ميدل إيست آي: الدعم الأميركي لإسرائيل ينهار وأيباك تعرف ذلك
تاريخ النشر: 8th, August 2024 GMT
في الولايات المتحدة، كان الساسة يقبّلون الأطفال ويداعبون الكلاب، ويحبون لعبة البيسبول ويدعمون إسرائيل بشكل لا لبس فيه، ولكن هذا الجزء الأخير لم يعد تماما كما كان عليه الحال في الماضي، إذ انهار الإجماع حول دعم إسرائيل، وخاصة في الحزب الديمقراطي.
بهذه الجمل لخص "موقع ميدل إيست آي" -في مقال بقلم يوسف منير- الحالة التي أصبح عليها الدعم الأميركي لإسرائيل، مشيرا إلى أن جماعات المصالح المؤيدة لها لم تضطر قط إلى التدخل بشكل علني وقوي في السياسة الانتخابية بالطريقة التي تتدخل بها اليوم، لأن قضيتها كانت تتمتع بدرجة كبيرة من الهيمنة الثقافية.
وانطلق الكاتب من نجاح لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية (أيباك) في المساعدة على هزيمة كوري بوش المؤيدة للفلسطينيين، وقد حول إنفاق الجماعات المؤيدة لإسرائيل "السباق إلى واحدة من أغلى الانتخابات التمهيدية في مجلس النواب في التاريخ"، ولكن هذا انتصار كان باهظ الثمن لقضية خاسرة، حسب الكاتب.
تحول ملحوظوعلق الكاتب بأن إنفاق أيباك الضخم، وانتصار المانحين لإسرائيل هو أحدث علامة على تراجع قضيتهم في الولايات المتحدة وخاصة في الحزب الديمقراطي، وذلك لأن هذا التفاخر بالقوة لم يكن ضروريا من قبل.
ومنذ أمد قريب، يبدو الأمر وكأنه تعبير عن القوة، ولكن أي متابع للسياسة حول هذه القضية في الولايات المتحدة يعرف أن هذا ليس صحيحا على الإطلاق، إذ لم تضطر جماعات المصالح المؤيدة لإسرائيل من قبل قط إلى التدخل بشكل علني وقوي في السياسة الانتخابية بهذه الطريقة.
وعلى الرغم من بشاعة حرب إسرائيل في عام 2014، فإنها تبدو باهتة بالمقارنة مع حرب الإبادة الجماعية التي تشنها منذ 10 أشهر، وبالفعل شهد العالم على مدى العقدين الماضيين، تحولا ملحوظا في الرأي حول هذه القضية وسط الديمقراطيين الذين أصبحوا أقل تعاطفا مع إسرائيل بمرور الوقت.
بداية التحول
ويرى الكاتب أن بداية الانخفاض الواضح والثابت الذي سيستمر على مدى العقد المقبل في دعم إسرائيل، كان بين عامي 2014 و2015، عندما دمرت حرب إسرائيل المروعة مساحات شاسعة من البنية التحتية المدنية وقتلت حوالي 1500 مدني، معظمهم من النساء والأطفال، حين دفعت الوحشية التي أظهرها الجيش الإسرائيلي العديد من الأميركيين إلى الابتعاد في فزع، والتساؤل عن سبب استمرار حكومتهم في تمويل الجيش الإسرائيلي.
ولكن على الرغم من بشاعة الحرب التي شنتها إسرائيل على غزة في عام 2014، وكونها نقطة تحول واضحة في استطلاعات الرأي، فإن تأثيرها ظل ضئيلا بالمقارنة مع تأثير حرب الإبادة الجماعية الحالية، حيث أظهرت استطلاعات الرأي أن أغلب الديمقراطيين يعتقدون أن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في غزة.
إجماع دولي متناموهذا هو الإجماع الذي يتقاسمه العالم على نحو متزايد مع انضمام عشرات الدول، مثل البرازيل وإسبانيا وسلوفينيا والمكسيك وغيرها، إلى قضية الإبادة الجماعية التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية، وبالتالي فهم يحاولون سد ثغرة في الدفع الرمزي بملايين الدولارات من التبرعات للحملات، لكن هناك موجة متصاعدة من الغضب والاشمئزاز من الجرائم الإسرائيلية التي ستشكل جيلا قادما.
لقد اختفى الدعم الذي كانت تتمتع به إسرائيل ذات يوم في الولايات المتحدة، والحفاظ على ما تبقى منه يتطلب الإقناع وهو أمر ليس بالسهل لأنه يتعلق بدعم جرائم الحرب، وبالتالي فإن عصر الإكراه والقمع هو ما ننتقل إليه بسرعة، وسوف يكلف القوى المؤيدة لإسرائيل سمعتها وسوف ينهار في نهاية المطاف هو الآخر.
وختم الكاتب بأن النتيجة هي أن أصواتا مثل صوت كوري بوش سوف تصبح شائعة في طبقتنا السياسية، وسوف يتذكرها الناس لوقوفها بشجاعة من أجل حقوق الفلسطينيين عندما كان كثيرون لا يزالون يفتقرون إلى الشجاعة السياسية للقيام بذلك.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات ترجمات فی الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
هل يغير تفاقم الأزمة الإنسانية في غزة الرأي العام الأميركي جذريا؟
كشفت استطلاعات رأي حديثة عن تحول جذري في الموقف الأميركي تجاه إسرائيل، حيث أظهرت أن 52% من الأميركيين ينظرون إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية بشكل سلبي لأول مرة منذ 28 عاما، بينما عبر 60% عن رفضهم للعملية الإسرائيلية في غزة مقابل تأييد 32% فقط.
ويحلل الدكتور بلال الشوبكي الخبير في الشؤون الإسرائيلية ورئيس قسم العلوم السياسية بجامعة الخليل هذه الأرقام كمؤشر على تحولات جوهرية في الرأي العام الأميركي.
ويشير إلى أن هذه التحولات العميقة قد تشكل نخبة سياسية جديدة في المراحل اللاحقة، خاصة مع تنامي التذمر حتى من قاعدة دونالد ترامب الجمهورية من الصور القادمة من قطاع غزة.
ويؤكد الخبير أن الولايات المتحدة الأميركية باتت تُستنزف ليس فقط ماديا وإنما أخلاقيا أمام العالم لكونها شريكا في العمليات داخل قطاع غزة ومحاولة إعطاء إسرائيل مزيدا من الغطاء.
ويرى الشوبكي أن هذا الأمر مهم ويمكن البناء عليه ليس فقط في السياق الفلسطيني وإنما في السياقات الأوسع عربيا وأوروبيا.
وفي سياق متصل بتراجع النفوذ الأميركي، تسلط الإدارة الأميركية عقوبات على السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية، حيث تمنعهم من دخول الولايات المتحدة ولا تعطيهم تأشيرات بسبب لجوئهم إلى المحكمة الجنائية الدولية.
ويفسر الكاتب والمحلل السياسي أحمد الحيلة هذه الخطوة بأن الولايات المتحدة وإسرائيل لا تريدان للسلطة الفلسطينية أو منظمة التحرير أن تمارس أدوار الدولة، بل تريدانها أن تكون أشبه بإدارة محلية تقوم بقضايا خدمية وأمنية يضعها الاحتلال الإسرائيلي.
ويضيف الحيلة أن الذهاب إلى الجنائية الدولية والانضمام إلى منظمات دولية لا تفعله إلا دولة، وبالتالي لا يراد للفلسطينيين ممارسة هذا الحق.
العقوبات الأميركية
وعلى الجانب الآخر، يرى المسؤول السابق في وزارة الخارجية الأميركية توماس ووريك أن هذه العقوبات ليست تغييرا جديدا، فقد كان كل مسؤول فلسطيني يأتي إلى الولايات المتحدة يخضع دائما لشروط للحصول على تأشيرة دخول.
إعلانويشير ووريك إلى أن القضية الحقيقية أن هناك بلدا واحدا فقط هو الذي يدعم إسرائيل، ودعمه سيكون حاسما لإقامة دولة فلسطينية، وهو إسرائيل نفسها.
وأعلنت المستشفيات في غزة اليوم وفاة شابين في الـ27 من العمر وطفل، حيث جاءت وفاة الطفل نتيجة لسوء التغذية والتجويع، ليصل العدد الإجمالي لضحايا التجويع في القطاع بذلك إلى 101 ضحية، من بينهم 91 طفلا.
وتتصاعد الانتقادات الدولية لما تسمى مؤسسة غزة الإنسانية التي تشرف على توزيع المساعدات في القطاع، ويؤكد الحيلة على أن التحكم في المساعدات ليس بهدف تجريد حركة المقاومة الإسلامية (حماس) من أداة إدارة الحياة المدنية للفلسطينيين كما تحاول الولايات المتحدة تمريره، وإنما هو استهداف للوجود الفلسطيني داخل قطاع غزة.
ويوضح الحيلة أن التحكم في نقاط توزيع المساعدات يهدف للسيطرة على حركة الناس داخل القطاع وتوجيههم إلى أماكن معينة، مما يعيد إلى الأذهان الحديث عن عملية التهجير التي لم تعد مجرد تخوفات بل أصبحت برامج عملية معلنة في وسائل الإعلام الإسرائيلية.
وفي هذا السياق، يؤكد الشوبكي أن هناك توجيهات من رئاسة الوزراء الإسرائيلية إلى الموساد بضرورة العمل من أجل خلق مسارات للهجرة الطبيعية للفلسطينيين، مما يعني أن المسألة ليست مساعدات إنسانية فحسب وإنما تحكم في حركة الناس، وهذه خطوة أسوأ بكثير من الخطوات العسكرية السابقة.
الموقف الأوروبي
وفي مقابل التمسك الأميركي الإسرائيلي بمؤسسة غزة الإنسانية، يتقدم الموقف الأوروبي خطوات مهمة في انتقاد السياسات الإسرائيلية، حيث اعتبر وزير الخارجية الفرنسي جون نويل بارو توزيع الطعام عبر مؤسسة غزة الإنسانية فضيحة وأمرا مخزيا يجب أن يتوقف.
ويؤكد الشوبكي أن الموقف الأوروبي حقيقة يتقدم وجيد، لكن المشكلة أنه لا يتحول إلى خطوات عملية تجبر الاحتلال الإسرائيلي على الالتزام بالقانون الدولي وإدخال المساعدات.
ويطرح الشوبكي تساؤلا جوهريا حول جدوى المواقف الدولية عندما لا تُترجم عمليا، فماذا يستفيد الجائع الآن من التصريحات ما دامت لا تتحول إلى إدخال مساعدات؟ وماذا سيستفيد حتى من الاعتراف بدولة فلسطين ما لم يُترجم بوقف الحرب ووقف الإبادة الجماعية، خاصة أن عدد الدول التي تعترف بدولة فلسطين وصل إلى 147 دولة في العالم؟
وفي ظل هذا التعقيد المتنامي، تأتي زيارة المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف إلى إسرائيل وقطاع غزة في سياق البحث عن انتقال من الاتفاقات الجزئية إلى اتفاق شامل.
ويحذر الحيلة من أن فكرة الحل الشامل قد تكون مقبولة من حيث الإطار والشكل العام، لكن الشيطان يكمن في التفاصيل، خاصة فيما يتعلق بربط الحل بالدولة الفلسطينية وعودة الشعب الفلسطيني ووقف الحرب وإدخال المساعدات.
بدوره، يطرح المسؤول الأميركي السابق مسارين محتملين للرئيس ترامب، الأول أن ينفض يديه من المشكلة كما فعل مع ملف روسيا وأوكرانيا.
والآخر الأكثر خطورة: أن تعمل الولايات المتحدة مع الشركاء العرب والأوروبيين وصولا إلى آلية حكم لغزة لا تقوم على أساس حماس ولا إسرائيل، مع بدء مسار إعادة إعمار وبناء ودخول المزيد من المساعدات.
إعلان