باتفاق أو بدونه.. فلسطين تطالب مجلس الأمن بوقف الحرب على غزة فورا
تاريخ النشر: 23rd, August 2024 GMT
نيويورك – طالبت فلسطين، امس الخميس، مجلس الأمن بوقف فوري للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، سواء كان ذلك عبر اتفاق بين تل أبيب وحركة الفصائل الفلسطينية، أو من دونه.
جاء ذلك خلال كلمة مندوب دولة فلسطين بالأمم المتحدة رياض منصور، في مجلس الأمن الدولي، خلال جلسته الشهرية بشأن الأوضاع في الشرق الأوسط وفلسطين، وفق وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية “وفا”.
وقال منصور: “يجب أن يكون هناك وقف لإطلاق النار الآن، ودون أي شروط أخرى ومطالب سيئة النية تهدف بوضوح إلى عرقلة جهود وقف إطلاق النار”.
وخاطب أعضاء المجلس قائلا: “متى ستتحركون؟ سواء كان هناك اتفاق أو لم يكن، ليس هناك عذر لاستمرار إسرائيل في قتل المدنيين الفلسطينيين الأبرياء”.
ويسعى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى إفشال مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة، من خلال إصراره على استمرار الحرب وعدم الانسحاب من محوري فيلادلفيا على حدود مصر، ونتساريم وسط القطاع.
وبشأن زيارة الرئيس محمود عباس المحتملة إلى قطاع غزة، قال منصور، إن الهدف منها الاطلاع على “الأهوال التي يعيشها شعبنا”.
كما دعا مندوب فلسطين أعضاء المجلس إلى الدعم والضغط من أجل تأمين زيارة الرئيس إلى قطاع غزة و”العمل بشكل عاجل لوقف الإبادة الجماعية ووقف الجرائم التي ترتكب ضد شعبنا”.
وفي خطابه بالبرلمان التركي، أعلن عباس عزمه التوجه إلى قطاع غزة رفقة أعضاء القيادة الفلسطينية، ودعا مجلس الأمن والمجتمع الدولي إلى تأمين الزيارة.
وفيما يتعلق بالأوضاع الصحية بغزة، قال منصور، إن غزة ظلت خالية من شلل الأطفال على مدى السنوات الـ25 الماضية، وهي لا تحتاج إلى المزيد من الشلل والموت بالقنابل والرصاص، والآن بالمجاعة والمرض اللذين يرعاهما الاحتلال الإسرائيلي”.
وأعلن دعمه الكامل لاقتراح الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، بإجراء حملة تطعيم عاجلة لوقف انتشار هذا المرض.
وحذر مندوب فلسطين، من أن أي عرقلة لهذه الجهود “ستكون بمثابة دليل إضافي على نية إسرائيل بالإبادة الجماعية وأفعالها ضد شعبنا”.
ومنتصف أغسطس/ آب الجاري، أعلنت وزارة الصحة في القطاع اكتشاف أول إصابة بمرض شلل الأطفال في غزة، ما أثار مخاوفا من تفشي المرض وسط انهيار المنظومة الطبية داخل القطاع جراء الحصار وتداعيات الحرب الإسرائيلية.
وبدعم أمريكي تشن إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، حربا مدمرة على غزة خلفت أكثر من 133 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قاتلة.
وفي استهانة بالمجتمع الدولي، تواصل إسرائيل الحرب متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية ولتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.
الأناضول
المصدر: صحيفة المرصد الليبية
كلمات دلالية: مجلس الأمن قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
الهجرة أم التهجير؟ إسرائيل تروج لـحل إنساني يثير مخاوف فلسطينية
قوبلت الخطة الإسرائيلية برفض فلسطيني وتحذيرات دولية واسعة، إذ اعتبرت حركة حماس أن ما يُروّج له تحت مسمى "الهجرة الطوعية" هو مخطط تهجير قسري يهدف لـ "تصفية القضية الفلسطينية" وتفريغ غزة من سكانها. اعلان
في خطوة أثارت جدلاً واسعاً، أعلنت الحكومة الإسرائيلية في 23 مارس/آذار 2025 عن المصادقة على خطة لإنشاء إدارة خاصة تتولى تنظيم ما وصفته بـ"الهجرة الطوعية الآمنة" لسكان قطاع غزة إلى دول أجنبية، في سياق الحرب المستمرة منذ أكثر من 20 شهراً.
