حماية الوطن والانحياز لمطالب ملايين المصريين كانت المهمة الأولى للقوات المسلحة المصرية عندما قرر الشعب المصرى طرد جماعة الإخوان الإرهابية من السلطة، بعد أن أساءت لمصر ودورها وتاريخها خلال عام واحد قضوه فى الحكم.
فى مثل هذه الأيام منذ 11 عامًا أو فى الأسبوع الأخير من يونيو كان المصريون قد حددوا هدفهم يوم 30 يونيو الذى وافق يوم الجمعة عام 2013 فى انقاذ مصر من خطة الإخوان التى كانت تهدف إلى طمس هويتها وأخونتها، وبناء تحالفات إرهابية مضرة بمصلحة الوطن، والدخول به فى مسار أسود لكى يتحول وفق ما كان مخططًا له لمأوى الإرهاب، فأعاد المصريون مصر المسروقة من جديد، وحفظوا الوطن من الفرقة والفوضى التى كان يخطط لها الإخوان بعدما فشلوا فى السيطرة على البلاد وفرض مشروعهم الفاشل على الشعب.
خروج ملايين المصريين إلى الشوارع كان كلمة السر فى استعادة الدولة المصرية، وكشف إرهاب الجماعة أمام العالم لتبدأ دول كثيرة حول العالم فى اتخاذ إجراءات ضد التنظيم الإرهابى خاصة فى أوروبا، بعدما انكشف مخطط هذا التنظيم وعلاقته بكل الجماعات الإرهابية التى تنتشر حول العالم.
لم يكن الطريق إلى الاستقرار بعد 30 يونيو مفروشًا بالحرير والورود، فقد واجهت مصر العديد من التحديات لكنها لم تخضع لمحاولات كسر إرادتها، حيث انطلقت مسيرتا البناء والتنمية بالتزامن مع مكافحة الإرهاب، وجاء بناء الإنسان المصرى من خلال محاور رئيسية أبرزها الصحة والتعليم والثقافة وتجديد البنية التحتية وتنفيذ المشروعات القومية الكبرى، والتوسع فى اطلاق برامج الحماية الاجتماعية، ونالت العدالة الاجتماعية اهتمام القيادة السياسية بداية من تطوير العشوائيات، التى حظيت بقدر كبير من جانب القيادة السياسية، وشهدت البلاد العديد من المشروعات العملاقة التى كان لها واقع إيجابى على مستوى معيشة المواطن المصرى، وعلى رأسها إطلاق برامج حياة كريمة لتوفير حياة أفضل للفئات الأكثر احتياجًا فى المجتمع واطلاق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الانسان.
ستظل ثورة 30 يونيو محطة فارقة فى تاريخ مصر وآثارها الإيجابية تمتد لعشرات السنين القادمة بعد أن قضت على الإرهاب ورسخت الأمن والاستقرار وقضت على الفساد وانطلقت بالبلاد نحو الجمهورية الجديدة، وحافظت على وحدة مصر، وأرست الثقة فى قدرة مصر بفضل قيادتها الحكيمة ومؤسساتها الوطنية وتماسك شعبها على تخطى الصعاب التى تواجه البلاد وفى مقدمتها التداعيات السلبية الناجمة عن الأزمة المالية العالمية.
سيظل الصمود الذى أظهره المصريون خلال السنوات الماضية منذ ثورة 30 يونيو محلاً لدراسة المفكرين والباحثين، للإجابة عن التساؤلات التى اثيرت بعد ثورة الشعب عن سر العلاقة الخاصة بين الشعب المصرى ومؤسسات دولته الوطنية، وبين الشعب وقواته المسلحة، هذه التساؤلات ما زالت تحير الكثيرين لمعرفة منبع هذه الإرادة الصلبة والعزيمة التى لا تلين التى نقلت مصر خلال أعوام قليلة من دولة تواجه الانقسام الخطير، وشبح الاقتتال الأهلى إلى دولة متماسكة ينعم شعبها بالأمن والاستقرار.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: محمود غلاب فى مثل هذا اليوم حكاية وطن حماية الوطن والانحياز الشعب المصرى جماعة الإخوان الإرهابية السلطة المصريون
إقرأ أيضاً:
«الذهب األبيض» يصمد أمام التحديات بالشرقية
يظل القطن المصرى، أو ما يُعرف بـ«الذهب الأبيض»، أيقونة اقتصادية واجتماعية منذ أن أدخله محمد على باشا إلى منظومة الزراعة المنظمة عام 1818، ليصبح على مدى أكثر من قرنين أحد الأعمدة الرئيسية للاقتصاد القومى، ومصدر فخر للزراعة المصرية فى الداخل والخارج.
المهندس سمير راشد، مدير إدارة المتابعة بمديرية الزراعة بمحافظة الشرقية، يقول إن القطن المصرى حظى منذ نشأته باهتمام خاص من الدولة فى مختلف مراحل إنتاجه وتسويقه وتصنيعه، نظرًا لجودته الفائقة التى جعلته فى صدارة المنسوجات عالميًا.
وأضاف أن تميز القطن المصرى لا يقتصر على حجم الإنتاج، بل يرتبط بنوعيته الفريدة، التى تُرجع إلى خصوبة التربة المصرية، واعتدال المناخ، وخبرة الفلاح المصرى الذى تعامل مع هذا المحصول الاستراتيجى بمهارة عالية، ما ساعده على الحفاظ على مكانته رغم فترات التراجع والتذبذب، مشيرًا إلى أن المساحات المزروعة بالقطن شهدت تغيرات بارزة عبر العقود؛ ففى سبعينيات القرن الماضى بلغت نحو 700 ألف فدان، وقفزت فى الثمانينيات إلى مليون و250 ألف فدان، بينما استقرت فى التسعينيات عند أكثر من 900 ألف فدان، لتتراجع حاليًا إلى ما بين 250 و300 ألف فدان فقط، ومع ذلك، فإن إنتاجية الفدان شهدت طفرة كبيرة؛ إذ ارتفع المتوسط من 4 قناطير فى السبعينيات إلى 6 قناطير فى الثمانينيات، ليصل اليوم إلى ما بين 10 و12 قنطارًا بفضل الأصناف المحسنة مثل «جيزة 94».
ومع بداية موسم الحصاد هذا العام، تزينت حقول محافظة الشرقية بالذهب الأبيض فى مشهد مبهج يعكس فرحة المزارعين بثمار جهدهم، وأكد الفلاحون أن الموسم يبشر بإنتاج وفير وجودة عالية، وهو ما يعزز مكانة القطن المصرى فى دعم الصناعة الوطنية وتوفير فرص عمل موسمية لشباب القرى.
وفى هذا السياق، أوضح محمد إبراهيم مزارع من كفر صقر أحد مراكز شمال المحافظة، أن مراكز قطاع شمال الشرقية تتصدر المساحات المزروعة بالقطن، خصوصًا فى المناطق القريبة من نهايات الترع، حيث يتوارثون خبرات طويلة فى زراعة هذا المحصول، بينما تبقى المساحات فى قطاع الجنوب محدودة نسبيًا، مشيرا إلى أن الأصناف الحالية، وعلى رأسها «جيزة 94»، أثبتت كفاءة كبيرة بفضل مقاومتها للأمراض ونضجها المبكر مقارنة بالأصناف الأخرى، هذا العام.
ونوه عبدالمولى سعفان، مزارع من أولاد صقر، إلى إن موسم القطن الحالى يُعد من أفضل المواسم من حيث جودة المحصول وزيادة الإنتاجية، موضحًا أن صنف جيزة 94 أثبت كفاءة عالية فى مقاومة الأمراض وتحمل الظروف المناخية، فيما أكد جمال إبراهيم زيدان، مزارع من صان الحجر، أن القطن ما زال يمثل مصدر فخر للفلاح المصرى رغم تراجع المساحات المزروعة به خلال السنوات الأخيرة.
وأشار يسرى تمراز إلى أنهم يواجهون تحديات كبيرة بسبب ارتفاع أسعار الأسمدة والمبيدات وعدم وجود تسعيرة موحدة لمستلزمات الإنتاج، داعيًا الحكومة إلى دعم المزارعين وتوفير مستلزمات الزراعة بأسعار مناسبة لضمان استمرار زراعة «الذهب الأبيض» والحفاظ على مكانته التاريخية.
ووفقًا لبيانات رسمية فإن المساحة المزروعة هذا العام فى الشرقية بلغت نحو 36 ألفًا و863 فدانًا، وهو رقم كان فى الماضى يُزرع فى مركز واحد فقط من مراكز المحافظة، وعلى مستوى الجمهورية وصلت المساحات إلى 205 آلاف فدان، مقارنة بـ311 ألف فدان العام الماضى، بينما يُتوقع أن يصل إجمالى الإنتاج إلى نحو 1.5 مليون قنطار زهر.
وأشاد مدير إدارة المتابعة بالدور الكبير لمعهد بحوث القطن فى استنباط أصناف جديدة قادرة على مواجهة التغيرات المناخية وزيادة الإنتاجية، مؤكدًا أن الدولة تمضى فى تبنى سياسة تنافسية تستهدف استمرار زراعة القطن وتعزيز قدرته التصديرية، بما يحافظ على هذا الإرث الزراعى التاريخى الذى ارتبط باسم مصر عبر العصور.
وذكر راشد أن الحفاظ على القطن المصرى ليس مجرد قضية زراعية، بل قضية وطنية تمس الاقتصاد القومى والهوية المصرية معًا، مشددًا على ضرورة تكاتف الجهود لضمان استعادة مكانته العالمية ودعم الفلاح المصرى.
من جانبه، أكد إبراهيم إسماعيل، نقيب فلاحين الشرقية، أن الفلاحين يعانون هذا العام من تدنى أسعار معظم المنتجات الزراعية، الأمر الذى أدى إلى تراجع العائد الاقتصادى وتزايد حجم الديون على المزارعين، خاصة المستأجرين الذين يتحملون أعباء مالية كبيرة تصل فى بعض الحالات إلى نحو 50 ألف جنيه إيجارًا للأرض.
وطالب نقيب فلاحين الشرقية بسرعة صرف مستحقات المزارعين عقب مزادات القطن، حتى يتمكنوا من سداد جزء من مديونياتهم والاستعداد للموسم الزراعى الجديد، مشددًا على أهمية وقوف الحكومة بجانب الفلاح فى هذه المرحلة الحرجة، دعمًا لدوره الحيوى فى الحفاظ على الأمن الغذائى باعتبار الزراعة ركيزة أساسية للاقتصاد المصري.