13 أغسطس، 2024

بغداد/المسلة: شهدت محافظة كركوك، التي تعتبر واحدة من أكثر المناطق تنوعاً وذات أهمية استراتيجية في العراق، تصاعداً في التوترات السياسية عقب تشكيل الحكومة المحلية الجديدة. جاء هذا التشكيل نتيجة توافق سياسي بين قوى مختلفة تشمل الاتحاد الوطني الكردستاني وتقدم وبابليون والعصائب. ومع ذلك، أثار هذا الاتفاق غضب بعض المكونات المحلية، وخاصة من العرب والتركمان، الذين يرون أن هذا التوافق ينتهك حقوقهم في المشاركة العادلة في إدارة المحافظة.

والتوافق الذي قاد إلى تشكيل الحكومة المحلية في كركوك جاء عقب اتفاق بين الأطراف الرئيسية في المحافظة وبرعاية من الحكومة المركزية في بغداد. الاتحاد الوطني الكردستاني، إلى جانب تحالفات أخرى، استطاع الوصول إلى اتفاق حول توزيع المناصب الرئيسية في الحكومة المحلية، بما في ذلك منصب المحافظ ورئيس المجلس المحلي.

لكن هذا الاتفاق لم يحظَ بالقبول من جميع الأطراف، حيث رفض الحزب الديمقراطي الكردستاني الاجتماع الذي تمخض عنه هذا الاتفاق، واعتبره “غير قانوني” ومثيراً للعديد من المشاكل.

من جهة أخرى، أثار الاتفاق غضب الأطراف العربية والتركمانية التي شعرت بأنها مستبعدة من اتخاذ القرارات الحاسمة.

والحزب الديمقراطي الكردستاني، والذي يتمتع بنفوذ قوي في كردستان العراق، عبر عن استيائه من هذا التشكيل واعتبره مخالفاً للقانون. كما دعا مسعود بارزاني، رئيس الحزب، إلى ضرورة تعيين محافظ كردي محايد يحظى بقبول جميع الأطراف، وذلك خلال اجتماع عقد في أربيل بحضور ممثلين عن العرب والتركمان.

من جانبهم، رفضت القيادات التركمانية نتائج جلسة انتخاب المحافظ ورئيس المجلس، ووصفوها بأنها “مخالفة صريحة” للقانون. وأعلنت قائمة جبهة تركمان العراق الموحد أنها ستلجأ إلى القضاء للطعن في مخرجات هذه الجلسة.

وتزايدت المخاوف لدى المكونين العربي والتركماني من عودة سيناريوهات سابقة شهدتها المحافظة خلال إدارة المحافظ الكردي الأسبق نجم الدين كريم، الذي اتهم بإثارة التوترات الأمنية وزيادة حوادث الاغتيالات التي استهدفت العرب والتركمان. هذه المخاوف جعلت الأطراف العربية والتركمانية تصر على ضرورة أن يتولى أحد أبنائها منصب المحافظ لضمان توازن أكبر في إدارة المحافظة.

أحمد العزاوي، القيادي في التحالف العربي في كركوك، أكد أن هناك استياءً عاماً بين المكون العربي بسبب ما حدث من اتفاقات سياسية، وشدد على تمسك العرب بمنصب محافظ كركوك كحق لا يمكن التفريط فيه.

وتعتمد الأطراف المعارضة للتوافق الجديد في كركوك على المادة (13) رابعاً من قانون انتخابات مجالس المحافظات، التي تنص على ضرورة تقاسم السلطة بتمثيل عادل يضمن مشاركة مكونات المحافظة كافة بغض النظر عن نتائج الانتخابات. هذه المادة تعد أحد أبرز النقاط التي تعتمد عليها الأطراف المعارضة في طعونها القانونية.

ويبدو أن الأزمة في كركوك مرشحة للتصعيد إذا لم تتم معالجة الخلافات الحالية بشكل يرضي جميع المكونات.

والمحافظة التي تعاني من تعقيدات قومية وطائفية قد تجد نفسها في وضع صعب إذا ما استمرت الأطراف المختلفة في التصعيد دون الوصول إلى حلول وسط تضمن التعايش السلمي واستقرار المحافظة.

 

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author زين

See author's posts

المصدر: المسلة

كلمات دلالية: فی کرکوک

إقرأ أيضاً:

إشاعات العقوبات مكشوفة: توازنات الحكومة الإقليمية تثمر عن رسائل أمريكية إيجابية

11 دجنبر، 2025

بغداد/المسلة: تشير  التحليلات لتصريحات المبعوث الأميركي مارك سافيا الى أن العراق يبتعد كثيراً عن أي عقوبات أميركية مفترضة، في تضاد مع ما يلوّح به خصوم النظام السياسي في بغداد، بان الحصار قادم على العراق، حيث اكد سافيا ان واشنطن تعمل مع العراق من أجل بلد ذي سيادة، في رسالة حملت طابع التهدئة وسط تصاعد التكهنات بشأن ضغوط اقتصادية محتملة.

