القدس المحتلة– بينما يترقب المستويان السياسي والعسكري الإسرائيليان رد فعل جماعة أنصار الله "الحوثيين" على الهجمات التي شنتها طائرات جيش الاحتلال على منشآت مدنية في ميناء مدينة الحديدة باليمن، أجمعت التحليلات العسكرية بأن قوة الردع الإسرائيلية على المحك، حيث تسعى تل أبيب من وراء هذه الغارات إلى صياغة معادلة جديدة في الشرق الأوسط.

وبعد 9 أشهر ونصف من العدوان على غزة، انتقلت الحرب خلال عطلة نهاية الأسبوع إلى مرحلة جديدة وربما أكثر خطورة، حيث ضربت مسيرة أطلقها الحوثيون من اليمن تل أبيب وقتلت جنديا إسرائيليا، بينما هاجمت أكثر من 20 طائرة تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي الحديدة، وهي المرة الأولى التي تهاجم فيها إسرائيل اليمن، ردا على هجمات الحوثيين.

بدأت إسرائيل العمل لهذا الهجوم، صباح الجمعة، عقب حادثة المسيرة المتفجرة في تل أبيب والتي تبنتها جماعة الحوثي، وذلك بعد موافقة وزير الدفاع يوآف غالانت ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، حيث استنفر الجيش الإسرائيلي قواته تحضيرا للهجوم الذي شنه السبت.

وسعيا من تل أبيب للحصول على دعم دولي لغاراتها على اليمن، أصدر وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس، تعليماته إلى سفراء تل أبيب حول العالم "بالمطالبة بزيادة العقوبات على إيران، وتعريف الحوثيين بأنهم إرهابيون، ودعم طلب أميركا وبريطانيا وفرنسا لعقد جلسة طارئة في مجلس الأمن الدولي".

وتوافقت التحليلات الإسرائيلية بأن تنفيذ الهجوم على مسافة نحو 1700 كيلومتر من تل أبيب، يبعث برسالة إلى المنطقة، وخاصة إلى إيران، حيال القدرات الهجومية الإسرائيلية بعيدة المدى.

ورجحت القراءات العسكرية، أن يؤدي ذلك إلى محاولات من قبل الحوثيين لمهاجمة أهداف إسرائيلية، وقدرت أن تبادل الضربات يزيد أيضا من خطر اندلاع حرب متعددة الجبهات، وبكثافة أكبر.

جانب من الحرائق التي اندلعت في ميناء الحديدة اليمني بعد هجمات إسرائيلية (الفرنسية) معادلة جديدة

من وجهة نظر المراسل العسكري لصحيفة "معاريف"، آفي أشكنازي، فإن مهاجمة سلاح الجو أهدافا في الحديدة باليمن، هي محاولة من تل أبيب لصياغة معادلة جديدة في الشرق الأوسط، ورسالة إلى إيران مفادها بأن إسرائيل مستعدة لمهاجمة مواقع بعيدة جدا، على مسافة 1700 كيلومتر.

وفي قراءة لاعتبارات الهجوم الذي أطلق عليه اسم "اليد الطويلة"، أوضح المحلل العسكري أن الاعتبارات والدوافع لم تكن فقط الرد على الحوثيين وتعزيز الردع ضدهم، بل نقل رسالة إلى "كافة مكونات المحور الإيراني".

ويرى أشكنازي أن الغارات الإسرائيلية على اليمن، تحمل أيضا رسالة تحذير لهجمات حزب الله المستمرة ضد إسرائيل، لافتا إلى أن الهدف أيضا هو توجيه ضربة للطرف الذي يلحق الضرر بالشحن الدولي في البحر الأحمر والمنطقة برمتها، وبالتالي تعزيز التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ضد جماعة الحوثي.

وفي هذا الإطار، يقول المحلل العسكري "تحدث غالانت مع وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، وأبلغه أنه لا يمكن تجاوز الهجوم على تل أبيب بصمت، وأن إسرائيل أعدت منذ زمن حزمة من الردود ضد الحوثيين، وستنفذ هجمات على مواقع في اليمن".

قوة الردع

من ناحيته، يقول يوآف زيتون المراسل العسكري لصحيفة "يديعوت أحرونوت"، إنه يجب ألا يتم الاستهانة والاستخفاف بتهديدات الحوثيين، حيث تأخذ القيادة السياسية والعسكرية في عين الاعتبار أنه سيكون هناك رد فعل من اليمن، وهو ما يضع قوة الردع الإسرائيلية على المحك، لذلك يستعد الجيش الإسرائيلي أيضا لتوجيه "ضربة أقوى" للحوثيين.

وتحسبا لأي هجمات قد تشنها جماعة الحوثي في العمق الإسرائيلي، يضيف المراسل العسكري أن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية في أعلى جهوزية، عبر تكثيف التشكيلات الدفاعية، وإجراء تقييم استثنائي بوزارة المواصلات والسكك الحديدية والموانئ والطيران، وذلك استعدادا لاحتمال أن يحاول الحوثيون إلحاق الضرر واستهداف مشاريع البنية التحتية الحيوية.

وكشف المحلل العسكري النقاب عن أن الجيش الإسرائيلي أجرى قبل نحو شهر ونصف في سماء اليونان وبالتعاون مع جيشها، مناورة تحاكي مهاجمة مواقع في اليمن. وجرت المناورة في ظل القصف على غزة ولبنان، وذلك من أجل ضمان قدرة إسرائيل على توجيه ضربات طويلة ومهاجمة مواقع بعيدة جدا، وفي حالة اضطرت للعمل العسكري فيما يسمى "دول الدائرة الثالثة".

