طوفان مصر.. دعوات مصرية غاضبة تدعو للثورة والإطاحة بالسيسي
تاريخ النشر: 29th, June 2024 GMT
خلال الـ24 ساعة الماضية انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي، دعوات بعنوان "طوفان مصر"، و"ثورة الكرامة"، والتي تطالب المصريين بالخروج والمطالبة برحيل رئيس النظام المصري عبدالفتاح السيسي، وذلك بالتزامن مع الذكرى الـ11 لانقلابه على الرئيس الراحل محمد مرسي، في 3 تموز/ يوليو 2013.
وبينما تحتفل الجمهورية الجديدة كما أطلق عليها السيسي، الجمعة، بالذكرى الـ11 لأحداث 30 حزيران/ يونيو 2013، بحشد المؤيدين مجانا إلى "ستاد 30 يونيو" واستدعاء المغني محمد حماقي، لإحياء الحفل؛ تتواصل المقاطع المصورة التي يُعبر من خلالها مصريون عن غضبهم من نظام السيسي، ويطالبون برحيله.
"طوفان مصر"
وفي الأثناء، انتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بيان يحمل ما قيل إنها مطالب مظاهرات "طوفان مصر"، المقرر في 16 آب/ أغسطس المقبل، والتي تضم وفق البيان من دعاهم بـ"الضباط الأحرار"، من داخل الجيش من الداعمين للمظاهرات ضد السيسي، فيما أشار البيان إلى أنه قريبا سيتم نشر بعض فيديوهات بعض "الضباط الأحرار".
تلك المجموعة التي استوحت اسم حركة "الضباط الأحرار" في الجيش المصري بقيادة جمال عبدالناصر والتي أطاحت بحكم الملك فاروق الأول عام 1952، تطالب بتنحي السيسي، ورئيس وزرائه مصطفى مدبولي، وتدعو لحل مجلس النواب، والإفراج عن المعتقلين، وعمل فترة انتقالية يتولاها وزير الدفاع محمد زكي، وتعيين حكومة تكنوقراط.
#عاجل: مطالب مظاهرات مصر 16 أغسطس، وقريبآ سيتم نشر بعض فيديوهات العديد من الضباط الأحرار الداعمين لمظاهرات طوفان 16 أغسطس #طوفان_مصر_16_اغسطس#ارحل_ياسيسي#ارحل_ياسيسي_كفاية_خراب http://pic.twitter.com/FJ1ZyxoRcB — طوفان مصر 16 أغسطس (@toufanmaser ) June 27, 2024
لكن مطلب تلك المجموعة بتولي وزير الدفاع محمد زكي، السلطة في المرحلة الانتقالية، لاقى رفضا من المتابعين والمعلقين على منشور مظاهرات "طوفان مصر"، كما سخر البعض من اسم "الضباط الأحرار"، الذين يحملهم البعض تبعات ما حل بمصر من دمار منذ استيلائهم على الحكم قبل 72 عاما في خمسينيات القرن الماضي.
"ثورة الكرامة"
الدعوة الثانية للثورة ضد السيسي، جاءت من قلب العاصمة الإدارية الجديدة التي يبنيها السيسي، منذ العام 2015، واستنزفت جميع موارد البلاد، ودفعتها للسقوط في أزمة الاقتراض الخارجي، حيث أنه وبحسب وكالة "رويترز" للأنباء تبلغ تكلفة إنشاء العاصمة بالكامل حوالي 58 مليار دولار.
ومن أمام محور "ابن زايد الجنوبي"، وبقرب مسجد "الفتاح العليم"، بالمدينة التي تبعد عن العاصمة المصرية القاهرة بنحو60 كيلو متر، دعا أحد المصريين الشعب للخروج والتظاهر ضد السيسي، ضمن ما أسماه بـ"ثورة الكرامة" التي قرر أن تخرج من كل مساجد مصر يوم 12 تموز/ يوليو المقبل.
