الحزب الشيوعي العراقي يصدر بياناً مهماً في ذكرى ثورة الرابع عشر من تموز
تاريخ النشر: 11th, July 2024 GMT
شبكة انباء العراق ..
أصدرت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي بياناً حول الذكرى السادسة والستين لثورة الرابع عشر من تموز المجيدة.. اليكم نص البيان الذي تلقت ( العراق اليوم) نسخة منه:
بيان اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي بالمناسبة
في ذكراها السادسة والستين ثورة 14 تموز 1958 .. قوة مَثَل مُلهمة للجماهير وقواها الوطنية المتطلعة إلى التغيير
يحتفل الشعب العراقي في هذه الأيام بالذكرى السادسة والستين لثورة 14 تموز الخالدة، الحدث السياسي الأبرز والأهم في مسيرة الشعب العراقي النضالية، نحو الحرية والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية.
لم تكن ثورة (14) تموز حدثاً عابراً، أو رد فعل انتقامياً، أو إرادوياً، بل جاءت كضرورة موضوعية، وحاجة ملحة، املتها الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية وهيمنة أقلية حاكمة مستبدة، ربطت العراق بالأحلاف العسكرية، وانتهجت سياسة معادية، ليس لشعبنا وحسب، بل ولمصالح شعوب المنطقة.
بيد ان الأحزاب الحاكمة والقوى المتنفذة اليوم هي الأخرى كشفت بوضوح عن نزعتها الطبقية والأيديولوجية في العداء للجمهورية، فهم كأقلية حاكمة – اوليغارشية متماهية مع ظاهرة الفساد قد بذلت منذ التغيير في ٢٠٠٣، محاولات حثيثة لالغاء قانون الاحوال الشخصية وغيره من القوانين، ومن بينها اعتبار يوم انضمام العراق الى عصبة الامم في ٣ تشرين الأول 1932، عيدا وطنيا، فيما الذي حصل هو ان العصبة قد انهت الانتداب شكلياً، مع بقاء الهيمنة البريطانية عسكرياً وسياسياً واقتصادياً، فكان حدثاً لم يشغل ولو حيزاً صغيراً في ذاكرة المواطن العراقي على عكس يوم 14 تموز، الذي لم تستطع الحكومات المتعاقبة والمتآمرون عليها محوه من ذاكرة الشعب العراقي، فهو قد ارتبط بانتصار إرادة الجماهير، وبالإنجازات الكبيرة التي حققتها الثورة.
هناك من يحاول التشكيك بالمشروعية التاريخية للثورة، ويعتقد ان العراق كان ممكن ان ينمو ويتطور سلمياً ولو ببطء بدون ثورة 14 تموز، وهذا مجانب للحقيقة بصورة مطلقة، فالأقلية الحاكمة في العراق آنذاك باستبدادها وقمعها للمعارضة الوطنية وتزييف الانتخابات والتلاعب بنتائجها أغلقت الباب امام فرص التطور الديمقراطي السلمي وباتت تشكل حجر عثرة أمام التطورات المطلوبة موضوعياً سياسياً واقتصادياً واجتماعياً.
فعلى الصعيد الاقتصادي الاجتماعي، تعمق التفاوت الطبقي في كل من المدينة والريف، وقد اتخذ هذا التفاوت أبعاداً أوسع في الريف، فالظلم الذي أحاق بالفلاحين دفع مئات الألوف منهم الى ترك ديارهم، والهجرة إلى المدينة، حاملين اليها أوضاع المجتمع الريفي الفقير والمتخلف، وكان قد بلغ التفاوت بين ملكية الإقطاعيين للأراضي الزراعية وملكية الفلاحين حدّاً لا مثيل له في أي بلد في العالم، وان 3% فقط من مجموع مالكي الأراضي الزراعية كانوا يمتلكون ثلثيها في عام 1958، وكان هناك (8) ملاكين عراقيين بحوزة كل واحد منهم اكثر من (1,000,000) دونم.
أما القطاع الصناعي فقد حرم من أموال مجلس الإعمار بحجج واهية، وظلت الشركات الاحتكارية الأجنبية تحتكر معظم تجارة التصدير والاستيراد.
وعلى الصعيد السياسي مارست الحكومات المتعاقبة في العهد الملكي سياسة الحديد والنار ضد التظاهرات السلمية، والمطالب الفلاحية، وارتكبت المجازر الدموية، وصادرت الحريات العامة والشخصية، وزجت المئات بل الآلاف من خيرة أبناء الشعب العراقي في السجون والمعتقلات مستخدمين معهم التعذيب ونزع الجنسية العراقية. كما نُفذت الإعدامات بعد محاكمات جائرة بحق العديد من المناضلين البواسل وفي طليعتهم قادة الحزب الشيوعي «فهد- حازم- صارم»، وعُلّقت جثامينهم الطاهرة في الساحات العامة، وراح الحكم الملكي يتآمر ضد الدول العربية، وسعت قياداته بكل قواها الى ربط العراق بالأحلاف العسكرية، فانضمت الى حلف بغداد، بعد بطشها بالشعب وقواه الوطنية، وبذلك فضحت نفسها اكثر فأكثر باعتبارها فئة عميلة للاستعمار.
وكان موقف العهد الملكي مخزياً من العدوان الثلاثي على مصر في 29 تشرين الثاني 1956، فاندلعت انتفاضة تشرين وتوجت بانتفاضة الحي الباسلة في نهاية العام.
ان ما حدث في تموز لم يكن انقلاباً عسكرياً كما يزعم خصومه بهدف نزع مشروعية الثورة التاريخية، فالانقلاب العسكري يقتصر على تغيير النخبة الحاكمة بالعنف وتبديلها بأخرى، أما دور الجماهير فيكون متفرجاً عموماً، بعكس الثورة التي تستهدف تغييراً جذرياً في العلاقات الطبقية للمجتمع، وتلعب الجماهير دوراً حاسماً في صنعها وتقرير مصيرها، وهذا ما حصل في ثورة 14 تموز المجيدة، حيث هذا التلاحم الرائع بين الجماهير الشعبية والقطعات العسكرية الثائرة، وما حصل أيضا قد مهّد لها سياسيا وحدة القوى الوطنية في جبهة الاتحاد الوطني.
لقد أطلقت الثورة الحريات العامة والنشاطات الحزبية، فأمكن خلال فترة قصيرة تحقيق أهداف ومكاسب هائلة لشغيلة المدن والريف ولعموم الشعب العراقي، وشرعت حكومة الثورة قوانين غاية في الأهمية، فبالإضافة الى قانون الأحوال الشخصية رقم (118) لسنة 1959، شرعت أيضا قانون الإصلاح الزراعي رقم (30) لسنة 1958، وقانون رقم (80) لسنة 1961 الذي حرر 99,5 في المائة من الأراضي النفطية، التي كانت الشركات الاحتكارية قد استولت عليها، وغيرها من القوانين التقدمية.
وكان أعداء العراق والديمقراطية، قد باشروا التآمر على الثورة والعمل على إسقاطها منذ الأيام الأولى لاندلاعها، وقد هيّأ الأرضية المناسبة لنجاحهم، تراجعُ قيادة الثورة أمام ضغط هذه القوى الرجعية بما يشبه الاستسلام وممارساتها الفردية والمناهضة للديمقراطية. وقاد ذلك الى انقلاب البعث الفاشي يوم شباط 1963، بدعم وتخطيط وكالة الاستخبارات المركزية الامريكية، ليدخل العراق في نفق هو الأشد ظلاماً من كل الفترات السابقة، وكان بداية لتدمير العراق شعباً ووطناً وحضارة، وصولاً الى النظام الدكتاتوري الفاشي المقبور، وما جرّه على العراق من دمار وخراب استثنائيين.
ومنذ سقوط هذا النظام بالحرب والاحتلال الأمريكي في 2003، وتسلّم الأحزاب المتنفذة الحكم، وهي تسعى لتغييب ذاكرة الشعب العراقي، والغاء ذكرى ثورة (14) تموز الخالدة، لانها بالضد من اجندتهم السياسية والطائفية فهم لا يريدون للشعب العراقي ان يقارن بين نزاهة قادة الثورة ولصوصيتهم مع حاشيتهم ونهبهم لثروات العراق، لأن ذلك من شأنه ان يرفع من وعي الجماهير ويشجعها على التمرد ومعارضة منظومة المحاصصة والفساد والسعي للخلاص منها. كما يريدون تمييع الوحدة الوطنية التي جاءت بها الثورة حتى يبقى لهم منفذ لممارسة افكارهم الطائفية والرجعية، وما انتجته من محاصصة مقيتة وفساد صار مؤسسة وآفة وعقبة كأداء، وقد حقق لهم مجلس النواب مبتغاهم فألغى يوم (14) تموز من قائمة الأعياد الرسمية، وهو الأحق والأهم بتسمية العيد والاحتفال به.
لكن ما فعله هؤلاء لن يغير من الواقع شيئاً، لان وجدان وضمائر العراقيين ما زالت تحتفظ بكل اعتزاز ومحبة لثورة (14) تموز التي نقلت العراق من التخلف والقمع والسير بعكس التاريخ الى عصر التنوير والحداثة، وفتحت امامه آفاق التطور والتقدم والعيش الكريم، وهذا ما سوف يتحقق طال الزمن أم قصر، بفضل نضال الجماهير المكتوية بتداعيات الأزمة العامة على مختلف الصعد. وفي طليعة الجماهير ستكون القوى المدنية والديمقراطية والشيوعيون وهم يسعون الى تجميع وتوحيد الطاقات والإمكانات الوطنية المخلصة وتغيير ميزان القوى لصالح مشروعهم الوطني الديمقراطي، وبناء النظام الديمقراطي الحقيقي وتحقيق العدالة الاجتماعية.
مجداً خالداً لثورة (14) تموز المجيدة.
وعطاءً ثراً للجماهير الشعبية صاحبة المصلحة الحقيقية فيها وفي إنجازاتها.
الخزي والعار لكل أعداء الشعب والوطن.
اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي
١٠-٧-٢٠٢٤
userالمصدر: شبكة انباء العراق
كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات الشیوعی العراقی الشعب العراقی ثورة 14 تموز
إقرأ أيضاً:
في ذكرى انقلاب مايو ما هي حقيقة التأميمات والمصادرة عام 1970م؟
في ذكرى انقلاب مايو ما هي حقيقة التأميمات والمصادرة عام 1970م؟
تاج السر عثمان بابو
1اشرنا سابقا الى الذكرى الـ 56 لانقلاب 25 مايو 1969، وكيف تم تقويض الديمقراطية، وكان كارثة كبيرة حلت بالبلاد قادت لكل التدهور اللاحق الذي وصلنا اليه كما في الحرب الجارية حاليا.
ومن أخطاء الانقلاب كانت خطوة التأميمات والمصادرة التي اتخذت طابعا فوضويا، تم فيها نهب ممتلكات الناس باسم الاشتراكية، وكانت كارثة حقيقية حلت بالاقتصاد السوداني. فما هي حقيقة تلك التأميمات والمصادرة؟
2في مايو 1970م، قامت الحكومة السودانية بمصادرة وتأميم عدد من الشركات الخاصة، ففي 14/ مايو/ 1970م، تم الاستيلاء على شركات رجل الأعمال الثري عثمان صالح واولاده، وصودرت 16 شركة أخرى في الرابع من يونيو: مجموعة شركات بيطار، وشركة شاكروغلو وشركة كونتو ميخالوس وشركة مرهج وشركة سركيس ازميريان وشركة جوزيف قهواتي وشركة صادق ابو عاقلة وأعمال حافظ البربري وشركة السجائر الوطنية (تيم نبلوك: صراع السلطة والثروة في السودان، ص 231).
أعلن الرئيس جعفر نميري أولى قرارات التأميم في خطاب ألقاه في الذكرى الأولى لاستيلائه على السلطة وشملت جميع المصارف الي جانب أربع شركات بريطانية، وشملت البنوك 24 فرعا لبنك باركليز وستة فروع لبنك مصر وأربعة فروع لناشونال آند جراند ليزا وثلاثة فروع للبنك العربي والفرع الوحيد للبنك التجاري الإثيوبي والبنك التجاري السوداني وبنك النيلين والأخيرين تأسسا برأسمال سوداني.
أما الشركات البريطانية فقد كانت شركة كوتس وشركة جلاتلي هانكي وشركة سودان مركنتايل وشركة الصناعات الكيماوية الامبريالية. وفي الرابع من يونيو أممت شركة اسمنت بورتلاند على أساس أن الاسمنت سلعة استراتيجية، وأعقب ذلك تأميم عشرات الشركات الأخرى، بنهاية يونيو 1970م، كانت الدولة قد استولت على كل الشركات العاملة في مجال التصدير والاستيراد وكل المؤسسات المالية، وغالبية مؤسسات التصنيع، كما امتد التأميم والمصادرة لتشمل مطاعم ومحلات صغيرة ودور سينما وبعض المساكن.
3وقد تمثل التعويض في شكل صكوك بفائدة 4% وبنفس قيمة الممتلكات المؤممة يبدأ سدادها في عام 1980م ويستمر حتى 1985م، وقد وصفت صحيفة التايمز اللندنية التعويضات بأنها (غير عادلة ولا ناجزة وغير فعالة) (تيم نبلوك: المصدر السابق، ص 231).
وهكذا بدأت تتضخم مؤسسات القطاع العام، وقبل ذلك بدأت محاولات إحكام سيطرة الدولة على الاقتصاد والحد من حريات القطاع الخاص في وقت مبكر، ففي 16/ أكتوبر/ 1969م، اعلن عن تأسيس شركتين حكوميتين للسيطرة على قطاعات مفتاحية في التجارة الخارجية، واحدة لاحتكار حقوق استيراد الجوت والسكر والمواد الكيماوية والأخرى لاستيراد كل مشتريات الحكومة من الخارج كالسيارات والجرارات والادوية.
4ولا يمكن معالجة هذه الاجراءات بمعزل عن الصراع الداخلي في الحزب الشيوعي يومئذ، فتأميم البنوك وشركات التأمين والشركات الأجنبية كان من الشعارات التي رفعها الحزب الشيوعي في برنامجه المجاز في المؤتمر الرابع 1967م، بهدف تحقيق الآتي:
– بالاستيلاء على تلك المراكز يمكن وقف تدفق موارد البلاد الذي كان يتم في شكل أرباح البنوك وشركات التأمين وشركات التجارة الخارجية وفي شكل مرتبات وعلاوات وامتيازات للموظفين الأجانب، وفي شكل تهريب للعملة في اسعار الصادرات والواردات. ان استيلاء الدولة علي هذه الموارد يمكنها من استخدامها في عملية التنمية الاقتصادية.
– باستيلاء الدولة علي المصارف وشركات التأمين تتمكن الدولة من التحكم في حجم المدخرات والعمل على زيادتها باتخاذ كل القوانين المشجعة لذلك وتوجيه تلك الاستثمارات في مشاريع التنمية للقطاعين العام والخاص حسب الاسبقيات والاولويات التي تضعها الحكومة في خطط التنمية الاقتصادية.
– وباستيلاء الدولة على البنوك وتصدير واستيراد السلع الأساسية تتمكن من التحكم في التجارة الخارجية من حيث الجهات والدول التي تتعامل معها ومن حيث نوعية السلع المستوردة ومن ناحية الكميات ويصبح للدولة وضع احتكاري يمكنها من ايجاد احسن الاسعار للصادرات واقل الاسعار للواردات والتحكم في تموين البلاد باحتياجاتها الضرورية من السلع.
(أزمة طريق التطور الرأسمالي في السودان، اصدار الحزب الشيوعي السوداني، 1973م ، ص 30).
ولكن ما حقيقة التأميمات والمصادرة؟:
– لقد اتخذت هذه الاجراءات بدون أن يصدر قرار بذلك لا من مجلس الثورة ولامن مجلس الوزراء، بل اتخذها عدد من أعضاء مجلس الثورة من وراء ظهر بقية الأعضاء.
– كان هناك تفكير من جانب المنقسمين من الحزب الشيوعي السوداني وبعض أعضاء مجلس الثورة يقول:إذا ما قامت الحكومة بالتأميم والمصادرة، تكون قد نفذت شعارات الحركة الثورية وتكسب الحكومة القوي التقدمية الي جانبها وتسحب البساط من تحت أقدام الحزب الشيوعي ويسهل بذلك ضربه. ولهذا تمت هذه القرارات في عجل وفي وقت بدأ السخط يزداد بسبب نفي سكرتير الحزب الشيوعي وبداية الاضطهاد للقوي الثورية، وتمت كذلك دون مشاورة العناصر التقدمية في مجلس الوزراء أو في مجلس قيادة الثورة.
تواصل وثيقة (أزمة التطور الرأسمالي..)، وتقول: (في مجال المصادرة كان رأي الحزب الشيوعي والقوى التقدمية ولا يزال أن هذه المرحلة من تطور الاقتصاد السوداني – مرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية- تتطلب موضوعيا قيام القطاع الخاص بدور هام في التنمية الاقتصادية في إطار الخطة العامة التي ترسمها الحكومة، وأن أى انكار لدور القطاع الخاص في هذه المرحلة الانتقالية، ومحاولة القفز فوق المراحل أمر خطير وضار بالاقتصاد القومي، ولذا يجب عدم اتخاذ اجراءات يسارية عفوية تخيف القطاع الخاص وتجبره علي الانكماش. ان المصادرة لأى فرد أو جهة من الجهات يمكن أن تتم في ظل القانون والشرعية الثورية ويجب ألا تتم دون تهم محددة ودون تقديم المتهم للمحاكمة واعطائه فرصة الدفاع عن نفسه. لقد تمت المصادرة بطريقة مستعجلة وبدون محاكمة الأمر الذي أدى إلى كثير من الجرائم وعمليات الفساد والافساد واصبحت مجالا للتهديد والابتزاز. لقد أدت عمليات المصادرة الي نشر جو من الفزع والخوف عند جميع افراد القطاع الخاص والي إخفاء الأموال والإحجام عن الاستثمار، الأمر الذي أضر بعمليات التنمية الاقتصادية. بالإضافة إلى ذلك اضرت كثيرا بالشعارات الاشتراكية وتشويهها، واصبحت كل الجرائم والفساد والسرقة يتم باسم الاشتراكية).
ويؤكد د. منصور خالد الذي كان وزيرا للشباب والرياضة يومئذ، في كتابه (السودان والنفق المظلم) ما جاء في وثيقة الحزب الشيوعي ويقول حول الجهة التي أوعزت لنميري للقيام بتلك التأميمات والمصادرة ، يقول د. منصور خالد (لقد وجد النميري سندا قويا في معركته مع الشيوعيين من داخل الحزب الشيوعي نفسه، خاصة من جانب المجموعة المنشقة بقيادة أحمد سليمان وزير التجارة الخارجية ومعاوية إبراهيم وزير الدولة للشئون الخارجية ووزير العمل، وحاولت تلك المجموعة إحراز نصر على الحزب الشيوعي بالضغط من أجل التأميم الشامل والمصادرات والذي قام بإعداد تفصيلاتها احمد سليمان بمعاونة المستشار الاقتصادي لمجلس قيادة الثورة احمد محمد سعيد الأسد، وقد هزت تلك التأميمات الاختباطية الاقتصاد السوداني هزا عنيفا لسنوات).
ويخلص د. منصور خالد إلى أن الحزب الشيوعي لا علاقة له بالتأميمات والمصادرة، وقد كان صادقا في ذلك.
5أما عبد الخالق محجوب فقد كتب مقالا في صحيفة (أخبار الاسبوع) بتاريخ يوليو 1970م، بعنوان (حول المؤسسات المؤممة والمصادرة)، جاء فيه (إن المصادرة في هذه الفترة الوسيطة من الثورة الوطنية الديمقراطية تعتبر عقوبة اقتصادية علي أصحاب المال “من الرأسماليين” الذين يخرجون على قوانين واوامر الدولة المالية والاقتصادية وبهذا يضعفون التخطيط المركزي ومؤشراته المختلفة التي رسمتها الدولة، وبما ان هذا الاجراء السياسي الاقتصادي والاجتماعي اجراء خطير في هذه المرحلة التي مازالت فيها العناصر الرأسمالية مدعوة للإسهام في ميدان التنمية وتنفيذ الخطة الخمسية. من المهم ألا تقتصر المصادرة في إطار سيادة الدولة على رعاياها. يجب أن تحاط المصادرة بالتالي:
– وضع تشريعات دقيقة ومفصلة ومحكمة تشمل الجرائم التي تستوجب توقيع عقوبة المصادرة.
– تعرض الأموال المختلفة علي دائرة قضائية لها القدرة علي الحسم السريع في القضايا وذات قدرات سياسية ايضا (برئاسة عضو من مجلس قيادة الثورة مثلا).
لماذا نقترح هذا؟.
– لأن في هذا ضمان لانتفاء الفساد وتفادي القرارات الذاتية التي ربما طوحت في كثير من الأحيان عن الموضوعية.
– لإدخال الطمأنينة في قلوب اصحاب أصحاب المال الذين تحتاج اليهم البلاد الي استثماراتهم في هذه الفترة مدركين جيدا أن العلاقات الرأسمالية مازالت تمتد الي اعماق مجتمعنا، الي خلاياه الأساسية).
6خلاصة الأمر كانت قرارات التأميمات والمصادرة خاطئة حيث قامت زمرة المنقسمين من الحزب الشيوعي مع زين العابدين محمد احمد عبد القادر ومحمد عبد الحليم، بتعيين مجالس إدارات ومديري البنوك والمؤسسات دون التشاور مع مجلس الثورة أو مجلس الوزراء مما أدى الي تعيين عدد كبير من الأشخاص غير الأكفاء لهذه المناصب بسبب عدم معرفتهم وقلة تجربتهم بالمسائل الاقتصادية والمالية وعدم الأمانة. الأمر الذي عرض النشاط الاقتصادي لهذه المؤسسات لكثير من الأضرار والخسائر ولعمليات الثراء الحرام، وبدلا من أن تكون مصدرا للأرباح للقطاع العام ومساعدته في التنمية تحول الكثير من هذه المؤسسات من مؤسسات رابحة الي مؤسسات تشكل عبئا على مالية الدولة مثل: مؤسسة الزيوت الافريقية وغيرها. بالإضافة إلى ذلك تزايد عدد المستخدمين في هذه المؤسسات لا بسبب حاجة العمل، ولكن بهدف إرضاء الحكام بتعيين المحاسيب والأقرباء وغيرهم الأمر الذي ادى الي ارتفاع تكلفة الإنتاج وإلى تقليل الأرباح وزيادة الخسائر.( أزمة طريق التطور الرأسمالي، ص 31).
اضافة الى انه اثناء عملية استلام المؤسسات المصادرة والمؤممة تمت كثير من عمليات النهب للاموال من الخزائن والبضائع والي سرقة الكثير من المعدات والاثاثات من المنازل. كما قام المسئولون عن الكثير من الشركات بعمليات فساد كبيرة مع رجال القطاع الخاص، وذلك بالتحكم في استيراد السلع لصالح مجموعات قليلة من التجار وتحويلها للسوق السوداء كما حدث في تجارة الاسبيرات ومواد البناء وبعض المنسوجات والتلاعب بحسابات هذه المؤسسات. لقد ورث الكثير من المديرين كل امتيازات أصحاب هذه المؤسسات من منازل وعربات وعلاوات. وكل ذلك تم تحت شعار الاشتراكية الأمر الذي أدى الي تشويه معنى تحرير الاقتصاد السوداني والمفاهيم الاشتراكية واضر بقضية التنمية الاقتصادية وبتبديد موارد البلاد.
وبهذا الشكل بدأت تنشأ فئة الرأسمالية المايوية الطفيلية على حساب جهاز الدولة عن طريق النهب والفساد،وفي عملية حراك طبقي شهدتها الفترة المايوية. مما يوضح أن الصراع الداخلي في الحزب الشيوعي كان له علاقة بالصراع الطبقي الدائر في المجتمع ومن خلال تطلع بعض القيادات من كادر الحزب الشيوعي المنقسم من الحزب للثراء السريع والانضمام إلى نادي الرأسمالية السودانية.
الوسومالتأميم الحزب الشيوعي السودان المصادرة انقلاب 25 مايو 1969 تاج السر عثمان بابو جعفر نميري عبد الخالق محجوب