عبر مسؤولون أمميون عن القلق العميق إزاء الأرقام غير المسبوقة للجوع وسوء التغذية اللذين يجتاحان السودان.

التغيير: وكالات

قال مسؤولون أمميون إن النتائج التي وردت في التحديث الأخير عن وضع الأمن الغذائي في السودان تظهر “تدهورا صارخا وسريعا”، و”مدى يأس الوضع” في البلاد، والتأثير المدمر بشكل خاص على أطفال السودان بما يخلق مخاطر مخيفة للغاية بالنسبة لهم.

جاء المؤتمر الصحفي في مقر الأمم المتحدة في نيويورك، لإلقاء الضوء على تحديث أصدره التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي في السودان الذي أفاد بأن أكثر من نصف السكان– أي 25.6 مليون شخص– سيواجهون مستوى “الأزمة” أو ظروفا أسوأ خلال الفترة من يونيو إلى سبتمبر 2024.

مدير مكتب الطوارئ والصمود لدى منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو)، رين بولسن قال إنه بعد 14 شهرا من تصاعد الصراع، “تدهور وضع الأمن الغذائي والتغذية في السودان بشكل كبير”.

وأشار- طبقاً لمركز أخبار الأمم المتحدة- إلى أن التحديث السابق للتصنيف المتكامل الذي صدر في ديسمبر 2023 توقع، أنه بين 23 أكتوبر 2023 وفبراير 2024، سيواجه حوالي 37 في المائة من السكان مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وقال بولسن الذي كان يتحدث عبر الفيديو إن خطر المجاعة يلوح في 14 منطقة- مما يؤثر على كل من السكان والنازحين واللاجئين- في دارفور الكبرى وكردفان الكبرى وولايات الجزيرة وبعض النقاط الساخنة في الخرطوم، إذا تصاعد الصراع بشكل أكبر، بما في ذلك من خلال زيادة حشد الميليشيات المحلية، الأمر الذي يعرقل التنقل وتقديم المساعدة الإنسانية وأنشطة التسوق وسبل العيش.

دعم للأسر الزراعية والرعوية

يشار إلى أن التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي يتكون من خمس مراحل، ومستوى “الأزمة” أو انعدام الأمن الغذائي الحاد هو المرحلة الثالثة من التصنيف. المرحلة الرابعة هي مرحلة الطوارئ، أما المرحلة الخامسة فهي مرحلة الكارثة أو المجاعة.

ونبه مدير مكتب الطوارئ والصمود لدى منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة إلى الزيادة المقلقة في أعداد الأشخاص الذين يواجهون خطر المرحلة الخامسة وهي الكارثة أو المجاعة، “والذين زادوا من صفر في التحديث السابق إلى 755,000 شخص” في الفترة ما بين يونيو وسبتمبر 2024.

وأكد بولسن أن المنظمة تعمل على توسيع نطاق الإجراءات لدعم الإنتاج الغذائي المحلي للأسر الأكثر ضعفا، وتركيز الجهود على دعم الإنتاج المحلي للحبوب الأساسية، فضلا عن تقديم المساعدة الطارئة لتربية الماشية، وإمدادات الصيد.

وقال “نستعد لدعم حوالي 1.8 مليون أسرة زراعية ورعوية في الأشهر المقبلة، أي ما يعادل حوالي 9 ملايين شخص، وسنساعدهم على استعادة أنشطة كسب الرزق لإنتاج الغذاء محليا”.

وأكد أنه “لا يمكننا التخلي عن شعب السودان”، داعيا إلى ضرورة الوصول المستدام والآمن بشكل عاجل، لكل من يحتاج إلى مساعدة منقذة للحياة.

ضغوط هائلة

مدير الطوارئ في برنامج الأغذية العالمي، سامر عبد الجابر تحدث في نفس المؤتمر الصحفي عبر الفيديو قائلا إن “البرنامج يشعر بقلق عميق إزاء هذه الأرقام غير المسبوقة للجوع وسوء التغذية اللذين يجتاحان البلاد، خاصة مع اقتراب موسم العجاف السنوي عندما تنفد مخزونات الغذاء ويزيد الجوع”.

وأضاف أن “أرقام الجوع الجديدة تظهر يأس الوضع”، حيث يواجه السودان أسوأ مستوى من انعدام الأمن الغذائي سجله التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي في البلاد.

ونبه عبد الجابر إلى أن الصراع يفرض ضغوطا هائلة على الموارد الشحيحة ويزعزع استقرار المنطقة، وخاصة في جنوب السودان وتشاد، حيث تضاعف عدد اللاجئين.

