أهم ما أعلنت عنه غوغل في مؤتمرها السنوي
تاريخ النشر: 14th, August 2024 GMT
أعلنت غوغل عن أحدث سلاسل من منتجاتها في مؤتمرها السنوي الذي عقد أمس تحت شعار "صُنع بواسطة غوغل". يأتي هذا الحدث في وقت مبكر من العام مقارنة بموعده الاعتيادي خلال الأعوام الماضية، وقد كشفت غوغل عن سلسلة هواتف بكسل 8، وساعة بكسل 2، وتحسينات الذكاء الاصطناعي لمساعد غوغل، العام الماضي في فصل الخريف خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول.
وأعلنت غوغل في حدث هذا العام عن بعض المنتجات الجديدة مثل سلسلة هواتفها بكسل 9، وساعتها الذكية بكسل 3 وغيرها. وإليك أهم ما أعلنت عنه غوغل في حدثها السنوي.
شملت سلسلة بكسل 9 الإصدار العادي بجانب 3 إصدارات احترافية وهي "بكسل 9 برو"، و"بكسل 9 برو إكس إل"، و"بكسل 9 برو فولد". وتأتي كل الهواتف بأحدث معالجات غوغل "تينسور جي 4" (Tensor G4)، التي صُممت لتعزيز كفاءة وإمكانات مهام الذكاء الاصطناعي على هذه الهواتف.
كما شهد تصميم سلسلة هواتف بكسل 9 تحولا ملحوظا؛ حيث تتميز الهواتف الجديدة بتصميم حواف مسطحة يشبه النسخ الجديدة من هواتف آيفون، وهو ابتعاد عن الحواف المنحنية التي كانت موجودة في الإصدارات السابقة من هواتف بكسل. ويمنح هذا التصميم السلسلة الجديدة مظهرا عصريا أكثر انسيابية. بينما يحتفظ الجزء الخلفي من الهواتف بالتصميم المميز لسلسلة بكسل، مع شريط يحمل الكاميرات بشكل بارز وممتد.
وتأتي نسخة هاتف بكسل 9 بشاشة بتقنية أوليد بحجم 6.3 بوصات، كما تأتي نسخة "برو إكس إل" بشاشة حجمها 6.8 بوصات، أما نسخة "بكسل 9 برو" فتوفر خيارا وسطيا بشاشة بحجم 6.5 بوصات، تجمع بين الحجم الأصغر للنسخة العادية وبعض الميزات المتطورة لنسخة "برو إكس إل".
أما نسخة "بكسل 9 برو فولد"، وهي الإصدار القابل للطي في السلسلة، فقد شهد بعض التحسينات الكبيرة أيضا. فعند فتحه، يكون سُمك الهاتف 5.1 مليمترات فقط، وهذا يجعله أحد أنحف الهواتف القابلة للطي في السوق. كذلك زاد حجم الشاشة الخارجية لتصل إلى 6.3 بوصات، بينما يبلغ حجم الشاشة الداخلية 8 بوصات قطرية، وهذا يوفر للمستخدمين تجربة شبيهة بشاشة الأجهزة اللوحية. كما ازداد سطوع الشاشة الداخلية أكثر، مع أقصى سطوع يصل إلى 2700 شمعة، مقارنة بـ1450 شمعة في النسخة السابقة، وهذا يسهل استخدامه في ضوء الشمس المباشر.
وبالنسبة للإمكانات الداخلية للهواتف، تأتي كل نسخ بكسل 9 بترقيات كبيرة في العتاد الداخلي. وتأتي نسخة بكسل 9 العادية بذاكرة وصول عشوائي "رام" 12 غيغابايتا، بينما تأتي النسخ الاحترافية بـ"رام" 16 غيغابايتا، وهذا يضمن أداءً سلسا حتى عند تشغيل التطبيقات والمهام الخاصة بالذكاء الاصطناعي التي تتطلب ذاكرة وصول عشوائي كبيرة. وتأتي هواتف السلسلة بأكملها بشريحة معالجة جديدة وهي "تينسور جي 4″، وهي مخصصة لتنفيذ مهام الذكاء الاصطناعي على الجهاز نفسه، وهذا يتيح معالجة أسرع وإمكانات متطورة بدون الاعتماد على الحوسبة السحابية لأداء مثل هذه المهام.
كما تقدم غوغل 7 سنوات من تحديثات نظام التشغيل وتحديثات الأمان لسلسلة بكسل 9، وهذا يطيل عمر هذه الأجهزة.
ومن المقرر إطلاق سلسلة بكسل 9 في وقت لاحق من هذا الشهر، ويبدأ سعر النسخة العادية من 799 دولارا، بزيادة قدرها 100 دولار عن النسخة السابقة. كما يأتي سعر نسخة "بكسل 9 برو" بـ999 دولارا، ونسخة "برو إكس إل" بـ1099 دولارا، بينما ستأتي نسخة "برو فولد" بسعر 1799 دولارا.
ميزات الذكاء الاصطناعيلم تقتصر سلسلة هواتف بكسل 9 على الهواتف نفسها فحسب، بل تأتي أيضا بالميزات المتطورة للذكاء الاصطناعي التي دمجتها غوغل في هذه الأجهزة. وكانت تلك الابتكارات القائمة على الذكاء الاصطناعي محورا أساسيا في حدث غوغل.
واحدة من الميزات الجديدة هي لقطات الشاشة المدعومة بالذكاء الاصطناعي، التي تتيح للمستخدمين التقاط لقطات شاشة يدويا ثم البحث عن معلومات محددة داخلها باستخدام نص المحادثة. وتأتي هذه الميزة بشكل حصري لأجهزة بكسل، وتقدم فائدة واضحة لتنظيم واسترجاع المعلومات المهمة، مثل تفاصيل الأحداث أو وصفات الأكل مثلا.
وتمتد قدرات الذكاء الاصطناعي إلى مساعد غوغل، الذي حظي بترقية كبيرة مع نموذج الذكاء الاصطناعي "جيمناي"، إذ يمكن للمساعد الجديد الآن التفاعل مع المعروض على شاشة الهاتف، بفضل ميزة تتيح للمستخدمين طرح أسئلة حول المحتوى الذي يشاهدونه، سواء كان مقطع فيديو أو صفحة ويب أو أحد التطبيقات. ويتيح هذا تفاعلا أكثر سلاسة، إذ يمكن للمساعد تقديم معلومات أو تنفيذ مهام بناءً على السياق الحالي.
كما قدمت غوغل خدمة "جيمناي لايف"، وهي ميزة دردشة صوتية تمكن المستخدم من إجراء محادثات طبيعية مع الذكاء الاصطناعي، وهذا يسمح للمستخدم حتى بمقاطعة واستئناف المحادثات عند الحاجة. وهذه الميزة حصرية للمشتركين في خدمة "غوغل وان إيه آي بريميوم"، وهذا يوضح إستراتيجية غوغل في تقديم خدمات ذكاء اصطناعي متميزة مقابل اشتراك مدفوع.
كما قدمت غوغل ميزة جديدة تُدعى "ماجيك إيديتور" (Magic Editor) التي تستفيد من الذكاء الاصطناعي التوليدي لإعادة تخيل الصور. ويمكن للمستخدم تحويل عناصر معينة في الصورة عن طريق تحديد مناطق معينة وإعطاء أوامر نصية، وقد يشمل هذا تغيير الخلفية أو تعديل ظروف الإضاءة، مما يمنح المستخدمين تحكما إبداعيا غير مسبوق في الصور.
بالإضافة إلى ذلك، قدمت غوغل ميزة "أضفني" (Add Me)، التي تتيح للمستخدمين إدراج أنفسهم في الصور الجماعية حتى إن لم يكونوا من التقط الصورة.
وفي سياق تصوير الفيديو، قدمت غوغل ميزة "فيديو بوست" (Video Boost)، وهي ميزة معالجة مدعومة بالذكاء الاصطناعي تتوفر حصريا على نسخ "بكسل 9 برو" و"برو إكس إل"، إذ يمكن لهذه الميزة ترقية مقاطع الفيديو إلى دقة "8 كيه" (8K) وتحسين جودة اللقطات التي تم تكبيرها رقميا.
ساعة ذكية وسماعة جديدةوكشفت غوغل أيضا عن ساعتها الذكية الجديدة "بكسل وتش 3″، التي تأتي بمجموعة من الميزات الجديدة في سلسلة الساعات الذكية التي تقدمها الشركة. ولم يتغير التصميم بصورة واضحة عن النسخة السابقة "بكسل وتش 2″، لكن هناك إضافة للنسخة الجديدة بحجم 45 مليمترا، كما أن التحسينات الحقيقية تكمن في الداخل.
وتقدم "بكسل وتش 3" ميزة جديدة مهمة يمكنها اكتشاف فقدان النبض، مما قد ينقذ الأرواح في حالات حرجة مثل النوبات القلبية. وستتوفر هذه الميزة -التي ستتاح في البداية داخل أوروبا- باستخدام مزيج من مراقبة معدل ضربات القلب وأجهزة استشعار أخرى لاكتشاف توقف نبض المستخدم. وإذا لم يتم اكتشاف أي حركة، ستتصل الساعة تلقائيا بخدمات الطوارئ، وهذا يوفر مستوى جديدا من الأمان للمستخدمين.
وتشمل التحسينات الأخرى شاشة أكثر سطوعا يمكنها الوصول إلى ألفي شمعة في أقصى درجة سطوع، بجانب حواف أرق تتيح مساحة أكبر للشاشة.
كما كشفت غوغل عن السماعة الجديدة "بكسل بادز برو 2″، وهي الجيل الجديد من سماعات الأذن اللاسلكية التي تقدمها الشركة. وتأتي السماعة بسعر 229 دولارا، وتتميز بالعديد من التحسينات الملحوظة مقارنة بالجيل السابق، ومنها إلغاء الضوضاء بصورة أفضل، بجانب جودة صوت محسنة.
والسماعة الجديدة أصغر بنسبة 27% وأخف وزنا من النسخة السابقة، وهذا يجعلها أكثر راحة للاستخدام لفترات طويلة. وتأتي السماعات الجديدة بشريحة "تينسور إيه 1" (Tensor A1)، التي تقدم معالجة صوتية متطورة أكثر، ومنها إلغاء الضوضاء المحسن الذي يقلل الأصوات ذات الترددات العالية.
كما تحسن عمر البطارية، إذ توفر النسخة الجديدة ما يصل إلى 8 ساعات من الاستماع المستمر مع تفعيل ميزة "إلغاء الضوضاء النشط"، وما يصل إلى 30 ساعة عند احتساب سعة علبة الشحن. وتدعم السماعات أيضا الاتصال المتعدد، وهذا يسمح بالتبديل السلس بين أكثر من جهاز متصل.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الذکاء الاصطناعی النسخة السابقة سلسلة هواتف هذه المیزة هواتف بکسل بکسل 9 برو غوغل فی
إقرأ أيضاً:
الذكاء الاصطناعي.. أداة للتمكين أم بديل يُضعف التفكير؟
في ظل تسارع وتيرة التكنولوجيا وتوسع تطبيقات الذكاء الاصطناعي لتشمل مختلف جوانب الحياة، يبرز تساؤل جوهري: هل أصبح الذكاء الاصطناعي بديلاً عن التفكير البشري؟ وهل باتت الأجيال الناشئة تعتمد عليه اعتمادًا يُهدد قدراتها الذهنية؟
فمع تزايد استخدام أدوات مثل "GPT" للحصول على المعلومات وحلول المشكلات، لم يعد الجهد الذهني مطلبًا ضروريًّا لدى كثير من المستخدمين، صغارًا وكبارًا. وأصبح الوصول السهل والفوري للمعرفة سببًا في تراجع عمليات التحليل والتفكير النقدي، خصوصًا بين المراهقين والشباب.
الاستطلاع الذي أجريناه رصد تباينًا في وجهات النظر حيال هذه الظاهرة، لكنه كشف بوضوح عن اعتماد متزايد على الذكاء الاصطناعي لتلبية مختلف الاحتياجات المعرفية واليومية، وهو ما يثير مخاوف التربويين والأسر من تحول هذه التقنيات من أدوات مساعدة إلى بدائل تُغني عن الجهد العقلي.
ويرى مختصون أن المشكلة لا تكمن في التقنية ذاتها، بل في طريقة استخدامها. فالذكاء الاصطناعي -إذا أُحسن توظيفه- يمكن أن يكون داعمًا قويًّا لتعزيز التفكير والتحليل، لا بديل عنهما. ومن هنا تبرز أهمية توعية النشء بكيفية استخدام هذه الأدوات بشكل متوازن، وتشجيعهم على التفكير المستقل، بما يعزز مهاراتهم الذهنية بدل أن يُضعفها.
الاستطلاع طرح تساؤلات مهمة: إلى أي مدى يعتمد الأفراد على الذكاء الاصطناعي في حياتهم اليومية؟ وما دور الأسرة في ضبط هذا الاستخدام، خاصة لدى الأبناء الذين باتوا يطلبون الإجابات الجاهزة لكل كبيرة وصغيرة؟
أسئلة مفتوحة على نقاش واسع، في وقت لم يعد فيه الذكاء الاصطناعي ترفًا، بل واقعًا يفرض إعادة النظر في أساليب التعليم والتفكير.
معلم ذكي
تصف ثراء أسعد محمد علاقتها بالذكاء الاصطناعي بقولها: "هو معلمي الذكي ورفيقي في اتخاذ القرارات". وتضيف أنها تعتمد عليه بكثافة سواء في دراستها أو في شؤون حياتها اليومية والمهنية، حيث تراه أداة مساعدة متاحة دائمًا حتى في ساعات الليل المتأخرة.
وتوضح أنها تبدأ عادة بالتفكير الذاتي، ثم تقارن استنتاجاتها بما يقدمه الذكاء الاصطناعي، لتصل في النهاية إلى قرار "أكثر اتزانًا ومنطقية".
وترى ثراء أن الذكاء الاصطناعي يمتلك قدرة على التفكير المستقل بشكل يشبه الإنسان، خاصة في قدرته على فهم السياق وتحليل المعلومات بشكل منطقي. وتشير إلى أن أحد أبرز تفوقاته هو الموضوعية، إذ يساعد المستخدمين في رؤية الأمور من زوايا متعددة قد لا ينتبه لها الإنسان الذي يتأثر غالبًا بعواطفه أو تجاربه الشخصية.
تطوير التفكير
من جانبها، تؤكد مريم بنت أحمد الكيومية أن الذكاء الاصطناعي كان له أثر إيجابي مباشر في تحسين مستواها الدراسي، حيث تستخدمه لفهم الدروس وحل التمارين في الوقت الذي يناسبها، مما خفف من اعتمادها على المعلمين والدروس الخصوصية.
تقول: "طريقة شرحه سلسة ودقيقة، وكان له دور في رفع درجاتي الدراسية".
وعند اتخاذ القرارات، تعتمد مريم أيضًا على الجمع بين التفكير الذاتي أولًا، ثم استخدام الذكاء الاصطناعي للمقارنة والتمحيص، وتؤمن أنه لا يقلل من قدراتها، بل على العكس يعينها على ملاحظة أمور كانت تغفل عنها سابقًا. وتضيف: "ساعدني في تطوير طريقة تفكيري، لا في طمسها".
وترى أن الفرق الأساسي يكمن في اتساع أفق التحليل لدى الذكاء الاصطناعي مقارنة بالرؤية المحدودة التي قد تصاحب التفكير البشري، خاصة في حالات التشويش أو ضيق الأفق أو غياب البيانات الكافية.
بين المساندة والاستغناء
من خلال هذه الآراء، يتضح أن الذكاء الاصطناعي لا يزال في نظر العديد من الشباب أداة تعزز الفهم وتنظم التفكير، لكنه في الوقت ذاته يحمل احتمالية أن يتحول -إن أُفرط في استخدامه- إلى بديل يهدد المهارات العقلية المستقلة.
وإذا كان بعض المستخدمين يتعاملون معه بوعي واتزان، فإن التحدي الأكبر يظل في بناء ثقافة تضمن الاستخدام المسؤول لهذه الأدوات، بما يحافظ على القدرات الذهنية، ويُبقي على التفكير النقدي والتحليلي كعنصر أصيل في حياة الجيل الجديد.
وتتعدد دوافع الاعتماد على الذكاء الاصطناعي لدى المستخدمين، بين من يراه وسيلة لتوفير الوقت والجهد، ومن يخشى أن يتحوّل مع الزمن إلى أداة تُضعف القدرات الذهنية وتُعوّق التفكير المستقل.
السرعة والمنطق
ترى تقى بنت قاسم الذهلية أن الذكاء الاصطناعي يؤدي دورًا مهمًّا في مساعدتها على اتخاذ القرارات وإيجاد الحلول، وتُرجع ذلك إلى ما توفره التقنية من سرعة في توليد الأفكار، واقتراحات منطقية وجديدة، الأمر الذي يمثّل اختصارًا فعّالًا للوقت.
لكنها رغم اعتمادها عليه، تؤكد أنه لا يمتلك قدرة حقيقية على "التفكير المستقل"؛ لأن نتائجه تقوم على بيانات مصدرها البشر أنفسهم.
وترى الذهلية أن الذكاء الاصطناعي يتفوق على التفكير الذاتي في معالجة القضايا العلمية المعقدة والبيانات الرقمية، حيث يبتعد عن التأثيرات العاطفية التي تضعف أحيانًا قرارات الإنسان. وتشير إلى نقاط ضعف في التفكير البشري مثل التعب، والانحياز العاطفي، والقصور في التعامل مع البيانات الكبيرة، وهي ثغرات يسدها الذكاء الاصطناعي بدقة وموضوعية.
"الإعاقة الذهنية"
أما عائشة بنت عبدالله البلوشية فتعبّر عن تخوّفها من الاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي، وتقول إنها لا تلجأ إليه إلا في حالات محددة، خصوصًا إذا كانت المسألة علمية أو تحتاج إلى تحليل بعيد عن التأثيرات العاطفية.
لكنها في المقابل، تُبدي تحفظًا واضحًا تجاه استخدامه المكثف، وتوضح: "أحاول تجنب استخدامه حتى لا أقع في فخ الإعاقة الذهنية، فالذكاء الاصطناعي من صنع البشر، ومحتواه معتمد في الأساس على ما يُغذيه به المستخدمون، وله دورة حياة تنتهي بإعادة البرمجة والتحديث".
وتحذّر البلوشية من أن الاعتماد الزائد على الذكاء الاصطناعي يؤدي إلى تراجع المهارات الفكرية لدى الإنسان، مشيرة إلى أن الطبيعة البشرية تميل دائمًا إلى البحث عن الحلول السهلة، والذكاء الاصطناعي وفّر تلك السهولة إلى حد الاستحواذ على العقول، مما أدى في رأيها إلى "خمول ذهني" وعدم استغلال القدرات العقلية الذاتية بالشكل الأمثل.
يرى زهير بن عوض العجمي أن الذكاء الاصطناعي يشكل أداة قوية في دعم اتخاذ القرار وتحليل البيانات، خاصة في مجالات مثل التخطيط والتنبؤ وتحسين الكفاءة.
لكنه يُصر على أن هذه التقنية تبقى وسيلة مساعدة وليست بديلاً عن التفكير البشري. ويقول: "الذكاء الاصطناعي لا يملك وعيًا ولا ضميرًا أخلاقيًّا. إنه لا يتخذ قرارات مبنية على قيم إنسانية، بل على أنماط مستخلصة من بيانات سابقة".
ويؤكد أن قوة الذكاء الاصطناعي تظهر بوضوح في إزالة التحيّزات العاطفية من بعض القرارات مثل التوظيف أو تقييم المخاطر. لكن في المقابل، يتميز التفكير البشري بالقدرة على التأمل القيمي والإبداع والمرونة. ويختم بالتحذير من مغبة الاعتماد الزائد، الذي قد يؤدي إلى تآكل مهارات التفكير النقدي لدى الجيل الجديد.
التفكير الذاتي
أما رزان بن طارق الهنائية، فتتخذ موقفًا أكثر تحفظًا تجاه الذكاء الاصطناعي، إذ تقول إنها لا تعتمد عليه كثيرًا، وتفضل استخدام قدراتها الذهنية، رغم إدراكها أن نتائج الذكاء الاصطناعي قد تكون أكثر منطقية أحيانًا.
وتضيف: "تفكيري الذاتي هو ما يصقل عقلي ويؤهلني لمواجهة تحديات الحياة... لا أريد أن أضيع تلك الفرصة باعتمادي على تقنية جاهزة".
وترى رزان أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يُستخدم كمرجع مساعد، لتوضيح الإيجابيات والسلبيات فقط، وليس لاتخاذ قرارات نهائية. وتقرّ بأن له قدرة فائقة في معالجة المعلومات "الحقائقية"، خاصة في حالات التعب أو ضيق الأفق، لكنها تحذّر من خطورة الاعتماد الكلي عليه.
الحسم للعقل البشري
من جانبه، يصف نبيل بن محمد اللواتي اعتماده على الذكاء الاصطناعي بـ"المتزن"، مؤكدًا أنه أداة فعالة في تحليل البيانات التقنية والإدارية، لكنه يحرص على أن يكون القرار النهائي إنسانيًّا يأخذ في الاعتبار الجوانب العاطفية والثقافية والدينية.
ويقول: "الذكاء الاصطناعي لا يفكر بمعناه الكامل، بل يعمل بخوارزميات رياضية مبنية على بيانات. قد يُظهر إبداعًا في الظاهر، لكنه يفتقر للنية والوعي والمشاعر".
