عربي21:
2025-08-01@14:55:26 GMT

في معنى استحضار عبد القادر الحسيني الآن

تاريخ النشر: 9th, July 2024 GMT

بلغ الأمر بعبد القادر الحسيني، بعدما عجز عن تحصيل الدعم اللازم من الدول العربية، ومن اللجنة العسكرية العربية المشتركة، أن يسعى لدى الاتحاد النسائي في القدس، لعل نساء القدس يستنجدن بالاتحادات النسائية العربية لطلب الدعم للمجاهدين الفلسطينيين بين يديّ النكبة الفلسطينية، كان ذلك في آذار/ مارس 1948، لينطلق بعدها الحسيني في نيسان/ إبريل إلى دمشق، للقاء قادة اللجنة العسكرية العربية المشتركة، الذين كدّسوا السلاح في مخازن "جيش الإنقاذ"، ورفضوا منحه للمقاتلين الفلسطينيين، ليقول لهم أخيرا: "إنّكم تخونون فلسطين.

. إنّكم تريدون قتلنا وذبحنا".

باتت قصّة عبد القادر الحسيني مع اللجنة المشتركة من كلاسيكيات المأساة الفلسطينية، حتى استدعاها أخيرا، دون تفصيل، الناطق العسكري باسم كتائب القسام، بمناسبة دخول الحرب الإسرائيلية العدوانية على قطاع غزّة شهرها العاشر.

لقد قال البعض بالفعل إنّ عبد القادر الحسيني، ومن معه في "جيش الجهاد المقدس"، قد سلك منحى انتحاريّا أو متهوّرا، حينما هاجم قرية القسطل واحتلها واستشهد فيها. لكن ماذا كان عساه أن يفعل وهو يعاين ضياع القدس، بسبب ذاك الموقف العربي؟! صار واضحا أن النظام العربي الذي كان آخذا في التبلور بين يديّ النكبة وأثناءها، قد كان عقبة أمام دفاع الفلسطينيين عن أرضهم، وأنّ التشكيلات التي انبثقت عن الجامعة العربية كاللجنة المشتركة و"جيش الإنقاذ"، لم تفعل ما كان بإمكان الفلسطينيين فعله وقتها لو مُدّوا بالسلاح، وعلى الضدّ من ذلك كانت من أسباب الهزيمة، التي لا تسقط مسؤوليتها عن العرب بالتقادم، تماما كما أنّ تلك الهزيمة العربية التي دفع ثمنها الفلسطينيون، كانت انتصارا صهيونيّا وبريطانيّا.

باتت قصّة عبد القادر الحسيني مع اللجنة المشتركة من كلاسيكيات المأساة الفلسطينية، حتى استدعاها أخيرا، دون تفصيل، الناطق العسكري باسم كتائب القسام، بمناسبة دخول الحرب الإسرائيلية العدوانية على قطاع غزّة شهرها العاشر
لا يعيد التاريخ هنا مع غزّة نفسه، ولكنه يكشف عن المآلات الحتمية للتأسيس الاستعماري للنظام الإقليمي العربي، الذي انبنى في إطار كان من مكوناته الأولى قيام "إسرائيل"، ومنذ تلك اللحظة، صارت القضية الفلسطينية عدوّا للنظام العربي، ليس فقط للتناقض الجوهري من الناحية التأسيسية المشار إليها بين القضية ونشأة ذلك النظام، ولكن أيضا لأنّها رافعة التسييس والتنوير للجماهير العربية. وهذه حالة ضمنية مضادّة لمصالح الأنظمة الحاكمة في هذه الوحدات السياسية المصنوعة على عين المستعمر، وبالنحو الذي يجري فيه ميكانيكيّا توريث التضادّ الجوهري بين الواقعة الاستعمارية العربية، وبين الرافعة التحررية الفلسطينية، وهو ما كان يعني بالضرورة استمرار الاندفاعة العربية النظامية من الدعم الشكلي للفلسطينيين مع التخلي الفعلي عنهم، إلى الاصطفاف الكامل في الخندق الإسرائيلي، كما يتجسد ذلك الآن في اتفاقات التطبيع التحالفي بين عدد من الدول العربية و"إسرائيل"، والتواطؤ الفعلي مع الحرب الإسرائيلية برجاء القضاء على حركة حماس، لأنّ المصلحة واحدة بين طرفي الواقعة الاستعمارية؛ الكيان الإسرائيلي والنظام العربي الممتد عن السياق الاستعماري القديم بالتزامن مع تأسيس "إسرائيل".

لم يكن عبد القادر الحسيني منتميا يومها لما صار يُسمّى "الإسلام السياسي"، لم تكن جماعته جماعة إخوانية، ولم تكن ساعتها "الجمهورية الإسلامية في إيران" قد قامت. فالتآمر على حماس اليوم هو عينه التخلّي عن عبد القادر الحسيني في العام 1948، والتآمر على حماس ربما يأخذ دفعة زائدة لكونها موسومة بـ"الإسلام السياسي" والمرجعية الإخوانية والعلاقة بإيران، ولكنه في حقيقته ومن حيث كونه ممتدّا عن المسار التاريخي العربي في التعامل مع القضية الفلسطينية؛ هو تآمر على القضية الفلسطينية نفسها، فلو كان الذي في وضع التصدّي لحرب الإبادة الجارية على فلسطين الآن أيّ فصيل فلسطيني آخر، سيتخذ نظام التطبيع العربي الموقف نفسه منه، لأنّه ضدّ فلسطين بقدر ما هو ضدّ مقاومة أهلها بقدر ما هو ضدّ حماس نفسها.

يُفترض أنّ حربا كهذه طال أمدها، واتسمت بالإبادة الجماعية، وقصدت تدمير قطاع غزّة بالكامل، أن ترفع من الاعتبارات الأخلاقية، وأن تذكي عوامل التضامن الديني والثقافي والقومي، بما يلغي أيّ حساسية تجاه حركة حماس، لأجل إنقاذ أكثر من 2.3 مليون فلسطيني في قطاع غزّة، لكن وبما أنّ ذلك كلّه، لم يدفع النظام العربي للجدّ حتى في إغاثة الفلسطينيين إنسانيّا، فإنّ هذا النظام بالضرورة يعدّ الحرب الإسرائيلية حربه هو.

لو أنّ عبد القادر الحسيني مُكّن من النظر إلى ما يفعله العرب اليوم، فإنّ ردّ فعله سيفوق خيبة الأمل التي توقّعها الناطق العسكري للقسام، لأنّ من منع السلاح عنه بحجة أنّه سيقاتل نيابة عنه، هو اليوم ينضمّ صراحة إلى الإسرائيلي، ليس فقط لأنّه ممتنع عن أيّ خطوة دبلوماسية مهما كانت تافهة
فلو أنّ عبد القادر الحسيني مُكّن من النظر إلى ما يفعله العرب اليوم، فإنّ ردّ فعله سيفوق خيبة الأمل التي توقّعها الناطق العسكري للقسام، لأنّ من منع السلاح عنه بحجة أنّه سيقاتل نيابة عنه، هو اليوم ينضمّ صراحة إلى الإسرائيلي، ليس فقط لأنّه ممتنع عن أيّ خطوة دبلوماسية مهما كانت تافهة كاستدعاء سفيره من "تل أبيب"، ولكن لأنّه صريح في موقفه الإعلامي والدعائي بالعداء للمقاتلين الفلسطينيين وتبنّي الدعاية الإسرائيلية، وعلاوة على ذلك، وهو ممتنع عن إغاثة الفلسطيني الملاحق بالجوع والعطش والقتل والدمار والمفروض عليه النزوح المستمر، مستمرّ في إغاثة الإسرائيلي بدفع قوافل التجارة معه إليه بما فيها من غذاء في محاولة حربية منحازة له؛ ردّا على الحصار البحري الذي تحاول جماعة "أنصار الله" اليمنية فرضه على الإسرائيلي.

عدّ الناطق باسم القسام ما فعله المقاتلون العرب اليوم من أنصار المقاومة الفلسطينية تحقيقا لمفهوم "النصرة والوحدة العربية"، في هذا الإطار، عبّر عن موقفين بخصوص الحالة العربية؛ الموقف من شعوبها وجماهيرها، بالقول إنّ "ضميرهم الجمعي" مع المقاومة وإنّهم سئموا "التضامن اللفظي الخجول والعجز الرسمي المقيت"، والموقف من الحكام الذين قال إن خيبة عبد القادر الحسيني منهم اليوم ستكون كبيرة، ووصف حالهم بأنّ "عجزهم بات أكبر، وتقاعسهم وخذلانهم أصبح أشدّ وأقسى".

