عربي21:
2025-06-01@05:45:00 GMT

في معنى استحضار عبد القادر الحسيني الآن

تاريخ النشر: 9th, July 2024 GMT

بلغ الأمر بعبد القادر الحسيني، بعدما عجز عن تحصيل الدعم اللازم من الدول العربية، ومن اللجنة العسكرية العربية المشتركة، أن يسعى لدى الاتحاد النسائي في القدس، لعل نساء القدس يستنجدن بالاتحادات النسائية العربية لطلب الدعم للمجاهدين الفلسطينيين بين يديّ النكبة الفلسطينية، كان ذلك في آذار/ مارس 1948، لينطلق بعدها الحسيني في نيسان/ إبريل إلى دمشق، للقاء قادة اللجنة العسكرية العربية المشتركة، الذين كدّسوا السلاح في مخازن "جيش الإنقاذ"، ورفضوا منحه للمقاتلين الفلسطينيين، ليقول لهم أخيرا: "إنّكم تخونون فلسطين.

. إنّكم تريدون قتلنا وذبحنا".

باتت قصّة عبد القادر الحسيني مع اللجنة المشتركة من كلاسيكيات المأساة الفلسطينية، حتى استدعاها أخيرا، دون تفصيل، الناطق العسكري باسم كتائب القسام، بمناسبة دخول الحرب الإسرائيلية العدوانية على قطاع غزّة شهرها العاشر.

لقد قال البعض بالفعل إنّ عبد القادر الحسيني، ومن معه في "جيش الجهاد المقدس"، قد سلك منحى انتحاريّا أو متهوّرا، حينما هاجم قرية القسطل واحتلها واستشهد فيها. لكن ماذا كان عساه أن يفعل وهو يعاين ضياع القدس، بسبب ذاك الموقف العربي؟! صار واضحا أن النظام العربي الذي كان آخذا في التبلور بين يديّ النكبة وأثناءها، قد كان عقبة أمام دفاع الفلسطينيين عن أرضهم، وأنّ التشكيلات التي انبثقت عن الجامعة العربية كاللجنة المشتركة و"جيش الإنقاذ"، لم تفعل ما كان بإمكان الفلسطينيين فعله وقتها لو مُدّوا بالسلاح، وعلى الضدّ من ذلك كانت من أسباب الهزيمة، التي لا تسقط مسؤوليتها عن العرب بالتقادم، تماما كما أنّ تلك الهزيمة العربية التي دفع ثمنها الفلسطينيون، كانت انتصارا صهيونيّا وبريطانيّا.

باتت قصّة عبد القادر الحسيني مع اللجنة المشتركة من كلاسيكيات المأساة الفلسطينية، حتى استدعاها أخيرا، دون تفصيل، الناطق العسكري باسم كتائب القسام، بمناسبة دخول الحرب الإسرائيلية العدوانية على قطاع غزّة شهرها العاشر
لا يعيد التاريخ هنا مع غزّة نفسه، ولكنه يكشف عن المآلات الحتمية للتأسيس الاستعماري للنظام الإقليمي العربي، الذي انبنى في إطار كان من مكوناته الأولى قيام "إسرائيل"، ومنذ تلك اللحظة، صارت القضية الفلسطينية عدوّا للنظام العربي، ليس فقط للتناقض الجوهري من الناحية التأسيسية المشار إليها بين القضية ونشأة ذلك النظام، ولكن أيضا لأنّها رافعة التسييس والتنوير للجماهير العربية. وهذه حالة ضمنية مضادّة لمصالح الأنظمة الحاكمة في هذه الوحدات السياسية المصنوعة على عين المستعمر، وبالنحو الذي يجري فيه ميكانيكيّا توريث التضادّ الجوهري بين الواقعة الاستعمارية العربية، وبين الرافعة التحررية الفلسطينية، وهو ما كان يعني بالضرورة استمرار الاندفاعة العربية النظامية من الدعم الشكلي للفلسطينيين مع التخلي الفعلي عنهم، إلى الاصطفاف الكامل في الخندق الإسرائيلي، كما يتجسد ذلك الآن في اتفاقات التطبيع التحالفي بين عدد من الدول العربية و"إسرائيل"، والتواطؤ الفعلي مع الحرب الإسرائيلية برجاء القضاء على حركة حماس، لأنّ المصلحة واحدة بين طرفي الواقعة الاستعمارية؛ الكيان الإسرائيلي والنظام العربي الممتد عن السياق الاستعماري القديم بالتزامن مع تأسيس "إسرائيل".