النداء الثالث من صاحب دعوة ٧/١٢ لكل اللى بيسال انا فين (فى مصر ولا برة مصر) من امام عاصمة الخراب بصورلكم وسامحوني بتكلم بسرعة لان المكان حساس
هنصلي الجمعة ٧/١٢ ونهتف (حسبي الله ونعم الوكيل ) ونتجه على كل مفاصل الدولة ونحميها لانها ممتلكاتنا وممتلكات اولادنا #وصل_صوتك… http://pic.twitter.com/Etn5UkDv96 —حملة وصل صوتك(@wasal_sotak2 ) June 27, 2024
"فورة غضب واسعة"
وتأتي تلك الدعوات في ظل حالة من الغضب الشعبي الواسع ضد الأوضاع الاقتصادية، ودعوات العديد من المصريين عبر مقاطع مصورة بوجوههم علنا، للثورة على الأوضاع، والاطاحة بالسيسي.
لو مش قدها سيبوها.. رسالة لـ #السيسي و #الحكومة #مزيد http://pic.twitter.com/ex9ZWrkj6u — مزيد - Mazid (@mazidnews ) June 27, 2024 مصر علي وشك انفجار عظيم .#يسقط_يسقط_حكم_العسكر #لازم_يسقط #نقدر http://pic.twitter.com/8tjWGvlaXA — MOHAMEDABDELRAHMAN (@mohamed041979 ) June 24, 2024 مواطن للسيسي (انا واقفلك اهووو ي سيسي قدام شركة الكهرباء)
بداية كسر حاجز الخوفhttp://pic.twitter.com/zdcjqBMUDR —️EMA إيما (@ghost_girl2023 ) June 27, 2024 هل يفعلها الشعب المصري وينفجر في وجه هذا النظام الخااااين العmيل؟
أم سيعجز الصبر عن صبره. #انا_ارفض_قطع_الكهرباء #ارحل_ياسيسي_كفاية_خراب #السيسي_الخائن_العميل#شمال_غزة_يموت_جوعاً#ارحل_ياسيسي_كفايه_خراب http://pic.twitter.com/fSxAESnnFh — أمل .*. (@amol_a303 ) June 25, 2024
"دعوات اصطفاف"
وبالتزامن مع دعوات التظاهر، ومؤشرات الغضب الشعبي الواسع، هناك دعوات لافتة لاصطفاف المعارضة المصرية، بمواجهة نظام السيسي، بينها للناشط والسياسي المصري المهندس يحيى حسين عبدالهادي، الذي وجه خطابه إلى من دعاهم بـ"العقلاء والكِبارِ في كل التيارات والفصائل".
وتحت عنوان "من هنا نبدأ"، قال: "ما يجب أن نبدأ به الآن وفوراً دون انتظارٍ لزوال الغُمَّة (ولن تزول إلا به) هو خَفْضُ منسوب الاحتقان ومكايدات الصغار وتَلاسُن العِيال بين فصائلنا وتياراتنا نحن الشعب المقموع".
وخاطب جميع فصائل وتيارات المصريين قائلا: "فلنُؤَجل شِجارنا لما بعد النجاة، أَمَّا الآن فلنحاول معاً فَكَّ السلسلة، غير ذلك سَفَهٌ، بل خيانةٌ".
وبرغم حالة الغضب البادية بقوة بين المصريين، إلا أن البعض لا يحبذ دعوات الثورة ضد نظام السيسي، معربين عن مخاوفهم من استخدام الآلة الأمنية والعسكرية الباطشة بحق المصريين، خاصة مع فشل عشرات الدعوات السابقة للتظاهر ضد السيسي، لأسباب عديدة بينها قلة عدد المتظاهرين.
وفي هذا الإطار، قال الناشط المصري خالد السرتي: "أتحدث عن بناء ثورة حقيقية منذ سنوات، ومراحلها وشروطها ومحاذيرها، وخطتها، وقياس الجاهزية الضامن لنزول أعداد كبيرة في وقت واحد بانتشار معجز للقوى الأمنية".
