أخطر مما نعتقد.. هل يمكن تفادي آثار العطل التقني الذي صدم العالم؟
تاريخ النشر: 19th, July 2024 GMT
العديد من الشركات والأشخاص حول العالم، وجدوا أنفسهم عالقين في مأزق، الجمعة، بعد أن أصبحوا غير قادرين على استخدام أنظمة تقنية، أو السفر، أو حتى التنقل بالقطارات في بعض الدول، وذلك بسبب عطل تقني، حذر خبراء من تداعياته.
وأكدت الخبيرة في مجال الأمن السيبراني وعلم الجريمة الرقمية، ليال جبران، في حديثها إلى موقع "الحرة"، أنه لا يمكن التخفيف من آثار العطل التقني العالمي الذي وقع، إذا تكرر مستقبلا، لافتة إلى أن ذلك الأمر مرهون بالشركة المعنية، في حين قال خبير الأمن السيبراني مصطفى بلطه جي، إن ما حدث "قد يكون أخطر مما يظن البعض".
وكانت شركة "كراود سترايك" للأمن السيبراني قد أعلنت، الجمعة، أن المشكلة التي تسببت في اضطرابات كبيرة حول العالم، وأدت إلى تعطل الخدمات "ليست حادثا أمنيا أو هجوما إلكترونيا".
وآنفا، أفادت وكالة "أنسي" الفرنسية للأمن السيبراني، أن "لا دليل يشير إلى أن العطل أتى نتيجة هجوم إلكتروني"، موضحة أن "الفرق مجندة بالكامل لتحديد المؤسسات المتأثرة في فرنسا ودعمها ولِتحديد .. مصدر هذا العطل".
وفي إشعار سابق تحت عنوان "تدهور الخدمة"، أفادت شركة "مايكروسوفت" بأن المستخدمين "قد لا يتمكنون من الوصول إلى تطبيقات وخدمات مختلفة لمايكروسوفت 365"، وفقا لوكالة فرانس برس.
وأدى هذا الخلل التقني إلى أعطال في مطارات وشركات طيران ووسائل إعلام وبنوك.
وظهر تأثير الانقطاع على نطاق واسع وفي أماكن متباعدة، فقد أبلغت إسبانيا عن "مشكلات تقنية في الكمبيوتر" في جميع مطاراتها، في حين حذرت شركة "رايان إير"، أكبر شركة طيران في أوروبا من حيث عدد المسافرين، الركاب من اضطرابات محتملة، قائلة إنها ستؤثر على "جميع شركات الطيران العاملة عبر الشبكة". ولم تحدد طبيعة الاضطرابات.
وفي الولايات المتحدة، قامت العديد من الشركات مثل "دلتا" و"يونايتد إيرلاينز"، بإيقاف الرحلات بسبب مشاكل في الاتصالات، وفقًا لتنبيه من إدارة الطيران الفدرالية (FAA).
"عدم توافق"وفي تعليقها على ما حدث، قالت جبران لموقع "الحرة"، إنه "لا يمكن للمستخدمين أن يتفادوا الآثار السلبية إذا تكرر ذلك العطل"، موضحة أن "الأمر مرهون بشركة كراود سترايك لتفادي تكرار حدوثه في المستقبل".
وكان الرئيس التنفيذي لشركة "كراود سترايك"، جورج كورتز، قد أوضح عبر منشور على منصة "إكس"، أن الشركة "تعمل مع العملاء المتأثرين بالخلل الذي تم اكتشافه في تحديث محتوى واحد لمستخدمي أنظمة ويندوز، فيما لم تتأثر أنظمة ماك ولينكس".
وأضاف: "هذا ليس حادثا أمنيا أو هجوما إلكترونيا. لقد تم تحديد المشكلة"، داعيا العملاء إلى "زيارة الموقع الإلكتروني للحصول على آخر التحديثات".
وفي هذا السياق، نبهت جبران إلى حدوث عمليات تحديث أنظمة أمنية لشركة كراود سترايك، "لكن تلك التحديثات لم تتوافق مع أنظمة الويندوز، مما تسبب بحدوث ذلك العطل".
وتابعت: "تسبب ذلك في حدوث مشاكل في أنظمة الحواسيب، وبالتالي أصبحت أجهزة الكمبيوتر غير قادرة على العمل، مما تسبب بما يعرف بحالة (شاشة الموت الزرقاء)".
