إقبال أكبر برئاسيات إيران.. هل تؤثر النتائج على السياستين الداخلية والخارجية؟
تاريخ النشر: 5th, July 2024 GMT
طهران- بعد سجال شهدته المناظرات المتلفزة بين مرشحي جولة الإعادة في رئاسيات إيران؛ الإصلاحي مسعود بزشكيان والمحافظ سعيد جليلي، بلغت حمى الانتخابات ذروتها قبيل الصمت الانتخابي بين أنصار كلا المرشحين في الشارع ومنصات التواصل، مما شكل حافزا لرفع الإقبال في مراكز الاقتراع.
وبعد ساعة من فتح مراكز الاقتراع أبوابها اليوم الجمعة، قامت الجزيرة نت بجولة ميدانية في عدد من أحياء العاصمة طهران بدءا من منطقة نواب (غرب) ثم ساحة خراسان (جنوب) وصولا إلى نارمك وطهران بارس (شرق)، وحاورت عددا من الناخبين الذين تباينت هواجسهم رغم الإجماع على أهمية المرحلة الراهنة.
وخلافا للمرحلة الأولى من الانتخابات الرئاسية التي أجريت الجمعة الماضية حيث شهدت مراكز الاقتراع إقبالا كبيرا منذ الساعات الأولى ثم تبددت الحشود مع اقتراب ساعات الظهيرة، فإن البرود خيم على المشهد الانتخابي عقب الشروع بالتصويت، لكن سرعان ما شهدت صناديق الاقتراع إقبالا أكبر من المرحلة الماضية.
ويزداد الحضور الشعبي في مراكز الاقتراع كثافة تزامنا مع حضور المسؤولين الإيرانيين للإدلاء بأصواتهم، فلا يمكن مقارنة معدل الحضور الشعبي في "مسجد لور زاده" (جنوبي طهران) خلال ساعات الصباح مع الدقائق القليلة التي حضر فيها رئيس السلطة القضائية غلام حسين محسني إيجئي.
وبلغ الحضور الشعبي ذروته في جامع "النبي" المجاور لساحة هفت حوض بحي نارمك شرقي العاصمة، تزامنا مع حضور الرئيس الإيراني بالنيابة محمد مخبر قبل ظهر اليوم الجمعة.
ومن خلال رصد المشاركة الشعبية في 6 مراكز اقتراع، سجلت المرأة الإيرانية حضورا بارزا في الجولة الثانية مقارنة بالمرحلة السابقة، بيد أن مراكز الاقتراع تكاد تخلو -هذه المرة- من جيل الشباب لا سيما أولئك الذين يُفترض أن يشاركوا لأول مرة في الانتخابات بعد بلوغهم 18 عاما.
واستطلعت الجزيرة نت آراء نحو 12 ناخبا عقب الإدلاء بأصواتهم، تباينت في الجهة التي صوتوا لصالحها والهواجس التي أتت بهم إلى صناديق الاقتراع، لكن الحديث عن "أهمية هذا الاقتراع ودوره في تحديد مصير الشعب والدولة" كان بيت القصيد في تصريحات الناخبين والنخبة السياسية.
وبينما يفيد فريدون (73 عاما) بأنه صوت لصالح المرشح الإصلاحي حتى يكون أول رئيس على مستوى العالم قد بلغ مرتبة البروفيسور الجامعي، تقول "مهرانه" (64 عاما) إنها صوتت في الجولة الثانية رغم مقاطعتها في الدورة الأولى بعد اتضاح توجهات المرشحين في المناظرات الثنائية لا سيما بخصوص الملفات الثقافية والاجتماعية.
في المقابل، تقول الحاجة "عذراء" (82 عاما) إنها حرصت على التصويت مبكرا لصالح جليلي لإكمال الخطوة التي اتخذتها الجمعة الماضية، لكنها بقيت منقوصة بعد عجز أي من مرشحي التيار المحافظ عن كسب غالبية الأصوات. وشددت على أن الشعب الإيراني -ورغم الضغوط الاقتصادية- لن يسمح بتقديم البلاد على طبق من ذهب للأعداء، على حد قولها.