وعبر صفحته بـ"فيسبوك"، أضاف: "كل هذه السنوات لم أدع مرة للنزول قبل الاكتمال"، مشيرا إلى أنه "ومع كل احتقان شعبي أفاجأ بسيل الدعوات العشوائية؛ تضيف رصيدا من الفشل والإحباط كل مرة، وكأن بينها وبين التخطيط عداء".
ويظل السؤال قائما بشأن جدية تلك الدعوات، وجداوها، ومدى الاستجابة الشعبية لها، وحول ما إذا كانت دعوات مخابراتية للتنفيث، ومصيرها الفشل كغيرها من الدعوات مثل دعوتي الناشط محمد علي، في أيلول/ سبتمبر 2019 و2020، والتي خلفت وراءها عشرات المعتقلين.
"معادلة المنظومة والمعارضة والشعب"
وفي رؤيته، قال السياسي المصري وليد مصطفى، إن "الثورة ببساطة تحدث عندما لا يستجيب النظام للسبل والأُطر الديمقراطية، عبر الصناديق والانتخابات، والمجالس النيابية المنتخبة عبر انتخابات حقيقية، وقبول المساءلة، وسحب الثقة، وطلب التغيير، وحق التظاهر السلمي، فعندها لا يكون أمام الشعب وسيلة إلا الثورة".
عضو حزب "الوسط" المصري المعارض، أوضح في حديثه لـ"عربي21"، أن "تلك الثورة تكون بهدف فرض الشعب على النظام الخضوع للديمقراطية ولإرادة الشعب والتغيير، فالثورة هي وسيلة لإحداث التغير، وليست التغيير نفسه، وهي فرصة لأن يمارس الشعب الديمقراطية ويفرض هذا المسار، ولكن المهم أن يكون للشعب رأي".
ولفت إلى أن "المشاهدات في مصر منذ ما يسمى بأحداث محمد على 2019 و2020، وشاهدنا الخروج الغاضب لمصريين تلاه ما يسمى بالدعوة إلى ثورة (11/11) أو ثروة المناخ 2022، والتي كشفت عن غضب شعبي ورغبة في النزول مهما كان الثمن".
وأشار إلى أن "الحالة الأفضل كان ما حدث في انتخابات نقابات المهندسين، والمحامين، والصحفيين، (هزيمة مرشحي النظام لحساب تيار الاستقلال)، انتهاءا بما يسمى الانتخابات الرئاسية نهاية 2023 ومحاولة السياسي المحبوس حاليا أحمد الطنطاوي، إحداث حركة في ظل الصمت الرهيب، والتي قابلتها المنظومة كاملة من كل مؤسسات النظام بمنعه من الحصول على التوكيلات الشعبية والترشح للانتخابات".
وألمح مصطفى، إلى أن "المشاهدات الحالية تقول إن الشعب المصري غاضب جدا، ولو وجد مساحات سياسية آمنة سيتحرك فيها، مثل انتخابات النقابات وانتخابات الرئاسة، ولكن هناك مشكلتين وطرفين أولهما المعارضة السياسية، ثانيهما الشعب المصري".
وقال إن "ما حدث من تنكيل وقتل للحياة السياسية وإنهاء للمعارضة وتشريدها واعتقالها وقتلها كان له أثر فعال، بالإضافة إلى ما بين المعارضة من مشاكل لا تُعد ولا تُحصى".
وأكد أن "هذا يحرم المعارضة من التواصل والوصول لمسار ديمقراطي حقيقي يقدمونه للناس كمسار للتغيير"، موضحا أنه "رغم أن الناس كانت مرعوبة من دعوات التظاهر في (11/11)، لكنها كانت مستعدة لأي تغيير، إلا أنها لم تثق في أحد من الداعين".
ويرى أن "هذه مشكلة كبيرة حيث لا تحوذ المعارضة على ثقة الشعب، ولو حاذت الثقة فإن مشهد فشل الانقلاب العسكري في بوليفيا، الأربعاء 26 حزيران/ يونيو الجاري، وغيرها من الدول، أمر بسيط وسهل حدوثه في مصر".
ويعتقد السياسي المصري المعارض، أن "المشكلة يراها المصريون فيما بعد المشهد الثوري، والمصري رغم غضبه وسخطه من النظام لم يجد من المعارضة وسيلة ولم تقدم له مشروعا حقيقيا قابلا للتحقيق، فيه سلم مجتمعي، وعدالة انتقالية، وأمان، مشروع يرى ما يحدث بالمنطقة من أزمات، وما وصلت إليه مصر من انهيار وإفساد وضياع مقدرات".
وأكد أنه "عندها سيحدث التغيير، ولن يقف أمامه أحد مهما كانت لديه من قوة"، ملمحا إلى أن "النظام فشل في حشد أنصاره في الانتخابات الرئاسية في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، وكان لديه خوف شديد من أن أية تجمعات تابعة له قد تتظاهر ضده، وأصبح لا يأمن الحشد حتى من الموالين له، كما حدث في مرسى مطروح من تظاهرات ضده بين أنصاره وقت الانتخابات".
وخلص مصطفى، للقول إن "النظام في مصر لم يعد لديه مؤيدين، ولكن لديه قبضة حديدية، والمشكلة لدى المعارضة ولدى الشعب ولدى المنظومة، وعلى كل منها أن يؤدي دوره".
ولفت إلى أنه "على المنظومة أن تدرك أنها تؤدي بنفسها وبالجميع إلى الهلاك، ولابد أن يكون هناك رجل رشيد"، مضيفا: "وعلى المعارضة أن تقابل الواقع غير الديمقراطي وتتعامل معه وتتخطى العقبات، وتنشئ مشروعها وتقدمه للناس أو تعتزل الحياة السياسية".
وختم مؤكدا على ضرورة أن "يكون الشعب صاحب إرادة ويستعد لدفع ثمن التغيير، وبينما يدفع الآن في كل لحظة من كرامته ووجوده ومقدراته ومستقبله ومستقبل أولاده بلا مقابل، عليه أن يستعد ليدفع بمقابل، مستقبل، وحياة كريمة، وأمل في وطن حقيقي".
"الثورة مؤجلة لحين وجود قيادة"
وفي رؤيته، قال الكاتب المحلل السياسي أحمد حسن بكر، لـ"عربي21": "لا أحد ينكر أن الشارع المصري الآن كجوف بركان يغلي، تنتظر صهارته أن تنطلق ليلا أو نهارا؛ لكن هذا لا يعنى أن الشارع سيستجيب لدعوات الثورة لأسباب عدة، منها".
وأضاف: "أولا: غياب القيادات ذات الثقل في الشارع، وثانيا حالة الفقر المدقع التي وصلت إليها شرائح واسعة من المجتمع، والتي تخشى الثورة، لأنها تعيش يوما بيوم، فإذا توقف دخلها لعدة أيام جاعت وتشردت".
ثالث الأسباب لعدم استجابة المصريين لتلك الدعوات، بحسب بكر، هي "خشية البعض أن يكون الصدام القادم مع الجيش، لأن الغالبية العظمى ترى أن المؤسسة العسكرية خصم أصيل للشعب، بسبب استحواذها على كل شىء، ومسؤوليتها مع الشرطة عن مذابح (رابعة)، و(النهضة)، و(الحرس الجمهوري)، و(ماسبيرو)".
ويرى، أن "الإنفجار الشعبى هو المتوقع"، مستدركا بقوله: "لكن هذا لا يعني أن الشارع المصري سيظل ساكنا خانعا، خائفا، رغم تدهور أحواله المعيشية، ورغم ضياع الوطن ومقدراته بمعنى الكلمة".
ويعتقد أن هناك "بركان غضب وشيك"، موضحا أن "البعض -من داخل مؤسسات النظام الأمنية- يتوقع ويتخوف من انفجار بركان الغضب الشعبي دون ترتيب أو إتفاق، ولو حدث هذا الانفجار الشعبي -وفقا للرؤية الأمنية- فإن تبعاته ستكون مدمرة، وستأخذ البلاد إلى ما لا يُحمد عقباه".