وجاء القرار بناءً على مقترح قدمه وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، وحظي بموافقة مجلس الوزراء. وبحسب بيان صادرعن مكتبه، ستكلف الإدارة الجديدة بتنسيق عمليات الانتقال بالتعاون مع منظمات دولية وجهات معنية، على أن تشمل مهامها الإشراف على تنظيم المغادرة من معابر قطاع غزة، بما في ذلك استخدام مطار رامون، وإجراء الفحوصات الأمنية اللازمة، إلى جانب تطوير بنية تحتية تتيح حركة السفر البرّي والبحري والجوي نحو دول ثالثة.
وتزامن الإعلان عن هذه الخطة مع تفاقم أزمة النزوح الداخلي في قطاع غزة، ما دفع منظمات حقوقية وإنسانية إلى التحذير من التداعيات السياسية والإنسانية لمثل هذه السياسات، التي يُنظر إليها باعتبارها مقدمة لمخطط تهجير قسري تحت غطاء "الطوعية".
سياسة قديمة تتجدد: من دايان إلى نتنياهوورغم أن الخطاب الرسمي الإسرائيلي يقدّم الخطة الجديدة على أنها استجابة إنسانية، إلا أن جذور الفكرة تعود لعقود ماضية، حيث لم تكن نية تفريغ غزة من سكانها جديدة أو مرتبطة بالحرب الأخيرة فقط.
ففي 12 حزيران/يونيو 1967، وبعد السيطرة على قطاع غزة، وصف وزير الأمن الإسرائيلي آنذاك، موشيه دايان، القطاع بأنه "مشكلة معقدة"، في دلالة على النظرة الإسرائيلية السلبية للمنطقة. أما رئيس الوزراء الراحل إسحاق رابين، فقد أعرب خلال توقيع اتفاقيات أوسلو في تسعينيات القرن الماضي، عن رغبته بأن "تذهب باتجاه البحر أو تغرق فيه"، تعبيراً عن أمنيته بفصل القطاع عن إسرائيل بشكل كامل.
وخلال الحرب الأخيرة، كشفت تسريبات دبلوماسية أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو اقترح، خلال لقائه مع وزير الخارجية الأميركي الأسبق أنتوني بلينكن في 12 أكتوبر/تشرين الأول 2023، إنشاء ممر إنساني "لنقل سكان غزة إلى مصر"، وهو المقترح الذي قوبل بتحفّظ أميركي مبدئي، تبعه تصريح أكثر حدة من وزير شؤون الاستراتيجية رون ديرمر، الذي قال: "لن تكون هناك أزمة إنسانية في غزة إذا لم يكن هناك مدنيون".
وتُظهر هذه التصريحات المتواترة أن ما يُعرض اليوم كحل مؤقت أو "ممر إنساني"، ما هو إلا تتويج لتوجه سياسي إسرائيلي متراكم، يرى في غزة عبئاً ديموغرافياً يسعى إلى التخلص منه، سواء بالحرب أو بالهجرة القسرية المغلّفة بشعارات إنسانية.
Related ياسر أبو شباب يظهر مجدداً في "مقال رأي": الأراضي التي استولينا عليها في غزة لم تتأثر بالحرب"ضربة مزدوجة".. تحقيق صحافي يكشف خطط الجيش الإسرائيلي بقصف المسعفين في غزةمجاعةٌ في القطاع ومعابرُ مغلقة: مستشفيات غزة تقف عاجزة وهي ترى الأطفال يموتون جوعا نزوح أولي وحديث متزايد عن الهجرة مع اشتداد الحربمع اندلاع الحرب في قطاع غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، تمكن أكثر من 120 ألف فلسطيني – معظمهم من حاملي الجنسيات المزدوجة – من مغادرة القطاع عبر معبر رفح البري في اتجاه مصر ودول أخرى. وتشير تقديرات إلى أن عدد سكان غزة من مزدوجي الجنسية يناهز 300 ألف شخص، ما يعكس حجم القاعدة السكانية التي تملك خيار المغادرة نظريًا.
ومع اشتداد العمليات العسكرية، واتساع رقعة الدمار، وبلوغ المجاعة مستويات كارثية، تزايد الحديث في أوساط الغزيين عن خيار الهجرة كطريق للخلاص من الحرب وويلاتها. في المقابل، ظهرت أصوات ترفض الفكرة رفضًا قاطعًا، متمسكة بالبقاء في الأرض رغم الخسائر الفادحة والظروف الإنسانية المتدهورة، ما يعكس انقسامًا اجتماعيًا عميقًا بشأن مستقبل القطاع وسكانه تحت وطأة الحرب المستمرة.
