أقصى اليمين ببريطانيا.. تاريخ من العنصرية والعداء للإسلام
تاريخ النشر: 9th, August 2024 GMT
تيار سياسي وفكري بريطاني بدأت أولى بوادر تشكله عقب الحرب العالمية الأولى، وانحسر بعد الحرب العالمية الثانية، لكنه عاد للظهور نهاية القرن العشرين. يتبنى أفكارا معادية للإسلام والمسلمين، وللمهاجرين واللاجئين والتعددية الثقافية عموما.
نشأة أقصى اليمين البريطانينشأ أقصى اليمين البريطاني من تضافر عدة عوامل اقتصادية وسياسية واجتماعية على مدى قرون، بدأت على شكل حركات متطرفة عقب الحرب العالمية الأولى، وكانت متأثرة بالفاشية في إيطاليا والنازية في ألمانيا، وبرزت على يد أوزوالد موزلي، الذي أسس الاتحاد البريطاني للفاشيين عام 1932.
عقب الحرب العالمية الثانية وخسارة ألمانيا النازية وإيطاليا الفاشية، حظر الاتحاد البريطاني للفاشيين، وفتر صيت أقصى اليمين عموما حول العالم، ولم يعد له مؤيدون كُثر، لكنه لم يختف تماما، إذ أنشئ وسط هذه الأحداث بداية الستينيات من القرن العشرين الحزب الوطني البريطاني على يد جون تيندال.
وفي سبعينيات القرن نفسه، بدأت أحزاب وحركات أخرى من أقصى اليمين ومتأثرة بالفكر الفاشي تظهر على الساحة السياسية البريطانية، منها الجبهة الوطنية البريطانية، التي تبنت الترويج لأفكار مناهضة للهجرة والتعددية الثقافية.
الفكر والأيديولوجيايحمل أقصى اليمين في بريطانيا أيديولوجيات قومية معادية للإسلام والمسلمين، ويروج أفكارا وسياسات مناهضة للهجرة والتعددية الثقافية، كما أصبح ينتهج سياسة عنصرية أشد صرامة وبشكل علني، ويسعى "لحماية الثقافة البريطانية من التأثيرات الخارجية".
أبرز الأحزاب والمجموعات من أقصى اليمين البريطاني الحزب الوطني البريطانيحزب سياسي بريطاني من أقصى اليمين أسسه جون تيندال عام 1982، ويركز في خطابه على قضايا الهجرة والعرق والإسلام، انهارت شعبيته في الفترة بين (2010-2011) بسبب الانقسامات الداخلية وصعود أحزاب أخرى من أقصى اليمين.
رابطة الدفاع الإنجليزيةأسسها تومي روبنسون مع ابن عمه كيفن كارول. نظمت مظاهرات وبدأت تروج توجهها المناهض للإسلام سنة 2010 عبر ترديد شعارات تسب الذات الإلهية، وتسب النبي محمدا صلى الله عليه وسلم، إضافة إلى تقديمها التحية النازية، وإلى جانب مناهضي الإسلام ضمت الرابطة مشجعين لكرة القدم من فئة "الهوليغانز".
حزب الاستقلال البريطانيأسسه آلان سكيف عام 1993، يتبنى الحزب فكرا معاديا للإسلام وسياسات ضد الهجرة، وروج لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وكان أداء الحزب ضعيفا في الانتخابات العامة عام 1997، إذ حصل على 1% من الأصوات، أما في انتخابات البرلمان الأوروبي عام 1999 فقد فاز بـ3 مقاعد.
وفي عام 2014 حصل على أعلى عدد من الأصوات في انتخابات البرلمان الأوروبي، ولكنه شهد تراجعا كبيرا في الدعم بعد تحقيقه هدف خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي عام 2016، فقد فشل في الفوز بأي مقعد في البرلمان كما شهد انقسامات داخلية واستقالات متكررة لزعمائه.
شخصيات من أقصى اليمين في بريطانيا تومي روبنسونناشط من أقصى اليمين البريطاني، أحد مؤسسي رابطة الدفاع الإنجليزية المعادية للإسلام، وهو عضو سابق في الحزب الوطني البريطاني ومجموعات أخرى توصف بأنها ذات روابط فاشية أو قومية بيضاء. سجن بعدة تهم جنائية منها الاعتداء والمطاردة والاحتيال وحيازة المخدرات وتزوير جواز سفر.
وعقب غيابه عن الأضواء فترة، ظهر مجددا يوم 27 يوليو/تموز 2024، وقاد مسيرة كبيرة ضد المهاجرين والمسلمين، ولكنه غادر البلاد مجددا وصدرت مذكرة اعتقال بشأنه.
سويلا برافرمانسويلا برافرمان سياسية ومحامية ونائبة برلمانية، شغلت منصب وزيرة داخلية بريطانيا، وعلى الرغم من أصولها المهاجرة فإنها تؤيد خفض الهجرة وترحيل اللاجئين غير النظاميين. أقيلت من منصبها يوم 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2023 بسبب اتهامها الشرطة بالتحيز للمظاهرات المؤيدة للفلسطينيين.
أعمال شغباجتاحت حالة من الفوضى عدة مدن بريطانية مطلع أغسطس/آب 2024 عندما اشتبك أشخاص من أقصى اليمين مع شرطة مكافحة الشغب، مما أدى لوقوع حوادث اعتداءات متعددة على الأقليات العرقية في الشوارع، وذلك بعد مقتل 3 فتيات طعنا، وانتشار ادعاءات كاذبة بشأن المشتبه به أنه كان طالب لجوء مسلما وصل إلى المملكة المتحدة في قارب، الأمر الذي أشعل المشاعر المعادية للإسلام والعنصرية.
وأشعل أشخاص من أقصى اليمين النار في فندق في روثرهام يستخدم لإيواء المهاجرين، واشتبكوا مع الشرطة، وسط هتافات باسم تومي روبنسون مؤسس رابطة الدفاع الإنجليزية.
كما تعرض رجل أسود البشرة لهجوم من قبل مجموعة من البيض المتطرفين في حديقة مانشستر، إذ أسقطوه على الأرض وركلوه وضربه ملثم بسياج معدني، وأحاطت به الشرطة لحمايته.
ومن ناحية أخرى، حاصر مثيرو الشغب مسجد ساوثبورت، مما أجبر المصلين فيه على الاختباء خوفا على سلامتهم، وفي أعقاب ذلك، اضطرت مئات المساجد إلى تكثيف تدابيرها الوقائية تحسبا لمزيد من أعمال الشغب في جميع أنحاء البلاد، وفقا للمجلس الإسلامي في بريطانيا.
واتخذ رئيس الوزراء كير ستارمر يوم الرابع من أغسطس/آب موقفا صارما وأصدر تحذيرا لمن سماهم "المخربين من أقصى اليمين العنصريين" الذين يثيرون أعمال شغب في المدن والبلدات البريطانية، مؤكدا "ضمان" مواجهتهم للعدالة السريعة و"القوة الكاملة للقانون"، وقال إنهم "سوف يندمون" على عنف الغوغاء الذي يمارسونه.
كما أعلنت الحكومة البريطانية يوم السادس من أغسطس/آب 2024 استعداد 6 آلاف عنصر من قوات الشرطة للتعامل مع أعمال الشغب. ووسط تقارير عن اعتقال نحو 400 شخص زادت الحكومة البريطانية من سعة سجونها بتأمين 600 مكان للاحتجاز.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الحرب العالمیة من أقصى الیمین
إقرأ أيضاً:
تململ وتحولات مفاجئة.. هل بدأ اليمين الأمريكي بمراجعة علاقته مع إسرائيل؟
في ظل استمرار الحرب الإسرائيلية على غزة، وتوالي الصور التي توثق المجاعة والدمار على وسائل التواصل الاجتماعي، بدأت مؤشرات التصدّع تظهر في الدعم التقليدي والثابت الذي لطالما قدّمه اليمين الأمريكي لإسرائيل. اعلان
يبدو أن مدة الحرب وكلفتها البشرية، إضافة إلى استهداف الجيش الإسرائيلي لأهداف مسيحية، تسببت في تعميق السخط داخل صفوف اليمين الأمريكي. فقد بدأ عدد من المعلقين المحافظين بالتراجع عن تأييدهم للحرب، فيما وجّه السفير الأمريكي انتقادات حادة للمستوطنين في الضفة الغربية، واصفًا بعض أفعالهم بأنها "إرهابية".
ورغم استمرار الدعم العسكري والدبلوماسي الأمريكي، إلاّ أن اللافت أن مارجوري تايلور غرين أصبحت أول عضو جمهوري تصف الحرب الإسرائيلية بأنها "إبادة جماعية"، في تحول مفاجئ داخل الحزب.