وبينما يرى محمد (44 عاما) أنه لا يعول على قدرة المرشح الإصلاحي في إحداث تغيير وتحسين الوضع المعيشي لكنه لا يمكن أن يقف متفرجا على مصادرة إرادة الشعب، يؤكد رجل الدين أمير حسين (32 عاما) على أهمية نتيجة جولة الإعادة انطلاقا من اعتقاده أنه لا مجال للتفاوض -بعد- على قدرات البلاد النووية بعد بلوغها العتبة النووية.
من ناحيته، يشير عالم الاجتماع مجيد أبهري إلى أن جولات الإعادة في إيران -عادة- تشهد تراجعا في الإقبال، لكن ذهاب الانتخابات الرئاسية الجارية إلى المرحلة الثانية بحضور مرشحي التيارين الإصلاحي والمحافظ حركت الأصوات الرمادية والطبقة المقاطعة جراء السجال الذي شهدته المناظرات الثنائية.
وفي حديثه للجزيرة نت، يرجع أبهري سبب مقاطعة 60% من الناخبين في الجولة الأولى إلى امتعاضهم من تدهور الوضع المعيشي وتراجع قيمة العملة الوطنية بوتيرة متصاعدة، مما أدى إلى فقدان شريحة من المجتمع ثقتها بقدرة الحكومات المتعاقبة على تحسين الاقتصاد.
ورأى أستاذ علم الاجتماع أن شريحة كبيرة من الإيرانيين يشاركون في الانتخابات انطلاقا من مسوقات دينية، على غرار شريحة أخرى تشارك في الاستحقاقات الانتخابية لإنجاح الخطاب السياسي الذي تؤمن به. وأضاف أن الناخب الإيراني قد يعزف عن التصويت تارة لتسجيل اعتراضه بشأن الوضع الراهن لكن لا يعني ذلك معارضته للنظام، وأنه قد يعود عن سياسة المقاطعة عندما يستشعر أهمية صوته في مستقبل بلاده.
وخلص أبهري إلى أن برامج وخطط أي من المرشحين حيال الملفات الداخلية وهواجس المواطن، ستلعب دورا بارزا في تحديد نسبة المشاركة في جولة الإعادة من جهة وحسم نتيجة الانتخابات من جهة أخرى.
السياسة الخارجيةوبشأن أهمية جولة الإعادة لدى النخبة الإيرانية وتأثرها بالتطورات الإقليمية والدولية، يرى الدبلوماسي سفير طهران الأسبق في موسكو ناصر نوبري، أن نتيجة انتخابات اليوم ستنعكس مباشرة على تموضع بلاده في العالم الذي يمر بمرحلة انتقال من الأحادية إلى عالم متعدد الأقطاب.
وفي حديثه للجزيرة نت، يشير نوبري إلى اقتراب موعد رئاسيات أميركا 2024 وإمكانية فوز أي من مرشحي الجمهوريين دونالد ترامب والديمقراطيين جو بايدن خلال الأشهر القليلة المقبلة، ويعتقد أن نتيجة رئاسيات إيران ستترك بصمة بارزة بشأن إمكانية نزع التوتر أو زيادته مع القوى الغربية.
ولدى إشارته إلى الحروب التي تعصف بأوروبا الشرقية والقوقاز والشرق الأوسط منذ سنوات، لا يستبعد نوبري دحرجة كرة الحرب المتواصلة على غزة منذ 9 أشهر إلى لبنان، مما قد يؤدي إلى إضرام النار بالمنطقة برمتها.
وأكد أن رؤية الرئيس الإيراني المقبل حيال ملفات المنطقة وقدرته على احتواء التوترات ستنعكس مباشرة على التطورات الإقليمية والدولية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات مراکز الاقتراع جولة الإعادة فی الجولة
إقرأ أيضاً:
إيران تُحذّر: سنردّ بحزم أكبر في حال تكرار الهجمات الأميركية أو الإسرائيلية
قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي: "إذا كانت هناك مخاوف من احتمال تحويل برنامجنا النووي لأغراض غير سلمية، فقد أثبت الخيار العسكري أنّه غير فاعل، لكنّ حلا تفاوضيا قد ينجح". اعلان
حذّرت إيران من أنها ستردّ بشكل "أشدّ" في حال تعرضها لهجمات جديدة من قبل الولايات المتحدة أو إسرائيل، وذلك في ظل التصعيد المتواصل حول برنامجها النووي.
