هل الولايات المتحدة تتجه حقا نحو الركود؟
تاريخ النشر: 8th, August 2024 GMT
شهدت الأسواق المالية العالمية اضطرابات كبيرة الأيام الأخيرة، في وقت تعرض فيه شاشات التداول في الولايات المتحدة وآسيا وأوروبا أرقاما حمراء مثيرة للقلق رغم التعافي النسبي فيما بعد. هذا الانخفاض المفاجئ أثار مخاوف متزايدة من أن الاقتصاد الأميركي، الأكبر في العالم، قد يكون في حالة تباطؤ.
بيانات الوظائف تثير القلقوتقول "بي بي سي" في تقرير لها تناول الاضطرابات أن المحرك الرئيسي لهذه المخاوف هو بيانات الوظائف الأميركية لشهر يوليو/تموز، التي صدرت يوم الجمعة الماضي.
الأرقام أظهرت أن قطاع الأعمال الأميركي أضاف 114 ألف وظيفة فقط، وهو أقل بكثير من التوقعات التي كانت تشير إلى 175 ألف وظيفة جديدة.
بالإضافة إلى ذلك، ارتفع معدل البطالة إلى 4.3%، وهو أعلى مستوى له في نحو 3 سنوات، مما أدى إلى تفعيل "قاعدة ساهام".
وهذه القاعدة، التي سميت على اسم الخبيرة الاقتصادية كلوديا ساهام، تشير إلى أنه إذا كان متوسط معدل البطالة على مدى 3 أشهر أعلى بنصف نقطة مئوية من أدنى مستوى له خلال الـ12 شهرا الماضية، فقد تكون البلاد في بداية ركود.
وفي يوليو/تموز الماضي، كان متوسط معدل البطالة لمدة 3 أشهر 4.1%، مقارنة بأدنى مستوى له خلال العام الماضي البالغ 3.5%.
أسعار الفائدة وإجراءات الفدراليإضافة إلى هذه المخاوف، قرر مجلس الاحتياطي الفدرالي (المركزي الأميركي) الأسبوع الماضي عدم خفض أسعار الفائدة، على عكس البنوك المركزية الكبرى الأخرى، مثل بنك إنجلترا والبنك المركزي الأوروبي.
ومع ذلك، أشار رئيس الاحتياطي الفدرالي جيروم باول إلى أن خفض الفائدة قد يكون على الطاولة لشهر سبتمبر/أيلول. وهذا التأخير في خفض الفائدة أدى إلى تكهنات -وفقا لبي بي سي- بأن الفدرالي ربما تأخر في اتخاذ الإجراءات، مما قد يفوت الفرصة لتعزيز الاقتصاد عن طريق جعل الاقتراض أرخص.
تأثير قطاع التكنولوجياوكان قطاع التكنولوجيا أيضا مساهما كبيرا في تقلبات السوق، حسب بي بي سي، إذ أعلنت شركة إنتل عن خطط لخفض 15 ألف وظيفة من إجمالي موظفيها، وكانت هناك شائعات بأن شركة إنفيديا قد تؤجل إصدار شريحتها الجديدة للذكاء الاصطناعي.
هذه التطورات أدت إلى انخفاض حاد في ناسداك، وهو المؤشر الأميركي الذي يضم عمالقة التكنولوجيا، الذي انخفض بنسبة 10% يوم الجمعة الماضي. والخوف الناجم عن هذا البيع في أسهم التكنولوجيا زاد من المخاوف في السوق الأوسع.
مخاطر ركود؟ورغم أن البيانات الأخيرة وردود فعل السوق أثارت الإنذارات، فإن بعض الخبراء يعتقدون أن الحديث عن الركود قد يكون سابقا لأوانه. ففي حديث لشبكة "سي إن بي سي"، قالت كلوديا ساهام نفسها: "نحن لسنا في ركود الآن، لكن الزخم يذهب في هذا الاتجاه". وأضافت أن الركود ليس حتميا، وهناك مجالا كبيرا لخفض أسعار الفائدة، حسبما نقلته "بي بي سي" على لسانها.
وأشار نيل شيرينغ، كبير الاقتصاديين في "كابيتال إيكونوميكس" في حديث لبي بي سي، إلى أن الذعر في السوق قد يدفع الاحتياطي الفدرالي إلى خفض الفائدة قبل اجتماعه في سبتمبر/أيلول إذا تفاقمت الحالة وهددت الاستقرار المالي.
كما لاحظ أن تقرير الوظائف لشهر يوليو/تموز كان ضعيفا، لكنه قد يكون تأثر بعوامل مثل إعصار بريل، وتشير البيانات الأخرى إلى سوق عمل يبرد بدلا من الانهيار.
وقدم سيمون فرينش، كبير الاقتصاديين في "بانمور ليبروم" للاستشارات، نصيحة بتحليل الوضع بحذر، قائلا لـ"بي بي سي" إنه "من المهم أن نأخذ خطوة للوراء. هل قمنا فجأة بإعادة تقييم صحة أكبر اقتصاد في العالم؟ لا، ولا ينبغي لنا ذلك". وأقر بأن الوضع الحالي يمثل نقطة بيانات أخرى في فترة من السيولة والعديد من المخاوف.