لم يكن عبد القادر الحسيني منتميا يومها لما صار يُسمّى "الإسلام السياسي"، لم تكن جماعته جماعة إخوانية، ولم تكن ساعتها "الجمهورية الإسلامية في إيران" قد قامت. فالتآمر على حماس اليوم هو عينه التخلّي عن عبد القادر الحسيني في العام 1948، والتآمر على حماس ربما يأخذ دفعة زائدة لكونها موسومة بـ"الإسلام السياسي" والمرجعية الإخوانية والعلاقة بإيران، ولكنه في حقيقته ومن حيث كونه ممتدّا عن المسار التاريخي العربي في التعامل مع القضية الفلسطينية؛ هو تآمر على القضية الفلسطينية نفسها، فلو كان الذي في وضع التصدّي لحرب الإبادة الجارية على فلسطين الآن أيّ فصيل فلسطيني آخر، سيتخذ نظام التطبيع العربي الموقف نفسه منه، لأنّه ضدّ فلسطين بقدر ما هو ضدّ مقاومة أهلها بقدر ما هو ضدّ حماس نفسها.

يُفترض أنّ حربا كهذه طال أمدها، واتسمت بالإبادة الجماعية، وقصدت تدمير قطاع غزّة بالكامل، أن ترفع من الاعتبارات الأخلاقية، وأن تذكي عوامل التضامن الديني والثقافي والقومي، بما يلغي أيّ حساسية تجاه حركة حماس، لأجل إنقاذ أكثر من 2.3 مليون فلسطيني في قطاع غزّة، لكن وبما أنّ ذلك كلّه، لم يدفع النظام العربي للجدّ حتى في إغاثة الفلسطينيين إنسانيّا، فإنّ هذا النظام بالضرورة يعدّ الحرب الإسرائيلية حربه هو.

لو أنّ عبد القادر الحسيني مُكّن من النظر إلى ما يفعله العرب اليوم، فإنّ ردّ فعله سيفوق خيبة الأمل التي توقّعها الناطق العسكري للقسام، لأنّ من منع السلاح عنه بحجة أنّه سيقاتل نيابة عنه، هو اليوم ينضمّ صراحة إلى الإسرائيلي، ليس فقط لأنّه ممتنع عن أيّ خطوة دبلوماسية مهما كانت تافهة
فلو أنّ عبد القادر الحسيني مُكّن من النظر إلى ما يفعله العرب اليوم، فإنّ ردّ فعله سيفوق خيبة الأمل التي توقّعها الناطق العسكري للقسام، لأنّ من منع السلاح عنه بحجة أنّه سيقاتل نيابة عنه، هو اليوم ينضمّ صراحة إلى الإسرائيلي، ليس فقط لأنّه ممتنع عن أيّ خطوة دبلوماسية مهما كانت تافهة كاستدعاء سفيره من "تل أبيب"، ولكن لأنّه صريح في موقفه الإعلامي والدعائي بالعداء للمقاتلين الفلسطينيين وتبنّي الدعاية الإسرائيلية، وعلاوة على ذلك، وهو ممتنع عن إغاثة الفلسطيني الملاحق بالجوع والعطش والقتل والدمار والمفروض عليه النزوح المستمر، مستمرّ في إغاثة الإسرائيلي بدفع قوافل التجارة معه إليه بما فيها من غذاء في محاولة حربية منحازة له؛ ردّا على الحصار البحري الذي تحاول جماعة "أنصار الله" اليمنية فرضه على الإسرائيلي.