وزادت: "في حالة شاشة الموت الزرقاء (Blue screen of death) تظهر واجهة أنظمة ويندوز بعد أن يتوقف الكمبيوتر عن العمل أو يقوم بإعادة الإقلاع بشكل قسري، مما يدل على وجود على وجود خلل، سواء في العتاد المادي للأجهزة أو في البرمجيات".
ونوهت الخبيرة بأنه في حال ظهور مثل تلك المشكلة، "فإننا كخبراء في الأمن الرقمي يتوجه حدسنا في بداية الأمر إلى شكوك بوجود برمجيات خبيثة أصابت الأجهزة، وبعد التأكد من عدم وجودها، ننظر فيما إذا كان أي جزءمن العتاد المادي للجهاز قد أصابه خلل جراء ارتفاع حرارة الجهاز، على سبيل المثال".
"أخطر مما نعتقد"من جانبه، أوضح خبير الأمن السيبراني، مصطفى بلطه جي، في حديث لموقع "الحرة"، أن ذلك العطل "قد يكون أكثر خطورة مما يعتقد كثيرون، لعدة أسباب".
وتابع: "نعرف أن ذلك العطل أثر على شركات الموانئ والخدمات اللوجيستية، مما سيتسبب في تأخير الشحن وازدحام الموانئ الرئيسية، كما أنه سيؤدي إلى المساس ببيانات المرضى وتعطيل العديد من الخدمات الطبية في المرافق الصحية".
"وبالنسبة لبعض وسائل الإعلام، فهناك احتمال بأن يتم تسريب معلومات حساسة، ناهيك عن تعطيل العديد من الخدمات الإخبارية"، وفق بلطه جي.
وفي نفس السياق، أوضح بيان صادر عن "سمكس"، وهي منظمة غير ربحية تسعى إلى "النهوض والدفاع عن حقوق الإنسان في العالم الرقمي بمنطقة غرب آسيا وشمال أفريقيا"، أن تأثير ذلك العطل "لم يقتصر على حركة الطيران أو المتاجر فحسب، بل يطال كذلك أمن الناس السيبراني وبياناتهم".
وتابع البيان: "يظهر تباعاً أن الكثير من الخدمات المدنية تعتمد على تركيبة سيرفرات (مايكروسوفت ويندوز) وتقنيات الأمن السيبراني من شركة كراود سترايك، مثل المستشفيات والشرطة والمطارات وغيرها. وفي الوقت الفعلي، يشير ذلك إلى احتمال حصول فوضى وضياع في هذه المؤسسات، مما قد يحرم كثيرين من الخدمات، ويؤدي إلى مزيد من التقييد في الحركة أو الاستشفاء أو ضبط الأمن".
أما مديرة "منصة دعم السلامة الرقمية" في "سمكس"، سمر حلال، فتساءلت: "في حال حصل أي تسريبٍ أو سوء استخدام لهذه البيانات، كيف ستتعاطى الدول والشركات مع الحدث؟ ومن سيتحمل المسؤولية؟ وما المخاطر الجديدة التي قد تنجم عن هذه الأعطال؟".
وهنا رأى خبير أمن المعلومات، راغب غندور، في حديثه إلى منصة "سمكس"، أنه وعلى الرغم من أن هذه الحادثة لم تحصل نتيجة هجوم، فإن "بعض الجهات الخبيثة قد تستغل الأمر بهدف شنّ هجوم خلال فترات حصول العطل".
وأوضح أن "الجهات الخبيثة "تستهدف الأنظمة والمؤسسات المتضررة، لسحب ما يمكن من البيانات في حالات الضعف، وهذا مثير للقلق على مستوى عالمي، لا سيما وأن عدداً كبيراً من الذين يستخدمون كراودسترايك في العالم تأثّروا بهذا العطل".
وبالنسبة للتأثيرات السلبية على المستوى الاقتصادي، قال بلطه جي: "المؤسسات المالية في مثل هذه الحالات ستتأثر، مما يؤدي إلى حدوث اضطرابات في التداول ووقوع اختراقات محتملة لبيانات الشركات المالية والمؤسسات المصرفية".
وأكد أن منصات البيع بالتجزئة والتجارة الإلكترونية، تتوقف عادة عند حدوث تلك الأعطال، "مما يتسبب في انقطاع الخدمة عن منصاتها الإلكترونية واحتمال حدوث عمليات سرقة للبيانات".
وكانت البورصات العالمية قد تراجعت، الجمعة، ليس فقط بسبب وجود أجواء من الضبابية الاقتصادية والسياسية في مواقع مختلفة، وإنما أيضا تحت وطأة القلق، نتيجة العطل الذي منع مؤشرات بورصتي لندن وميلانو من إعلان معدلات التغيير في بياناتها في التوقيت الاعتيادي عند افتتاح المداولات في الساعة 7,00 بتوقيت غرينتش".
وحسب وكالة فرانس برس، فإن البورصتين لم تعرضا أسعار الأسهم إلا بتأخير 20 دقيقة.
وأشارت الوكالة إلى أن بورصة لندن كانت لا تزال رغم ذلك تسجل اضطرابات، حسب مذكرة نشرتها على موقعها الإلكتروني وجاء فيها أن "خدمة المعلومات تواجه حاليا مشكلة فنية عالمية على ارتباط بطرف ثالث، مما يمنع نشر المعلومات".
وفيما إذا كانت هناك حلول طارئة يمكن أن تلجأ إليها المؤسسات والشركات العاملة في قطاعات حيوية، مثل الصحة والسفر والمصارف، قال الخبير التقني، حسين العمري، لقناة "الحرة": "ما حدث هو خطأ ليس بالكبير، ويمكن إصلاحه في غضون ساعات قليلة، لكنه كانت بمثابة إنذار جميل لنا حتى نفطن لمثل هذه الأمور مستقبلا".
وأضاف: "أعتقد أن هذا الخلل يدل على وجود عملية تسيّب إن صح التعبير، لأنه ما كان من المفترض أن يحدث بسبب عملية تحديث للبرامج".
وزاد: "الحلول بسيطة وتكمن في توفر بدائل احتياطية، مثل خوادم إضافية تعمل في حال تعطل الخادم الرئيسي، يكون عليها نفس البيانات والمعلومات.. وكأنها مرآة للآخر، ولتبسيط المسألة يمكن القول إنه عندما تنقطع الكهرباء في مستشفى فإن مولدات الكهرباء الاحتياطية تعمل على الفور، وهذا ما يجب أن يحدث إذ وقع نفس الخلل مرة أخرى".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: الأمن السیبرانی کراود سترایک من الخدمات العدید من
إقرأ أيضاً:
إلى أي حد يمكن الاستمرار في تناول مضادات الاكتئاب؟
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا للصحفية كريستينا كارون قالت فيه إن مضادات الاكتئاب تُعدّ من أكثر الأدوية شيوعا وسهولة في الحصول عليها في الولايات المتحدة، ويتناولها الكثيرون لسنوات، ونظرا لغموض الإرشادات السريرية، قامت الصحيفة باستشارة أطباء نفسيين حول ما يجب مراعاته عند اتخاذ قرار بشأن الاستمرار في تناول هذه الأدوية.
وذكرت أنه عندما بدأت مارجوري إيزاكسون بتناول دواء الاكتئاب في أواخر العشرينيات من عمرها، اعتبرته منقذًا لحياتها، في ذلك الوقت، كانت تعاني من مشاكل في زواجها وصعوبة في تناول الطعام، ووجدت أن الدواء ساعدها على استعادة توازنها النفسي. وقالت: "كنت ممتنة للغاية لمجرد قدرتي على القيام بمهامي اليومية".
لكن مؤخرًا، بدأت إيزاكسون، البالغة من العمر 69 عاما، بالتفكير فيما إذا كانت ترغب في الاستمرار بتناول مضادات الاكتئاب مدى الحياة، وأشارت إلى أن إيزاكسون تتساءل تحديدًا عن الآثار طويلة المدى لدواءها، وهو مثبط استرداد السيروتونين والنورابينفرين المعروف برفع ضغط الدم، كما أنها تشعر بالقلق إزاء ردود الفعل السلبية المتزايدة ضد الأدوية النفسية التي أدانت آثارها الجانبية وأعراض الانسحاب الصعبة، وقالت إيزاكسون: "مع مرور السنين، تغير الوضع من 'تناوله وجرّبه، لا داعي للقلق الآن' إلى 'حسنا، يبدو أن الأمور قد تكون معقدة نوعا ما'. وهذا أمرٌ مُقلق".
