الجديد برس:

على رغم استمرار تدفق الحشود العسكرية الأمريكية والغربية إلى منطقة غرب آسيا للتصدي للضربات المتوقعة من قبل إيران ومحور المقاومة إلى الكيان الإسرائيلي، رداً على اعتداءاته الأخيرة، فإنها لن تضيف جديداً إلى المشهد اليمني خصوصاً، إذ إن الولايات المتحدة تخوض حرباً على صنعاء بواسطة تحالف «حارس الازدهار»، وهو ما يفعله أيضاً الاتحاد الأوروبي بواسطة بعثة «أسبيدس» في البحرين الأحمر والعربي، بالنيابة عن إسرائيل التي يحاول كل من التحالفين إنقاذها من التحديات الاستراتيجية من دون أن ينجحا في ذلك.

على أن الأوروبيين تحديداً هم الأكثر خشية من تمدّد الصراع في المنطقة وانفلاته إلى حرب شاملة تُجبر الأطراف على استخدام كل أوراقها، وخاصة إذا تمكنت حركة «أنصار الله» من السيطرة على ساحل البحر الأحمر في اليمن، ما يمنحها القدرة على تعطيل مضيق باب المندب، وهو نقطة اختناق بحرية حيوية تربط البحر الأحمر بخليج عدن وبحر العرب.

ووفق المنطق الأوروبي، يعدّ هذا المضيق ضرورياً لنقل النفط والغاز الطبيعي والسلع التجارية بين أوروبا وآسيا والأمريكيتين. ولا تتوقّف الخشية الأوروبية عند حدود اليمن، بل تتعدّاه إلى كامل القرن الأفريقي. فالتقارير الاستخبارية الأمريكية الحديثة تفيد بأن «أنصار الله» قامت بتزويد حركة «الشباب» في الصومال بالأسلحة، ما يعقّد الاستجابة الاستراتيجية الغربية ويزيد من التحديات الأمنية في البحر الأحمر وخليج عدن.

والواقع أن الوضع المتوتر في البحرين الأحمر والعربي واليمن عموماً، بقي منذ دخول اليمن في جبهة إسناد فلسطين مدار نقاش ودراسة مستفيضة من التحالف الغربي – الإسرائيلي، باعتبار أن اليمن بقيادة «أنصار الله» يشكّل تهديداً استراتيجياً للهيمنة الأمريكية والأوروبية والإسرائيلية.

وعليه، لا تتوقف المراكز البحثية والمستويات السياسية والاستخبارية في الغرب والإقليم عن البحث في كل ما يتصل باليمن، بما يشمل القدرات العسكرية، والمنهجية السياسية الخارجية للبلاد، وامتلاك القرار السيادي، وتأثيرات الموقع الجغرافي ذي الأبعاد الجيوسياسية على الموقفين الإقليمي والدولي، وكيفية الإخلال بالموارد والعناوين المذكورة.

لكن سرعان ما يعود إلى أذهان الغرب أن اليمن استطاع التغلب على تسع سنوات من العدوان السعودي – الإماراتي، المدعوم من الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل، وبات أكثر قوة وتأثيراً على الساحتَين الإقليمية والدولية، على رغم شراسة هذه الحرب.

أوروبا تتخوّف من تمكّن «أنصار الله» من السيطرة على ساحل البحر الأحمر في اليمن

آخر تلك الدراسات، تقرير جديد نشره مركز تحليل السياسات الأوروبية (CEPA) يكشف عن تصاعد التهديدات التي تشكّلها قوات صنعاء ضد دول «الناتو» وكيان الاحتلال.

وأشار التقرير، الذي حمل عنوان «الناتو في مرمى الحوثيين»، إلى أن «الهجمات البحرية التي يشنّها الحوثيون في اليمن، باستخدام الألغام والطائرات من دون طيار والمركبات البحرية غير المأهولة والضربات الصاروخية، تمثّل تهديداً كبيراً للتجارة العالمية وإمدادات الطاقة، ما يعكس ضعف الرد الغربي». على أن هذا التقرير ليس الوحيد، إذ إن مواقف صنعاء من الكثير من القضايا هي مدار بحث ودراسة لدى العديد من مراكز البحث ودوائر الاستخبارات الغربية والإسرائيلية، والتي تركز اهتمامها على تأثير اليمن في القضايا القومية، وموقفه من قضية فلسطين، ودوره في مواجهة إسرائيل، وأهميته في محور المقاومة، وخطورة امتلاكه خطوط إنتاج سلاح محلية نوعية بالاستفادة من خبرات أصدقائه في المحور.

ولا تتجاهل الدراسات، أيضاً، قدرة «أنصار الله» في الإقليم، حيث وصفت صحيفة «إسرائيل هيوم» الإسرائيلية، عمليات الحركة في البحر الأحمر بأنها ذات تأثير عالمي لتقويضها المصالح الاستراتيجية والاقتصادية للغرب.

ولم تسلّط جبهة إسناد غزة اليمنية الضوء على أهمية البلد وموقعه وشجاعة قيادته السياسية فحسب، وإنما وفّرت لليمن أيضاً الشرعية في استخدام قوّته وموقعه، كاشفة تأثيرات هذا البلد الجيواستراتيجية والتي تنظر إليها واشنطن وحلفاؤها الغربيون على أنها مزعزعة للهيمنة الغربية التاريخية في المنطقة. والمربك في المشهد الأوروبي – الأمريكي أن الحرب على غزة، وكذلك الانخراط في حرب أوكرانيا، يعيقان التوجه إلى معالجة التحديات في اليمن والبحر الأحمر، وهو ما يمثل فرصة تعمل صنعاء على الاستفادة منها بجوانبها المختلفة.

وينظر الغرب بانزعاج شديد إلى نجاح اليمن في فتح جسور وقنوات تواصل مع القوى الفاعلة في المنطقة والعالم المناوئ للغرب، وفق المحددات والثوابت التي باتت تتسلح بها صنعاء وتدافع عنها.

أما الإشكالية بالنسبة إلى الأوروبيين خصوصاً، فتتمثّل في عدم القدرة على المواجهة وحدهم، والدليل هو الفشل الذريع لبعثة «أسبيدس»، التي تستظلّ عسكرياً بالولايات المتحدة في الوقت الذي لا تمتلك فيه الأخيرة نهجاً واضحاً. والخطة المعمول بها في تحالف «حارس الازدهار» تتمثّل في اعتراض الطائرات والزوارق المسيّرة والصواريخ المختلفة ومواقع الرادار، وهي خطّة فشلت في إنهاء التهديد كونها غير كافية.

وبحسب الخبراء الاستراتيجيين في واشنطن، فإن القيام بدور الدفاع لا يمكّن من هزيمة «أنصار الله»، وأي عملية أخرى ناجحة يتعيّن فيها النزول على الشاطئ اليمني، أي الغزو البري، وهذا يحتّم دفع أكلاف باهظة، واشنطن غير جاهزة حالياً لدفعها.

وينبّه «مركز تحليل السياسات الأوروبية»، في تقريره، إلى أن «تجاهل تهديدات الحوثيين قد يقوّض بشكل كبير المصالح الاستراتيجية والاقتصادية للغرب». على أن التقرير لا يقدّم توصيات عملياتية ولا يجيب عن الأسئلة المحرجة، وخصوصاً حول كيفية مواجهة اليمن الجديد بقيادة «أنصار الله»، سوى ما يتعيّن على حلف «الناتو» بالعموم القيام به في تعزيز الأمن البحري والابتكار التكنولوجي وتبنّي استراتيجيات شاملة للحفاظ على الأمن والاستقرار العالميين في ظلّ هذه التهديدات المتطوّرة، من خلال دعوة الحلف إلى الابتكار في التدابير المضادة للتهديدات، ما يعزّز التقدم في تقنيات الحرب الإلكترونية والدفاع الصاروخي. غير أن التقرير يتوقف عند التكلفة الكبيرة لهذه التقنيات، ويعترف في الوقت ذاته بأن لدى خصوم مثل إيران وروسيا والصين رؤى متقدمة في هذا المجال.

المصدر: جريدة الأخبار اللبنانية

المصدر: الجديد برس

كلمات دلالية: البحر الأحمر أنصار الله فی الیمن فی البحر على أن

إقرأ أيضاً:

سموتريتش يهدد بالسيطرة على الضفة الغربية ردًا على الاعتراف بفلسطين

 

اقرأ ايضاًفرنسا تؤكد عزمها الاعتراف بدولة فلسطين وتعد بإجراءات ملموسة في مؤتمر نيويورك

أعلن وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، عن خطة تصعيدية من ثلاث مراحل في الضفة الغربية المحتلة، في حال مضت فرنسا ودول أوروبية أخرى قدماً في مساعيها للاعتراف بدولة فلسطين، مؤكداً أن حكومة الاحتلال "لن تقف مكتوفة الأيدي أمام محاولات فرض حلول أحادية".

وقال سموتريتش خلال اجتماع طارئ للحكومة الإسرائيلية، عُقد على خلفية التحركات الدبلوماسية الأوروبية المتسارعة لدعم الاعتراف بفلسطين، إن الخطة تشمل: فرض السيادة الإسرائيلية الكاملة على المناطق المصنفة "ج"، التي تمثل نحو 60% من مساحة الضفة الغربية؛ وتهجير سكان تجمع الخان الأحمر البدوي شرق القدس؛ وتعطيل المنظومة المصرفية الفلسطينية.

ووصف سموتريتش هذه التدابير بأنها "رد مناسب" على ما سماه "قرارات أحادية الجانب"، محذراً من أن الاعتراف الأوروبي بدولة فلسطينية سيؤدي إلى "انهيار الاستقرار الإقليمي"، وفق تعبيره.

ويُعد تجمع الخان الأحمر أحد أبرز رموز التحدي الفلسطيني لسياسات الاستيطان والتهجير، وقد سبق أن أثار قرار هدمه رفضاً دولياً واسعاً، من ضمنه مواقف أوروبية وأممية حذرت من عواقب تهجير سكانه.

كما أن تعطيل النظام المصرفي الفلسطيني يُنذر بعواقب اقتصادية خطيرة، في ظل أزمة مالية خانقة تعاني منها السلطة الفلسطينية نتيجة الاقتطاعات الإسرائيلية المستمرة من أموال المقاصة.

ويأتي هذا التصعيد الإسرائيلي في وقت تتصاعد فيه الضغوط الدولية على حكومة الاحتلال، خاصة مع إعلان عدد من الدول الأوروبية، بينها إسبانيا وإيرلندا والنرويج، اعترافها الرسمي بدولة فلسطين، وتحركات دبلوماسية فرنسية لدفع الملف في مؤتمر أممي مرتقب منتصف يونيو الجاري في نيويورك.


© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com)

سيف الزعبي

قانوني وكاتب حاصل على درجة البكالوريوس في الحقوق، وأحضر حالياً لدرجة الماجستير في القانون الجزائي، انضممت لأسرة البوابة عام 2023 حيث أعمل كمحرر مختص بتغطية الشؤون المحلية والإقليمية والدولية.

الأحدثترند سموتريتش يهدد بالسيطرة على الضفة الغربية ردًا على الاعتراف بفلسطين طرق تساعد على رفع مستويات الدوبامين فرنسا تؤكد عزمها الاعتراف بدولة فلسطين وتعد بإجراءات ملموسة في مؤتمر نيويورك ما أعراض الفيروس في المعدة؟ هل انهار التحالف؟ ..ترامب: إيلون ماسك "فقد عقله" Loading content ... الاشتراك اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن إشترك الآن Arabic Footer Menu عن البوابة أعلن معنا اشترك معنا حل مشكلة فنية الشكاوى والتصحيحات تواصل معنا شروط الاستخدام تلقيمات (RSS) Social media links FB Linkedin Twitter YouTube

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن

اقرأ ايضاًبالفيديو: قافلة ضخمة من المهاجرين تتجه نحو أمريكا قبل وصول ترامب للبيت الأبيض

اشترك الآن

© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com) Arabic social media links FB Linkedin Twitter

مقالات مشابهة

  • إعلام عبري: انهيار ايرادات مرفأ “إيلات” بنسبة 80% بسبب حصار القوات اليمنية
  • سموتريتش يهدد بالسيطرة على الضفة الغربية ردًا على الاعتراف بفلسطين
  • “التي أم أس” تشهد أولى خطوات قيد زيزو مع الأهلي واللاعب يطير إلى تركيا
  • واشنطن في ورطة.. تقارير غربية توثق الهزيمة الأمريكية أمام اليمن في البحر الأحمر
  • العدل تُرّحب بما تضمنه تقرير “هيومن رايتس” بشأن الغارات الأمريكية على ميناء رأس عيسى في الحديدة
  • العدو الصهيوني يهدد باعتقال المتضامنين على سفينة “مادلين”
  • حكومة التغيير والبناء تصدر بيانا بشأن الموقف الأمريكي المخزي في استخدام “الفيتو” ضد قرارٍ يدعو إلى وقفٍ لإطلاق النار في غزة
  • لغم حوثي يصيب نازحاً ويدمر حراثته الزراعية غربي اليمن
  • “اليونيسف”: انهيار القطاع الصحي يهدد حياة الأطفال في غزة
  • غضب للانقتالي بعد تقارب قبائل أبين مع “الحوثيين”