وجاء التحذير على لسان وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، الذي كتب في منشور عبر منصة "إكس" يوم الاثنين: "إذا تكرر العدوان، فإننا بلا شك سنرد بحزم أكبر"، مشيراً إلى أن الخيار العسكري أثبت فشله في التعامل مع المخاوف الدولية من برنامج طهران النووي، بينما قد يكون الحل التفاوضي مجدياً".
رد على تهديد ترامب؟
تصريحات عراقجي بدت بمثابة ردّ مباشر على تهديدات أطلقها الرئيس الأميركي دونالد ترامب في وقت سابق من اليوم نفسه، خلال زيارة له إلى اسكتلندا، حيث قال: "لقد دمّرنا قدراتهم النووية. يمكنهم البدء من جديد، لكن إذا فعلوا ذلك، سندمّرها بلمح البصر".
محادثات "جادة وصريحة"
استؤنفت، الاسبوع المنصرم، جولة جديدة من المحادثات المتعلقة بالبرنامج النووي الإيراني، وذلك بين الترويكا الأوروبية، المكوّنة من بريطانيا وفرنسا وألمانيا، وإيران، في مقر القنصلية العامة الإيرانية بمدينة إسطنبول التركية.
وترأس الوفد الإيراني في هذه الجولة نائبا وزير الخارجية مجيد تخت روانجي وكاظم غريب آبادي، حيث شدد الأخير في تصريحات له عقب اللقاء على أن المحادثات مع الوفد الأوروبي كانت "جادة وصريحة ومفصلة"، موضحًا أنه تم التباحث بأفكار محددة تم تبادلها خلال الجلسة.
وأكد آبادي التوصل إلى اتفاق على "استمرار المشاورات حول الملف النووي".
Related محذرًا إيران من عودة نشاطها النووي.. ترامب: سنعمل على إنشاء مراكز غذاء في قطاع غزةمعارك في الظل.. إيران تعلن إفشال مشروع خارجي يهدف لتقسيم البلادإيران تعلن عن زيارة مرتقبة لوفد من الوكالة الدولية للطاقة الذريةخلفية التصعيد
يأتي هذا التوتر في أعقاب جولة من المواجهات العسكرية التي اندلعت في 13 يونيو الماضي، حين شنت إسرائيل غارات جوية استهدفت منشآت نووية إيرانية، ردّت عليها طهران بإطلاق صواريخ باليستية نحو الأراضي الإسرائيلية. واستمرت المواجهات 12 يوماً، وشهدت أيضاً ضربات أميركية استهدفت مواقع نووية رئيسية مثل فوردو، أصفهان، ونطنز.
وتعتبر إسرائيل البرنامج النووي الإيراني "تهديداً وجودياً"، ولم تستبعد إمكانية تنفيذ ضربات جديدة في حال أقدمت طهران على إعادة بناء منشآتها المتضررة.
خلاف مستمر
التصعيد العسكري جاء قبل يومين فقط من انطلاق الجولة السادسة من المحادثات النووية بين طهران وواشنطن، والتي تتركز على ملف تخصيب اليورانيوم، أحد أبرز نقاط الخلاف بين الجانبين.
ففي حين تصرّ إيران على أن التخصيب حق سيادي، تعتبر الإدارة الأميركية هذا الأمر "خطاً أحمر". ووفقاً للوكالة الدولية للطاقة الذرية، فإن إيران هي الدولة غير النووية الوحيدة في العالم التي تخصب اليورانيوم بنسبة تصل إلى 60%، وهي نسبة تفوق بكثير الحد المسموح به في اتفاق عام 2015 (3.67%)، الذي انسحبت منه واشنطن من جانب واحد عام 2018 خلال ولاية ترامب الأولى.
وتقول القوى الغربية وإسرائيل إن إيران تسعى للحصول على سلاح نووي، وهو ما تنفيه طهران باستمرار، مؤكدة أن برنامجها ذو طابع سلمي بحت.
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة