أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج
تاريخ النشر: 19th, August 2024 GMT
أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج
صناع القرار في انتظار تدفق الأموال العربية والأجنبية الراغبة في شراء الأصول المصرية بثمن بخس وبرخص التراب.
حذار من عودة الأموال الساخنة التي مثلت عبئا شديدا على الموازنة العامة وسوق الصرف الأجنبي قبل انسحابها بداية 2022.
أعين صناع القرار وكبار المسؤولين معلقة على الخارج بانتظار الفرج لاحتواء أزمة الاقتصاد الحادة والتغلب عليها ولو مؤقتا أو ترحيلها لسنوات مقبلة.
اهتمام المسؤولين الأكبر ينصب على الغير لحل أزمة الاقتصاد، أي الحصول على مزيد من القروض العاجلة من الدائنين الدوليين، أو مساعدات واستثمارات دول الخليج.
لا تصور حقيقي ولا برنامج واقعي لاحتواء الأزمة يوقف الاقتراض الخارجي وتنمية موارد الداخل وزيادة الإنتاج وتعزيز التصدير والصناعة والاستفادة بموقع مصر الاستراتيجي وثرواتها الضخمة.
* * *
المتابع لأزمة مصر الاقتصادية الحالية والحلول المطروحة بشأنها يلحظ أن عيون صناع القرار وأفئدة كبار المسؤولين في الدولة ومن يدور في فلكهم باتت معلقة على الخارج، وفي انتظار وصول الفرج منه لاحتواء تلك الأزمة الحادة والتغلب عليها ولو مؤقتا أو على الأقل ترحيلها لسنوات مقبلة.
وشاهد العيان يلحظ أن الاهتمام الأكبر لهؤلاء بات ينصب على الاعتماد على الغير لحل المعضلة الاقتصادية، سواء في شكل الحصول على مزيد من القروض العاجلة من الدائنين الدوليين، أو مساعدات واستثمارات دول الخليج.
أو عودة الأموال الأجنبية الساخنة التي مثلت عبئا شديدا للموازنة العامة وسوق الصرف الأجنبي قبل انسحابها كليا في بداية عام 2022، أو في انتظار تدفق الأموال العربية والأجنبية الراغبة في شراء الأصول المصرية بثمن بخس وبرخص التراب.
وللأسف وبدلاً من أن يعمل صانع القرار على صياغة خطط عاجلة واستراتيجية متوسطة وطويلة الأجل للتعامل مع الأزمة الاقتصادية قبل استفحالها وتحولها إلى ظاهرة عصية على الحل، بات الخارج وحده فقط هو من سيخفف حدة الأزمة من وجهة نظر هؤلاء، ويعيد الهدوء لسوق الصرف المضطرب، ويكبح الدولار الهائج، ويخفف من حدة الغلاء الذي تعاني منه الأسواق على مدى شهور طويلة، ويوفر السيولة الدولارية، ويغطي العجز في أصول البنوك من النقد الأجنبي والتي تجاوزت 27 مليار دولار.
ببساطة يرى هؤلاء أن بداية حل الأزمة الاقتصادية الحادة يبدأ من الخارج لا من الداخل، ولذا فإن الرهان على التالي:
1. إنجاز المفاوضات مع صندوق النقد الدولي بسرعة لانتزاع موافقته على ضخ مزيد من مليارات الدولارات في خزانة مصر الخاوية من السيولة بالنقد الأجنبي، وإقرار طلب الحكومة زيادة قيمة القرض المطلوب من 3 مليارات إلى 7 مليارات وربما 10 مليارات دولار، والإفراج عن الشريحتين الثانية والثالثة من القرض الأول والبالغة قيمتهما نحو 700 مليون دولار.
2. يعقب قرار صندوق النقد فتح خزائن الدائنين الدوليين والإقليميين لاغتراف المزيد من مليارات الدولارات منها، سواء البنك الدولي أو البنك الأوروبي ومؤسسة التمويل الدولية والبنك الأفريقي للتنمية والبنك الأفريقي للتصدير والاستيراد والبنك الإسلامي للتنمية وغيرها من المؤسسات المالية الدولية.
3. الدخول في مفاوضات عاجلة مع دول الخليج الثرية لضخ مزيد من الودائع والقروض المساندة وبمليارات الدولارات لزيادة احتياطي النقد الأجنبي لدى البنك المركزي المصري وسد الفجوة التمويلية، وبالتالي تراكم الديون الخليجية والعربية والمستحقة على مصر، والتي تقترب قيمتها من 50 مليار دولار.
4. طرح مزيد من أصول مصر للبيع على المستثمرين الخليجيين والدوليين، سواء كانت شركات أو بنوكا وأراضي، وهذا الأمر يضر بالموازنة المصرية وإيرادات الدولة بقوة ليس فقط على المديين المتوسط والبعيد، بل على المدى القصير حيث يجفف موارد الدولة.
5. الإسراع في مفاوضات مع مستثمرين إماراتيين للاتفاق على تنفيذ مشروعات كبرى، ومنها مشروع مدينة رأس الحكمة بالساحل الشمالي، والذي تراهن السلطات على تجاوز قيمة الاستثمارات به 22 مليار دولار.
6. معاودة الاقتراض من الخارج عبر طرح سندات خزانة في الأسواق الدولية وبسعر فائدة يفوق العائد على الدولار، وهو السيناريو الذي جمعت الحكومة من خلاله عشرات المليارات من الدولارات في السنوات الأخيرة.
7. محاولة إعادة الأموال الساخنة للسوق المصرية للاستثمار في أدوات الدين المحلية، سواء أذون الخزانة والسندات أو البورصة المصرية، وتكرار كوارث ما قبل 2022 حيث اغترفت بنوك الاستثمار والصناديق الدولية عبر تلك الأموال مليارات الدولارات من خزانة مصر وخلال سنوات معدودة.
8. لن أعلق هنا على مزاعم تتعلق بعروض دولية منح مصر 250 مليار دولار مقابل الموافقة على تهجير أهالي غزة والفلسطينيين لسيناء، وهو الأمر الذي جاء على لسان إعلاميين محسوبين عل السلطة الحاكمة.
يحدث هذا السيناريو في حين لم نسمع عن تصور حقيقي وبرنامج واقعي لاحتواء الأزمة الاقتصادية يقوم على وقف نزيف الاقتراض الخارجي، واستغلال موارد الداخل وزيادة الإنتاج، والاهتمام بقطاعات حيوية مثل التصدير والصناعة، والاستفادة من موقع مصر الاستراتيجي والثروات الضخمة التي تعوم عليها الدولة.
*مصطفى عبد السلام كاتب صحفي اقتصادي
المصدر | العربي الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: مصر الخارج التهجير الاقتراض الاقتصاد المصري أزمة الدولار الأموال الساخنة رأس الحكمة تعويم الجنيه قرض صندوق النقد أزمة الاقتصاد ملیارات الدولارات ملیار دولار من الخارج مزید من
إقرأ أيضاً:
الصين تعزز أدواتها المالية.. ارتفاع احتياطي النقد الأجنبي وسط دعم قوي لـ«اليوان»
أعلنت الهيئة الوطنية لإدارة النقد الأجنبي في الصين، اليوم السبت، ارتفاع احتياطيات البلاد من النقد الأجنبي إلى 3.2853 تريليون دولار أمريكي بنهاية مايو2025، مسجلة زيادة بلغت 3.6 مليار دولار (0.11%) مقارنة بنهاية أبريل الماضي.
ونقلت وكالة “شينخوا” عن الهيئة في بيان رسمي أن هذه الزيادة تعود إلى عوامل متعددة، من بينها تقلبات أسعار الصرف وتغيرات قيم الأصول المالية، مؤكدة أن الاقتصاد الصيني يواصل مسيرته في التعافي والتحسن، مع تحسن مستمر في جودة التنمية الاقتصادية، ما يعزز استقرار احتياطيات النقد الأجنبي في البلاد.
وتأتي هذه البيانات في إطار السياسات الصينية الرامية إلى تعزيز الاستقرار المالي والاقتصادي، والتي بدورها تدعم ثقة الأسواق الدولية بمتانة الاقتصاد الوطني وقدرته على الحفاظ على توازن السيولة الدولية.
وفي تطور ذي صلة، أعلن بنك الصين أمس الجمعة عن تحديد سعر صرف الدولار مقابل اليوان عند مستوى 7.1845 يوان لكل دولار، في حين كانت التوقعات تشير إلى تسجيل الزوج عند 7.1935 يوان. وبلغ سعر الإغلاق السابق 7.1790 يوان لكل دولار.
يُذكر أن بنك الصين ضخ 135 مليار يوان في عمليات إعادة الشراء لأجل 7 أيام بعائد 1.4%، مستمراً في سياسته للحفاظ على سعر صرف ثابت عبر إدارة قيمة اليوان مقابل سلة من العملات لشركائه التجاريين، معتمدًا على الدولار الأمريكي كمعيار أساسي نظراً لأهمية الولايات المتحدة كأكبر شريك تجاري للصين.
هذا ويشهد حجم التجارة بين الصين والدول العربية ارتفاعًا ملحوظًا، حيث تجاوز 400 مليار دولار، مما يعكس النمو المتسارع في العلاقات الاقتصادية بين الجانبين ويعزز من دور الصين كلاعب رئيسي في الاقتصاد العالمي.