بمناسبة عيد نياحته: تعرف على القديس يوسف النجار الخادم العجيب
تاريخ النشر: 3rd, August 2024 GMT
تحتفل الكنيسة القبطية بتذكار نياحة القدّيس يوسف النجّار، هذا الرجل العجيب الذي رافق السيدة العذراء في كلّ تفاصيل تحرّكاتها، منذ ما قبل ميلادها للسيد المسيح وحتّى بداية شبابه، فهو كان ربّ الأسرة الذي اهتمّ بإعالتها، وقيادتها، ورعايتها من كلّ جهة، وقد اختاره الله بعناية فائقة للقيام بهذه المهمّة الصعبة، والتي نجح فيها بامتياز.
وقال القمص يوحنا نصيف فى تصريح له، لعلنا نرى خمسة ملامح واضحة في شخصيّة هذا الرجل البار، تَكشِف لنا لماذا اختاره الله من وسط كلّ شعب إسرائيل ليكون بمثابة والده بالجسد أمام الناس؟
أوّلًا: هو عاش بالإيمان والتسليم الكامل لله.. فلم يعرِف أبدًا خريطة كاملة لما سيحدث معه، ولكنّه تعلّق بالله وسار معه خطوة بخطوة، ويومًا بيومٍ.. كان ينتظر التوجيه الإلهي قبل كلّ خطوة، لكي يسير طبقًا له.. كانت اللغة التي يتكلّم بها الله معه هي لغة الأحلام، فكان يُرسِل له الرسائل مع ملاك في حلم الليل، وكان القديس يوسف بدوره مُطيعًا تمامًا وبشكل فوري لما يقوله الله، حتّى لو كانت تلك الطاعة مُكلِّفة وبها مشقّة كبيرة.. ولكنّ ثقته في رعاية الله كانت بلا حدود..!
ثانيًا: شهد له الوحي الإلهي أنّه كان بارًا (مت1: 19).. ومهذّبًا جدًّا.. فاستحقّ أن يؤتمَن على سِرّ التجسُّد الإلهي.. التصق بالله وبخدمته، فصار اسمه خالدًا.. لم نرَ منه انفعالًا متكبّرًا أو تصرّفًا خشنًا.. ولم نسمعه يعترض على شيء، بل تقبّل كلّ التدابير الإلهيّة بخضوع ووداعة وصبر، على الرغمّ مِمّا كان فيها من أمورٍ صعبة وغير معتادة..!
ثالثًا: تميّز بالهدوء والحكمة والبساطة، وعدم التدخُل في خصوصيّات الغير.. فكان صامتًا أكثر من السيّدة العذراء، ولم يسألها عن أسرارها مع الله، ولا طلب منها تأكيدات معيّنة أو أيّة تفاصيل.. بل أنّ الأناجيل كلّها لم تذكُر له أيّة كلمة قالها، لقد كان يُعبِّر فقط بأعماله المملوءة حُبًّا..!
رابعًا: كان يتمتّع بروح الجنديّة في احتمال المشقّات بصبر ودون شكوى، على الرغم من تقدّمه في السنّ.. فصار جنديًّا صالحًا ليسوع المسيح (2تي2: 3).. لم تكُن التحرُّكات والأسفار سهلةً أبدًا في ذلك الوقت، ولكنّه تحلّى بالمثابرة واحتمل المشقّات العظيمة، لكي يتمّم الرسالة والخدمة التي كلّفه بها الله.
خامسًا: تميّز بتحمُّله للمسؤوليّة، مُعتبِرًا أنّها بركة من الله له.. قد تكون المسؤوليّة صعبة، ولكنّها تُفيد في نضج الإنسان، وتؤهّله للإكليل.. وقد لا يفهم الإنسان تدابير الله في البداية، ولكن مع مرور الوقت يكتشف مقاصِد الله. لقد بدأ القدّيس يوسف بمرور الوقت يفهم رسالته، وأهمّية وجوده كزوجٍ (ظاهريًا) للقدّيسة مريم، التي حرص الربّ يسوع أن يحفظ لها كرامتها في المجتمع، بعد ولادته العذراويّة المعجزيّة منها.. فكان لا بد من وجود شخص كربٍّ للأسرة.. وقد قام القديس يوسف بهذه المهمّة خير قيام..!