الصحفية قالت، إنه على الرغم من أن مضادات الاكتئاب الحديثة موجودة منذ عقود - فقد وافقت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية على دواء بروزاك لعلاج الاكتئاب عام 1987 - إلا أن المعلومات المتوفرة حول استخدامها على المدى الطويل قليلة جدا، وقد وافقت إدارة الغذاء والدواء على هذه الأدوية بناء على تجارب استمرت، في أقصى الأحوال، بضعة أشهر، وعادة ما امتدت التجارب العشوائية المضبوطة لمضادات الاكتئاب لمدة عامين أو أقل. ولا تُحدد الإرشادات السريرية الحالية المدة المثلى لتناولها.
وأشارت إلى أن نقص البيانات يجعل من الصعب على الناس معرفة متى - أو حتى ما إذا كان عليهم التوقف عن تناولها. لذلك لجأت الصحيفة لسؤال أطباء نفسيين: ما هي المدة المثلى لتناول مضادات الاكتئاب؟
ما هي العوامل التي يجب مراعاتها؟
وذكرت أن الأطباء النفسيون يقولون إن هذا القرار يُتخذ بالتشاور مع الطبيب. وتعتمد الإجابة على الأعراض، والتشخيص، والاستجابة للدواء، والآثار الجانبية، وعوامل أخرى - وكلها أمور يجب مناقشتها مع الطبيب المختص، لكن في كثير من الأحيان، لا تُجرى هذه المحادثات، كما يقول أويس أفتاب، طبيب نفسي في كليفلاند، والذي أكد أن الأطباء يستمرون في وصف مضادات الاكتئاب لأشخاص ذوي خطر منخفض للانتكاس إلى الاكتئاب "بدافع العادة.. هذه هي المشكلة، ويجب معالجتها".
وقالت إن من المعروف أن لمضادات الاكتئاب آثارًا جانبية تتلاشى غالبا مع تكيف الجسم. لكن بعض الآثار الجانبية، مثل زيادة الوزن والضعف الجنسي، قد تستمر، وأضافت، أن أليس، 34 عاما، تعيش في ماساتشوستس، وطلبت الإشارة إليها باسمها الأول فقط حفاظًا على خصوصيتها، استمرت في تناول دواء سيتالوبرام لمدة عامين قبل أن تقرر التوقف عنه.
وذكرت أن أليس، إن الدواء كان مفيد في علاج نوبات الهلع. لكن السيتالوبرام، وهو مثبط انتقائي لإعادة امتصاص السيروتونين، تسبب بالمقابل في زيادة وزنها ومنحها شعورًا بـ"استقرار مصطنع"، على حد قولها. أرادت معالجتها النفسية أن تستمر في تناوله، لكن أليس عارضت ذلك. لذا توقفت عن تناول الدواء فجأة - وهي عملية مؤلمة - وتستخدم الآن أساليب مثل التأمل وكتابة اليوميات للسيطرة على أعراضها.
ماذا يوصي الأطباء؟
أشار التقرير إلى أن الدكتور جوناثان ألبرت، رئيس قسم الطب النفسي في مستشفى مونتيفيوري أينشتاين بنيويورك، يقول إن الإرشادات السريرية لعلاج الاكتئاب الشديد تقترح الاستمرار في تناول الأدوية حتى يشعر المرضى بتحسن كبير، وأضاف أنه بعد ذلك، من المهم الاستمرار في العلاج لمدة تتراوح بين أربعة وتسعة أشهر على الأقل لترسيخ التعافي. وتشير الأبحاث إلى أن التوقف عن تناول الأدوية قبل ذلك قد يزيد من احتمالية الانتكاس.
يمكن للمرضى بعد ذلك الاستمرار في تناول الأدوية لمدة عام أو عامين إضافيين على الأقل، وهو ما يُعرف بالعلاج الوقائي، وتستند هذه التوصيات، جزئيًا، إلى دراسات وجدت ارتفاعًا في معدلات الانتكاس بين من توقفوا عن تناول الدواء مقارنة بمن استمروا. وهي تمثل إجماعًا بين الخبراء، تم تلخيصه في إرشادات من قِبل الجمعية الأمريكية للطب النفسي وجمعيات مهنية أخرى مثل الشبكة الكندية لعلاجات المزاج والقلق.
وبيّن أنه عند التفكير في الاستخدام طويل الأمد، يأخذ الدكتور ألبرت في الاعتبار عدة عوامل، وهي:
أولا، ما هي مدة معاناة المريض من المرض؟ هل عانى من نوبات اكتئاب متكررة؟ تشير الأبحاث إلى أن الأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب لمدة عامين أو أكثر، أو نوبتين اكتئابيتين على الأقل، مثل إيزاكسون، هم أكثر عرضة للإصابة بنوبات أخرى.