وأضاف أنه لا يمكن الوصول إلى ملايين الناس في المناطق المتضررة من الصراع، والذين لا يقوون على الوصول إلى المساعدات الإنسانية بسبب القتال وانعدام الأمن، علاوة على موسم الأمطار الوشيك الذي سيجعل الطرق غير سالكة، الأمر الذي سيعطل طرق الإمدادات الإنسانية.

توسيع نطاق الوصول

وأكد مدير الطوارئ في برنامج الأغذية العالمي أن “البرنامج يعمل على مدار الساعة لتوسيع نطاق الوصول وفتح ممرات إنسانية جديدة لنقل الإمدادات الغذائية عبر البلاد والحدود”.

وأفاد بأن البرنامج ساعد أكثر من ثلاثة ملايين شخص من النازحين داخليا والمجتمعات المضيفة الضعيفة في جميع أنحاء السودان، مضيفا أنهم يعملون على توسيع عمليات البرنامج للوصول إلى خمسة ملايين شخص إضافي هذا العام.

وأوضح كذلك أن البرنامج يهدف إلى تلبية احتياجات أكثر من مليوني شخص فروا من البلاد، أغلبهم لجئوا إلى تشاد وجنوب السودان.

وقال المسؤول في برنامج الأغذية العالمي “مع وصول الاستجابة الإنسانية إلى نقطة الانهيار، يمكننا أن نرى يأس شعب السودان يتزايد كل يوم. إنهم منهكون وجائعون ومصدومون. يجب أن نستجيب الآن على نطاق واسع وبسرعة”.

مخاطر مخيفة

مديرة برامج الطوارئ في منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، لوشيا إلمي نبهت في المؤتمر الصحفي إلى أن انعدام الأمن الغذائي المنتشر في السودان “له تأثير مدمر بشكل خاص، ويخلق مخاطر محددة ومخيفة بشكل واضح على أطفال السودان، أولادا وبناتا”.

وقالت إن هناك 3.7 مليون طفل يعانون من سوء التغذية الحاد، وأنه في هذا العام، يواجه أكثر من 730,000 طفل سوء التغذية الحاد الشديد وخطر الموت الوشيك دون الحصول على العلاج، وهو الرقم الأعلى خلال عقد من الزمن.

وأضافت “من المهم أن نفهم مدى خطورة سوء التغذية الحاد الشديد. فهو يهدد الحياة، ويجعل الأطفال أكثر عرضة للوفاة بما يصل إلى 11 مرة من أقرانهم الذين يتمتعون بتغذية جيدة. وحتى عندما ينجو الأطفال من سوء التغذية، فإن التأثيرات على نموهم البدني والإدراكي يمكن أن تكون مدى الحياة ولا رجعة فيها”.

الأطفال يحتاجون إلى السلام

مديرة برامج الطوارئ في اليونيسف تحدثت عن جهود المنظمة في علاج الأطفال وإنقاذ حياتهم، مشيرة إلى أن اليونيسف قامت بتوسيع شراكاتها التي تركز على التغذية لتشمل 152 منطقة، مما يضمن وجودا عمليا في 93 منطقة ذات أولوية.

وشددت إلمي على أن الحرب أثرت بشدة على توصيل الإمدادات الإنسانية، وأن العنف والعقبات البيروقراطية تعيق الوصول إلى المناطق المتضررة من الصراع، مما يترك عددا لا يحصى من النساء والأطفال بدون دعم غذائي حيوي.

وقالت “الأمر الأكثر أهمية هو أن الأطفال يحتاجون إلى السلام، وتهدئة فورية للوضع في الفاشر ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد. فبدون السلام، تتضاءل فرص بقائهم على قيد الحياة، ويظل احتمال مستقبل أكثر إشراقا حلما بعيد المنال”.

الوسومالأمم المتحدة السودان اليونيسف برنامج الأغذية العالمي سوء التغذية مكتب الطوارئ والصمود نيويورك

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الأمم المتحدة السودان اليونيسف برنامج الأغذية العالمي سوء التغذية نيويورك برنامج الأغذیة العالمی انعدام الأمن الغذائی الأمم المتحدة سوء التغذیة الغذائی فی فی السودان الطوارئ فی أکثر من إلى أن

إقرأ أيضاً:

ضرورة الحل الشامل للأزمة في السودان

ضرورة الحل الشامل للأزمة في السودان

تاج السر عثمان بابو

1

بعد انقلاب 30 يونيو 1989 الذي نفذه الإسلاميون، ازدادت نيران الحرب اشتعالا.. بعد أن توصلت الحركة السياسية السودانية إلى اتفاقية السلام أو اتفاق الميرغني – قرنق، وتم التوجه للسلام في إطار وحدة البلاد، والاتفاق على عقد المؤتمر الدستوري، اتسع نطاق الحرب ليشمل دارفور وجنوب النيل الأزرق وجبال النوبا، وحدثت الابادة الجماعية في دارفور بعد أن كون نظام الانقاذ الجنجويد، حتى اصبح البشير ومن معه مطلوبين لمحكمة الجنايات الدولية ويجب تسليمهم بعد محاكمة علي كوشيب. حتى تم توقيع اتفاقية نيفاشا، التي تم بعدها انفصال الجنوب.

2

بعد انفصال جنوب السودان ازدادت الأزمة الوطنية في البلاد عمقا، واشتدت حدة الضائقة المعيشية والمجاعة في اطراف البلاد، والارتفاع الجنوني في الأسعار بعد تخفيض قيمة الجنية السوداني. ومصادرة حرية الصحافة والتعبير، وتجددت الحرب في المناطق الثلاث: جنوب كردفان والنيل الأزرق وابيي اضافة للحرب التي كانت مشتعلة في دارفور، وارتفاع صوت الخطاب العنصري الذي فتح الباب لحروب الابادة في تلك المناطق. وتوتر العلاقة بين دولتي الشمال والجنوب والتي وصلت ذروتها بعد أزمة احتلال هجليج. وتطورت الأحداث حتى انفجار ثورة ديسمبر التي أطاحت بالبشير لكن انقلاب اللجنة الأمنية قطع الطريق أمامها، وتمت مجزرة فض اعتصام القيادة العامة وبعدها تم التراجع عن ميثاق قوى الحرية والتغيير الذي تم التوقيع عليه في يناير 2019، وتم استبداله بالتوقيع على الوثيقة الدستورية التي قننت الشراكة مع العسكر والدعم السريع دستوريا، وتم التوقيع على اتفاق جوبا الذي تحول إلى مناصب ومحاصصات في السلطة، وحتى الوثيقة الدستورية تم خرقها إلى أن تم الانقضاض عليها بانقلاب 25 أكتوبر 2021 الذي اعاد التمكين للإسلاميين وقاد للحرب اللعينة الجارية حاليا التي تهدد بتقسيم البلاد مرة أخرى.

3

ولا شك أن انفصال الجنوب كان له تداعيات خطيرة داخليا واقليميا، وهو يعبر عن فشل المؤتمر الوطني في حل المشكلة والتي زادها تعقيدا بعد انقلاب 30 يونيو 1989م، والحرب الجهادية والدينية التي كان لها نتائج ضارة عمقّت جراحات الوطن. وبعد أن فشل النظام في الحل العسكري، وقّع تحت الضغوط المحلية والعالمية اتفاقية نيفاشا التي اوقفت الحرب التي دارت لمدة 21 عاما. استندت الاتفاقية علي قاعدة سودان واحد بنظامين، وكانت الاتفاقية ثنائية وتحمل في طياتها جرثومة الانفصال كما يتضح من التقسيم الشمولي للسلطة بين الشريكين في الشمال والجنوب، فضلا عن أن المؤتمر الوطني لا يمثل الشمال والحركة الشعبية لاتمثل الجنوب، وقسمة عائدات البترول التي ازكت النزعة الانفصالية، ونظام مصرفي بنافذتين، وتقسيم البلاد علي أساس ديني. وجاءت حصيلة ممارسة الست سنوات الماضية لتكرس الصراع بين الشريكين، بعد الفشل في انجاز التحول الديمقراطي، وقيام دولة المواطنة التي تسع الجميع غض النظر عن الدين أو اللون أو العرق، وتحقيق التنمية وتحسين الاوضاع المعيشية في الشمال والجنوب، وتكريس الفوارق الطبقية والفساد، اضافة الي عدم توفير مقومات الاستفتاء والتي تتلخص في قيام انتخابات حرة نزيهة تشرف عليها لجنة انتخابات مستقلة ومحايدة، تنتج عنها حكومة ذات قاعدة واسعة هي التي تشرف علي الاستفتاء علي تقرير المصير مما يجعل الوحدة في النهاية هي الراجحة في النهاية، ولكن ذلك لم يتم ، وكان تزوير الانتخابات، والتي رفضت نتائجها القوي السياسية في الشمال والجنوب، اضافة الي تأخير ترسيم الحدود وعدم تكوين لجنة استفتاء ابيي ، وعدم تطبيق الاتفاقية فيما يختص بمنطقتي جنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق مما ادي لعودة الحرب فيهما.

4

لقد اكدت تجربة اتفاقية نيفاشا فشل الحل الثنائي المفروض من الخارج والذي استبعد القوي السياسية ومنظمات المجتمع المدني، ويبقي ضرورة الاستفادة من تلك التجربة ومنع حدوثها

حتى لا تتكرر تجربة انفصال جنوب السودان وتمرير مخطط تمزيق السودان الي دويلات وخاصة بعد احتلال الدعم السريع الفاشر وبابنوسة وهجليج التي لها النفط مما يعزز خطوات الانفصال.

وهذا يتطلب الاتفاق على موقف وطني موحد يجنب البلاد شر ذلك المصير. ولشعب السودان تجربة كبيرة في الوصول لحلول لمشاكله الداخلية كما حدث في تجربة الاستقلال عام 1956م عندما ثواثقت القوي السياسية والنقابية علي دستور السودان الانتقالي الذي كفل الحقوق والحريات الأساسية وكان استقلال السودان بعيدا عن الاحلاف العسكرية والارتباط بالخارج. وكذلك عندما اشتدت الأزمة الوطنية العامة في أخر سنوات ديكتاتورية عبود بعد أن اشتد اوار حرب الجنوب والضائقة المعيشية وأزمة الحريات الديمقراطية، توحد شعب السودان خلف جبهة الهيئات التي قادت الاضراب السياسي العام والعصيان المدني ضد النظام حتي تمت الاطاحة به في ثورة اكتوبر 1964م واستعادة الديمقراطية ودستور السودان الانتقالي المعدل لعام 1964م. وتوحد شعب السودان مرة ثالثة ضد نظام مايو الديكتاتوري في التجمع الوطني لانقاذ الوطن الذي قاد انتفاضة مارس- ابريل 1985م التي اطاحت بحكم الديكتاتور نميري واستعادة الديمقراطية. وشعب السودان قادر علي استلهام تلك التجارب مع أخذ الظروف الجديدة لاسقاط الحكومتين غير الشرعيتين في بورتسودان ونيالا. وقطع الطريق أمام حل ثنائي آخر مفروض من الخارج والذي قد يكرّس تفتيت ماتبقي من الوطن.

5

وبالتالي من المهم قيام أوسع جبهة جماهيرية من أجل وقف الحرب واسترداد الثورة وقيام الحكم المدني الديمقراطي، وخروج العسكر والدعم السريع والمليشيات من السياسة والاقتصاد، وعدم الإفلات من العقاب. وتحسين الأوضاع المعيشية والاقتصادية والصحية والتعليمية والأمنية، والترتيبات الأمنية لحل كل المليشيات وجيوش الحركات وقيام الجيش القومي المهني الموحد الذي يعمل تحت إشراف الحكومة المدنية، وقيام دولة المواطنة التي تحترم التعدد الديني والثقافي والعرقي واحترام حقوق الانسان وسيادة حكم القانون ولضمان وحدة ما تبقى من الوطن،  وقيام المؤتمر الدستوري الشامل الذي يرسم خريطة الطريق للمخرج من النفق المظلم الذي دخلت فيه البلاد، وتحقيق التنمية المتوازنة، والتوزيع العادل للثروة والسلطة.

الوسوماتفاق الميرغني- قرنق الإبادة الجماعية الإسلاميون السودان انقلاب 25 اكتوبر 2021 انقلاب 30 يونيو 1989 تاج السر عثمان بابو جبال النوبة جنوب السودان حرب 15 ابريل 2023م دارفور نيفاشا

مقالات مشابهة

  • منخفض جوي يضرب البلاد.. الأرصاد تحذر من تأثير الشبورة والأمطار
  • تعزيز الأمن الغذائي المستدام
  • مسؤولون: منفذ "هجوم تدمر" هو فرد من الأمن السوري
  • ملتقى المستثمرين الأفروآسيوي يسلط الضوء على تحديات الأمن الغذائي ومكافحة الغش التجاري
  • المشاط من حفل تقرير سياسات الغذاء العالمية: مصر تحقق تقدما ملموسا في الأمن الغذائي
  • ضرورة الحل الشامل للأزمة في السودان
  • الطقس: استمرار تأثير المنخفض الجوي وتساقط الأمطار
  • السودان على مفترق طرق: حرب استنزاف أم مفاوضات جادة؟
  • مدبولى يبحث مع بلومبرج جرين إقامة شراكات بمجالات الأمن الغذائي والدوائي والزراعة
  • المجلس النرويجي للاجئين: انعدام الأمن الغذائي يهدد جنوب مالي مع توسع النزاع وتراجع المساعدات