8 أغسطس، 2024

بغداد/المسلة:  إلقاء القبض على 350 تاجراً ومروجاً للمخدرات في العراق وضبط ثلاثة ملايين حبة مخدرة في إحدى المحافظات، يمثل تطوراً خطيراً يكشف عن حجم انتشار هذه الظاهرة في المجتمع العراقي.

هذه الأرقام المقلقة تسلط الضوء على التحديات الكبيرة التي تواجهها البلاد، في وقت تتصارع فيه مع أزمات سياسية واقتصادية وأمنية متراكمة.

وزيادة أعداد المتورطين في تجارة المخدرات ليست مجرد إحصائية؛ بل هي مؤشر على تدهور اجتماعي يتطلب معالجة جذرية. وفقاً لإحصائيات غير رسمية، يُقدّر أن نسبة تعاطي المخدرات قد زادت بنسبة 40% خلال السنوات الخمس الماضية، مما يعكس توسع الظاهرة بشكل متسارع.

تداعيات اجتماعية عميقة

انتشار المخدرات بهذا الحجم يعكس تراجعاً في القيم المجتمعية ويشير إلى تصدع في نسيج المجتمع العراقي.

يقول علي أحمد، أحد سكان بغداد، “لم نكن نسمع عن المخدرات في مجتمعاتنا بهذا الشكل قبل بضع سنوات. الآن، بات الأمر كابوساً يؤرقنا، خاصة أنني أرى الشباب ينزلقون إلى هذا الهاوية من دون أي تدخل فعال”. الشباب الذين يشكلون النسبة الأكبر من السكان باتوا عرضة للاستقطاب من قبل شبكات تهريب المخدرات التي تستغل الظروف الاقتصادية الصعبة ونقص فرص العمل لتجنيدهم في هذا النشاط غير المشروع. هذا التوسع في تجارة المخدرات يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع معدلات الجريمة، وتفاقم حالات العنف الأسري، وزيادة حالات الطلاق والتفكك الأسري، مما يهدد الاستقرار الاجتماعي في البلاد.

انعكاسات اقتصادية وأمنية

التورط الواسع في تجارة المخدرات يضيف عبئاً ثقيلاً على الاقتصاد العراقي، إذ أن الأموال المتداولة في هذا النشاط غالباً ما تكون خارج النظام الاقتصادي الرسمي، مما يقلل من قدرة الدولة على تحصيل الضرائب وزيادة الإيرادات.

يشير الاكاديمي الاقتصادي، سامي حسين، إلى أن “النشاطات غير القانونية مثل تجارة المخدرات تساهم في إضعاف الاقتصاد بشكل غير مباشر من خلال تهريب الأموال وغسلها بعيداً عن القطاع المالي الرسمي، مما يقلل من فعالية السياسات الاقتصادية ويعقد الأزمات المالية”.

ومن الناحية الأمنية، فإن انتشار المخدرات يعزز من قوة ونفوذ الجماعات الإجرامية، مما يزيد من التحديات التي تواجه الأجهزة الأمنية في ضبط الأمن والاستقرار. يشير أحد الضباط المسؤولين في مديرية مكافحة المخدرات إلى أن “التصدي لهذه الشبكات أصبح أكثر تعقيداً بسبب تعاونها مع جهات خارجية، الأمر الذي يهدد السيادة الوطنية ويزيد من صعوبة السيطرة على الوضع الأمني”.

الحاجة إلى استجابة شاملة

التصدي لهذه الظاهرة يتطلب استراتيجية شاملة تتجاوز الإجراءات الأمنية لتشمل تعزيز الوعي المجتمعي بأخطار المخدرات وتطوير برامج إعادة التأهيل للمصابين بالإدمان.

توضح ليلى عبد الله، المختصة في علم الاجتماع، أن “معالجة هذه الظاهرة يجب أن تبدأ من الجذور، من خلال برامج توعية مكثفة في المدارس والجامعات، إلى جانب توفير دعم نفسي واجتماعي للأسر المتضررة”.

وتضيف “يجب أن تركز الحكومة على خلق فرص عمل للشباب وتحسين الوضع الاقتصادي كجزء من حل شامل للحد من انتشار هذه الظاهرة، كما ينبغي تشديد الرقابة على الحدود لمنع دخول المخدرات إلى البلاد، وزيادة التعاون الإقليمي والدولي لمكافحة شبكات التهريب التي تستغل ضعف الرقابة الأمنية في بعض المناطق.

مستقبل مشروط

مستقبل المجتمع العراقي مرتبط بقدرته على مواجهة تحدي المخدرات بجدية وفعالية، و إذا لم يتم اتخاذ خطوات حازمة لمواجهة هذه الظاهرة، فقد نجد أن العراق يقف أمام أزمة اجتماعية وأمنية أكبر بكثير من الأزمات التي واجهها في الماضي.

يقول المواطن حسين علي، “إذا لم يتم التحرك سريعاً، سنفقد جيلاً كاملاً لصالح المخدرات والجريمة”، معبراً عن مخاوفه من تأثير هذه الظاهرة على مستقبل البلاد. مكافحة المخدرات يجب أن تكون أولوية وطنية، تلتف حولها كل فئات المجتمع ومؤسساته، لضمان مستقبل أكثر استقراراً وأمناً.

 

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author Admin

See author's posts

المصدر: المسلة

كلمات دلالية: تجارة المخدرات هذه الظاهرة

إقرأ أيضاً:

المملكة المتحدة: وصول 1194 مهاجرا على متن قوارب صغيرة

رصدت السلطات البريطانية ، وصول 1194 مهاجرًا أمس السبت، بالعبور من نهر المانش على متن قوارب صغيرة، وهو رقم قياسي منذ بداية العام، وفقًا لإحصاء أجرته وكالة فرانس برس استنادًا إلى أرقام رسمية. 

ومنذ بداية العام، وصل 14808 مهاجرين إلى بريطانيا بالطريقة نفسها، وهو رقم غير مسبوق على الرغم من الإجراءات العديدة التي اتخذتها الحكومتان الفرنسية والبريطانية للحد من هذه الظاهرة.

وتعهدت الحكومة البريطانية برئاسة كير ستارمر، على غرار الحكومات المحافظة السابقة، بمكافحة الهجرة غير الشرعية. 

وينظر البرلمان البريطاني حاليًا في مشروع قانون لمراقبة الحدود، والذي من المتوقع أن يمنح سلطات إنفاذ القانون مزيدًا من الصلاحيات للقضاء على شبكات تهريب البشر.

من جهة أخرى، كانت السلطات البحرية الفرنسية قد أعلنت في وقت سابق من اليوم إنقاذ 184 شخصًا كانوا يحاولون عبور نهر المانش بشكل غير قانوني إلى إنجلترا على متن قوارب صغيرة، وذلك بين مساء الجمعة وظهر السبت في مضيق دوفر.

وفي تصريحات لقناة سكاي نيوز، وصف وزير الدفاع البريطاني، جون هيلي، هذه المشاهد بأنها "صادمة".

وأشار إلى أن هناك اتفاقًا مع  فرنسا لتغيير طرق التعامل مع هذه الظاهرة.

طباعة شارك السلطات البريطانية نهر المانش مهاجرين

مقالات مشابهة

  • الوظيفة المستدامة والزواج الصالح.. وطن بلا مخدرات
  • سقوط عدد من مروجي المخدرات في قبضة رجال المكافحة ..فيديو
  • المملكة المتحدة: وصول 1194 مهاجرا على متن قوارب صغيرة
  • حملات أمنية واسعة تطيح بـ32 تاجرا ومروجا للمخدرات
  • دوريات الأفواج الأمنية بجازان تحبط تهريب 159 كيلوجرامًا من القات
  • استشاري: 5 نصائح لتطهير الجسم من السموم
  • إعلام القليوبية ينظم ندوة بعنوان «الإدمان خطر صامت يهدد الفرد و المجتمع»
  • في قبضة الرواتب.. والمعارضة الكردية تتهم أربيل بتجويع الموظفين
  • ملف المخدرات في السودان يُعد من أخطر الملفات التي واجهت البلاد
  • أهالى قرية النجاجرة بأسوان يهدمون وكرا للمخدرات لحماية الأبناء من السموم