عدّ الناطق باسم القسام ما فعله المقاتلون العرب اليوم من أنصار المقاومة الفلسطينية تحقيقا لمفهوم "النصرة والوحدة العربية"، في هذا الإطار، عبّر عن موقفين بخصوص الحالة العربية؛ الموقف من شعوبها وجماهيرها، بالقول إنّ "ضميرهم الجمعي" مع المقاومة وإنّهم سئموا "التضامن اللفظي الخجول والعجز الرسمي المقيت"، والموقف من الحكام الذين قال إن خيبة عبد القادر الحسيني منهم اليوم ستكون كبيرة، ووصف حالهم بأنّ "عجزهم بات أكبر، وتقاعسهم وخذلانهم أصبح أشدّ وأقسى".

وهذا الموقف بقدر ما يكشف عن الطابع الاستعماري للنظام العربي مما يجعله في حقيقة الأمر نقيضا لشعوبه بقدر عدائه للقضية الفلسطينية، فقد كشف عن مسؤولية أخلاقية، تبدّت في كون المقاتل الفلسطيني رحيما بالشعوب العربية، يدرك ظرفها جيدا، ولا يطلق غضبه إليها، ولا يمنّ عليها بقتاله، ولا يفتعل معها معركة إذ يعلم بنحو ضروريّ أنّها ضحية ما هو ضحيته، أي ذلك النظام العربي الممتد عن تلك الواقعة الاستعمارية التي أسّست "إسرائيل" يوم أسّسته هو!

x.com/sariorabi

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الفلسطينيين عبد القادر الحسيني الإسرائيلية التطبيع المقاومة إسرائيل فلسطين المقاومة العالم العربي التطبيع مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة اقتصاد اقتصاد سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة عبد القادر الحسینی الحرب الإسرائیلیة الناطق العسکری النظام العربی قطاع غز ة ما کان

إقرأ أيضاً:

ما خيارات حماس والفصائل الفلسطينية أمام مقترح ويتكوف الأخير؟

قال الباحث في الشؤون السياسية والإستراتيجية سعيد زياد، إن إعلان حركة المقاومة الإسلامية (حماس) عن إجراء مشاورات مع الفصائل الفلسطينية بشأن مقترح المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف يعكس توجها جماعيا لتبني موقف موحد، لا يقتصر على الحركة وحدها، بل يمثل مجموع قوى المقاومة.

وأعلنت حركة حماس اليوم الجمعة، أنها تجري مشاورات مع القوى والفصائل الفلسطينية بشأن مقترح ويتكوف لوقف إطلاق النار في غزة الذي تسلمته أمس الخميس عبر الوسطاء، وقالت حينها إنها "تدرسه بمسؤولية بما يحقق مصلحة الشعب الفلسطيني ويسهم بإغاثتهم ويحقق وقف إطلاق نار دائم".

واعتبر زياد في حديثه للجزيرة، أن هذا التوجه يمثل رسالة سياسية واضحة للوسطاء والإدارة الأميركية بأن أي رد على المقترح لن يكون حمساويا بحتا، بل فلسطيني جامع، مما يعزز من مصداقية الموقف التفاوضي للمقاومة ويمنحه قوة تمثيلية أوسع أمام الرأي العام الداخلي والخارجي.

وأشار زياد إلى أن تضمين الفصائل في عملية المشاورة يمنح القرار الفلسطيني طابعا وطنيا عاما، ويبعده عن الانطباع القائل، إن حماس تنفرد بالتفاوض، مشددا على أن هذا التوافق الفصائلي قد يمنح فرصة حقيقية لإنجاح أي موقف تفاوضي مشترك، ويصعب في الوقت نفسه على إسرائيل والولايات المتحدة كسر هذا الاصطفاف.

إعلان

وكانت الجزيرة نت، قد حصلت على تفاصيل المقترح الأميركي الذي وافقت عليه الحكومة الإسرائيلية وينص على وقف إطلاق نار مدته 60 يوما، تتعهد فيه تل أبيب بوقف العمليات العسكرية مقابل إطلاق سراح 10 رهائن أحياء و18 من جثامين القتلى، وتسليمهم على دفعتين في اليومين الأول والسابع، إلى جانب إدخال المساعدات الإنسانية فور موافقة حماس على الاتفاق.

4 قضايا مركزية

وعن بنود المقترح، قال زياد إن حماس والفصائل تركز في ردها المرتقب على 4 قضايا مركزية لم ترد بوضوح في الورقة الأميركية، وتشمل توقيتات إطلاق الأسرى، وضمانات وقف الحرب، وآلية دخول المساعدات، وكذلك الانسحاب الإسرائيلي الكامل من غزة إلى ما قبل 2 مارس/آذار الماضي.

وأضاف أن السلاح لم يُذكر صراحة ضمن المقترح، لكنه يظل قضية ضمنية تثير حساسية بالغة، لأن التخلي عنه يعني إنهاء وظيفة المقاومة وتسليم أوراق قوتها الجوهرية، وهو ما لا يمكن لأي فصيل أن يقبل به، لا سيما في ظل المعادلة القائمة.

وأوضح زياد، أن الفصائل الفلسطينية، وعلى رأسها حماس، تحاول التوازن بين الحفاظ على موقف مرن يظهر الإيجابية والحرص على حياة المدنيين، وبين عدم تقديم تنازلات مجانية يمكن أن تُفهم كضعف أو رضوخ للمطالب الإسرائيلية.

وشدد على أن حماس تواجه ضغوطا مضاعفة هذه المرة، بسبب الوضع الإنساني الكارثي في غزة، والانتقادات الدولية التي تطالب بوقف الحرب، دون أن تقدم حلولا فعلية، مشيرا إلى أن الحركة لا تملك ترف الرفض القاطع ولا القبول المطلق، وتحتاج إلى صيغة وسطية تحفظ ماء وجهها وحقوق شعبها.

وأشار إلى أن توقيت تسليم الأسرى، كما ورد في المقترح، يمثل تحديا كبيرا، لأن توزيعهم على يومين فقط قد يؤدي إلى انهيار التفاهم سريعا، لا سيما إذا ما استغلت إسرائيل ذلك للتنصل من التزاماتها في اليوم الثامن، كما فعلت في تجارب سابقة.

إعلان

ورأى زياد، أن الخيار الأنسب لحماس والفصائل هو تقديم ورقة رد بديلة تتضمن تعديلات جوهرية على بنود المقترح، والتمسك بها كحد أدنى يمكن التفاوض عليه، مما يعيد توجيه الكرة إلى ملعب الوسطاء ويمنع انفراد الاحتلال بصياغة شروط المعركة السياسية.

مقالات مشابهة

  • مصر تعزز التحرك العربي من عمّان.. عبد العاطي يبحث دعم غزة والاعتراف بالدولة الفلسطينية
  • إسرائيل تمنع السُلطة الفلسطينية من استقبال اللجنة الوزارية العربية الإسلامية
  • ماسبيرو تذيع فيلما وثائقيا عن أبو الإعلام المصري عبد القادر حاتم
  • ما خيارات حماس والفصائل الفلسطينية أمام مقترح ويتكوف الأخير؟
  • «مصطفى بكري» يهنئ «الأهرام العربي» لفوزها بجائزة الصحافة العربية للمرة الخامسة
  • المملكة ترأس اجتماع الفريق العربي المعني بإعداد الإستراتيجية العربية للأمن السيبراني
  • 55 عملًا للمقاومة الفلسطينية في الضفة والقدس خلال أسبوع
  • كامل الوزير: شركة «الجسر العربي» نموذج ناجح للشراكة العربية ‏ودعم التجارة البينية
  • ماكرون يلوّح بتشديد الموقف ضد إسرائيل ويؤكد: الاعتراف بالدولة الفلسطينية واجب
  • لديه عروض خليجية .. أحمد حسن يصدم جماهير الاهلي بشأن رحيل نجم الفريق