ثانيا، يأخذ الطبيب في الاعتبار شدة المرض. هل تم إدخال المريض إلى المستشفى؟ هل واجه صعوبة في ممارسة حياته اليومية بشكل طبيعي، أو احتاج إلى تجربة أدوية متعددة قبل أن يجد الدواء المناسب؟، وأوضح أن المرض الشديد الذي يصعب علاجه يستدعي استخدام الدواء لفترة طويلة.
أخيرًا، ينظر الطبيب إلى فعالية الدواء: هل يُؤتي الدواء ثماره؟ قد يتحسن بعض المرضى، لكن تبقى لديهم أعراض متبقية. ويقول الدكتور ألبرت إن الاستمرار في تناول الدواء غالبا ما يكون منطقيًا لتجنب "خطر انتكاس الحالة".
وأوضح أن مضادات الاكتئاب تُستخدم أيضا لعلاج مجموعة واسعة من الحالات الأخرى، مثل القلق، والوسواس القهري، واضطراب ما بعد الصدمة، والألم المزمن. ويقول الخبراء إن العلاج طويل الأمد ضروري في كثير من الأحيان لهذه الحالات.
هل يصعب التوقف عن تناول مضادات الاكتئاب بعد الاستخدام المطول؟
وأكد التقرير أنه لا تزال هناك حاجة إلى مزيد من البيانات، لكن تشير بعض الدراسات إلى أن الاستخدام طويل الأمد قد يُسبب أعراض انسحاب قوية، وأنه بشكل عام، يُقدّر أن حوالي واحد من كل ستة أشخاص يتوقفون عن تناول مضادات الاكتئاب يُعانون من أعراض جانبية، قد تشمل هذه الأعراض الدوخة والتعب وصدمات كهربائية في الدماغ. بالنسبة لواحد من كل 35 مريضًا، قد تكون الأعراض شديدة للغاية. في بعض الحالات، تكون هذه الأعراض مزعجة لدرجة أن محاولة التوقف عن تناول الدواء تُصبح صعبة للغاية، ويقول الأطباء إن التخفيض التدريجي للجرعة قد يُساعد.
هل هناك أي خطر من تناول هذه الأدوية على المدى الطويل؟
قالت الصحفية إن من الصعب الجزم بذلك، حيث تشير بعض الدراسات القائمة على الملاحظة إلى أن مضادات الاكتئاب آمنة بشكل عام. لكن لم تُموّل شركات الأدوية أي دراسات عشوائية مضبوطة لدراسة استخدامها على مدى عقود.
وأضافت أنه بالنظر إلى أن أعدادا كبيرة من الناس يتناولون مضادات الاكتئاب (حوالي 11 بالمئة من البالغين في الولايات المتحدة)، فإنه لو كانت هناك مشاكل إضافية مرتبطة باستخدامها "لكان من الصعب جدا تجاهلها"، كما قال الدكتور بول نيستادت، المدير الطبي لمركز الوقاية من الانتحار في كلية جونز هوبكنز بلومبرغ للصحة العامة.
ولفتت إلى أنه لا تخلو هذه الأدوية من المخاطر، والتي تختلف باختلاف نوع الدواء. فقد ارتبطت بعض مضادات الاكتئاب بارتفاع ضغط الدم ومعدل ضربات القلب والكوليسترول. كما يمكن أن تخفض مستويات الصوديوم وتزيد من خطر الإصابة بجلطات الدم.
كما وجدت دراسة دنماركية نُشرت في أيار/ مايو أن الأشخاص الذين تناولوا مضادات الاكتئاب لمدة تتراوح بين سنة وخمس سنوات كانوا أكثر عرضة للوفاة المفاجئة بسبب أمراض القلب مقارنة بمن لم يتناولوا هذه الأدوية. ومع ذلك، فإنه من غير الواضح ما إذا كانت الوفيات ناجمة عن الدواء نفسه أم عن المرض النفسي.
وأضاف الدكتور نيستادت: "أتمنى إجراء المزيد من الدراسات لتحديد هذه المشاكل بشكل أدق"، ويؤكد الأطباء النفسيون على ضرورة موازنة أي سلبيات مع المخاطر الحقيقية لتجنب تناول الأدوية، قال الدكتور نيستادت: "ما زلت أعتقد أن الفوائد تفوق المخاطر بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من اكتئاب حقيقي".