وفي هذا السياق يبرز ما يعتبره مراقبون تحولاً مهماً في السياسة الخارجية العراقية خلال حقبة رئيس الحكومة محمد السوداني، إذ نجحت بغداد في إيجاد توازن أوضح بين علاقتها مع واشنطن ودول الجوار، ولاسيما إيران، بما يخدم المصلحة العراقية ويحدّ من احتمالات الانجرار إلى محور واحد، وهو توازن تحرص الإدارة الحالية على تعزيزه في الملفات الأمنية والاقتصادية والطاقة.

ومن جانب آخر تدرك الدوائر الأميركية أن الظروف الدولية الراهنة لا تسمح بإعادة إنتاج أي حصار شامل على دولة محورية مثل العراق، إذ يرى مسؤولون سابقون أن فرض قيود واسعة على النفط والتجارة والقطاع المالي سيولد ارتدادات عنيفة على أسواق الطاقة وتحالفات المنطقة، وهو ما تسعى واشنطن إلى تجنّبه في مرحلة تموج بالأزمات وتغيّر خرائط النفوذ.

وتشير أوساط مطلعة إلى عدم دقة ما نشرته شبكة ذا نيو أراب حول حزمة عقوبات مرتقبة، جرى إبلاغ الحكومة العراقية بها عبر قنوات دبلوماسية، ووُصفت بأنها الأكبر منذ سنوات، بعد تراجع بغداد عن قرار إدراج حزب الله في لوائح تصنيف حساسة، الأمر الذي أعاد تسليط الضوء على موازين الضغط بين خيارات الأمن ومتطلبات السياسة الخارجية في بغداد.

وبموازاة ذلك يحذّر محللون سياسيون من أن أي خطأ تقديري في واشنطن قد يفجر الداخل العراقي، خاصة مع الحساسية المتزايدة تجاه أي ضغوط خارجية على القرار الوطني، فيما تتنامى الأصوات التي تشدد على ضرورة تفادي أي خطوة قد تُفهم كإعادة إنتاج لصيغ الحصار القديمة أو الإملاءات الاقتصادية.

ومن جهة أخرى تنعش هذه التطورات ذاكرة العراقيين حول العقوبات التي فُرضت مطلع التسعينيات واستمرت حتى 2003، حين قيّد مجلس الأمن صادرات النفط وحدّ من الاستيراد وفرض رقابة صارمة على الموارد ضمن برنامج النفط مقابل الغذاء، في منظومة شكّلت واحدة من أقسى مراحل الانكماش الاقتصادي والاجتماعي في تاريخ العراق الحديث.

ومن ناحيته يرى خبراء أن العراق بات يمتلك اليوم شبكة أوسع من العلاقات الإقليمية والدولية تتيح له هامشاً أكبر للمناورة، ما يجعل أي محاولة لفرض عقوبات شاملة أقل قابلية للتطبيق، خصوصاً مع تزايد دور بغداد في مسارات النفط الإقليمي وترابط الأسواق.

 

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author moh moh

See author's posts

مقالات مشابهة

  • رئيسة الحكومة التونسية تشيد بالإصلاحات العميقة التي تشهدها الجزائر
  • إشاعات العقوبات مكشوفة: توازنات الحكومة الإقليمية تثمر عن رسائل أمريكية إيجابية
  • تهديد بهدم قبر عزّ الدين القسّام.. ما الرسالة التي يسعى بن غفير إلى إيصالها؟
  • الأهلي يعيد تشكيل هجومه بحسم صفقة يزن النعيمات
  • الولايات المتحدة واليابان تنفذان تدريبات جوية مشتركة وسط تصاعد التوترات الإقليمية
  • الاتفاق على رئيس البرلمان ينتظر المصادقة على نتائج الانتخابات
  • رئيس الوزراء: تخفيض الدين أولوية الحكومة وسعر الفائدة مرتبط بتراجع التضخم
  • إيمان كريم تشيد بدور المتحف المصري الكبير في تسهيل تجربة الزوار من ذوي الإعاقة
  • اتفاق في المهرة على تقاسم المشهد العسكري بين الانتقالي ودرع الوطن
  • المالكي: حريصون على تشكيل حكومة قوية