وهذا الموقف بقدر ما يكشف عن الطابع الاستعماري للنظام العربي مما يجعله في حقيقة الأمر نقيضا لشعوبه بقدر عدائه للقضية الفلسطينية، فقد كشف عن مسؤولية أخلاقية، تبدّت في كون المقاتل الفلسطيني رحيما بالشعوب العربية، يدرك ظرفها جيدا، ولا يطلق غضبه إليها، ولا يمنّ عليها بقتاله، ولا يفتعل معها معركة إذ يعلم بنحو ضروريّ أنّها ضحية ما هو ضحيته، أي ذلك النظام العربي الممتد عن تلك الواقعة الاستعمارية التي أسّست "إسرائيل" يوم أسّسته هو!

x.com/sariorabi

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الفلسطينيين عبد القادر الحسيني الإسرائيلية التطبيع المقاومة إسرائيل فلسطين المقاومة العالم العربي التطبيع مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة اقتصاد اقتصاد سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة عبد القادر الحسینی الحرب الإسرائیلیة الناطق العسکری النظام العربی قطاع غز ة ما کان

إقرأ أيضاً:

وصلة .. مدّ جسور الحوار بين الأجيال المسرحية

يواصل المهرجان القومي للمسرح المصري برئاسة الفنان محمد رياض فعالياته الثقافية والفكرية ضمن محور "وصلة"، الذي يهدف إلى مدّ جسور الحوار بين الأجيال المسرحية المختلفة، حيث استضاف الفنان عبد المنعم رياض والفنان ميدو عبد القادر في جلسة حوارية ثرية أدارها المخرج أحمد فؤاد، وامتلأت بكثير من الشهادات والتأملات في معنى المسرح، وملامح الرحلة الفنية لكل منهما.

في مستهل اللقاء، عبّر المخرج أحمد فؤاد عن سعادته بهذا المحور المهم الذي يمنح فرصة للاحتفاء بالتجارب المسرحية، قائلاً:وأشكر إدارة المهرجان على هذا المحور الذي يتيح لنا التعرف عن قرب على تجارب أثبتت جدارتها على خشبة المسرح، ومنها تجربتا عبد المنعم رياض وميدو عبد القادر، اللذان حققا فارقًا واضحًا من خلال الإصرار والشغف بالفن المسرحي."

عبد المنعم رياض: كل ليلة عرض هي إعادة اكتشاف للنفس

من جانبه، أعرب الفنان عبد المنعم رياض عن امتنانه للمهرجان وإدارته، مؤكدًا أن فكرة التواصل بين الأجيال المسرحية تمنح فرصًا ثمينة لتبادل الخبرات والتجارب.
وقال: المسرح هو بيتنا الحقيقي، وهو أبو الفنون، وتأثيره لا يتوقف عند حدود العرض، بل يمتد لسنوات، لأن كل ليلة عرض تمنح الفنان فرصة لإعادة اكتشاف نفسه."

واستعاد رياض بداياته الفنية قائلًا:
"بدأت ككل فنان حقيقي من المسرح المدرسي، وتدرجت حتى المسرح الجامعي، الذي اعتبره المرحلة المفصلية في رحلتي، ثم جاءت تجربة العمل مع الفنان محمد صبحي في استوديو الممثل، وهي تجربة ساهمت في تكويني المهني."

وأضاف: المسرح ليس مجرد مهنة بل نمط حياة، ولا يمكن لأي فنان أن يهجره، فهو الاختبار اليومي الصادق للفنان، وكل شخصية قدمتها تورطت معها نفسيًا، ومن أصعب الشخصيات التي جسدتها كانت شخصية سرحان في (أفراح القبة) وشخصية كيوبيد، إذ عشت مع كل منهما صراعًا داخليًا غنيًا ومؤثرًا."

ميدو عبد القادر: المسرح تجربة مقدسة والفنان عبد المنعم رياض متصالح مع ذاته

أما الفنان ميدو عبد القادر، فتحدث عن رحلته مع المسرح بداية من مدينة الإسماعيلية، حيث صعد أول مرة على خشبة المسرح في الصف الخامس الابتدائي بدور "الحارس"، ثم في الإذاعة المدرسية، قبل أن تتبلور تجربته بشكل احترافي خلال دراسته الجامعية.
وقال: في الجامعة كانت الانطلاقة الحقيقية، ثم التحقت بعدة ورش مسرحية، وعملت مع الثقافة الجماهيرية، وشاركت في العديد من العروض في نوادي المسرح والفرقة القومية، ثم التحقت بالمعهد العالي للفنون المسرحية، وتعلمت الإخراج والتمثيل."

وأشار عبد القادر إلى عمق العلاقة الفنية التي جمعته بالفنان عبد المنعم رياض، قائلًا:
"عملنا معًا في عروض كثيرة مثل (الزير سالم) التي حصلت فيها على جائزة أفضل ممثل أول، و(طقوس الإشارات والتحولات)، و(أفراح القبة)، وهو فنان متصالح مع ذاته، ومحب لكل من حوله، وقد تعلمت منه الكثير. المقولة الشهيرة "عدوك ابن كارك" لا تنطبق على علاقتي بعبد المنعم، فهي علاقة ود وصداقة حقيقية."

عن قدسية المسرح وهمومه

وفي وصفه لسحر المسرح، قال عبد القادر: المسرح هو الفن الحي، المكان الوحيد الذي يكشف لك حقيقتك كفنان، ويمنحك تقييمًا حيًا لحضورك وتأثيرك. لا يمكن لأي فنان أن يعرف موضعه إلا من خلال تفاعل الجمهور المباشر معه، فهو مرآة صادقة، وفرصة متكررة لإعادة تشكيل الشخصية وتطوير الأداء."

وعن التحديات التي تواجه المسرحيين، أوضح أن من أبرز المشكلات التي تعاني منها الحركة المسرحية هي إهدار الوقت في البروفات التي قد تمتد لعام أو أكثر، قائلًا:زمننا اليوم يتسم بالسرعة، ويجب إيجاد حلول عملية لتوفير الوقت خلال إعداد العرض، إضافة إلى التقدير المادي الضعيف الذي يتقاضاه الممثل المسرحي مقارنة بالسينما والتلفزيون، رغم ما يبذله من جهد مضاعف، فهذه إشكاليات تتطلب إعادة النظر فيها بشكل جاد."

المسرح يربط الأجيال.. ويعيد اكتشاف الإنسان

وقدّم اللقاء صورة مُضيئة من صور الحوار الخلاق بين الأجيال الفنية المختلفة، حيث بدا واضحًا أن المسرح لا يشيخ، بل هو مساحة دائمة لتجديد الذات، وصناعة الوعي، وإعادة تشكيل الإنسان.

في هذا الإطار، بدا الفنان عبد المنعم رياض أكثر قربًا من مفردة "البيت" حين وصف المسرح، بينما قال ميدو عبد القادر إن المسرح تجربة "مقدسة"، لا يمكن لأي ممثل أن يدّعي اكتمال أدواته من دون خوضها، وهكذا، غادر الجمهور اللقاء محمّلًا بدروس وتفاصيل من داخل الكواليس، بين فنانين جمعتهما خشبة المسرح، وفرقتهما سنوات، ولكن وحّدهما عشق أبدي لفن لا يموت.

طباعة شارك اخبار الفن نجوم الفن عبد المنعم رياض ميدو عبد القادر

مقالات مشابهة

  • شحادة: الجيش هو الوحيد القادر على الدفاع عن لبنان
  • متحدث الحكومة الفلسطينية: هناك أطراف تحاول استغلال القضية الفلسطينية لتفتيت الموقف العربي
  • وزير الإعلام الفلسطيني: مصر هي قلب الأمة العربية والحاضنة للقضية الفلسطينية
  • وزير الخارجية الألماني: عملية الاعتراف بالدولة الفلسطينية يجب أن تبدأ الآن
  • الحسيني يبحث مع سفراء دول أمريكا اللاتينية والكاريبي تعزيز التعاون مع المجموعة
  • نجم الأهلي السابق عن أزمة أحمد عبد القادر: إيه المشكلة أنه يلعب للزمالك؟
  • رئيس البرلمان العربي: الحراك الدولي الحالي يؤكد للعالم أجمع عدالة القضية الفلسطينية
  • أمير هشام يشيد بـ صفقتي الزمالك.. من هما؟
  • حركة الأحرار الفلسطينية تدين الصمت العربي والعجز الدولي عن وقف جرائم الإبادة في غزة
  • وصلة .. مدّ جسور الحوار بين الأجيال المسرحية