ويُعدد اللواتي حالات يتفوق فيها الذكاء الاصطناعي على التفكير الذاتي مثل، تحليل البيانات الضخمة، والتشخيص الطبي المعتمد على الصور، والتنبؤ بالمخاطر المالية، وكتابة النصوص التلقائية، والمقارنات التفصيلية.
لكنه يُشير إلى أن الذكاء الاصطناعي يعاني من ضعف في فهم القيم وعدم القدرة على ربط المعلومات ذات الأبعاد الأخلاقية والوجدانية، وهو ما يُشكل جوهر الفكر البشري.
بين الدعم والتحديات
وفي سياق الحديث عن أثر الذكاء الاصطناعي على عمليات التفكير واتخاذ القرار، لا يمكن تجاهل البعد النفسي والاجتماعي لهذا التطور التقني المتسارع. سهير العامرية، أخصائية نفسية بوزارة التربية والتعليم ومدربة دولية، تؤكد أن الذكاء الاصطناعي بات يسهم بشكل فعّال في تحسين جودة الحياة على مستويات عدّة، لكنه يحمل في طياته أيضًا تحديات نفسية واجتماعية قد تؤثر في الأفراد والمجتمعات إذا لم يُستخدم بوعي.
مساهمات إيجابية
توضح العامرية أن الذكاء الاصطناعي يوفر أدوات ذكية تسهّل الحياة اليومية، من بينها تحسين الوصول إلى المعلومات والدعم الشخصي السريع، وتعزيز الاستقلالية في المهام اليومية خاصة لكبار السن وذوي الإعاقة، ورفع كفاءة العمل والتعلم والرعاية الصحية من خلال تقنيات تساعد في إدارة الوقت وإنجاز المهام بشكل أفضل.
وفي الجانب الصحي، تبرز أدوار متعددة للذكاء الاصطناعي منها الصحة النفسية: كأدوات لمراقبة القلق والاكتئاب عبر تحليل سلوك المستخدم على الهواتف ووسائل التواصل، ودعم نفسي مباشر: مثل روبوتات المحادثة (كـ Woebot) التي تقدم إرشادات سلوكية يومية بأسلوب علمي، والصحة الجسدية: من خلال التشخيص المبكر عبر قراءة الصور الطبية، وتتبع الحالة الصحية باستخدام الساعات الذكية وتطبيقات النوم والتغذية، إضافة إلى خدمات طبية مخصصة تعتمد على تحليل بيانات المستخدم.
تحديات مقلقة
إلى جانب الفوائد، تحذر العامرية من آثار سلبية محتملة للاستخدام المكثف وغير الواعي للذكاء الاصطناعي، أبرزها العزلة الاجتماعية: نتيجة الاعتماد المفرط على الأجهزة الذكية وضعف التفاعل البشري، والقلق التقني، خاصة في ما يتعلق بالخوف من فقدان السيطرة على أنظمة الذكاء الاصطناعي أو عدم فهم كيفية عملها، والإرهاق الذهني بسبب التعامل المستمر مع توصيات أو نتائج غير متوقعة، والاعتمادية النفسية، حيث قد يفقد الفرد القدرة على اتخاذ قراراته بشكل مستقل دون الرجوع إلى الخوارزميات.
الاستخدام السلبي
وللوقاية من الآثار النفسية والمعلومات المضللة، توصي العامرية بعدة خطوات منها تعزيز الوعي الرقمي عبر الالتحاق بدورات وورش لفهم آلية عمل الذكاء الاصطناعي، والتحقق من المعلومات وعدم الاعتماد التلقائي على النتائج أو التوصيات، وضبط الخصوصية الرقمية من خلال مراجعة إعدادات التطبيقات الذكية وتحديد البيانات التي تتم مشاركتها، واستخدام أدوات الأمان مثل برامج منع الإعلانات وVPN، والإبلاغ عند وجود اختراقات أو استخدام غير آمن للتطبيقات والخدمات الذكية.
ما بين الاستخدام المسؤول والدخول في دوامة الاعتمادية النفسية، تبقى العلاقة مع الذكاء الاصطناعي خاضعة لمعادلة دقيقة من الوعي، والتعليم، والرقابة الذاتية.
ففي النهاية، ما يُقرر إن كان الذكاء الاصطناعي أداة تمكين أم عائقًا ذهنيًّا، هو طريقتنا في استخدامه ومدى قدرتنا على حماية تفكيرنا وصحتنا النفسية من آثاره الجانبية.