لماذا يجب التوقف عن استخدام الهاتف الذكي ساعة يوميا؟
تاريخ النشر: 3rd, August 2024 GMT
اعترف نجم هوليود توم كروز بأنه لا يملك هاتفا ذكيا وكل ما يريده هو أن يكون مع أولاده وأن يصنع أفلاما، كما تخلّى النجم العالمي مايكل سيرا عن هاتفه الذكي بحجة أنه سيفقده السيطرة على حياته، وقبل 3 سنوات كشف نجم البوب إيد شيران عن شرائه نوكيا 3310 بنسخته المحدثة حتى يتمكن نظام التتبع من الوصول إليه عندما يكون مسافرا.
قد لا تتعارض فكرة التخلي عن الهواتف الذكية مع نمط حياة هؤلاء المشاهير وغيرهم، وخاصة مع وجود من يدير أعمالهم، بينما عدم امتلاك هاتف ذكي هو أمر لا يمكن تصوره لدى كثيرين، وقد يكون مستحيلا أكثر من أي وقت مضى، ولا سيما بعد أن أصبحت الهواتف انعكاسا لحياتنا ومركز أنشطتنا اليومية ونافذتنا على العالم.
ولكن إذا كان التخلي عن الهواتف الذكية أمرا غير واقعي، فما البديل الأمثل لتعزيز الصحة والرفاهية؟
اليقظة الرقمية والصحة العقليةيبدو أن التفاعل بوعي مع الأجهزة الرقمية هو الحل الأكثر واقعية، إذ تشير التقديرات إلى أن الشخص العادي يقضي في المتوسط 4 ساعات و37 دقيقة على هاتفه كل يوم، وهذا الوقت لا يشمل الاستخدام المرتبط بالعمل، ومن ثم فإنه يمثل ضررا على الصحة العقلية وضعف الوظائف الإدراكية ويعزز اضطرابات النوم ويؤثر على الرقبة والكتفين والظهر مسببا ما يعرف "بالرقبة النصية".
ولهذا ينصح الخبراء بممارسة "اليقظة الرقمية"، ويوضح سينا جونيدي، المحاضر الأول في المشاريع الرقمية بجامعة تيسايد بالمملكة المتحدة، أن اليقظة الرقمية تتمثل في استخدام التكنولوجيا استخداما واعيا وهادفا لتعزيز بيئة رقمية صحية وآمنة بدلا من الانجذاب إلى التمرير الإدماني الذي لا معنى له، "فلا تفرط في استخدام هاتفك ولا تنقطع تماما عنه"، وذلك نقلا عن موقع "بي بي سي".
وقد تبنّى باحثون من جامعة رور الألمانية الفكرة نفسها، وأفادوا بأنه ليس من الضروري التخلي تماما عن الهاتف الذكي للشعور بالتحسن، ولكن يمكن للتغييرات الواعية والمحكومة بالوقت أن تسهم في تعزيز الرفاهية وتحسين الصحة العقلية.
وللوصول إلى تلك النتائج التي نشرت في دورية علم النفس التجريبي 2022، انقسم المشاركون إلى 3 مجموعات؛ تخلّت المجموعة الأولى عن استخدام الهواتف الذكية تماما، في حين قللت الأخرى من استخدامه بمقدار ساعة واحدة يوميا، ولم تغير المجموعة الثالثة من سلوكها.
وأشارت الدراسة إلى أن التخلي عن الهاتف الذكي وكذلك تقليل استخدامه كان لهما آثار إيجابية على نمط حياة المشاركين ورفاهيتهم وارتفاع مستوى الرضا عن الحياة ووقت النشاط البدني كما انخفضت أعراض القلق والاكتئاب.
وقالت عالمة النفس والمؤلفة الرئيسة للدراسة جوليا برايلوفسكايا إن التأثيرات الإيجابية استمرت مدة أطول في المجموعة التي قللت الاستخدام، ومن ثم كانت أكثر استقرارا مقارنة بمجموعة الامتناع الكامل. وأضافت "لقد أدى التدخل الذي استمر أسبوعا إلى تغيير عادات الاستخدام لدى المشاركين بشكل عام على المدى البعيد حتى بعد 4 أشهر من انتهاء التدخل".
وفي عام 2023 أشادت دراسة أخرى أجراها باحثون من جامعة هانيانغ في كوريا بأن تقليص استخدام الهواتف الذكية يقلل من خطر الإصابة بمشكلات الصحة العقلية. ووجد الباحثون أن الأشخاص الذين تراوح أعمارهم بين 13 و18 سنة ممن استخدموا هواتفهم مدة تقل عن ساعتين يوميا كانوا أقل عرضة للتوتر بنسبة 30% وأقل عرضة للإصابة بالاكتئاب بنسبة 38%، كما كانوا أقل عرضة للتفكير في الانتحار بنسبة 43%، وكذلك أقل عرضة لتعاطي الكحول بنسبة 47%، وعلى النقيض ارتبط استخدام الهواتف أكثر من 4 ساعات بخطر الإصابة بهذه المشاكل.
جودة النوم والحالة المزاجيةتؤثر عادة استخدام الهواتف قبل النوم مباشرة على جودة النوم وصحة الدماغ، وما يجعل هذه العادة اسوأ هو الشعور بالحاجة إلى الاتصال الدائم والتواجد، ولهذا يوصي موقع "كليفلاند كلينك" بترك استخدام الهواتف ليلا قبل النوم بساعة أو ساعتين.
كذلك أشارت دراسة نشرتها مجلة "بلس وان" 2020 إلى أن تجنب استخدام الهاتف قبل النوم بمقدار 30 دقيقة أدى إلى تحسن عام في جودة النوم والحالة المزاجية وقدرة الذاكرة العاملة. وربط الباحثون بين جودة النوم وانخفاض كمية الضوء الأزرق المنبعث من الهواتف والذي يؤخر إطلاق هرمون الميلاتونين (هرمون النوم).
الإبداع والتفكير النقديوفق موقع "بيد مونت"، يرى مدرب الحياة دينيس بوتيمر أن الإفراط في استخدام الهواتف الذكية يحدّ من التفكير النقدي والإبداع. ولإثبات ذلك، يقول "فكر في آخر مرة أردت فيها تذكر معلومة ما، ولكنك لم تستطع. هناك احتمال كبير أنك قلت سأبحث على غوغل"، ورغم أن هذا ليس بالأمر السيئ فإنه من وجهة نظر بوتيمر يغلق الباب أمام التفكير النقدي والتساؤل.
ويتفق مع هذا الرأي يورجن إدهولم، الرئيس التنفيذي لشركة إكسليون لمشاركة الملفات، مشيرا إلى أنه عندما يغلق هاتفه لا يكون هدفه السلام والهدوء، بل لأنه يريد التفكير. وقد عبّر عن مخاوفه لموقع "آي إن سي" بقوله "إن أكبر مخاوفي في ما يتعلق بالاتصال المستمر بالإنترنت هو أن يتوقف الناس عن التفكير".
انفصال متعمد ومؤقتوفي سبيل الحفاظ على الصحة والموازنة بين المشاركة في العالم الحقيقي ووقت الشاشة، هذه بعض الخطوات التي قد تساعدك:
استخدم خاصية عدم الإزعاج في أوقات محددة مع تعديل إعدادات الهاتف للحد من عدد الإشعارات التي تتلقاها. خصص مناطق خالية من استخدام الهواتف الذكية داخل منزلك، قد تكون غرفة نومك أو غرفة الطعام أو أي مساحة أخرى تقضي فيها وقتا مع أحبائك أو تشارك في أنشطة ترفيهية. ابحث عن أنشطة بديلة تغذي هواياتك واهتماماتك لملء الوقت الذي تقضيه عادة على هاتفك، مثل ممارسة التمارين الرياضية أو الرسم أو العزف على آلة موسيقية أو المشاركة في أعمال البستنة. اجعل هاتفك أقل إغراء: فوفق دراسة أميركية لعام 2022، يمكنك تقليل جاذبية الهاتف والحد من استخدامه بتغيير شاشة العرض إلى "التدرج الرمادي"، وهناك حيلة أخرى تنصح بها الطبيبة النفسية كريستينا لي، لموقع "سيلف"، وهي لف رباط شعر أو شريط مطاطي حول الهاتف ليعمل كحاجز مادي بينك وبين التمرير غير الواعي ويدفعك إلى تحديد نيتك قبل استخدامه في كل مرة.المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات استخدام الهواتف الذکیة الصحة العقلیة الهاتف الذکی جودة النوم قبل النوم التخلی عن أقل عرضة إلى أن
إقرأ أيضاً:
علماء يفسرون.. لماذا نستيقظ قبل رنين المنبه؟
لطالما أثارت دهشتنا قدرة أجسامنا العجيبة على الاستيقاظ قبل دقائق قليلة من رنين المنبه، وكأنها تعتمد على ساعة داخلية مذهلة لا تخطئ مواعيدها أبدًا، هذه الظاهرة التي تبدو وكأنها محض مصادفة هي في الواقع انعكاس لدقة عمل الساعة البيولوجية التي تنسّق دورات النوم والاستيقاظ بتناغم مثالي مع محيطنا الطبيعي.
مع اقتراب موعد استيقاظك اليومي، يبدأ جسمك بعملية تحضيرية معقدة، إذ تنطلق إشارات هرمونية تُمهّد لانتقال جسمك من حالة النوم إلى حالة اليقظة التدريجية. تشمل هذه العملية ارتفاعًا طفيفًا في درجة حرارة الجسم الأساسية وانخفاضًا تدريجيًا في مستويات هرمون الميلاتونين المسبب للنوم، بينما يزداد إنتاج هرمون الكورتيزول المسؤول عن اليقظة. يُطلق على هذه الزيادة المفاجئة باسم "استجابة اليقظة"، حيث تعمل كنداء داخلي يوقظ أجهزة الجسم برفق، مما يجعل عملية الاستيقاظ الطبيعي أكثر سلاسة مقارنة بالاستيقاظ المفاجئ على صوت المنبه.
الاستيقاظ قبل موعد المنبه قد يكون مؤشرًا إيجابيًا عندما يصاحبه شعور بالنشاط والراحة، ما يعني أن ساعتك البيولوجية متزنة وأنك تحصل على نوم كافٍ وذي جودة عالية. لكن إذا اقترن هذا الاستيقاظ المبكر بشعور بالتعب والإجهاد أو ثقل في الرأس، فقد يشير ذلك إلى مشكلات في نوعية نومك أو اضطراب في جدول نومك. في مثل هذه الحالات، يعتمد الجسم بشكل كبير على صوت المنبه الخارجي الذي قد يتسبب في قطع دورة نوم عميقة، مما يؤدي إلى الشعور بالخمول والترنح صباحًا.
تعمل الساعة البيولوجية بدقة تتأثر بالعديد من العوامل، أبرزها الضوء الطبيعي الذي يعتبر المحفز الأساسي لها. فالتعرض لأشعة الشمس في بداية اليوم يساعد في تنظيم إيقاع الجسم اليومي، بينما تؤدي الإضاءة الزائدة ليلاً، خاصة الضوء الأزرق المنبعث من الشاشات الرقمية، إلى تشويش هذا التوازن. كما يمكن للروتين غير المنتظم، وتقلب أوقات النوم والاستيقاظ، وتناول الوجبات في أوقات غير محددة، بالإضافة إلى الإجهاد المستمر، أن تسبب خللاً في انتظام هذه الإيقاعات الحيوية.
لإعادة ضبط ساعتك البيولوجية وتحسين نومك، هناك بعض العادات الصحية التي يمكنك تبنيها. حاول الالتزام بمواعيد محددة للنوم والاستيقاظ يوميًا، حتى في أيام الإجازة. اجعل غرفة نومك بيئة مناسبة للنوم عبر تقليل الإضاءة والضوضاء قدر الإمكان أثناء الليل، واحرص على تعريض نفسك لضوء النهار الساطع عند الصباح. قلل من استهلاك الكافيين والوجبات الثقيلة قبيل النوم بفترة لا تقل عن ثلاث ساعات، وابتعد عن استخدام الأجهزة الإلكترونية قبل النوم بساعتين على الأقل. كما يمكن للأنشطة البدنية المنتظمة خلال النهار أن تساهم بشكل كبير في تحسين جودة النوم ليلاً.
تؤكد الأبحاث العلمية المتزايدة أهمية التناغم مع إيقاعاتنا الحيوية لتعزيز الصحة العامة وتحسين جودة الحياة. إن الإصغاء لإشارات أجسامنا والاستجابة لها بوعي يمكن أن يكون المفتاح لتحقيق أعلى معدلات الإنتاجية والإحساس بالتوازن النفسي والجسدي. لذا، تدعونا الساعة البيولوجية المدهشة دائمًا لتذكر أننا جزء من نظام طبيعي متناغم، وأن احترام هذا الإيقاع هو الخطوة الأولى نحو حياة أكثر توازنًا وصحة.