الحقيقة أنّ القديس يوسف النجار هو نموذج للخادم الذي يفرح الله بالعمل معه.. يفرح بإيمانه وجدّيته.. بتواضعه وصبره.. بطاعته واستعداده لحمل المسؤوليّة دون شكوى أو تذمُّر.. لذلك سيظلّ قدوةً ونموذجًا عملاقًا للخُدّام، عبر كلّ الأجيال.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: الكنيسة القبطية يوسف النجار العائلة المقدسة القدیس یوسف
إقرأ أيضاً:
الرضيع “يحيى النجار”.. قتلته إسرائيل بالتجويع في “حرب العالم المتحضّر ضد الوحشية”
#سواليف
كان من المفترض أنّ يكون قدومه إلى هذا العالم عيدًا لوالديه وبهجة لعائلته التي انتظرت بلهفة احتضانه وتزيين حياتهم به، ومنّوا أنفسهم بتوفير احتياجاته كاملة لكي ينمو نموًا سليمًا تمامًا مثل أقرانه في أي مكان على هذه الأرض. جاء الرضيع_يحيى_النجار إلى هذه الدنيا ولكنّه ولد في #غزة_المنكوبة. كان قدومه سببًا يدعو للبهجة وسط المأساة، لكنّه شكّل أيضًا بدء سلسة من #المعاناة المتواصلة لتأمين أبسط احتياجاته وسط هذه الظروف القاتلة.
ولد “يحيى” في المدينة التي تحاصرها إسرائيل منذ أكثر من 19 عامًا، وشدّدت حصارها بالتزامن مع تنفيذها #إبادة_جماعية فيها منذ أكتوبر/ تشرين أول 2023، حيث استخدمت إسرائيل سياسة التجويع المنهجية ضد السكان المدنيين، ولم تسمح سوى مرات نادرة بإدخال كميات قليلة من الطعام لا تسمن ولا تغني من جوع، ولا تلبي الاحتياجات الهائلة للسكان المُجوّعين في قطاع #غزة.
اصطدمت والدة “يحيى” بهذا الواقع المميت، وأصاب رضيعها ما أصاب معظم سكان المدينة من الهزال بسبب #الجوع_الشديد، فهرعت -وهي التي أنهكها الجوع- به إلى مستشفى “ناصر” في مدينة خانيونس جنوبي قطاع غزة، حيث كان يعاني من إعياء شديد بسبب الإسهال الملازم له منذ أيام، لكنّها ووالده اكتشفا أنّ “يحيى” يعاني من سوء التغذية الحاد، وأخبرهم الطبيب بضرورة أن يبقى تحت الملاحظة في وحدة العناية المركزة.
مقالات ذات صلة مصدر إسرائيلي يؤكد: لم يتبق لدى حماس أكثر من 20 رهينة على قيد الحياة 2025/07/28في حقيقة الأمر، وصل “يحيى” لهذه #الحالة_الخطرة لأنّه لم يتناول شيئاً منذ أربعة أيام سوى “اليانسون” الخالي من أي مادة مغذية لرضيع يبلغ من العمر أربعة أشهر فقط. لم يجع “يحيى” صدفة أو إهمالًا، فوالداه طرقا كل أبواب المدينة بحثًا عن حليب أو أي مكملات أو مدعمات غذائية ولم يجدا شيئًا بسبب الحصار الإسرائيلي المشدد، حيث تمنع إسرائيل إدخال حتى الحد الأدنى من أبسط الاحتياجات الغذائية سواء للأطفال أو البالغين وتتركهم ليموتوا جوعًا، على مرأى ومسمع من العالم الذي يشاهد هذه الفظاعات ولا يحرك ساكنًا.
لم يمهل الجوع “يحيى” كثيرًا، ولم يستطع جسده النحيل الصغير الصمود كثيرًا، وتوفيبعد أربعة أشهر فقط من حياة لم يعرف منها سوى المعاناة والألم، وما كان خيالًا مستبعدًا أصبح حقيقة واقعة: لقد توفي بسبب الجوع.
يصف والد الطفل الرضيع “يحيى النجار” جسد طفله ويقول: “ما ذنب طفلي أن يموت من الجوع ومن قلة المواد الخاصة بالأطفال في قطاع غزة؟ ما ذنبه؟! انظر كيف نحل جسده.انظر كيف التصق جلده بعظمه!”
