فرنسا وروسيا: تقاطع العودة والانكفاء في الوقت الصعب
تاريخ النشر: 14th, August 2024 GMT
كتبت هيام قصيفي في"الاخبار":مع تفعيل الدور الأميركي على خط الاتصالات القائمة لمنع الانجراف نحو حرب واسعة، ثمة كلام أميركي عن أن الاتصالات مع لبنان تأخذ بعداً مختلفاً قائماً على فكرة تسهيل قنوات التواصل لفتح ثغرة تمهّد لتخفيف التوتر وسحب أي نية بالتصعيد من جانب حزب الله، ما يجعل ممكناً عزل أي عمل عسكري وتبريد المنطقة بعد أيام من الشحن والتوتير.
لكل من فرنسا وروسيا دورُها في المنطقة، ولكن لكل منهما أيضاً انشغالاتها في اللحظة التي تمر فيها المنطقة في أدقّ مرحلة في تاريخها الحديث. لكن الأيام الأخيرة حملت تنشيطاً للدورين من اتجاهين مختلفين، مع تسليم حلفاء إسرائيل بأن اللحظة المفصلية تعيد إلى الدور الأميركي أولويته في إدارة الاتصالات وإيجاد الحلول ولو المؤقتة، في مقابل تحميل إيران - رغم الاتصالات غير المباشرة مع واشنطن - الولايات المتحدة مسؤولية تأجيج الصراع بالحشد العسكري في المنطقة وتغطيتها ما تقوم به إسرائيل.
مع انتهاء الألعاب الأولمبية، عادت فرنسا إلى معالجة همومها الداخلية، بدءاً بتشكيل حكومة جديدة، بعد النتائج الخارجة عن المألوف للانتخابات البرلمانية في دورتيها الأولى والثانية، وبعدما انشغلت عما يحصل في المقلب الآخر من المتوسط، حيث خرج الصراع العسكري بين إسرائيل وحماس وحزب الله وإيران عن الخطوط المرسومة التي كانت لا تزال الأطراف جميعها تلتزم بها.
لبنانياً، يعطي خروج فرنسا من الصورة بعداً آخر، يتعلق بدورها السياسي على جبهتين، الحرب ورئاسة الجمهورية. وإذا كانت الثانية عُلّقت بفعل توقف مهمة الموفد الرئاسي جان إيف لودريان (التي لم يعد يأتي أحد على ذكرها) وعمل اللجنة الخماسية، فإن الأولى تفرملت بفعل الوضع الحكومي الفرنسي الذي عطّل مبادرات وزارة الخارجية بعد حركة دبلوماسية كثيفة بين إسرائيل وإيران ولبنان، في انتظار رسم سياسة خارجية مع الحكومة الجديدة.
لكنّ البيان الذي خرجت به الدول الثلاث، أظهر تموضع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في سياسته الخارجية من دون أي التباس إلى جانب إسرائيل، مكرّساً مع بريطانيا وألمانيا التحالف الغربي الذي تأكّد منذ 7 تشرين الأول، وأظهر وجهه في أكثر من محطة مفصلية، كاد الصراع يتحول فيها إلى حرب واسعة.
لم تدخل روسيا على خط الأزمة اللبنانية مباشرة. لكنها، منذ اندلاع الصراع بين إسرائيل وحماس ومن ثم حرب المساندة، وقفت موقفاً دقيقاً بعدم تأييد ما تقوم به إسرائيل أو حماس، من دون أن تقطع خيط الاتصالات مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وبالتأكيد مع حماس، في وقت رأت دول أوروبية في موقف موسكو رغبة في تحييد النظر عن حربها مع أوكرانيا. لكن بدا لافتاً أخيراً، بعد عمليتي الاغتيال في إيران ولبنان، أن روسيا التي تقف إلى جانب إيران، وحرصت على إظهار رغبتها بعدم توسع الحرب نتيجة أي رد إيراني على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية. وإذا كانت المعلومات الغربية تتحدث عن رسائل روسية واضحة إلى طهران بعدم تصعيد الموقف، ما يؤدي إلى تفلت الوضع في المنطقة إلى نقطة اللارجوع، جاء الهجوم الأوكراني على كورسك، في توقيت ملتبس، بدعم غربي وأميركي واضح، ليعطي موسكو رسالة تحذيرية بعدم التورط أكثر في الجانب الإيراني. وهذا من شأنه أن يشغل روسيا أكثر في المرحلة التي يعاد فيها تنشيط الدور الأوروبي عسكرياً وسياسياً، متقاطعاً مع الدور الأميركي الذي يوازن بين الاتصالات والوجود العسكري في المنطقة دعماً لإسرائيل.
