شجب تصريحات مساعد قائد الجيش السوداني
تاريخ النشر: 18th, July 2024 GMT
طالعتنا وسائل الاعلام بتصريحات عجيبة وغريبة لمساعد قائد الجيش السوداني، الجيش المرهونة إرادته لقرار جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية والمتطرفة، لقد جاءت التصريحات فجّة وغير لائقة ولا ترقى لمستوى قيادة جيش دولة افريقية وعربية كبيرة مثل السودان، ومما يؤسف له أن التصريحات المنافية لأبسط قواعد الأخلاق والأدب العام، أتت في وقت يتهيأ فيه السودانيون لتدشين منابر للسلام والفعاليات المدنية، الساعية لإيجاد توافق سياسي بين المكونات السودانية، يهذي مساعد قائد الجيش السوداني بهذا الحديث المشين المستهدف لسيادة دولة الإمارات العربية المتحدة، الدولة والشعب الذي مد يده بيضاء من غير سوء، منذ تأسيس الاتحاد الفدرالي، فأول ما فعله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه – المؤسس – والمغفور له بإذن الله، أن استقبل شقيقه الرئيس الأسبق لجمهورية السودان المشير الراحل جعفر محمد نميري، وفتح له ذراعيه وقلبه بكل صفاء ونقاء وود مثل ود الشعب السوداني الطيب، فكان الرعيل الأول من الخدمة المدنية رهن إشارة الراحل المؤسس المغفور له بإذن الله، وعاش الشعبان في إخاء وتراحم لمدى عشرات السنين، إلى أن جاءت حكومة الإخوان المسلمين، فطفقت تؤذي الآذان بالإساءات الجارحة والشتائم الناشزة لرموز السيادة الوطنية للبلدان العربية والشقيقة، فتدهورت العلاقات بين الحكومات، لكن ظلت الشعوب متماسكة مترابطة متراصة كالبنيان الذي يشد بعضه بعضا، ومنذ أن انقلاب الاخوان المسلمون على الحكم المدني في السودان، بواسطة ذراعهم العسكرية داخل الجيش، لم ينعم السودانيون بالأمن والأمان، بل ساهم فكرهم الغريب هذا في فصل السودان وتقسيمه لنصفين جنوب وشمال، ولم يتوقف سوء مسلكهم عند هذا الحد، بل ذهب مسلكهم الشاذ لأبعد من ذلك، بأن أشعلوا حرباً شعواء ضد الشعب السوداني وقصفوه ودمروا بنيته التحتية بالطيران الحربي.
أدين وأشجب بصفتي واحد من عموم أفراد الشعب السوداني، ملم بتاريخ العلاقات السودانية الإمارتية الممتدة لأكثر من خمسة عقود، أدين هذا الحديث الفطير الذي أدلى به مساعد قائد الجيش، الحديث الذي لا يمكن أن يصدر حتى من الذين يتعاطون الأفيون، إنّه حديث يفتقر لأدنى وأبسط أسس الأتكيت، لكن لا غرو أن يدلي بمثل هذا السخف من رهن إرادته لجماعة إرهابية متطرفة وفاشلة، لها سجل حافل بارتكاب جرائم الحرب والإبادة الجماعية، تلك الجماعة التي عملت ومنذ يومها الأول على حرمان الشعب السوداني من أن يعيش الحياة الكريمة التي يستحقها، ومنعت عنه الاستئثار بموارده البترولية والمعدنية من ذهب وغيره، و ختمت مسيرة حكمها الباطش بأن جعلت أفراد الشعب السوداني ينزحون ويلجئون للدول الجارة والصديقة، وهنا لا يفوتني أن أذكر ما قدمته دولة الإمارات العربية المتحدة من دعم للفارين من جحيم الحرب في السودان، الداخلين أراضيها بحثاً عن الأمان، بأن أتاحت لهم فرصة الحصول على الإقامة القانونية داخل أراضيها، الأمر الذي لم يجده السودانيون اللاجئون إلى دول الجوار الأخرى، إلّا ممن رحم ربي.