الرأي العام يتبدّليعكس هذا التململ أيضًا تغيّرًا في الرأي العام الأمريكي، فقد أظهر استطلاع أجرته شبكة CNN تراجعًا ملموسًا في تأييد الأمريكيين لإسرائيل منذ اندلاع الحرب.
صحيح أن التراجع كان أوضح بين الديمقراطيين والمستقلين، إلا أن نسبة الجمهوريين الذين يعتبرون أفعال إسرائيل مبررة انخفضت من 68% عام 2023 إلى 52%. ويُرجَّح أن صور المجاعة في غزة لعبت دورًا كبيرًا في هذا التحوّل.
وكانت الأمم المتحدة قد أفادت بوفاة 147 شخصًا جوعًا، بينهم 88 طفلًا، وبأن نحو ثلث السكان يعيشون بلا طعام.
Related ترامب يعلن تقليص مهلة الـ50 يومًا لبوتين للتوصل إلى اتفاق سلام في أوكرانيامحذرًا إيران من عودة نشاطها النووي.. ترامب: سنعمل على إنشاء مراكز غذاء في قطاع غزةمع تفاقم الكارثة في غزة.. تصاعد الانتقادات لنهج نتنياهو وترامب يدعوه لاعتماد مقاربة جديدة الغضب يصل إلى البيت الأبيضفي موقف لافت يوم الإثنين، ناقض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رواية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو التي تنكر وجود مجاعة في غزة، قائلًا للصحفيين: "إنها مجاعة حقيقية... أراها، ولا يمكنك تزييف ذلك. لذا، سنكون أكثر انخراطًا".
أما استهداف الجيش الإسرائيلي لكنيسة كاثوليكية في غزة، والذي أدى إلى مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة تسعة بينهم كاهن، فقد أثار غضبًا واسعًا لدى المحافظين. وتواصل ترامب مباشرة مع نتنياهو معربًا عن استيائه.
وبعد أيام من القصف، زار السفير الأمريكي لدى إسرائيل مايك هاكابي، بلدة الطيبة الفلسطينية المسيحية في الضفة الغربية، عقب هجوم شنّه مستوطنون أشعلوا النيران قرب كنيسة أثرية. وفي بيان له، وصف هاكابي الهجوم بأنه "كارثي" و"عمل إرهابي"، داعيًا إلى محاسبة الفاعلين، لكنّه لم يحمّل الحكومة الإسرائيلية أو المستوطنين أي مسؤولية مباشرة.
اليمين الأمريكي يعيد حساباته؟تعكس هذه المواقف المتسارعة تغيرًا أعمق، فقد اعتبر تود ديذريج، الشريك المؤسس لمنظمة "تيلوس" الأمريكية، أن بيان هاكابي كان "مفاجئًا" ويشير إلى "بعض التعقيد داخل حركة لم تعرف التعقيد من قبل".
من ناحيته، أعرب المعلّق اليميني الكاثوليكي مايكل نولز عن خيبة أمله من أداء الحكومة الإسرائيلية، قائلًا: "كنت داعمًا بشكل عام لدولة إسرائيل... لكنكم تخسرونني". وأضاف: "يجب أن تنتهي الحرب. إلى متى ستستمر؟ أمريكا هي الصديق الوحيد لإسرائيل، ولا أفهم ما تفعله الحكومة الإسرائيلية هنا".
كما رفض جو روغن، قدم بودكاست أمريكي معروف، والذي أيّد ترامب سابقًا، استضافة نتنياهو على برنامجه، بحسب ما أفاد به يائير نتنياهو، نجل رئيس الوزراء. كما نشر روس دوثات، كاتب الرأي المحافظ في "نيويورك تايمز"، مقالًا رأى فيه أن العملية العسكرية الإسرائيلية باتت "غير عادلة".
ورغم أن هذه التحوّلات لا تزال في بدايتها، إلا أن مؤشرات الشك والتململ بدأت تتغلغل في أوساط التيار المحافظ، وخصوصًا ضمن دوائر الشباب والنشطاء والموظفين السياسيين، وبدأت تتشكّل مساحة داخل أوساط اليمين الأمريكي لإعادة تقييم علاقة لطالما اعتُبرت ثابتة.
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة