بوابة الوفد:
2025-12-13@09:34:13 GMT

حرفة النسخ والنساخة والنساخين

تاريخ النشر: 16th, August 2024 GMT

ما معنى «نسخ»؟

نسخ الشىء: أزاله، ومنه نسخ الله الآية: أزال حكمها، ونسخ الكتاب: نقله وكتبه حرفاً حرفاً، وانتسخ الكتاب مثله، واستنسخه: طلب نسخه، والناسخ: من صنعته نسْخ الكتاب، وقد يكون الناسخ من تلاميذ المؤلف، أو من تلاميذ تلاميذه، أو من العلماء، والأصدقاء، أو من غير المعاصرين، والمنسوخ منه، إما نسخة المؤلف، بتوقيعه، أو نسخة تلميذه، أو زميله، أو عالم، أو من عصر آخر، مع حمْل المخطوط ما يدل على زمن كتابته من عبارات، مع العلم باختلاف دقة النسخ، وتفاوتها فيما بينها، وعلاج ذلك فى التحقق من عنوان المخطوط، والتحقق من اسم المؤلف، ودقة قراءة متن الكتاب.

للنسخ آدابه المرعية، وقواعده المتبعة، ظهرت فى ذلك كتب منها:

تذكرة السامع والمتكلم فى أدب العالم والمتعلم سنة 1273م لابن جماعة، و(الدرة النقية) للبدر الغزى (ت 1577م)، وكتاب فى آداب العلماء والمتعلمين للحسين بن القاسم المنصور اليمنى، وكتاب (المعيد فى أدب المفيد والمستفيد) لعبدالباسط بن موى بن محمد العلموى (ت فى دمشق 981هـ/1573م)، وفيه تفصيل القول عن آداب النسخ، والخط والقلم، والمعارضة، التى تنعدم إذا فقدت النسخة الأم، والمقابلة، والترقيم.

ولم تنفصل الوراقة عن التأليف؛ فقد كان بعض العلماء وراقا كأبى حيان التوحيدى، وكذلك كان حفيد هارون الرشيد (المستعين بالله)، كما دخل الوراقة غير المسلمين، ومنهم من أضر، ومنهم من نفع، كما حدث من تشويه فى (الكامل فى التاريخ) لابن الأثير، الذى تم إقحام حوار فيه، وكما أقحمت الزيادة، حدث النقص فى بعض المخطوطات، وكان من عيوب النسخ: جهل الناسخ بمادة المخطوط، أو ضعف قراءته وكتابته، أو سوء خطه، ويضاعف من ذلك فقدان النسخة الأم.

ولما اتسعت رقعة الدولة، وشاع اللحن، شرع المدونون فى النحو، شرعوا فى الحديث، وظل الخليفة عمر بن عبدالعزيز يستخير الله فى تدوين الحديث أربعين يوماً، ثم أذن بذلك، وسلك المصنفون طريقين: الكتابة المباشرة من المؤلف، فى (مسودة)، يعيد كتابتها، وعرفت النسخة التالية (المبينة)، وممن دون بنفسه: الجوهرى فى (صحاح اللغة) مؤرخة بتاريخ 383هـ، وابن حجر العسقلانى فى (تقريب التهذيب) والكرمانى فى (مجمع البحرين).أما الطريق الثانى فهو إملاء يرسله المؤلف لمن يكتب له، مراعاة لحال مثل حال أبى العلاء، أو للإصابة بالفلج عند الجاحظ، أو دون تلك الضرورة، كأن يملى على كاتب آخر بأجر، كما صنع الفراء، أو على تلاميذه كما صنع ابن دريد فى (الجمهرة)، وقد يكون مع التلاميذ زملاء للشيخ يصنعون مثلهم، وهكذا قام النساخ بدور كبير فى حفظ التراث العربى، يتحرون الدقة فى عدد الصفحات، ونظام الكتابة، وعدد الأسطر، ولون المداد، وكان لكل مكتبة ناسخها، أو نساخها. كان فى بيت الحكمة نساخ منهم من يذكره ابن النديم باسمه مثل علان الشعوبى، وكان بمكتبة بنى عمار بطرابلس الشام مائة وثمانون ناسخاً.