ولفت إلى أن "البعض يقول إن الأجهزة الأمنية ترفع تقاريرها للسيسي، على استحياء، لأنه مازال لا يرى أن سفينة الوطن تغوص نحو قاع مظلم".
وأضاف: "يتوقع البعض أن القمع الأمني لأي حراك سيكون وفقا لحجم الحشود في الشارع، فلو رأت الأجهزة الأمنية مشاركة واسعة، فلن تملك ساعتها إلا الإعلان عن انضمامها للشارع ومساندة الحراك، وستكتفي بحماية مقارها الأمنية، وأفرادها".
"موقف الجيش يثير الخوف"
ويرى بكر، أن "موقف المؤسسة العسكرية هو ما يثير الخوف، لأن هناك حالة غضب مكتومة في نفوس الجنود والضباط من سياسات السيسي ونظامه".
وقال إن "الخوف كل الخوف أن يحدث انقسام داخل المؤسسة العسكرية، حيث ستنضم الغالبية العظمى من قياداتها لمطالب الشعب، فى حين ستكون قيادات المجلس العسكري المنعمة والمقربة، والمتورطة في كافة جرائم وكبائر السيسي، في حق الوطن، ستكون رافضة للحراك الشعبي، حفاظا على مكاسبها، وستحاول إصدار أوامر بقمع التظاهرات، ومطالبات التغيير، وهنا ستكمن الخطورة".
وخلص للتأكيد على أن "استجابة الجماهير للثورة سيكون مرهونا بوجود قيادات تعلن عن نفسها مقدما، وتكون ذات وزن وثقل في الشارع".
ولا يظن بكر، أن "تلك الدعوات مصدرها أجهزة أمنية، لأن قياداتها تتمنى استمرار السيسي في الحكم، حتى لو ضاعت مصر، لأنهم يعلمون أن رحيلهم ومحاكمتهم مرهون برحيل السيسي".
وختم قائلا: "كمواطن مصري، أتمنى التغيير السلمي، وانتقال السلطة بشكل ديمقراطي، وإن استحال الأمر، فلتكن ثورة بقيادات، ومطالب محددة، حتى لا تنزلق البلاد للفوضى والتخريب، والاحتراب الأهلي، لو ثار وانطلق بركان الغضب فجأة ودون ترتيب، ودون قيادة".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية مصر النظام المصري السيسي القاهرة مصر السيسي القاهرة النظام المصري المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الضباط الأحرار طوفان مصر ضد السیسی pic twitter com إلى أن
إقرأ أيضاً:
اقتحام قسم المعصرة يهدد بقاء السيسي
" يارب أنا عملت اللي عليا".. صرخة أطلقها شاب مصري فأسمعت من به صمم.
في ليلة الجمعة 25 يوليو 2025، هزّت منطقة المعصرة بحلوان المشهد السياسي المصري بحدث غير مسبوق، حيث اقتحمت مجموعة شبابية أطلقت على نفسها اسم "الحديد 17" مبنى أمن الدولة في قسم شرطة المعصرة وقامت باحتجاز عدد من أفراد الأمن لعدة ساعات في سابقة هي الأولى منذ انقلاب السيسي على السلطة عام 2013.
العملية، التي وثقتها مقاطع فيديو انتشرت على نطاق واسع، لم تكن مجرد هجوم على مبنى أمني، بل تعبير عن غضب شعبي متصاعد ضد سياسات النظام المصري، خصوصًا دوره المتخاذل والذي وصل إلى حد التواطؤ في إغلاق معبر رفح وتفاقم الأزمة الإنسانية في غزة والذي ظهر جليا في حوار بين الشابين وعدد من أفراد الأمن المحتجزين حول إغلاق معبر رفح من الجانب المصري والذي علق الضابط على المطالبة بفتحه بكلمة واحدة : مستحيل.
عبر قناة تدعى "طوفان الأمة" على تليغرام تحتوي على ما يقارب 50 الف مشترك ظهرت مقاطع مصورة تُظهر مجموعة من الشبان داخل مبنى مركز أمن الدولة بالمعصرة، ويحتجزون عددًا من الضباط لساعات. الفيديوهات، التي حصدت ملايين المشاهدات، أظهرت الشباب وهم ينددون بإغلاق معبر رفح، الذي يُعد شريان الحياة لأهل غزة، وباعتقال ناشطين مصريين جمعوا تبرعات لدعم القطاع المحاصر.
كيف وصل هؤلائ الشبان إلى مكتب الأمن الوطني بهذه السهولة؟
منذ سيطرة الاحتلال الإسرائيلي على الجانب الفلسطيني من معبر رفح في مايو 2024، تفاقمت الأزمة الإنسانية في غزة، حيث أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية عن وفاة العشرات، غالبيتهم أطفال، بسبب المجاعة. النظام المصري، الذي ينفي مسؤوليته عن الإغلاق، يواجه اتهامات بالتقاعس عن الضغط لإعادة فتح المعبر. هذا الموقف أثار غضبًا شعبيًا عارمًا، يرى فيه البعض خضوعًا لضغوط إسرائيلية وأمريكية، على حساب القضية الفلسطينية.إجابة على هذا السؤال جاءت سريعة، فبعدها بدقائق نشرت قناة طوفان الأمة على تليجرام مجموعة من الوثائق المسربة من داخل مكتب الأمن الوطني تظهر كشوفات تحتوي على أسماء لما يطلق عليه المراقبة الأمنية وهي سياسة تتبعها وزارة الداخلية المصرية مع السجناء المفرج عنهم للقدوم إلى مراكز الشرطة بشكل دوري شهريا أو أسبوعيا للتوقيع ومقابلة ضابط الأمن الوطني.
في أحد الفيديوهات المنشورة يقول أحد الشبان أنهم قرروا القيام بتلك العملية قبل صلاة الجمعة الموةافق 25 يوليو لأن الإجراءات الأمنية في هذا التوقيت تكون سهلة وغير مشددة وهو ما أكده عدد من المعتقلين السابقين الذين نشروا شهادات عن سهولة دخول مبنى قسم المعصرة والصعود إلى الطابق الرابع حيث يوجد مكتب الأمن الوطني للتوقيع في كشف المراقبة الأمنية ومقابلة الضابط وهذا ما يفسر كيف وصل هؤلاء الشبان إلى هذا المكان ثم قاموا باتحداز أفراد الأمن.
الوثائق المسربة كشفت أيضا عن مجموعة من الأسماء لمعتقلين حاليين ومختفين قسريا على ذمة قضايا تتعلق بالتظاهر والانضمام لجماعة الإخوان المسلمين كما أظهرت الوثائق أيضا تصنيفات أمنية لمن تم إلقاء القبض عليهم تنوعت ما بين منتمي لجماعة الإخوان أو السلفيين أو متعاطف معهم.
على صفحتها الرسمية على موقع فيس بوك نشرت منصة التحقق بالعربي تحليلا مطولا عن الفيديوهات والوثائق المسربة أكدت فيه صحة بعض الأسماء الواردة في الوثائق على سبيل المثال:
بطاقة متابعة باسم فتحي رجب حسان أحمد وهو أحد المتهمين في قضية كتائب حلوان ، وبطاقة متابعة أخرى باسم أحمد نادي حداد درويش والذي ورد اسمه في نفس القضية.
وفي أحد المستندات ظهر اسم عبد الرحمن رمضان محمد عبد الشافي وهو نفس الشخص الذي ورد اسمه في منشور عام 2024 على صفحة مركز الشهاب لحقوق الإنسان بعنوان " مختفون ظهروا بنيابة أمن الدولة العليا".
لم تنتظر وزارة الداخلية كثيرا هذه المرة لنفي كل شيء ، فسارعت إلى إصدار بيان نفت فيه صحة الفيديوهات، زاعمة أنها مفبركة وجزء من مؤامرة تقودها جماعة الإخوان لكنها في الوقت نفسه لم تنف صحة الوثائق المسربة بلأشارت إلى أنها لا تمت للواقعة المذكورة بصلة وأعلنت القبض على عدد من الأشخاص المتورطين في نشرها.
هذا الرد، الذي اعتاد عليه الرأي العام، لم يُخفِ الإحراج الذي تسبب به الحدث لوزارة الداخلية بل زاد من الانتقادات التي تتهم النظام بالغرق في حالة من الإنكار لكل الانتقادات الموجههة إليه بشكل مستمر.
بعد بيان الداخلية الضعيف والذي لاقى انتقادات وسخرية واسعة من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، نشرت قناة التليجرام نفسها مقطع فيديو جديد لأحد الشابين وقد ظهر وهو ينزف من رأسه مصابا بعدة جروح وملابس ممزقة ما يؤكد حدوث مشاجرة بينه وبين أفراد الأمن قبل احتجازهم ، الفيديو أكد فيه الشاب أنهم غير إرهابيين وأنهم دخلوا إلى مكتب الأمن الوطني ومعهم مسدس صوت فارغ ولو أرادوا قتل أحد لفعلوا ذلك ولكنهم أرادوا إيصال رسالة.
طالب الشاب من أحد أفراد الامن المحتجزين التأكيد أنه لن يصاب بأذى إذا أفرج عنهم وهو ما أكده الضابط ولكن الاتصال انقطع تماما مع الشابين بعدها بدقائق كما اختفت كل الرسائل السابقة على قناة طوفان الأمة على تليجرام ولم نتأكد هل تم السيطرة على قناة التليجرام من قبل الأجهزة الأمنية بعد اعتقال الشابين أو أن إدارة القناة هي من حذفت جميع الرئاسل.
قبل اختفاء رسائل قناة التليجرام بساعات وعلى طريقة إصدارات الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة نشرت قناة طوفان الأمة تسجيلا صوتيا وصفته بأنه بيان تبني عملية الحديد 17، صادر عن الشابين أبطال الواقعة وهما أحمد عبد الوهاب ومحسن مصطفى .
في هذا التسجيل ، أكد المنفذون أنهم لا ينتمون إلى أي تيار سياسي، واصفين أنفسهم بـ”أحفاد عمر بن الخطاب وعمرو بن العاص ” الذين يسعون لإعادة إحياء الروح الوطنية المصرية. وجهوا رسالة واضحة: "نريد وقف الإبادة في غزة، ونرفض قمع الشعب المصري".
اللافت في هذا البيان هي طبيعة الرسائل التي وجهها الشابان لعدد من الجهات أبرزها الشعب المصري الذي أشارا لأنه تعرض لضربات قوية للغاية وهو ما دفعهم لإحياءه من موته على حد قولهم.
على مواقع التواصل الاجتماعي اختلف المعلقون بين مشكك في صحة الفيديو ومؤمن بما جاء فيه ، حالة الانقسام كذلك كانت واضحة في تحليل أسباب ما حدث ، حمل البعض النظام المصري المسؤولية عن انفجار الأوضاع نتيجة القمع المستمر والقبضة الأمنية القوية ، وذهب البعض الآخر إلى تحميل جماعة الإخوان المسملين وبعض الاطراف الإقليمية مسؤولية ما أطلقوا عليه المؤامرة لإسقاط الدولة المصرية عبر نشر فيديوهات مفبركة وأخبار كاذبة.
اقتحام قسم شرطة المعصرة، إلى جانب احتجاجات السفارات، يكشف عن تصاعد الضغط على النظام المصري، الذي يعاني بالفعل من أزمات اقتصادية واجتماعية. هذه التحركات قد تشجع قوى المعارضة على تنظيم نفسها بشكل أكبر، خاصة مع تزايد القمع الأمني. النظام، الذي يعتمد على سياسة القبضة الحديدية، قد يجد نفسه أمام مأزق إذا استمر في تجاهل المطالب الشعبية، سواء في دعم غزة أو تحسين الأوضاع الداخلية. الحراك الحالي قد يكون بداية لمرحلة جديدة، حيث يستعيد الشعب المصري صوته، مستلهمًا إرث ثورة يناير.صباح اليوم نشرت صفحة المتحدث باسم الرئاسة المصرية بيانا مقتضبا عن اجتماع بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع وزير الداخلية المصري محمود توفيق دون الإشارة لتفاصيل ما جرى في هذا الاجتماع.
نشرت بعض المواقع المصرية المقربة من النظام أن الاجتماع بحث مستجدات الأوضاع الأمنية وحركة تنقلات ضباط وزارة الداخلية والمتوقع الإعلان عنها في السساعات القادمة ولم توضح تلك المواقع إذا ما كان السيسي قد تطرق إلى ما جرى ليلة الأمس في مكتب الأمن الوطني في المعصرة أم لا وهل ستشمل حركة تنقلات وزارة الداخلية قرارا بالإطاحة بوزير الداخلية على خلفية تلك الحادثة أم لا.
الحقيقة أن حادثة اقتحام قسم المعصرة لم تأت من فراغ، بل جاءت امتدادًا لموجة احتجاجات بدأت الأسبوع الماضي أمام السفارات المصرية في عواصم أوروبية حيث بدأ ناشطون، على رأسهم أنس حبيب في هولندا، أحملة لإغلاق أبواب السفارات المصرية رمزيًا احتجاجًا على إغلاق معبر رفح. هذه التحركات، التي امتدت إلى مدن أخرى، أرسلت رسالة قوية إلى النظام: الشارع المصري، داخليًا وخارجيًا، لن يصمت على ما يراه تواطؤًا في معاناة غزة. اقتحام المعصرة يعزز هذا الحراك، ويظهر أن الغضب بدأ يتحول إلى أفعال ميدانية.
منذ سيطرة الاحتلال الإسرائيلي على الجانب الفلسطيني من معبر رفح في مايو 2024، تفاقمت الأزمة الإنسانية في غزة، حيث أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية عن وفاة العشرات، غالبيتهم أطفال، بسبب المجاعة. النظام المصري، الذي ينفي مسؤوليته عن الإغلاق، يواجه اتهامات بالتقاعس عن الضغط لإعادة فتح المعبر. هذا الموقف أثار غضبًا شعبيًا عارمًا، يرى فيه البعض خضوعًا لضغوط إسرائيلية وأمريكية، على حساب القضية الفلسطينية.
ما أشعل الأمور أكثر هي تصريحات اللواء خالد مجاور محافظ شمال سيناء بالأمس مع الإعلامي المصري المقرب من النظام مصطفى بكري واللذي أشار فيها إلى أن مصر لا تستطيع فتح معبر رفح بالقوة لأنها ستواجه الولايات المتحدة الأمريكية وهو ما لا تستطيع مصر أن تفعله وهو ما اعتبره مراقبون اعترافا ضمنيا بمسؤولية النظام المصري المباشرة في إغلاق معبر رفح.
اقتحام قسم شرطة المعصرة، إلى جانب احتجاجات السفارات، يكشف عن تصاعد الضغط على النظام المصري، الذي يعاني بالفعل من أزمات اقتصادية واجتماعية. هذه التحركات قد تشجع قوى المعارضة على تنظيم نفسها بشكل أكبر، خاصة مع تزايد القمع الأمني. النظام، الذي يعتمد على سياسة القبضة الحديدية، قد يجد نفسه أمام مأزق إذا استمر في تجاهل المطالب الشعبية، سواء في دعم غزة أو تحسين الأوضاع الداخلية. الحراك الحالي قد يكون بداية لمرحلة جديدة، حيث يستعيد الشعب المصري صوته، مستلهمًا إرث ثورة يناير.
في النهاية، يبقى اقتحام قسم المعصرة صرخة مدوية ضد الظلم، سواء في غزة أو داخل مصر. النظام أمام اختبار حقيقي: إما الاستجابة لهذه الأصوات، أو مواجهة تصعيد قد يغير قواعد اللعبة.