ألماً من الرمح المغروس في جسدها

ياترى هل ولد الضحك في لحظة دموية كهذه؟
یری فرويد أن السخرية ولدت من رحم القسوة وأنها تعبير عن الوحشية والعنف فنحن نضحك ، على مآسي الآخرين وعثراتهم لنشعر أننا على مايرام نضحك على من ينزلق بقشرة موز لأنه ليس نحن ونضحك على بطل الموقف المحرج الذي يتعرض له بطل الفيلم الساذج لأننا لسنا مكانه هذا النوع من الضحك يداعب جزءاً بدائياً من عقولنا حين كان الضحك تعبيراً عن العدوانية و القسوة و التعالي

لكن حس الدعابة تطور مع تطور الإنسان الحضاري و النفسي ففي المجتمعات المتحضرة لم يعد من اللائق أن نضحك على شخص يعاني ويتعذب لكننا قد نفعل هذا برات تامة لو كان هذا الشخص خيالياً كبطل حكاية أو نكتة أو ممثل في فيلم كوميدي ، الخ ، لأنه ليس حقيقياً اليوم لم نعد ننظر للسخرية كما كان ينظر لها الأقدمون
السخرية تعين الإنسان على تحمل الألم ، تؤدي إلى التفاؤل ، والتفاؤل يؤدي إلى تحسين المناعة وقوة التحمل.

إننا حين نسخر من مشكلة فإنها لا تعود شيئاً مخيفاً مرعباً ، فيسهل علينا مواجهتها والتعامل معها بأقل ضرر عاطفي ممكن. السخرية ليست هروباً. الهروب هو تجنب التفكير في الموضوع أصلاً . بينما تحتاج السخرية إدراكاً للمشكلة ، والنظر إليها بطريقة تخفف من وطأتها ، ليستطيع الإنسان مواجهتها بعد ذلك.

حسين عصام

المصدر: شبكة انباء العراق

كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات

إقرأ أيضاً:

أزمة منتصف العمر

في منتصف العمر بين الشباب والشيخوخة، أي بين الأربعين أو الخمسين، وحينما تتباطأ خطى الأيام، يجد الإنسان نفسه في مواجهة هادئة مع حياته، ذلك عندما تداهمه فجأة “أزمة منتصف العمر”، وهو مصطلح يقصد به في علم النفس مرحلة يمر بها بعض الأشخاص عادة بين سن الأربعين والخمسين، ويشعرون خلالها بمراجعة حياتهم وإنجازاتهم وأحلامهم الماضية، ويرافقها أيضًا شعورهم بمواجهة بعض مشاعر القلق، أو الندم، أو الخوف من التقدم في العمر، أو قد ترافقها رغبة في تغيير نمط الحياة، أو تحقيق أحلام مؤجلة، كتعدد الزواج مثلا، أو البحث عن وظيفة أفضل، أو غيرها.
“أزمة منتصف العمر”، ليست مرضًا نفسيًا، لكنها فترة طبيعية من التأمل وإعادة التقييم، ولا تأتي دائمًا في شكل صاخب أو مأساوي، بل قد تبدأ بهمسة عابرة أثناء صباحٍ عادي، أو نظرة طويلة في مرآة مزدحمة بالذكريات، وفي هذه اللحظة، يطرح الأنسان على نفسه سؤالًا يبدو بسيطًا في ظاهره، لكنه يحمل وزن العمر بأكمله: ماذا حققت؟ وأين ذهبت أحلامي القديمة؟
إنّ “أزمة منتصف العمر” لا تعني بالضرورة أزمة وجودية حادة كما تصفها الروايات أو الأفلام، بل هي في أحيان كثيرة عملية صامتة لإعادة تقييم المسار، وأبرز ما يمّيزها محاولة الإنسان التكيّف مع الأماني غير المحققة، كعدم الحصول على الوظيفة المناسبة، أو فتاة أو فارس الأحلام. وهنا يبدأ الإنسان في إعادة قراءة فصول حياته، ويستعرض محطات عبرها دون أن يتوقف طويلًا، وأحلامًا حملها يومًا ثم تركها تسقط، ربما بفعل الزمن، أو تغير ترتيب الأولويات، ثم يكتشف في لحظة مكاشفة صادقة، أن بعض الأحلام لم تُنجز، وأن سنوات العمر التي كان يراها سابقًا بلا نهاية، أصبحت معدودة ومحسوبة، ويرى نفسه بين طموحات شابة ما زالت تسكن داخله، وواقع عملي وأسري رسم معالمه بطريقة مختلفة تمامًا عمّا تخيله في بداية المشوار. وفي هذه المرحلة يشعر الإنسان أنه فجأة، تغيرت نظرته إلى حياته، فالوظيفة التي كانت يومًا مصدرا للفخر، باتت روتينية تستهلكه دون أن تمنحه شعور الرضا، والشغف القديم بمواهب مثل الكتابة أو الفن أو السفر صار هامشيًا، مؤجلًا دومًا لمستقبل قد لا يأتي، والأحلام الكبرى التي طالما خطط لها، أصبحت أحاديث مؤجلة مع النفس، بلا يقين بتحقيقها.
ومع هذا الشعور، تظهر الحاجة إلى التكيُّف مع واقع جديد، فكيف يمكن للإنسان أن يتعامل مع الأماني غير المحققة، دون أن يقع في فخ الإحباط أو جلد الذات؟ فمنهم، وهو الصنف الأول الذي يعترف دون قسوة أن بعض الأحلام كانت جزءًا من مرحلة عمرية معينة، وما كان يناسب طموحات الشاب المليء بالحماس، قد لا يناسب الشخص الناضج الذي تغيرت أولوياته، وأن الاعتراف بعدم تحقيق كل شيء، لا يعني الفشل، بل يعكس مسارًا طبيعيًا لتطور الإنسان وتجدد اهتماماته عبر السنين.
أما الصنف الثاني فهو الذي يحتفي بما تحقق بالفعل، كتكوين علاقات صادقة، أو خوض تجارب ناجحة في الحياة، أو تكوين أسرة مستقرة، أو حتى لحظات صبر وشجاعة، على اعتبار أنها إنجازات تستحق أن يحتفي بها الإنسان، بدلًا من أن يحتقرها مقارنة بأحلام مثالية رسمها في وقتٍ سابق.
أما الصنف الثالث، فيبدأ بإعادة صياغة أحلامه، على اعتبار أن الأحلام لا تموت، لكنها تتغير أحيانًا، فلربما لم يتحقق حلم السفر حول العالم، لكن أثري عالمه الداخلي بقراءة عن ثقافات جديدة، أو تعلم لغة أجنبية طالما كان يحبها، على اعتبار أن الأحلام ليست نصوصًا جامدة، بل يمكن تشكيلها لتناسب مراحل الحياة المختلفة، دون التخلي عن جوهر الشغف.
أما الصنف الرابع والأخير، فيفضل الرضا بالواقع دون الاستسلام، على اعتبار أن الرضا الحقيقي لا يعني أن يتخلى الإنسان عن الطموح، بل أن يتوقف عن معاقبة نفسه على كل فرصة ضاعت، والفرق بين الرضا والاستسلام هنا: أن الأول ينبع من قبول واعٍ للذات وما مرت به، والثاني يولد من اليأس، وبين الاثنين، تبنى حياة متزنة أكثر واقعية وإنسانية.
والحديث حول هذا الموضوع، أعتقده مهمًا لكل منهم يعيشون هذه المرحلة، أو من يتعامل مع أفراد يعيشون هذه المرحلة، لكن المساحة المتاحة هنا قد لا تسمح بالتوسع أكثر ممّا تم عرضه وتدوينه، ولكن خلاصة الأمر: أن أزمة منتصف العمر ليست نهاية الطريق، بل فرصة ثمينة لإعادة ترتيب الأولويات وتصحيح المسار، وهي دعوة للتصالح مع الذات، ولرؤية الماضي والحاضر بعين ناضجة لا ترهقها المثالية، ولا تجلدها الأخطاء، على اعتبارها لحظة يجب أن يعترف فيها الإنسان بأنه، رغم كل ما لم يتحقق، لا يزال قادرًا على أن يحيا بسعادة، ويتنفس بشغف، ويواصل رحلته وهو أكثر حكمة وواقعية، حتى لو لم يصعد  كل القمم التي حلم بها صغيرًا، لكنه بالتأكيد قطع مسافات لم يكن يظن أنه سيقطعها، وهذا وحده، في ميزان الحياة، كافٍ ليُقال له: “لقد عشت حياتك”.

al_mosaily@

مقالات مشابهة

  • فوائده خارقة ولم تخطر على بالك- 10 أسباب تدفعك لشرب ماء الكمون بعد العشاء
  • فوائد مرق عظام الدجاج
  • سوريا.. أحمد الشرع يشعل تفاعلا برد على عدم الثقة به لأنه قائد سابق لجماعة متطرفة خلال مؤتمر مع ماكرون بفرنسا
  • خالد بيبو يكشف عن اللاعبين الذين ظلمهم كولر في الأهلي
  • شاهد بالفيديو.. بعد السخرية منها بارتداء الذهب “الفالصو”.. الفنانة مروة الدولة ترد على المعلقين أثناء تقديمها وصلة غنائية في حفل حاشد: (الفالصو مهما لمع حديد)
  • الحسن الداكي: العقوبات البديلة تحول جوهري في فلسفة العقاب والنيابة العامة مستعدة لتنزيلها
  • السخرية تطال مجلس محافظة البصرة بسبب خطأ مطبعي
  • أزمة منتصف العمر
  • الإعدام للمتهم بقتل صغير بعد استدراجه بسبب مبلغ مالى في الخصوص
  • عبد اللطيف: نؤمن بأن العمل التطوعي يمثل فلسفة متكاملة في بناء حياة الإنسان