أصبح فن النساخة فناً إسلامياً حضارياً له أعلامه، وصار صناعة إسلامية عربية، وسمى القلقشندى فى (صبح الأعشى)، والسمعانى فى (أدب الإملاء والاستملاء، المحبرة أم آلات الكتابة وسمطها الجامع، وكانت تؤخذ من أجود العيدان كالأبنوس، والساسم، والصندل، ثم النحاس الأصفر، والفولاذ، ورأوا وجودها ضرورة لكل محب للعلم حتى سئل وراق ماذا تشتهى؟ قال: قلماً مشاقاً، وحبراً براقاً، وجلوداً رقاقاً، واشترط بعضهم شروطاً فى الدواة، وأفاض الصولى فى (أدب الكاتب) فى وصف القلم شعراً ونثراً، حتى قال أحمد يوسف: «القلم لسان البصر يناجيه ما استتر»، وقال ابن المقفع.: القلم بريد القلب، وقال أبو دلف: «القلم صائغ الكلام»، واستقر فن النساخة، ووضع له العلماء شروطاً وآداباً حسب الناسخ والموضوع المنسوخ، وطرقاً للكتابة، والتذهيب، حتى لقد سقط ذهب وفضة مما أحرق من كتب الخوارج، ووضعوا رموزا للاختصارات، وفواصل، ودوائر، ومن النساخ من تخصص فى كتابة العناوين. من هؤلاء النساخ: محمد بن عبدالله بن غطوش، وإبراهيم بن أحمد الزرعى، وأبو عبدالله محمد بن عبدالله الصورى، وإسماعيل المعروف بالزمكحل، وأحمد بن عبدالدائم الفندقى.

ويتصل بالنساخة والنساخين ما يروى عن (الإسناد، والإجازة)؛ ففى مجال الحديث الشريف روايات عمن يكتبون، حتى ليكتب بعضهم مضطراً على خفيه، وعلى يديه قبل تدوين الحديث، وذكر السمعانى فى (أدب الإملاء والاستملاء) أصول الإجازات، كما وضحها الإشبيلى فى خمس بين: الإجازة الخاصة بالإخبار، والقراءة، والسماع، والجمع بين القراءة والسماع، والوجادة بالكتابة، والإذن إليك بالرواية، وفى النسخ المخطوطة نقرأ طبقة السماع على طرة الكتاب، ونجد أسماء الأعلام الذين قرأوها وطالعوها مصحوبة بجملة: « فرغ منه...» مؤرّخة، ورأوا فى الإجازة أن تكون بخط المصنّف على نسخة الطالب (بحق الرواية)، وكذلك إجازات بقية الفنون، ومن أقدمها إجازة بخط الراوى سمح بها الربيع تلميذ الإمام الشافعى بنسْح كتاب (الرسالة الشافعية)، ثم نشأت طبقة الوراقين، والنسّاخين والمسْتمْلين، وقال الجاحظ: « أمْليت على إنسان مرة:...».(انظر الإجازات وتطورها التاريخى، قاسم أحمد السمرانى، مجلة عالم الكتب، الرياض مج2، ع2، أغسطس 1986. يحدثنا عبدالستار الحلوجى فى كتابه ( المخطوط العربى منذ نشأته إلى آخر القرن الرابع الهجرى، جامعة الإمام محمد بن سعود، عن أدوات الكتابة العربية، واستعمالاتها وتطوراتها حتى أوائل عصر بنى العباس، ونشأة الكتاب، وعوامل انتشاره، وصناعة المخطوط العربى: إخراجاً، وتأليفاً، وإملاء، وكتابة، وألوان الفن فى المخطوطات: صوراً، ورسوماً، وحليات، وزخارف، وتذهيباً، وتناول ما فى المسودة من ضرب (شطب)، ومحو، وإلحاق بالحواشى، على غرار مسودة ابن دريد، وأدب الكاتب لابن قتيبة، والأغانى، ونهج البلاغة للشريف الرضى، وكيف يترك المصنفون أوراقا بيضاء بآخر كتبهم لتسجيل ما يشرد، وقد يعود لما ألفه بالتنقيح والزيادة، يدل على ذلك نسخ من البيان والتبيين للجاحظ، ويتيمة الدهر للثعالبى، وربما يكمل التلميذ عمل أستاذه، مثلما أكمل الليث بن رافع كتاب العين للخليل، ومثلما أخرج الأخفش كتاب سيبويه، وتلاميذ الشافعى فى كتبه، وهناك نسخة من (العين ) بخط الخليل نفسه، وهكذا تنامت أعداد المخطوطات، ومن حسن الحظ أن الببليوجرافيا أسهمت فى رصد ذلك التراث من المخطوطات، الذى شهد نهضة بلغت ذروتها خلال القرن الخامس الهجرى، وخلّف تراثا ضخما، برغم ما فقد، وضاع، أو دمّر ؛ذلك أن الجمل الملحقة بتراجم المصنفين، من مثل: « ومن مؤلفاته...»، أو « وله تآليف، أو تصانيف أخرى..» تلك الجمل التى أرشدتنا إلى كثير من المخطوطات، ومن ذلك أن ابن النديم، صاحب (الفهرست)، ذكر ما يناهز ستة آلاف كتاب مخطوط، ولفهرسة المحطوط بطاثة تتضمن فقرة المدخل، ففقرة العنوان، ففقرة التوريق، فالاستهلال، فمحتويات المخطوطة، فنسب المخطوطة، ففقرة المتابعات، أو المداخل الأخرى، ومن العلماء الذين كانوا يعيشون من النسخ أبو على محمد بن الحسن بن الهيثم، وأبو موسى الخامض، وغيرهما.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: د يوسف نوفل لغتنا العربية جذور هويتنا نسخ اسم المؤلف محمد بن

إقرأ أيضاً:

بروتوكول تعاون بين هيئة الكتاب وقصور الثقافة لتوسيع منافذ بيع الإصدارات بالمحافظات

 

وقّعت الهيئة المصرية العامة للكتاب، في خطوة جديدة تهدف إلى تعزيز حضور الكتاب وتيسير وصوله إلى الجمهور في مختلف المحافظات،  بروتوكول تعاون مشترك مع الهيئة العامة لقصور الثقافة لفتح منافذ دائمة لبيع إصدارات هيئة الكتاب داخل قصور الثقافة المنتشرة بجميع أنحاء الجمهورية، كما ينص البروتوكول على إتاحة إصدارات قصور الثقافة داخل منافذ الهيئة المصرية العامة للكتاب، بما يضمن تبادلًا معرفيًا وثقافيًا واسعًا بين المؤسستين، ويعزز فرص الجمهور في الوصول إلى مختلف أشكال الإنتاج الفكري.

ويأتي هذا التعاون في إطار توجيهات وزارة الثقافة بتكامل الأدوار بين هيئاتها المختلفة، وتوحيد الجهود لخدمة القارئ المصري، ودعم استراتيجية الدولة في نشر الثقافة وتفعيل دور مؤسساتها في المحافظات والمناطق الحدودية والنائية، حيث يعاني الكتاب عادة من ضعف التوزيع وصعوبة الوصول.

وقال الدكتور خالد أبو الليل، رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب، إن البروتوكول «يمثل خطوة نوعية في ملف النشر الحكومي، ويعيد للكتاب دوره المركزي في الحياة الثقافية المصرية».

وأضاف: «نعمل على أن تكون إصدارات الهيئة متاحة لكل مواطن، في أي محافظة، وبسعر عادل يناسب جميع الفئات، وفتح المنافذ داخل قصور الثقافة يحقق حلمًا طال انتظاره: أن يصبح الكتاب قريبًا من الجمهور، وأن تتحول مؤسسات الثقافة إلى مراكز حقيقية للتنوير وليس مجرد مبانٍ إدارية».

من جانبه، أكد اللواء خالد اللبان، رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة، أن التعاون يأتي تماشيًا مع سياسة الهيئة في تنشيط الحركة الثقافية داخل المواقع التابعة لها، مشيرًا إلى أن قصور الثقافة تمتلك شبكة واسعة من المواقع القادرة على دعم عملية التوزيع والوصول إلى القارئ في مختلف القرى والمراكز.

وقال: «وجود منافذ لهيئة الكتاب داخل قصور الثقافة يعزز من دورنا المجتمعي، ويحوّل القصور إلى منصات يومية للقراءة والاكتشاف، كما أن توفير إصدارات قصور الثقافة داخل منافذ هيئة الكتاب يضمن وصول إنتاجنا إلى شرائح أكبر من الجمهور».

وبدأ تنفيذ البروتوكول خلال الأسابيع الماضية، بافتتاح منفذ في قصر ثقافة العريش، ومن المقرر أن يتم افتتاح المنافذ تباعًا في المحافظات، مع تنظيم فعاليات مشتركة للترويج للكتاب ودعم القراءة، تشمل عروض الكتب، وتخفيضات موسمية، ولقاءات مع الكتّاب، بما يخلق حراكًا ثقافيًا ممتدًا يخدم الجمهور في كل ربوع مصر.

مقالات مشابهة

  • شهادة إلزامية للراغبين في الالتحاق بمهنة أو حرفة بالقانون الجديد
  • مجمع البحوث يعلن إصدار جديد بمعرض الكتاب"دليل السالك إلى مالك الممالك"
  • افتتاح منافذ لهيئة الكتاب بجميع قصور الثقافة في المحافظات (تفاصيل)
  • بروتوكول تعاون بين هيئة الكتاب وقصور الثقافة لتوسيع منافذ بيع الإصدارات بالمحافظات
  • تعاون بين هيئة الكتاب وقصور الثقافة لتوسيع منافذ بيع الإصدارات بالمحافظات
  • هل يجوز للمرأة حضور صلاة الجمعة؟ الإجابة الشرعية من الكتاب والسنة
  • هيئة الكتاب تصدر جزءًا جديدًا من «تاريخ الدول والملوك» لابن الفرات ضمن سلسلة التراث الحضاري
  • استخراج 1200 شهادة مهارة ومزاولة حرفة لعمال المترو الجديد بالإسكندرية
  • «الداخلية» تعرض أحدث الدراسات والبحوث في «الكتاب القانوني»
  • «قضاء أبوظبي» تستعرض تجربتها في معرض الكتاب القانوني