اكتشافات أثرية تستكمل صورة تعاقب الحضارات على أرض الإمارات
تاريخ النشر: 30th, July 2024 GMT
سجلت دولة الإمارات خلال العام 2024 مجموعة من الاكتشافات الأثرية المهمة التي شكلت إضافة نوعية للدلائل المادية الملموسة حول ما شهدته الدولة من تعاقب للحضارات العريقة على أرضها عبر التاريخ.
وتسهم مجموعة الاكتشافات المعلن عنها في تكوين صورة أوضح وأكمل عن تاريخ أرض دولة الإمارات خلال العصور القديمة، وطبيعة العادات والتقاليد والعلاقات الإنسانية لسكانها وكيفية تعاملهم مع مختلف موارد الطبيعة المحلية وتسخيرها لصالحهم.
وأثبتت النتائج الجديدة أن المجموعات البشرية المتنقلة اتخذت من الملجأ الصخري في جبل كهف الدور الواقع بمنطقة حبحب موطناً لها على نحو متكرر منذ حوالي 13 ألفاً إلى 7500 عام، حيث ساد الاعتقاد سابقاً بأن منطقة جنوب شرق الجزيرة العربية كانت غير مأهولة بالسكان منذ حوالي 38000 عام عندما سادتها الظروف المناخية الجافة، إلى أن أصبح مناخها أكثر رطوبة قبل حوالي 7000 عام.
أخبار ذات صلةويجسد الاكتشاف التراث التاريخي الغني للفجيرة، إذ كشفت التنقيبات الأثرية التجريبية في الملجأ الصخري بجبل كهف الدور عن ثلاث طبقات تحتوي على أدوات حجرية وعظام حيوانات ومواقد، وقد أشارت عملية التأريخ بالكربون المشع للفحم المأخوذ من هذه المواقد إلى أن الموقع كان مأهولاً عدة مرات منذ حوالي 13000 إلى 7500 عام، ما يجعل هذا الملجأ الصخري أقدم موقع أثري في الإمارة.
بدورها أعلنت دائرة الثقافة والسياحة في أبوظبي، في يناير الماضي، عن أحدث اكتشافاتها في جزيرة ساس النخل، والتي تسلط الضوء على ثقافة العصر البرونزي في منطقة «أم النار» في أبوظبي، التي كانت سائدة في الحقبة الزمنية ما بين 2700 - 2000 قبل الميلاد. وبعد مرور حوالي 65 عاماً على إجراء التنقيبات الأثرية الأولى في أبوظبي في هذا الموقع، بدأت عمليات التنقيب الجديدة في ساس النخل، كما يتضمن برنامج التنقيب الأثري الحالي أيضاً أعمالاً في مواقع مختلفة في جميع أنحاء أبوظبي، بما في ذلك مواقع التراث العالمي التابعة لليونسكو في العين. وتضمنت اللُّقيات التي تمّ اكتشافها مجموعة محفوظة بشكل جيد تضم أكثر من 30.000 عظمة تسمح بمعرفة المزيد من المعلومات حول النظام الغذائي الذي كان سائداً في العصر البرونزي، حيث وجدت عظام بعض الحيوانات الكبيرة حول مدفأة دائرية كبيرة، ما يشير غالباً إلى ممارسة أنشطة جماعية أو احتفالية، أو إلى أنّ هذا المكان كان مخصّصاً لتجمّع الناس من أجل تناول الطعام. وشملت الاكتشافات الحجرية الرّحى والأحجار المصقولة والفؤوس والخرز، ووعاء من الحجر الناعم، بالإضافة إلى أقراص حجرية دائرية مثقوبة كانت تستخدم لتثقيل شباك الصيد، بينما تضمنت اللُّقيات النحاسية مطرقة صغيرة أو إزميلاً وخطافات صيد.
وعثر خلال عمليات التنقيب الأخيرة على عدد كبير من الأواني الفخارية التي تم استيرادها من مناطق بعيدة مثل بلاد ما بين النهرين القديمة وحضارة وادي السند، ما يؤكّد الدور المحوري للجزيرة في التجارة التي كانت سائدة بين المناطق البعيدة آنذاك. وجرى مطابقة البيتومين «القار» الموجود في الموقع مع مصادر في بلاد ما بين النهرين القديمة، حيث استخدم في صناعة الفخار المقاوم للماء، بالإضافة إلى حفرة تخزين مبطنة بالطين، كما تشير الآثار على الحبال والأخشاب إلى استخدام القار في العزل المائي لهياكل القوارب من العصر البرونزي، ما يشكّل دليلاً على ازدهار الملاحة البحرية لفترات زمنية طويلة، كما تشير هذه الاكتشافات المهمّة إلى أن جزيرة ساس النخل كانت ميناءً بحرياً مزدهراً خلال الفترة من 2800 إلى 2200 قبل الميلاد. من جهتها كشفت دائرة السياحة والآثار بأم القيوين، خلال أعمال التنقيب النظامية في موقع تل أبرق الأثري بالإمارة وبالتعاون مع البعثة الإيطالية، عن مجموعة من المسكوكات الذهبية الرومانية، وهي عملات تمت محاكاتها لعملات أصلية معروفة باسم «أوري» يعود تاريخها إلى فترة ازدهار موقع الدور الأثري خلال القرن الأول الميلادي. وعثر على هذه العملات الذهبية التي تحمل صورة الإمبراطور الروماني «تيبيريوس» الذي حكم الإمبراطورية الرومانية في الفترة من 14 م إلى 37 م داخل جرة صغيرة من الفخار، إضافة إلى مجموعة أخرى من العملات البرونزية مستوحاة من العملة المعروفة باسم «أبيل» والتي تم سكها محلياً وأيضاً سوار من البرونز.
وتولي دولة الإمارات أهمية كبيرة للمواقع الأثرية والمعالم التاريخية، باعتبارها تجسيداً لذاكرة الشعوب والمجتمعات، وقد عكست الاكتشافات الأثرية التي شهدتها الدولة خلال الفترة الماضية، والتي تعود إلى آلاف السنين، طبيعة الحضارات التي توافدت عليها منذ عصور قديمة.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الإمارات الآثار إلى أن
إقرأ أيضاً:
أهم 7 مواقع أثرية في العالم.. ناشيونال جيوجرافيك تختار الأهرامات على رأس القائمة
في عالم يزداد شغفًا باستكشاف الجذور الحضارية للإنسان، أضاءت مجلة National Geographic Traveller واسعة الانتشار على سبعة من أهم المواقع الأثرية في العالم التي ينبغي لكل عاشق للثقافة والتاريخ زيارتها. ولم يكن مستغربًا أن تتصدر أهرامات الجيزة هذه القائمة العالمية، بما تحمله من رمزية إنسانية وتاريخية تعبر عن عبقرية الإنسان القديم وإرثه الخالد.
أهرامات الجيزة... العجيبة الباقية وسط الحداثة
جاء في التقرير أن منطقة أهرامات الجيزة تجسّد مشهدًا ساحرًا يصعب تكراره في أي مكان آخر على وجه الأرض. فمن جهة، يقف الهرم الأكبر للملك خوفو شامخًا منذ القرن السادس والعشرين قبل الميلاد، كأعجوبة وحيدة متبقية من عجائب الدنيا السبع القديمة. إلى جانبه، يقف هرما خفرع ومنكاورع، وتمثال أبو الهول المهيب، الذي لا يزال يثير الدهشة والأسئلة.
من جهة أخرى، تمتد الكتلة العمرانية الحديثة لمدينة الجيزة، في مشهد بصري مدهش يدمج بين عظمة الماضي وحداثة الحاضر، مما يجعل زيارة الموقع تجربة تتجاوز حدود الزمان والمكان.
زيارة بطابع درامي مع مرشد سياحي
أوصى التقرير الزائرين بخوض تجربة زيارة الأهرامات بصحبة مرشد سياحي، حيث تتحول الجولة إلى سرد مشوّق لتاريخ الأسر الحاكمة التي تعاقبت على مصر القديمة، في رواية درامية تشد الزوار وتغمرهم بروح الحقب التاريخية المختلفة التي شهدتها البلاد.
رحلة متكاملة تبدأ من الهرم وتنتهي بالمتحف المصري الكبير
لم تتوقف توصيات المجلة عند الأهرامات فقط، بل شجعت على استكشاف الهرم الأكبر من الداخل عبر تذكرة شاملة، ثم الانتقال إلى المتحف المصري الكبير المجاور، والذي يُعد من أبرز المشاريع الثقافية الحديثة في مصر، ويحتضن آلاف القطع الأثرية النادرة التي توثق حضارة الفراعنة بعيون العصر الحديث.
إشادة عالمية بمكانة مصر الأثرية
هذا التصنيف العالمي من National Geographic Traveller ليس مجرد إشادة عابرة، بل هو تأكيد جديد على ما تمتلكه مصر من كنوز أثرية وروحية تجعلها في طليعة وجهات السياحة الثقافية في العالم. وفي وقت يتعطش فيه العالم لفهم ماضيه، تظل مصر حاضرة بقوة، تمد جسورًا بين الحضارات، وتُذكر الجميع بأن الإنسان قادر على صناعة المعجزات.