لقد اصبح واجباً علينا وعلى كل سوداني شريف وسودانية شريفة، أن يعملوا على إزاحة هذه الطغمة الإرهابية المسيئة للتاريخ العريق للشعوب السودانية بمختلف جهاتها وأقاليمها، فإنه لم يكن في عرف الشرق والغرب والجنوب والشمال أن يقوم سيد القوم بتوجيه اصبع السباب والشتم إلى زعماء أقوام آخرين، لقد أتى هذا الضابط العسكري المغمور بما لم يأت به الأولون ولا الآخرون – المهدي وعلي دينار والأزهري والنميري والمهدي الأخير والميرغني، إنّ التعدي على سيادة الجوار العربي المسلم والإقليمي الصديق لا يمكن أن يصدر من قائد ولا نائب لقائد يعي ما يقول، إنّ الهلاك المبين يأتي من الاستهانة بالمحيطين الافريقي والعربي، ومن لا يحسن اجترار التشنجات التي حدثت من قبل مع الجارين الافريقي والعربي، لن يكون قادراً على تجاوز محنة اليوم، ولا يمكن أن يكون مؤهلاً لخوض غمار (حرب السلام)، فتحقيق مشروع السلام لشعب السودان ليس نزهة، ولا حرباً كلامية يصدرها من لم يفتح الله عليه بذرة من عقل، وإنما هو عمل دؤوب يقوم به أبناء الوطن البررة في صمت وأناة وتأني، واجتهاد وسهر وسفر وقدوم ورواح دون كلل أو ملل، وليس هجاءً جاهلياً يتولى كبره ضابطاً عسكرياً جاهلياً، لا يدري ماذا تعني سيادة الأوطان ولا مكانة الرموز الوطنية.
كلل الله مساعي الوساطات الافريقية والعربية والرباعية بالنجاح، وحفظ الله علاقات الشعب السوداني بالشعوب الافريقية والعربية، ومتّن أواصره بالأسرة الدولية، وعافاه من أمراض الجماعات المتطرفة التي أورثته الحرب والقتل والموت والدمار، وفتح الله عليه أبواب الأمن والسلام الاستقرار، وأبدله بطانة حكم غير هذه البطانة المسيئة لعلاقاته الإنسانية من حسن للجوار عرف به على مر السنين، ومن وصداقات راسخة وتعاون اقتصادي مشترك.
اللهم آمين.
إسماعيل عبد الله
18 يوليو2024
ismeel1@hotmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الشعب السودانی قائد الجیش
إقرأ أيضاً:
ما الذي يضمره أبو إيفانكا لسوريا وقيادتها؟
من الإجحاف أن نستكثر على الشعب السوري فرحته بقرار رفع العقوبات الاقتصادية عن البلد المنهك الجريح؛ وهو أكثر من اكتوى بنيران تلك الخطوة الظالمة وحولت حياته إلى جحيم لا يطاق، وهو المحكوم حينها بعصابة أتت على الأخضر واليابس من مقدرات الوطن وحولته إلى مزرعة خاصة لها ولأتباعها من المتملقين والمنافقين.
شخصيا ومنذ صرخة درعا الأولى ظل وما زال وسيبقى همي الوحيد هو الشعب السوري، وتحملت الكثير جراء اصطفافي في خندقه على الصعيد المهني ولا يسمح المجال بسرد التفاصيل والمزيد؛ لكن ما أرمي إليه أن لي كل الحق في ما سأذكره في الأسطر التالية، وزادي الكم الهائل من الحوارات والمواد الصحفية التي يمكن البحث عنها بمنتهى السهولة عبر محركات البحث والتي وثقت من خلالها للثورة السورية وأبطالها.
وَرَاءَ الأَكَمَةِ مَا وَرَاءَهَا:
هذه خطوة ستعزز حضور القيادة السورية وتفتح أمامها أبواب ظلت موصدة بحكم "الشك والريبة" من الاتهامات المعلبة المعروفة سلفا. لكن السؤال العريض: ما هو الثمن الحقيقي الذي طلبه أو سيطلبه الرئيس الأمريكي من سوريا وقيادتها؟ وهل كل من نشر خلال الساعات القليلة الماضية تسريبات لجس النبض أم مجرد مبالغات؟
إذن دعونا نتعمق في صلب الخطوة دون مقدمات؛ ونتساءل: منذ متى جاءنا الخير على يد أمريكا؟ والمثير للسخرية أن ما نعاينه اليوم تحديدا يقوده تاجر العقارات الذي لا يكل ولا يمل في نهب كل ما يلهب حواسه في أي بقعة كانت على وجه الكرة الأرضية؛ فهل علينا أن نثق في "أبو إيفانكا" الذي يغير كلامه كما يغير بدلاته، وهو المخبول بصفقاته الحالية في الخليج العربي ومن المنطقي أن يتحلى ببعض المرونة أمام قادته قبل أن ينقلب كعادته ويكشر على أنيابه حين تطأ قدماه البيت الأبيض؟
قطعا "مغانم" القيادة السورية كبيرة وراء هذا اللقاء الذي دام لثلاثة وثلاثين دقيقة ويعد الأول لرئيس سوري منذ 25 عاما؛ وهنا لا بد من استحضار حالة الارتباك الشديدة التي عمت على سبيل المثال لقاء أحمد الشرع مع الفرنسي إيمانويل ماكرون، حيث يمكن الملاحظة بمنتهى السهولة "تجاهل" الإليزيه وساكنيه نشر الصور على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي مع ضيفهم أسوة بالتقاليد المتبعة مع باقي الرؤساء الذين يتم استقبالهم؛ في خطوة مشبوهة تكشف التردد الذي استبد بماكرون قبل اتخاذ خطوة استقبال الرئيس السوري.