حرب استنزاف

يقول يوآف ليمور المحلل العسكري في صحيفة "يسرائيل هيوم"، إن إسرائيل كانت ترغب في إبقاء ساحة الحوثيين مشتعلة بأقل قدر ممكن، كون أن الأميركيين يقودون تحالفا دوليا في هذا القطاع، وهو ما وفر على إسرائيل الحاجة إلى الانتشار في ساحات قتال جديدة، بيد أنها "اضطرت" للرد عقب المسيرة المتفجرة بتل أبيب.

وبحسب المحلل العسكري، أجبرت ضربة الطائرات المسيّرة في تل أبيب إسرائيل على "تغيير المعادلة"، وكما حدث بعد الهجوم الإيراني بطائرات مسيرة في 14 أبريل/نيسان الماضي، "كان من الواضح أن تجنب الرد من شأنه أن يؤدي إلى تآكل الردع الإسرائيلي بشكل كبير".

وتحدث ليمور عن 3 أسئلة على جدول أعمال المؤسسة الإسرائيلية:

أوّلها ما إذا كان يجب الرد، وكان هناك إجماع سياسي وأمني على ذلك. ومتى يجب الرد، وأيضا كان الإجماع على ضرورة الرد بسرعة. والسؤال الثالث هو كيفية الرد، عندها اقترح الجيش الإسرائيلي عدة خطوات وطرق الرد الممكنة.

وبعد الهجمات الإسرائيلية، يقول المحلل العسكري إن "الافتراض العملي هو أن الحوثيين سيحاولون الرد على الهجوم. وعلى عكس إيران التي امتنعت عن الرد على الهجوم الإسرائيلي لتجنب تصعيد واسع، فإن نهج الحوثيين مختلف، وهم على استعداد لخوض حرب استنزاف مع إسرائيل التي عليها التأكد من عدم الوقوع في هذا الفخ الذي سيحرفها عن أهدافها الأساسية للحرب".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الجیش الإسرائیلی المحلل العسکری من تل أبیب

إقرأ أيضاً:

وزير الخارجية الإسرائيلي: الضغط العسكري على حماس فعال لكنه ليس الخيار الوحيد

قال وزير الخارجية الإسرائيلي، في تصريحات نقلتها قناة القاهرة الإخبارية، إن "الضغط العسكري على حركة حماس يحقق نتائج ملموسة، لكنه لا يُعتبر الحل الوحيد للتعامل مع الحركة"، في إشارة إلى الحاجة لمقاربة أوسع تشمل الأبعاد السياسية والدبلوماسية.

وزير الخارجية الإسرائيلي: الاعتراف الفرنسي بفلسطين يضر بمفاوضات غزةوزير الخارجية الإسرائيلي: سنرد بقوة على أي تهديد لأمننا القوميوزير الخارجية الإسرائيلي: سنواجه أي تهديد على حدودنا في غزة أو سوريا أو لبنان

وأكد أن العمليات العسكرية الجارية في قطاع غزة ساهمت في تقويض قدرات حماس على الأرض، لكنه أشار إلى ضرورة وجود بدائل واستراتيجيات مكمّلة لتجنب التصعيد المستمر.

تحذير من تأثير الضغوط الدولية على موقف إسرائيل

وأضاف الوزير أن الضغوط الدولية المتزايدة على إسرائيل، خاصة في المحافل السياسية والإعلامية، تُسهم – من وجهة نظره – في تقوية موقف حماس إقليميًا ودوليًا، وتمنحها مساحة دعائية تستغلها أمام المجتمع الدولي.

وقال: "عندما يتحول الضغط الدولي من حماس إلى إسرائيل، فإن ذلك يُحدث خللاً في ميزان التعامل مع الإرهاب ويُضعف الجهود المبذولة لحماية المدنيين الإسرائيليين"، حسب تعبيره.

وفي ختام تصريحاته، دعا وزير الخارجية الإسرائيلي المجتمع الدولي إلى تركيز جهوده وضغوطه على حركة حماس، معتبرًا أن توجيه الضغط في الاتجاه الصحيح يمكن أن يسرّع من إنهاء التصعيد، ويُمهّد الطريق نحو حلول سياسية طويلة الأمد.

وأوضح أن "المجتمع الدولي لديه دور حاسم في وقف تمويل ودعم التنظيمات المسلحة، وليس فقط في إدارة تداعيات الصراع".

طباعة شارك القاهرة الإخبارية وزير الخارجية الإسرائيلي قطاع غزة

مقالات مشابهة

  • خبراء أمميون: أفعال إسرائيل بغزة همجية وترقى إلى جرائم إبادة جماعية
  • خبراء أمميون: أفعال "إسرائيل" بغزة همجية وترقى إلى جرائم
  • خبراء أمميون: أفعال إسرائيل بغزة همجية وترقى إلى جرائم
  • صاروخ يُطلق من اليمن وصفارات الإنذار تدوي في القدس وتل أبيب
  • الفلبين تطلب من "الدول الصديقة" المساعدة في تحرير 9 بحارة محتجزين لدى الحوثيين في اليمن (ترجمة خاصة)
  • وزير الدفاع اليمني يكشف عن خطة استراتيجية بمشاوكة أربع دول لإقتلاع الحوثيين من اليمن لكنه أصيب بالصدمة .. عاجل
  • وزير الخارجية الإسرائيلي: الضغط العسكري على حماس فعال لكنه ليس الخيار الوحيد
  • مستنقع اليمن.. لماذا لا تنتصر القوة الأمريكية على الحوثيين؟ (ترجمة خاصة)
  • رواية مدين نجل "صالح" عن مقتل والده برصاص الحوثيين تثير الجدل في اليمن
  • الحملة مستمرة.. حصاد عام من الغارات الإسرائيلية على اليمن