ورغم اضطرابات السوق الأخيرة والبيانات المخيبة للآمال بشأن الوظائف، فإن "بي بي سي" تشير إلى أن الركود ليس نتيجة حتمية. وإن احتمال خفض الاحتياطي الفدرالي الفائدة في سبتمبر/أيلول المقبل وصمود سوق العمل يوفران بعض الأمل في أن يتمكن الاقتصاد الأميركي من تجاوز هذه التحديات من دون الانزلاق إلى ركود.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الاحتیاطی الفدرالی بی بی سی قد یکون إلى أن
إقرأ أيضاً:
الولايات المتحدة توقف باحثة صينية بتهمة تهريب فطر زراعي
أعلن مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي (أف بي آي)، كاش باتيل، أن السلطات الأمريكية ألقت القبض على مواطنة صينية تُدعى يونتشينغ جيان، بتهمة تهريب عنصر بيولوجي خطير إلى الولايات المتحدة، في واقعة أثارت مخاوف بشأن الأمن البيولوجي والزراعي على حد سواء.
وقال باتيل، في منشور له عبر منصة "إكس"، إن المشتبه بها قامت بإدخال فطر يُدعى Fusarium graminearum، مصنّف ضمن عناصر "الإرهاب الزراعي"، إلى الأراضي الأمريكية، بغرض استخدامه في أبحاث داخل جامعة ميشيغان، حيث تعمل كباحثة.
وأوضح باتيل أن هذا الفطر يصيب محاصيل حيوية مثل القمح والشعير والذرة والأرز، كما قد يؤدي إلى مشكلات صحية خطيرة لدى البشر والماشية على السواء، وهو مسؤول عن خسائر اقتصادية تُقدر بمليارات الدولارات سنوياً على مستوى العالم.
FBI Director @Kash_Patel is exposing what he calls a “direct threat to national security” after two Chinese nationals were charged Tuesday with allegedly smuggling a "dangerous biological pathogen" into the U.S. to study at the University of Michigan. pic.twitter.com/sAZXeJ72nl — Fox News (@FoxNews) June 3, 2025
صلات مع الحزب الشيوعي
وبحسب مدير (أف بي آي) فإن الأدلة تشير إلى أن جيان عبرت عن ولائها للحزب الشيوعي الصيني، وتلقت دعماً وتمويلاً حكومياً من بكين لإجراء أبحاث مشابهة على هذا الفطر داخل الصين.
وأوضح أن "ما كشفته التحقيقات يمثل نموذجاً واضحاً للتغلغل الصيني في المؤسسات البحثية الأمريكية، واستهداف منظومة الغذاء الأمريكية".
New... I can confirm that the FBI arrested a Chinese national within the United States who allegedly smuggled a dangerous biological pathogen into the country.
The individual, Yunqing Jian, is alleged to have smuggled a dangerous fungus called "Fusarium graminearum," which is an… — FBI Director Kash Patel (@FBIDirectorKash) June 3, 2025
المنع من دخول الولايات المتحدة
كما وُجهت تهم مماثلة إلى زونيونغ ليو، صديق جيان، وهو باحث يعمل في جامعة صينية ويجري أبحاثاً على الفطر ذاته. لكن استبعِد تسليمه إلى واشنطن لعدم وجود اتفاقية تبادل للمجرمين بين البلدين.
وكان ليو قد حاول دخول الولايات المتحدة عبر مطار ديترويت في تموز/يوليو 2024، إلا أن سلطات الجمارك رفضت دخوله بعد أن قدّم روايات متضاربة بشأن مادة نباتية حمراء عُثر عليها في حقيبته. وبعد إنكاره في البداية معرفته بها، أقر لاحقاً بنيّته استخدامها في أبحاث ضمن مختبر جامعة ميشيغان، حيث تعمل جيان وكان قد عمل سابقاً.
وأشار المكتب إلى أن تفتيش هاتف ليو كشف عن مقالة علمية بعنوان: "حرب النبات والفطريات في ظل تغير المناخ". كما أظهرت رسائل متبادلة بينه وبين جيان أن الأخيرة كانت تحتفظ بعينة من الفطر داخل مختبر الجامعة قبل توقيف ليو، رغم عدم امتلاك الجامعة للتصاريح الفيدرالية اللازمة للتعامل مع هذه المادة الخطيرة.
اتهامات جنائية وتحذيرات أمنية
وجهت النيابة الأمريكية للثنائي تهم التآمر وتهريب بضائع إلى داخل الولايات المتحدة، وتقديم بيانات كاذبة، إضافة إلى الاحتيال في التأشيرات.
وعلق باتيل قائلاً: "هذه القضية تذكير صارخ بأن الحزب الشيوعي الصيني لا يتوقف عن إرسال باحثين وعملاء للتسلل إلى المؤسسات الأمريكية، واستهداف سلاسل الإمداد الغذائي، مما يعرض حياة المواطنين واقتصادنا الوطني لأخطار جسيمة".
وأضاف أن "أف بي آي سيواصل العمل بلا كلل لحماية الأمن القومي من التهديدات البيولوجية والزراعية، مهما كان مصدرها".
وفيما اعتبرت السلطات الأمريكية القضية تهديداً مباشراً للأمن الزراعي، رأت صحف أجنبية أن توقيف الباحثة الصينية يأتي في سياق حملة أوسع تشنها إدارة الرئيس دونالد ترامب ضد الهجرة، لاسيما الصينية منها.
وتزامنت القضية مع قرار رسمي بوقف منح تأشيرات للطلاب الصينيين، في خطوة أثارت جدلاً واسعاً في الأوساط الأكاديمية والحقوقية داخل الولايات المتحدة وخارجها.