حذرت مجموعة الأزمات الدولية من أن ملامح المجاعة الكاملة بدأت تتجسد على الأرض في قطاع غزة، وسط تصاعد خطر الجوع الجماعي ووصول الأوضاع الإنسانية إلى مرحلة حرجة غير مسبوقة، نتيجة فرض الاحتلال الإسرائيلي حصارا مطبقا على غزة منذ مارس/آذار الماضي.

وقال الخبيران في مجموعة الأزمات روبرت بليتشر وكريس نيوتن إن تقارير الأمم المتحدة تؤكد أن المجاعة أصبحت شبه حتمية ما لم يحدث تدخل فوري وشامل، معتبرين أن السياسات الإسرائيلية المفروضة على القطاع قد تكون بلغت نهايتها المأساوية، بعد أن تحوّلت سياسة تقييد الإمدادات إلى كارثة إنسانية فعلية.

وجاء في تقرير للمجموعة -نشر اليوم الخميس على موقعها، بعنوان "غزة تواجه أسوأ مراحل المجاعة"- أن البيانات الأخيرة تشير إلى أن قطاع غزة تجاوز اثنين من أصل 3 معايير أساسية تعتمدها الأمم المتحدة لإعلان المجاعة، مما يؤكد أن الكارثة لم تعد مجرد احتمال، بل واقع يتفاقم يوما بعد آخر.

محاولات محفوفة بالمخاطر يخوضها آلاف المجوعين بغزة يوميا للحصول على مساعدات غذائية (الجزيرة)خطر الجوع الجماعي

وأكد الخبيران أن سياسة تقييد الإمدادات المفروضة على غزة أوصلت القطاع إلى نقطة النهاية المأساوية، وأن المجاعة لم تعد احتمالا بعيدا بل صارت واقعا يتكشف مع ارتفاع أعداد الوفيات نتيجة الجوع.

ونقلت المجموعة عن نظام التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC) التابع للأمم المتحدة تحذيرا صريحا في 29 يوليو/تموز الجاري، يشير إلى أن غزة تسير بسرعة نحو المجاعة، وأن لجنة مراجعة المجاعة (FRC) التابعة للأمم المتحدة اعتبرت وقوع المجاعة "حتميا" في حال لم يتم التدخل فورا.

وبيّن تقرير المجموعة -استنادا إلى تقييمات رسمية صدرت في مايو/أيار الماضي- أن نظام توزيع المساعدات القائم على التنسيق الأميركي-الإسرائيلي من خلال ما يعرف بمؤسسة غزة الإنسانية لم ينجح في حماية السكان من الجوع الجماعي، بل كان من شأنه أن يزيد تفاقم الكارثة.

إعلان

وأكد محللا المجموعة أن هذا النظام لم يُجرب مسبقا، وجاء في وقت ذروة التدهور الإنساني، مما حوّل نقاط توزيع المساعدات إلى بؤر للفوضى والعنف ومصائد للموت تحت أنظار القوات الإسرائيلية، بينما تُرك شمال قطاع غزة يواجه الانهيار الكامل بسبب تركيز المساعدات في الجنوب.

ومؤسسة غزة الإنسانية شركة أميركية يقع مقرها في جنيف بسويسرا، وتأسست في فبراير/شباط 2025، وهدفها المعلن هو ضمان وصول المساعدات الإغاثية إلى قطاع غزة من دون وقوعها في أيدي عناصر المقاومة، لكنها منذ بدء عملها تعرضت لانتقادات كثيرة من قبل الأمم المتحدة وغيرها بسبب الفوضى والعنف وعمليات التدافع الناتجة عن قلة الإمدادات ووجود القوات الإسرائيلية التي تطلق النار على الناس.

مؤشرات إعلان المجاعة

وتوضح التقارير الصادرة عن الأمم المتحدة أن قطاع غزة تجاوز 2 من أصل 3 مؤشرات أساسية لإعلان المجاعة رسميا، وحسب محللي مجموعة الأزمات الدولية فإن الكارثة أصبحت واقعا يعيشه الفلسطينيون في غزة.

وتقول مجموعة الأزمات إنه وفق أحدث بيانات نظام التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، فإن ربع أسر غزة تعاني من فجوات حادة في استهلاك الغذاء، في حين لم تتعد النسبة 4% في أبريل/نيسان الماضي، وهو ما يفوق العتبة الأممية المحددة بـ20%.

كما بلغ معدل سوء التغذية الحاد لدى الأطفال في غزة 16.5% حسب قياس محيط منتصف الذراع مطلع يوليو/تموز الجاري، متجاوزا المستويات المعتمدة عالميا لتصنيف المجاعة.

أما المؤشر الثالث، المتعلق بعدد الوفيات اليومية غير العنيفة، فلا يزال من الصعب توثيقه رسميا نتيجة القيود الإسرائيلية على جمع البيانات، إلا أن تقارير المستشفيات المحلية أظهرت بوضوح وفاة عشرات من سكان القطاع بسبب الجوع، وارتفاع درجات الحرارة ونقص المياه وانتشار الإسهال، مما يجعل التدهور متسارعا وخطيرا للغاية.

جذور الأزمة الإنسانية

وترجع مجموعة الأزمات الدولية جذور الكارثة الراهنة إلى سياسات ممنهجة يتبعها الاحتلال الإسرائيلي، حيث أبقت أكثر من 2.1 مليون فلسطيني رهن الجوع المستمر منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، عبر فرض 3 موجات متتالية من الحصار المشدد.

وأشارت المجموعة إلى أن التخفيفات الجزئية للقيود لم تتحقق إلا للرد على تحذيرات منظمات الأمم المتحدة مع تكرار المشهد في مارس/آذار ونوفمبر/تشرين الثاني 2024، ثم في مايو/أيار 2025، إلا أن كل دورة إغلاق جديدة كانت تدفع السكان نحو مزيد من الإنهاك والهشاشة.

كما لفت المحللان إلى تصريحات رسمية لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تؤكد أن المساعدات الإنسانية كانت مجرد أداة ضغط لأجل نقل السكان نحو الجنوب، حيث يظهر الواقع أن وعود الإغاثة الشاملة لم تترجم فعليا على الأرض، وأن معظم ما حصل عليه السكان في الشمال هو الجوع والموت عند نقاط التوزيع القليلة تحت التهديد والفوضى.

ويخلص تقرير مجموعة الأزمات إلى أن كارثة الجوع الجماعي في غزة أصبحت حقيقة تتفاقم يوميا، وأن التعاطي الدولي مع الأزمة لم يرقَ بعد إلى مستوى خطورة الوضع. محذرا من أن أعداد الضحايا قد ترتفع بشكل مأساوي في الأسابيع المقبلة إذا استمر الوضع على ما هو عليه.

إعلان

يذكر أن نتنياهو أعلن في 27 يوليو/تموز الجاري عن تخفيف بعض القيود المتعلقة بوصول المساعدات للقطاع، وهو بذلك يعيد السيناريو المتكرر: استجابة شكلية للضغوط الدولية التي سرعان ما تتضح محدوديتها فعليا.

ولذلك يؤكد مراقبون أن غزة اليوم تقف على حافة الانهيار الكامل، ولا سبيل لوقف هذا الانحدار الكارثي سوى باستجابة إنسانية عاجلة وشاملة، تقودها الأمم المتحدة وتترافق مع وقف فوري للعمليات القتالية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات دراسات مجموعة الأزمات الأمم المتحدة إعلان المجاعة قطاع غزة إلى أن

إقرأ أيضاً:

الأونروا: 6 آلاف شاحنة مساعدات عالقة خارج غزة

أعلن المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) فيليب لازاريني، الجمعة، أن الأمم المتحدة لديها قرابة 6 آلاف شاحنة محمّلة بالمساعدات الغذائية عالقة خارج غزة، في انتظار الحصول على الموافقة لدخول القطاع.

وقال لازاريني في منشور على منصة "إكس": "الأونروا لديها 6000 شاحنة محمّلة بالمساعدات عالقة خارج غزة وتنتظر الضوء الأخضر للدخول"، مشددا على ضرورة إيصال المساعدات عبر الطرق البرية بدلا من إسقاطها جوا.

وأوضح أن الشاحنات "تنقل مساعدات بحجم يعادل ضعفي الكمية التي تنقلها الطائرات".

وأضاف: "إذا توفرت الإرادة السياسية للسماح بإسقاط المساعدات جوا، رغم أنها مكلفة للغاية وغير كافية وغير فعالة، فمن المفترض أن تكون هناك إرادة سياسية مماثلة لفتح المعابر البرية"، من دون أن يذكر إسرائيل التي تسيطر على مداخل غزة.

وأشار لازاريني إلى أن "الأمم المتحدة كانت قادرة على إدخال ما بين 500 إلى 600 شاحنة يوميا خلال فترة وقف إطلاق النار" في مطلع العام، قبل أن يُعلن انتهاء هذه الفترة بقرار إسرائيلي في 18 مارس.

وأكد أن تلك المساعدات "كانت تصل إلى جميع سكان غزة بأمان وكرامة، ومن دون أي انحراف عن وجهتها"، مشددا على أن "أي بديل آخر عن الاستجابة المنسقة بقيادة الأمم المتحدة لم يحقق نتائج مماثلة".

وتابع لازاريني: "دعونا نعود إلى ما كان ينجح واتركونا ننجز عملنا. هذا ما يحتاجه سكان غزة اليوم أكثر من أي وقت مضى، إلى جانب وقف دائم لإطلاق النار".

ومنذ 19 مايو، وصلت 260 شاحنة فقط إلى وجهتها من أصل 2010 شاحنات أُرسلت إلى غزة، بينما اعتُرضت 1753 شاحنة، "إما من قبل مدنيين يعانون من الجوع أو من قبل مجموعات مسلحة"، وفقا لبيانات مكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع.

مقالات مشابهة

  • الجوع يحصد أرواح 162 فلسطينيا بينهم 92 طفلًا واليونيسف تحذرّ: غزة تجاوزت عتبة المجاعة
  • وفاة طفل في غزة نتيجة الجوع وسوء التغذية
  • الأونروا: 6 آلاف شاحنة مساعدات عالقة خارج غزة
  • شؤون العشائر بغزة تؤكّد رفضها آلية المساعدات الأميركيّة الإسرائيليّة
  • الأمم المتحدة: مقتل 1373 شخصا أثناء انتظار المساعدات فى غزة منذ مايو
  • الأمم المتحدة: 1373 فلسطينيا قتلوا أثناء انتظار المساعدات في غزة منذ أواخر أيار
  • وكالات الأمم المتحدة تحذر من أن غزة على شفا المجاعة
  • المبعوث الأميركي يزور غزة على وقع «المجاعة» ومقتل العشرات
  • تحذيرات أممية: تدهور الوضع الغذائي في قطاع غزة يتفاقم إلى حد المجاعة