ونحن على أعتاب تشكيل حكومة جديدة والتى تأتى وسط أزمات حقيقة يعيش فيها وبها المواطن حياته اليومية على مختلف مستوياتها، ودون الخوض فى مجرياتها لابد أن نعلم ما هو دور الأنظمة السياسية فى خلق بيئة متسقة مع أسلوب حياة يليق بمجتمع له تاريخ عظيم وحضارة أعظم، ففى المجتمعات المتقدمة تنطلق العقول إلى البراح الفكرى الفسيح الذى لا حدود له من الرشد العقلى والنفسى.
والرشد هو الوصول إلى الحقيقة والسير فى الاتجاه الصحيح للوصول إلى الأهداف المخطط لها والتى تؤكد وتتسق مع واقعية تلك الأهداف التى من شأنها رفاهية المجتمع، والرشد غاية مثلى فى أى مجتمع متحضر يخطط لمستقبل مشرق لأجيال قادمة مع الحفاظ على رفاهية حاضره.
الحكومات الرشيدة هى التى تهدف إلى تأصيل مبدأ الإدارة العادلة الفعالة والتى تتناول موارد الدولة لتحقيق التنمية المستدامة والتى ترمى إلى توفير الرفاهية المنطقية للمواطن فى مجتمع يعلى قيم الإنسانية وتعتمد فى تسيير أعمالها على عدة مبادئ أساسية والتى تساهم فى إرساء مبادئ الشفافية وإعلاء قيم سيادة القانون والحرية السياسية والمشاركة.
الحكومات الرشيدة تضع مبدأ الشفافية على رأس أوليات أهدافها والتى تساهم حتما فى بناء جسراً عظيماً من الثقة بينها وبين المواطن.
ولن تبلغ أى حكومة منزلة الرشد إلا بتوافر شرط المسألة فيجب على الحكومة أن تكون مسئولة أمام مواطنيها عن القرارات والخطط التى تضعها لتوفير حياة كريمة للمواطنين.
ومن أهم أدوار الحكومات الرشيدة إرساء مبدأ المشاركة، فصنع القرار دون مشاركة هو الخذلان الأكبر ومشاركة دون إعلام حر وصحافة مستقلة سراب لا صدى له، فالمشاركة مبدأ أقره الأديان والعقل، فالمشاركة ما هى إلا تلبية لاحتياجات المواطنين نفسياً وعقلياً فى تطوير وتحسين نوعية الحياة التى يتمناه المواطن فى أى مجتمع متحضر.
وإلى أن نلتقى لنستكمل محددات الحكومات الرشيدة.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الحكومة الرشيدة ١ رادار
إقرأ أيضاً:
"حيرة".. مابعد النتيجة
توتر وقلق وترقب، هكذا كان حال أولياء أمور طلاب الثانوية العامة مساء الثلاثاء الماضي انتظارا لاعتماد وزير التربية والتعليم لنتائج امتحانات شهادة الثانوية العامة، هذه اللحظات الصعبة لايدركها الا من عايشها، وبالتأكيد مرت غالبية الأسر المصرية بهذا الموقف العصيب على مدى تاريخ هذه الشهادة المصيرية والفارقة فى مستقبل الأبناء، وفى جنى الآباء لثمار جهودهم المادية والمعنوية فى دعم وتحفيز أبنائهم الطلاب، نتعشم أن يقضي نظام التعليم الجديد، الذى استحدث شهادة البكالوريا التى تتيح خيارات وفرصا متعددة لتحسين المجموع، جنبا إلى جنب مع نظام الثانوية العامة القديم، على هذه الظاهرة التى باتت معها الثانوية العامة "بعبع" يرهب أولياء الأمور والطلاب معا.
فور إعلان النتائج والتى أصيب فيها الناجحون وليس الراسبون أو طلاب الدور الثاني، بخيبة أمل خاصة طلاب القسم العلمي من تدني نسب المجاميع التى كانت محبطة للكثيرين، بدأ التفكير فى مكان لاستكمال الدراسة الجامعية، وسارع كثير من أولياء الأمور الى البحث عن مكان فى جامعة خاصة أو أهلية، وحتى لايضيع جهد من اجتهد ولم يوفق فى الالتحاق بكلية من كليات القمة، وحتى يعزز موقف من لم يحصل على مجموع يؤهله للالتحاق بإحداها، الحكايات التى يمكن ان تروي فى هذا الموضوع كثيرة وغريبة ويتم ابتكار المزيد منها عاما بعد عام.
واذا بدأنا بالتسجيل بالجامعات الخاصة، الذى كان يتم فيما سبق فور اعلان نتائج الثانوية العامة، يتم الآن والطالب ما زال فى الثانوية العامة ولم ينته من الامتحانات، ومن دون ان يعرف حتى المجموع الذى يحصل عليه، ناهيك عن المبالغ التى تدفع مقابل هذا التسجيل، وبالتالي فإن الطالب الذى قام بالتسجيل فى كلية ولم يحصل على الحد الأدني للقبول فيها، يرفض طلبه ناهيك عن ضياع المبلغ الذى تم دفعه..
هناك أعداد غفيرة تلتحق سنويا بالجامعات الخاصة، وهذه الأعداد تقوم بالتسجيل فى الكليات المتاحة أمامهم وفقا للمجموع، عن طريق ملء استمارة معدة لذلك نظير رسوم قد تصل الى خمسة آلاف جنيه، ولنا أن نتخيل إجمالي دخل هذه الجامعات من هذا البند فقط، واذا افترضنا ان بعض الطلاب غيروا رغباتهم أو قبلوا فى كليات حكومية، فإن هذه المبالغ لاترد بالتأكيد، كما أن المصروفات التى يتم دفعها قبل بدء الدراسة بفترة، لا يتم استردادها باي حال الا بعد خصم جزء كبير منها.
يكابد أولياء الأمور من متوسطي الدخل المعاناة فى رحلة البحث عن كلية، وكأنه لا يكفي ماعانوه طوال السنة الدراسية بالثانوية، وما أنفقوه على الدروس الخصوصية، لتستمر رحلة المعاناة بحثا عن ضمان تخصص يؤهل أبناءهم لسوق العمل.
واذا ألقينا نظرة على مصروفات الجامعات الخاصة والأهلية لوجدنا أرقاما تعتبر فلكية لغالبية الشعب المصري، فقائمة المصروفات الدراسية لبعض الجامعات الخاصة والاهلية والتى نشرها موقع صحيفة يومية، وصلت فيها مصروفات كليات الطب البشري على سبيل المثال الى 230ألف جنيه سنويا فى الجامعات الخاصة، بينما وصلت فى بعض الجامعات الاهلية إلى ما يتراوح ما بين 150و120ألف جنيه سنويا، فى حين بلغت مصروفات كلية طب الأسنان الى 274 ألف جنيه، والهندسة 226 ألف جنيه فى إحدى الجامعات الاجنبية.
بعد انخفاض الحد الادني للقبول بكليات المجموعة الطبية وكذلك كليات الهندسة، أصبح أولياء الامور يلثهون خلف منح ابنهم لقب طبيب أو مهندس، وهم بالطبع معذورون فى ذلك، فهذه التخصصات وحدها تمنح فرصا متميزة فى العمل، وتضطر الاسر لضغط إمكاناتها المادية، بل وبيع بعض الممتلكات فى سبيل توفير النفقات التعليمية، وهكذا تستمر الدوامة التى لا يبدو أنها ستنتهي.