وبقلب يعتصره القهر والحسرة والألم، يحمل والد “يحيى” جثمان طفله ويصرخ: “نطالب كل العالم وأي إنسان لديه ضمير حيّ ورحمة وإنسانية أن ينظروا لما آل إليه مصير أطفالنا بسبب عدم وجود الحليب والطعام”.
أما والدته فتبكي بحرقة وتقول: “لم يتناول شيئاً منذ أربعة أيام سوى “اليانسون” والمياه لعدم توفر الحليب الطبيعي أو الصناعي. كان طوال الوقت يضع يده في فمه من شدة الجوع”.
تجتمع العائلة المكلومة حول جثمان “يحيى” المسجى على السرير بلا لون وبعظام بارزة وجلد مجعد، ويبكون انقلاب فرحتهم إلى فاجعة بسبب ظروف قاهرة كانت أقوى من أن يستطيعوا تغييرها أو تحسينها.
لم يكن “يحيى” الطفل الأول أو الوحيد الذي يفقد حياته في غزة بسبب سياسة التجويع الإسرائيلية المنهجية، فسبقه أكثر من 110 مُجوَّعين معظمهم من الأطفال، توفوا بسبب المجاعة وسوء التغذية، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية في غزة.
منذ شهر مارس/آذار الماضي، بعد إعادة فرض إسرائيل حصارها المطبق على القطاع،توفي نحو 90 طفلًا بسبب المجاعة التي تتفاقم مع مرور الوقت، وتزايدت أعداد الأشخاص -من مختلف الفئات العمرية- الذين يصلون المستشفيات بحالة إعياء وتعب شديد، وقد وصل الحال ببعضهم إلى الانهيار من شدة الجوع وسوء التغذية الحاد.
خلال جريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة، أكّد رئيس الوزراء الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو” في أكثر من مناسبة أنّ هذه ليست حرب إسرائيل فقط، بل هي حرب الحضارة والعالم المتحضر ضد الوحشية، وتمتد إلى ما هو أبعد من مكافحة الإرهاب، على حد وصفه. فهل من صفات “العالم المتحضر” أن يقتل الأطفال والبالغين جوعًا؟ أو حتى أن يكون سببًا في ذلك من خلال غض الطرف عن الفظائع التي ترتكبها إسرائيل في غزة، بل ومدّها بجميع أسباب الاستمرار في تلك الأفعال؟ وهل هؤلاء الضعفاء الذين يقضون جوعًا متوحشون وينبغي محوهم من الوجود؟
في قطاع غزة المُحاصر، يواجه نحو 650 ألف طفل خطر الموت جوعًا إن لم يتحرك العالم لوقف جريمة الإبادة الجماعية والحصار الخانق المفروض على المدنيين، ويفعّل كل أدواته لإنقاذ ما يمكن إنقاذه بعد أكثر من 21 شهرًا من الاستهداف الشامل والمنهجي لجميع سبل الحياة في القطاع، وتقصّد إهلاك وإفناء المجتمع برمّته.
لا يمكن أن يصبح الموت جوعًا شيئًا عاديًا بين أروقة المستشفيات وثلاجات الموتى وطرقات المقابر، لكنّ شبحه أصبح ملازمًا للجميع في غزة مع اشتداد المجاعة واستمرار الحصار الذي أحكمت إسرائيل إطباقه على القطاع منذ 2 مارس/ آذار الماضي. ومنذ أواخر مايو/ أيار المنصرم، فرضت إسرائيل بدعم أمريكي آلية مساعدات وهمية، تبيّن فور تشغيلها أنّها مساحة جديدة للقتل ومصيدة للموت، تضع فيها مؤسسة أمريكية صناديق طعام قليلة لآلاف المجوعين في مناطق عسكرية خطيرة، ويتولى الجيش الإسرائيلي مهمة قتلهم بدم بارد خلال توجههم لتلك المناطق، حيث قتل منذ ذلك الوقت أكثر من ألف مُجوّع دون أي ضرورة أو سبب، ودون أي يكلّف نفسه حتى بتبرير هذه الوحشية.
لم يعد يملك الفلسطينيون في قطاع غزة وسيلة للنجاة من كل هذه الظروف التي اجتمعت لإهلاكهم ومحوهم من الوجود، فهم يقفون وحدهم بأمعاء فارغة وأجساد متهالكة في مواجهة ترسانة عسكرية ضخمة مصممة لمقارعة جيوش جرارة لا مدنيين عزل، ولا أحد في هذا العالم يتدخل لوقف هذه المهلكة.