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: فی المنطقة
إقرأ أيضاً:
فرنسا تدعو للضغط على إسرائيل لقبول حل الدولتين
دعت فرنسا، يوم الإثنين، الاتحاد الأوروبي إلى الضغط على إسرائيل للقبول بحل الدولتين مع الفلسطينيين، في أحدث تصعيد من باريس ضمن جهودها لإنهاء الحرب الدموية في غزة، وذلك بعد أيام من تعهدها بالاعتراف بدولة فلسطين.
وقال وزير الخارجية الفرنسي، جان-نويل بارو، للصحفيين في مقر الأمم المتحدة إن هناك توافقا دوليا على أن الوقت قد حان للتوصل إلى حل سياسي للنزاع الإسرائيلي-الفلسطيني، لكن القوى العالمية بحاجة إلى تحويل الأقوال إلى أفعال.
وأضاف: "على المفوضية الأوروبية، نيابة عن الاتحاد الأوروبي، أن تعبر عن توقعاتها، وتظهر الوسائل التي يمكننا من خلالها تحفيز الحكومة الإسرائيلية على الاستماع إلى هذا النداء".
جاءت تصريحات بارو في اليوم الأول من اجتماع رفيع المستوى في الأمم المتحدة حول حل الدولتين للنزاع الإسرائيلي-الفلسطيني الممتد منذ عقود، والذي تتشارك في رئاسته فرنسا والسعودية. ويُعقد المؤتمر، الذي تم تأجيله من يونيو وخُفّض مستواه إلى مستوى وزراء، في نيويورك في ظل تصاعد الإدانات الدولية لطريقة تعامل إسرائيل مع الحرب في غزة.
ورفضت كل من إسرائيل وحليفتها الأقرب، الولايات المتحدة، المشاركة في الاجتماع، والذي قال بارو إنه يُحضره ممثلون عن 125 دولة، من بينهم 50 وزيرا.
وأوضح بارو أن هدف المؤتمر هو "عكس الاتجاه السائد في المنطقة، أي التلاشي المستمر لحل الدولتين، الذي ظل لفترة طويلة الحل الوحيد القادر على تحقيق السلام والأمن في المنطقة".
ودعا المسؤول الفرنسي، المفوضية الأوروبية إلى مطالبة إسرائيل برفع الحجز المالي عن مبلغ 2 مليار يورو يقول إن الحكومة الإسرائيلية تدين به للسلطة الفلسطينية، ووقف بناء المستوطنات في الضفة الغربية الذي يهدد السلامة الإقليمية للدولة الفلسطينية المستقبلية، وإنهاء نظام إيصال الغذاء "عسكري الطابع" في غزة، الذي تدعمه مؤسسة غزة الإنسانية الأميركية، والذي أدى إلى مقتل المئات.
وقالت دوبرافكا شويسا، مفوضة الاتحاد الأوروبي لشؤون البحر المتوسط، خلال الاجتماع إن الاتحاد الأوروبي يدرس فرض عقوبات جديدة، وشددت على أنه من "الضروري" أن تقوم إسرائيل بتحويل الأموال المستحقة للفلسطينيين، وتسمح بإيصال الغذاء والمساعدات الأخرى إلى غزة.
وأضافت أن الاتحاد الأوروبي كان شريكا طويل الأمد في دعم إصلاحات السلطة الفلسطينية، ورحبت بالإعلان الأخير عن إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية خلال عام في جميع الأراضي الفلسطينية.
وقالت: "نحن نحول دون انهيار السلطة الفلسطينية ماليًا"، مشيرة إلى أن الاتحاد الأوروبي يدعمها بمبلغ 6ر161 مليار يورو للسنوات الثلاث المقبلة.
ورفض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حل الدولتين "لأسباب قومية وأمنية". وكررت الولايات المتحدة هذا الموقف، ووصفت المؤتمر، يوم الاثنين، بأنه "غير مثمر وفي غير الوقت المناسب".
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، تامي بروس، في بيان: "الولايات المتحدة لن تشارك في هذه الإهانة، لكنها ستواصل قيادة الجهود الواقعية لإنهاء القتال وتحقيق سلام دائم".
وأضافت: "ينصب تركيزنا على الدبلوماسية الجادة، وليس على مؤتمرات مدبّرة لإعطاء مظهر زائف من الأهمية".
وقبيل الاجتماع، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن فرنسا ستعترف بدولة فلسطين خلال الاجتماع السنوي لقادة العالم في الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر.