بوابة الوفد:
2025-10-14@16:31:32 GMT

عمرو دوارة .. ذاكرة المسرح المصرى

تاريخ النشر: 10th, October 2025 GMT

خسر المسرح المصرى والعربى شاهداً نادراً على تاريخه، ومؤرخاً جمع بحب وإخلاص ملامح قرن ونصف من الإبداع المسرحى، حيث ودعت الساحة الثقافية صباح يوم الخميس، أحد أعمدتها الراسخة، المخرج والمؤرخ المسرحى الدكتور عمرو دوارة، الذى غيّبه الموت بعد صراع مع المرض، تاركاً خلفه إرثاً ضخماً من الإبداع والتوثيق المسرحى، ومجلدات حافلة تحفظ الذاكرة الفنية لمصر والعالم العربى.


أُقيمت صلاة الجنازة على الراحل عقب صلاة الظهر بمسجد الإخشيد بمنيل الروضة فى القاهرة، قبل أن يُوارى جثمانه الثرى فى مقابر الأسرة بمدينة الإسكندرية، مسقط رأسه التى عشقها وعاد إليها أخيراً، كما لو أنه اختار أن يُغلق دائرة العمر حيث بدأ الحلم.
رحيل عمرو دوارة لم يكن مجرد فقد لمخرج أو كاتب، بل صفعة موجعة لكل من عرفه أو تتلمذ على يديه أو استفاد من علمه الغزير، فقد كان دوارة أكثر من مجرد فنان، كان مؤرخاً وفيلسوفاً للمسرح، منح حياته كلها لتوثيق هذا الفن النبيل.
ولُقب عن جدارة بـ «حارس الذاكرة المسرحية»، إذ كرّس سنوات عمره لجمع وتوثيق تاريخ المسرح المصرى والعربى فى مؤلفات موسوعية أصبحت مرجعاً لا غنى عنه لأى باحث أو مهتم بتاريخ الفن المسرحى.
وُلد الراحل فى بيتٍ عريق يتنفس الأدب والفكر، فهو نجل الناقد الكبير فؤاد دوارة، أحد أبرز النقاد المصريين فى القرن العشرين، بدأ عمرو دراسته الأكاديمية فى كلية الهندسة، لكنه سرعان ما استمع لنداء شغفه الأول، فالتحق بالمعهد العالى للفنون المسرحية وتخرّج فى عام 1984، ليبدأ رحلة طويلة من الإبداع والبحث والتأريخ.
لم يكن عمرو دوارة مجرد شاهد على تطور المسرح المصرى، بل كان مؤرخه الأمين، الذى سعى بكل ما أوتى من حب ووقت وجهد لتوثيق ملامح مسيرته، 
ففى عام 2025، صدرت له الطبعة الجديدة من كتابه المرجعى «المسرح المصرى وقرن ونصف من الإبداع»، بعد نفاد طبعته الأولى الصادرة عن المهرجان القومى للمسرح المصرى عام 2018، ويوثّق الكتاب أكثر من 7500 عرض مسرحى قُدّمت على خشبات مصر منذ عام 1870 وحتى نهاية عام 2024، تشمل العروض الخاصة ومسارح الدولة، ليكون بحق أرشيفاً بصرياً وتاريخياً فريداً للمسرح المصرى الحديث.
كما أعدّ دوارة موسوعة «سيدات المسرح المصري»، التى ضمّت أسماء 1500 سيدة قدّمن إسهامات رائدة فى الحركة المسرحية، متضمنة السير الذاتية والمهنية لنحو 150 فنانة من رواد المسرح بمختلف المناهج والمدارس الفنية، ولم يتوقف عند ذلك، فأصدر كتباً وموسوعات أخرى مثل: «المهرجانات المسرحية العربية بين الواقع والطموحات»، و«موسوعة المسرح المصرى المصورة»، وهى أعمال وصفها النقاد بأنها «ذاكرة مسرحية تمشى على الأرض»، لما تحمله من دقة أرشيفية وعمق تحليلى نادر.
وقدّم الراحل نحو 66 عرضاً مسرحياً تنوّعت بين الكلاسيكى والمعاصر، نذكر منها: وهج العشق، خداع البصر، عصفور خايف يطير، السلطان يلهو، يوم من هذا الزمان، النار والزيتون، بيت المصراوى، حاصل الضرب والقسمة، ممنوع الانتظار وغيرها.
كان دوارة يرى أن المسرح ليس مجرد عرض، بل فعل حضارى وتنويرى، وأن مهمة المخرج تتجاوز حدود الخشبة لتصبح رسالة ووعياً وثقافة.
وأسس عمرو دوارة عدداً من الفرق المسرحية المستقلة، وأطلق مبادرات ثقافية مهمة، أبرزها دعوته للاحتفال بمرور 150 عاماً على تأسيس المسرح المصرى الحديث بفضل ريادة يعقوب صنوع عام 1870، وهى الدعوة التى تبنتها لاحقاً وزارة الثقافة المصرية.
كما أسَّس الجمعية المسرحية لهواة المسرح، وترأس مهرجان المسرح العربى بالقاهرة، واضعاً نصب عينيه هدفاً واضحاً: أن يظل المسرح حياً فى وجدان الناس.
نال الراحل خلال مسيرته الطويلة العديد من الجوائز، تقديراً لإسهاماته الجادة فى إثراء الثقافة المصرية والعربية، من أبرزها: جائزة الدولة للتفوق فى الآداب عام 2022، والجائزة الأولى للتميز فى النقد المسرحى من اتحاد كتاب مصر، وهى من أرفع الجوائز التى يمنحها الاتحاد، إلى جانب تكريمات أخرى من مؤسسات ثقافية عربية عديدة.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: المسرح المصري المسرح العربى المسرح المصرى من الإبداع عمرو دوارة

إقرأ أيضاً:

مصر الصامدة

قبل 52 عامًا، عندما اندلعت حرب العبور العظيم ظهر السبت 6 أكتوبر 1973، كان الرئيس الأمريكى ريتشارد نيكسون مشغولًا بفضيحة ووتر جيت، بينما كان وزير خارجيته هنرى كيسنجر مشغولًا بصناعة مجد إسرائيل، وينتظر يومًا صعبًا على الجيش المصرى باعتبار أن المصريين سيفشلون فى عبور تحصينات خط بارليف.
أما السوفييت، فكانوا يفتحون صفحة جديدة من التقارب مع خصومهم الأمريكيين، خصوصًا بعد أن وقع البلدان معاهدة الحد من الأسلحة الاستراتيجية (SALT I).
لكن.. عندما حلت صبيحةَ يوم الأحد 7 أكتوبر 1973، كان الجيش المصرى دمر بارليف ووضع 5 فرق مشاةٍ و1000 ألف دبابةٍ، على الضفة الشرقية للقناة.
اتصل الأمريكان على مضض، بالرئيس السادات، طالبين وقف الحرب، على أمل أن يرفض ويتيحوا هم الفرصة لإسرائيل بتأديب العرب فى هجوم مضاد يوم 8 أكتوبر كما كان يردد كيسنجر دائمًا.
ثمانية ألويةٍ إسرائيلية مدرعةٍ تضم 960 دبابة معظمها «سنتوريون» و«إم 60» الأمريكية موحدة العيار والمزودة بأجهزة متطورة، كانت تعتقد أنها ستطرد الجيش المصرى بسلاحه الروسى الذى يضم دبابات 800 دبابة قديمة تى 34 وتى 54 وتى 55، و200 دبابة حديثة فقط «تى 62».
طبعا بخلاف سلاح الطيران الإسرائيلى المتفوق جدًا فى ذلك الوقت.
لكن المصريين فاجأوهم، وكسروا الهجوم الإسرائيلى المضاد يومى 8 و9 و10 أكتوبر، ودمروا غالبية المدرعات وأسقطوا عشرات الطائرات، بأسلحة روسية متقدمة تعتمد على مهارة الجنود ومنها صواريخ فهد أو «مالوتكا» التى نجح به جندى مصرى واحد هو الرقيب أول محمد عبدالعاطى فى تدمير 23 دبابة.
استغاثت جولدا مائير، بالرئيس الأمريكى قائلة: «إسرائيل تنهار.. أنقذونا من الطوفان المصرى»، وجاء الرد سريعًا عبر عملية «نيكل جراس» أو الجسر الجوى الإستراتيجى لتوصيل 22 ألف طن من الدبابات والمدفعية والذخيرة.. وغالبيتنا يعرف تسلسل الأحداث بعد هذا الجسر، والدور الأمريكى فى حصار الجيش الثالث المصرى.
لكن بين أكتوبر 1973 وأكتوبر 2025، حدثت تحولات كثيرة فى العالم، أبرزها الموقف الأمريكى المهيمن فى الشرق الأوسط.
فقبل 52 عامًا، كان الرئيس الأمريكى ريتشارد نيكسون، ووزير خارجيته اليهودى هنرى كيسنجر، يديران الحرب ضد مصر وسوريا ودول عربية أخرى.
أما الآن، فالرئيس الأمريكى دونالد ترامب، ومندوبه السامى للشرق الأوسط ستيفن ويتكوف، يزوران مصر من أجل «السلام فى الشرق الأوسط»، أو بمعنى أدق مصالحهما فى الشرق الأوسط.
ربما فهم الأمريكان، العقلية العربية، فاستطاعوا تحييدها وإبعادها عن فكرة المناورة.. لكن المؤكد أن العقلية المصرية أكثر وعيًا بالعقلية الأمريكية.. والدليل هو القدرة المصرية على المناورة أمام الهيمنة الأمريكية على العالم منذ 1973 وحتى يومنا هذا.
فى حرب أكتوبر واجه الرئيس السادات، غرور الجيش الإسرائيلى وحطمه، ولم ينجحوا فى جره إلى مواجهة مباشرة مع الجيش الأمريكى.
وبعد أكتوبر 2023، كان الهدف جر مصر إلى نفس السيناريو، خصوصًا بعد انتقال حاملات الطائرات الأمريكية والبريطانية إلى شرق المتوسط لحماية إسرائيل.
وطوال الـ24 شهرًا فى حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة، كانت هناك تحولات، فى سوريا التى سقط فيها نظام الأسد وتم استبداله بنظام موالى لتركيا بدلًا من إيران، وفى لبنان التى قوض فيها حزب الله، وقتل أمينه العام التاريخى حسن نصر الله، ثم خليفته.
كانت هناك تحولات فى إيران التى تمت تصفية قادتها السياسيين والعسكريين والمعلوماتيين، وتصفية علماء البرنامج النووى، وقصفها بأعتى القاذفات الاستراتيجية الأمريكية.
إهانة قادة عرب، وتنكيل بدول عربية وإذلال أمريكى، وضربات على قطر واليمن وتونس والعراق.
أوراق ضغط من الخارج، وأصوات تخوين من الداخل ضد القيادة المصرية، وادعاءات بتجويع الأشقاء فى غزة، والاشتراك فى مخطط التهجير.
ثم بقيت مصر صامدة، صمود أكتوبر 1973، أمام الهيمنة الأمريكية المطلقة، لتعود فى النهاية إلى مكانتا الطبيعية الريادية فى المنطقة.
مخطئ من يعتقد أن مصر ضد المقاومة الفلسطينية، ومخطئ أيضًا من يعتقد أن مصر ضد السلام العادل الشامل.
حفظ الله مصر

مقالات مشابهة

  • وزير الاتصالات يجتمع بأعضاء لجنة حماية حقوق مستخدمى الاتصالات
  • عمرو طلعت يجتمع بأعضاء لجنة حماية حقوق مستخدمى الاتصالات
  • مصطفى البراهمة.. رحيل المناضل الصامت الذي شكّل ذاكرة اليسار المغربي
  • طريقة مسح ذاكرة التخزين المؤقت على PS5 لتحسين الأداء
  • ( معركة طمس الموقف اليمني من ذاكرة الشعوب )
  • مصر الصامدة
  • من رأفت الهجان إلى أبطال أكتوبر.. ذاكرة صالح مرسي تُروى من جديد بمكتبة القاهره الكبرى الاربعاء
  • عزاء عمرو دوارة بحضور نجوم الفن
  • أبرزهم أشرف زكي وإيهاب فهمي.. نجوم الفن والمسرح في عزاء عمرو دوارة «صور»
  • بدء عزاء المخرج المسرحي عمرو دوارة بمسجد عمر مكرم