بوابة الوفد:
2025-12-14@11:36:33 GMT

عمرو دوارة .. ذاكرة المسرح المصرى

تاريخ النشر: 10th, October 2025 GMT

خسر المسرح المصرى والعربى شاهداً نادراً على تاريخه، ومؤرخاً جمع بحب وإخلاص ملامح قرن ونصف من الإبداع المسرحى، حيث ودعت الساحة الثقافية صباح يوم الخميس، أحد أعمدتها الراسخة، المخرج والمؤرخ المسرحى الدكتور عمرو دوارة، الذى غيّبه الموت بعد صراع مع المرض، تاركاً خلفه إرثاً ضخماً من الإبداع والتوثيق المسرحى، ومجلدات حافلة تحفظ الذاكرة الفنية لمصر والعالم العربى.


أُقيمت صلاة الجنازة على الراحل عقب صلاة الظهر بمسجد الإخشيد بمنيل الروضة فى القاهرة، قبل أن يُوارى جثمانه الثرى فى مقابر الأسرة بمدينة الإسكندرية، مسقط رأسه التى عشقها وعاد إليها أخيراً، كما لو أنه اختار أن يُغلق دائرة العمر حيث بدأ الحلم.
رحيل عمرو دوارة لم يكن مجرد فقد لمخرج أو كاتب، بل صفعة موجعة لكل من عرفه أو تتلمذ على يديه أو استفاد من علمه الغزير، فقد كان دوارة أكثر من مجرد فنان، كان مؤرخاً وفيلسوفاً للمسرح، منح حياته كلها لتوثيق هذا الفن النبيل.
ولُقب عن جدارة بـ «حارس الذاكرة المسرحية»، إذ كرّس سنوات عمره لجمع وتوثيق تاريخ المسرح المصرى والعربى فى مؤلفات موسوعية أصبحت مرجعاً لا غنى عنه لأى باحث أو مهتم بتاريخ الفن المسرحى.
وُلد الراحل فى بيتٍ عريق يتنفس الأدب والفكر، فهو نجل الناقد الكبير فؤاد دوارة، أحد أبرز النقاد المصريين فى القرن العشرين، بدأ عمرو دراسته الأكاديمية فى كلية الهندسة، لكنه سرعان ما استمع لنداء شغفه الأول، فالتحق بالمعهد العالى للفنون المسرحية وتخرّج فى عام 1984، ليبدأ رحلة طويلة من الإبداع والبحث والتأريخ.
لم يكن عمرو دوارة مجرد شاهد على تطور المسرح المصرى، بل كان مؤرخه الأمين، الذى سعى بكل ما أوتى من حب ووقت وجهد لتوثيق ملامح مسيرته، 
ففى عام 2025، صدرت له الطبعة الجديدة من كتابه المرجعى «المسرح المصرى وقرن ونصف من الإبداع»، بعد نفاد طبعته الأولى الصادرة عن المهرجان القومى للمسرح المصرى عام 2018، ويوثّق الكتاب أكثر من 7500 عرض مسرحى قُدّمت على خشبات مصر منذ عام 1870 وحتى نهاية عام 2024، تشمل العروض الخاصة ومسارح الدولة، ليكون بحق أرشيفاً بصرياً وتاريخياً فريداً للمسرح المصرى الحديث.
كما أعدّ دوارة موسوعة «سيدات المسرح المصري»، التى ضمّت أسماء 1500 سيدة قدّمن إسهامات رائدة فى الحركة المسرحية، متضمنة السير الذاتية والمهنية لنحو 150 فنانة من رواد المسرح بمختلف المناهج والمدارس الفنية، ولم يتوقف عند ذلك، فأصدر كتباً وموسوعات أخرى مثل: «المهرجانات المسرحية العربية بين الواقع والطموحات»، و«موسوعة المسرح المصرى المصورة»، وهى أعمال وصفها النقاد بأنها «ذاكرة مسرحية تمشى على الأرض»، لما تحمله من دقة أرشيفية وعمق تحليلى نادر.
وقدّم الراحل نحو 66 عرضاً مسرحياً تنوّعت بين الكلاسيكى والمعاصر، نذكر منها: وهج العشق، خداع البصر، عصفور خايف يطير، السلطان يلهو، يوم من هذا الزمان، النار والزيتون، بيت المصراوى، حاصل الضرب والقسمة، ممنوع الانتظار وغيرها.
كان دوارة يرى أن المسرح ليس مجرد عرض، بل فعل حضارى وتنويرى، وأن مهمة المخرج تتجاوز حدود الخشبة لتصبح رسالة ووعياً وثقافة.
وأسس عمرو دوارة عدداً من الفرق المسرحية المستقلة، وأطلق مبادرات ثقافية مهمة، أبرزها دعوته للاحتفال بمرور 150 عاماً على تأسيس المسرح المصرى الحديث بفضل ريادة يعقوب صنوع عام 1870، وهى الدعوة التى تبنتها لاحقاً وزارة الثقافة المصرية.
كما أسَّس الجمعية المسرحية لهواة المسرح، وترأس مهرجان المسرح العربى بالقاهرة، واضعاً نصب عينيه هدفاً واضحاً: أن يظل المسرح حياً فى وجدان الناس.
نال الراحل خلال مسيرته الطويلة العديد من الجوائز، تقديراً لإسهاماته الجادة فى إثراء الثقافة المصرية والعربية، من أبرزها: جائزة الدولة للتفوق فى الآداب عام 2022، والجائزة الأولى للتميز فى النقد المسرحى من اتحاد كتاب مصر، وهى من أرفع الجوائز التى يمنحها الاتحاد، إلى جانب تكريمات أخرى من مؤسسات ثقافية عربية عديدة.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: المسرح المصري المسرح العربى المسرح المصرى من الإبداع عمرو دوارة

إقرأ أيضاً:

حين تتحدث الأرقام… مؤشرات الأداء كمرآة للمؤسسة

حين تتحدث #الأرقام… #مؤشرات_الأداء كمرآة للمؤسسة

الأستاذ #الدكتور_أمجد_الفاهوم

ليست الأرقام مجرد نتائج في جداول، بل قصة مكتوبة بلغة الصدق. فالمؤسسة التي لا تراقب أرقامها تشبه من يسير في طريقٍ طويل بلا بوصلة، قد يظن أنه يتقدم بينما هو يدور في المكان نفسه. الأرقام لا تكذب، لكنها تحتاج إلى من يفهمها، ويقرأ ما وراءها. إنها مرآة الأداء، ومفتاح التوازن بين الطموح والواقع.

في بيئة الأعمال الأردنية، يمكن تمييز المؤسسات القادرة على النمو من خلال علاقتها بمؤشرات الأداء. فشركة البوتاس العربية مثلًا، لم تبنِ مكانتها العالمية على الحظ، بل على نظام متابعة دقيق لمؤشرات الإنتاج والتصدير والتكلفة، مما مكّنها من اتخاذ قراراتٍ سريعة في فترات الاضطراب الاقتصادي. وفي المقابل، كثير من المؤسسات الحكومية والخاصة ما تزال تتعامل مع الأرقام كمجرد تقاريرٍ سنوية تُعد لأغراض التقييم الشكلي لا للتحسين الحقيقي.

مقالات ذات صلة الباشا موسى العدوان… حين يتكلم ضمير الوطن ويسكت تجّار الأوطان 2025/12/12

القائد الواعي يدرك أن مؤشرات الأداء (KPIs) ليست مجرد أدوات رقابة، بل وسيلة لإدارة المستقبل. حين يقيس الإنتاجية أو رضا العملاء أو زمن الاستجابة، فهو لا يبحث عن رقمٍ للعرض، بل عن إشارةٍ تدله على ما يجب أن يتغير. في جامعةٍ أردنية مثل اليرموك أو الأردنية، يصبح تتبّع مؤشرات البحث العلمي والرضا الأكاديمي ومعدلات التشغيل بعد التخرج دليلًا على جودة القرارات لا على حجم النشاط فقط. فالإدارة الحديثة لا تحكم بالانطباع، بل بالبيان.

في المقابل، من يسيء فهم الأرقام يحولها إلى عبءٍ على الموظفين. تُجمع البيانات بلا هدف، وتُراقب المؤشرات الخطأ، فتتحول الأرقام من وسيلةٍ للتطوير إلى أداةٍ للرقابة العمياء. فكم من مؤسسةٍ تقيس “عدد الاجتماعات” بدل جودة القرارات، أو “عدد الزوار” بدل رضا العملاء، أو “عدد المشاريع” بدل أثرها الحقيقي؟ تلك المفارقات تجعل الأرقام صامتة، لأنها تُستخدم بلا عقلٍ ناقد.

الشركات العالمية الناجحة أدركت هذه الحقيقة مبكرًا. فشركة Toyota تستخدم مؤشرات الأداء اليومية كجزءٍ من ثقافة العمل، لا كإجراءٍ إداري. كل عامل يعرف الأرقام التي تعنيه، ويفهم كيف تسهم في تحقيق الهدف العام. وفي Google، تُدار فرق العمل وفق نظام OKRs (الأهداف والنتائج الرئيسية)، حيث تُقاس النتائج ليس بالكمّ فقط، بل بمدى تأثيرها على الرؤية الكبرى. هناك يصبح الرقم لغة مشتركة بين القائد والفريق، لا مجرد تقريرٍ للمدير المالي.

في الأردن، نحن بحاجةٍ إلى هذا التحول في التفكير الإداري، حيث تُصبح مؤشرات الأداء وسيلة للتعلّم لا للمحاسبة فقط. أن نسأل: ماذا تقول لنا هذه الأرقام؟ ماذا تكشف عن ثقافة المؤسسة؟ وهل تحكي قصة نجاحٍ مستدام أم مجرد نشاطٍ عابر؟

الأرقام لا تزيّف الحقيقة، لكنها قد تُغفلها إن لم نُحسن قراءتها. والمؤسسة التي تتعلّم الإصغاء إلى بياناتها، تتعلم كيف تتغيّر قبل أن يُجبرها السوق على ذلك. فحين تتحدث الأرقام، على القائد أن يسمع جيّدًا… لأن الصمت في هذه الحالة ليس تواضعًا، بل خطرٌ وجودي.

مقالات مشابهة

  • القومي للمرأة يشارك في الندوة العلمية الثقافية بـ صالون الجراح الثقافي
  • بالفيديو: أرقام تكشف.. ذاكرة شباب لبنان ليست بخير
  • العيلي في ندوة المنيا المسرحية:« كيرو صابر».. مسيرة إخلاص أوصلت حلم الصعيد إلى العالمية
  • اتحاد الجمباز يقتل المواهب
  • حين تتحدث الأرقام… مؤشرات الأداء كمرآة للمؤسسة
  • الدبيبة: «المتحف الوطني» يمثل ذاكرة الوطن الكامل عبر العصور
  • أهلًا بكم في المسرحية الإعلامية الكبرى
  • وليد مصطفى العضو المنتدب لـ«مدى للتأمين»:استراتيجيات جديدة لمواجهة تحديات السوق
  • عمرو الليثي: المحتوى التافه على السوشيال ميديا يؤثر سلبًا على سلوك الشباب
  • حبس شاب بتهمة التحرش بياسمينا المصرى