المؤكد اليوم أن المعايير ستختلف أمام باقي المترددين بعد صور ترامب في السعودية؛ وهذه خطوة ستعزز حضور القيادة السورية وتفتح أمامها أبواب ظلت موصدة بحكم "الشك والريبة" من الاتهامات المعلبة المعروفة سلفا.
لكن السؤال العريض: ما هو الثمن الحقيقي الذي طلبه أو سيطلبه الرئيس الأمريكي من سوريا وقيادتها؟ وهل كل من نشر خلال الساعات القليلة الماضية تسريبات لجس النبض أم مجرد مبالغات؟
المتغطي بالأمريكان عريان:
لعل العبارة اليتيمة التي خلّفها المخلوع حسني مبارك وتختصر علاقته بـ"الماما أمريكا"؛ تكشف بجلاء خيبة أمله الشديدة بعد أن اتُخذ قرار التضحية به وأن صلاحيته قد انتهت بعد سلسلة من العنتريات؛ أشهرها صراخه في وجه ياسر عرفات مرددا: "وقع يا ابن الكلب" حين كان يعتبر نفسه خادما مخلصا لرابين وبيريز ليحصد لاحقا مكافاة نهاية الخدمة التي تليق بأمثاله.
فرحة الشعب السوري امتدت لتشمل كل الوطن العربي من المحيط إلى الخليج وهذه نقطة فاصلة ليست محل نقاش، لكن الحذر كل الحذر مما يطبخ في الكواليس والثمن الحقيقي المراد دفعه، ورهاننا كبير على وعي وانتماء السوريين وأنهم قادرون على تجاوز المطبات
هذه الجملة ينبغي عدم تجاهلها كلما تعلق الأمر بـ"حنان أمريكي" مباغت على غرار انجراف البعض وراء الخطوة الحالية وصياغة قصائد تبجل خصال وأخلاق سيد البيت الأبيض الحالي، دون أدنى تفكير في الخلفيات والثمار التي جناها أو سيجنيها، وكلنا نعي جيدا أن الرجل حذف من قاموسه كلمة "بالمجان " وهو الذي يحكم بعقلية السمسار والتاجر، ومن شب على شيء شاب عليه.
ما يهمنا هو التعامل بحذر شديد مع التطورات الأخيرة لأن الفصول الحاسمة لم تكتب بعد، والأيام القادمة كفيلة بالتوضيح وأيضا إماطة اللثام عن الأسرار التي تحتفظ بها الغرف المغلقة في الرياض السعودية.
ماذا عن الكيان الصهيوني؟
من السذاجة بمكان إعطاء أهمية قصوى للتسريبات الإعلامية المتناسلة عن "الفجوة العميقة" بين الإدارة الأمريكية ورئيس الوزراء الكيان الصهيوني؛ لأن التجارب علمتنا أنها مجرد مسرحيات فاشلة لصرف الأنظار عما يحدث على أرض الواقع، ومن هذا المنطلق لا بد وأن يكون الكيان اللقيط كلمة السر التي يحتفظ بها ترامب وسيسعى جاهدا لوضعها في أبهى حلة خلال الاتفاق الجديد؛ سواء بإشهار التطبيع كما ظل يردد ليل نهار وأيضا الأراضي التي يحتلها ومسلسل عربدته الذي لا يتوقف. وهنا كل الأنظار ستتجه نحو أحمد الشرع وحكومته المطالبَين أكثر من أي وقت مضى بموقف حاسم وحازم؛ ولو أن المؤشرات لا تبشر بخير استنادا لكثرة التسريبات الأخيرة وأيضا للمرونة الأمريكية فيما يخص إلغاء العقوبات.
وهنا نهمس في إذن من يبدو متحمسا للخطوة أو من يعتبرها انتقاما للماضي وسرديات النظام البائد: أولا العصابة الأسدية كانت تتاجر بالقضية الفلسطينية وكل الدلائل أثبتت تورطها وفضحت زيف ادعاءاتها، لذلك لا ينبغي خلط الحابل بالنابل على الإطلاق، ثانيا: ماذا استفادت الدول العربية المطبعة مع الكيان حتى ينال سوريا من "الحب نصيب"؟
ختاما؛ فرحة الشعب السوري امتدت لتشمل كل الوطن العربي من المحيط إلى الخليج وهذه نقطة فاصلة ليست محل نقاش، لكن الحذر كل الحذر مما يطبخ في الكواليس والثمن الحقيقي المراد دفعه، ورهاننا كبير على وعي وانتماء السوريين وأنهم قادرون على تجاوز المطبات لبناء وطنهم وإعادته لمكانته التي يستحقها..
رجاء لا تخذلونا..