فلسطينيون يرفضون الهجرة رغم القصف: "الموت هنا أهون من الرحيلفي خيمة بسيطة بمنطقة دير البلح وسط قطاع غزة، يجلس محسن الغزي (34 عامًا)، نازحًا من منطقة جحر الديك، يروي مأساته التي تُشبه حكايات آلاف الفلسطينيين الذين دُمّرت حياتهم تحت القصف الإسرائيلي. فقد الغزي منزله، وقتل نجله البكر، كما قضى والداه تحت أنقاض المنزل، ومع ذلك يصرّ على البقاء في القطاع، ويرفض فكرة الهجرة بشكل قاطع.
ويقول الغزي: "لن أترك هذه الأرض، الموت هنا أهون من أن أمنح الاحتلال فرصة تحقيق أكاذيبه". ويؤكد أن موقفه لا ينبع فقط من العاطفة، بل من قناعة دينية ووطنية وأخلاقية. ويرفض حتى فكرة الخروج الجماعي التي يُلمح لها البعض بقوله: "حتى لو أرسل الاحتلال سفنًا لنقلنا، فلن أغادر".
الغزي عبّر عن أسفه لبعض الشباب الذين يفكرون في الهجرة تحت وطأة المعاناة، مشددًا على أن "الخلاص الفردي يعني التخلي عن مسؤوليتنا في الدفاع عن هذه الأرض"، متسائلًا: "كيف نُكرر خطأ النكبة ونترك بيوتنا طوعًا؟".
من مخيم النصيرات، يردد سامي الدالي (45 عامًا) الموقف ذاته، رغم فقدانه نصف منزله بفعل القصف. يقول: "التهجير مشروع إسرائيلي فاشل، ولن أكون حجراً في جداره". ويرى أن معاناة السكان لا تُبرر التخلّي، لكنه لا يُدين من يقرر المغادرة، مضيفًا: "لكلٍ طاقته، ومن خرج ربما يعود أو يخدم القضية من الخارج".
ويُجمع الغزي والدالي على أن مشاريع التهجير التي حاولت الحكومة الإسرائيلية فرضها فشلت أمام تمسك الفلسطينيين بأرضهم، مشيرين إلى أن الإغراءات المادية لن تغيّر هذا الثبات. ويختم الغزي بالقول: "قولوا للعالم إننا شعب نختار الموت على أرضنا ولا نبيعها"، فيما يؤكد الدالي أن "كل حجر هنا يشهد أن فلسطين ليست للبيع".
في ظل الحرب المستمرة وتدهور الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة، يرى بلال حسنين أن خيار الهجرة أصبح "ضرورة ملحّة"، رغم صعوبته. حسنين، الذي فقد منزل عائلته وتعرض للنزوح مرارًا، يقف اليوم على عكازين بعد إصابته قرب منطقة نتساريم. يقول: "فقدت كل شيء.. لم أعد أستطيع استكمال دراستي الجامعية، ولا طعام ولا ماء ولا كهرباء. القطاع دُمّر، وفرص بناء مستقبل هنا تتضاءل يومًا بعد يوم". ويضيف حسنين أن حلمه هو إيجاد بيئة آمنة خارج غزة، تمكنه من استعادة حياته وتحقيق أحلامه، في وقت باتت الحياة في القطاع شبه مستحيلة.
ذات الرؤية يشاركها زكريا فرج الله، الذي أصيب ثلاث مرات، ما تسبب له بمشكلات في أوتار القدم، واضطرابات في الدماغ والجهاز الهضمي. يقول: "أحاول عبر ملفي الطبي الحصول على فرصة للعلاج في الخارج، وسأستغل هذا الخروج لطلب اللجوء، فالقطاع أصبح مكانًا مرعبًا ولا يمكن العيش فيه".
حنين عقل، زوجة فرج الله، تؤكد هي الأخرى أن البقاء بات أقرب إلى المستحيل، خصوصًا مع حملها ورعايتها لطفلين آخرين. تقول: "خسرنا بيتنا، وبتنا ننتقل من مخيم نزوح لآخر، وإصابة زوجي زادت معاناتنا. نحن بحاجة ماسة للسفر من أجل بيئة آمنة لنا ولأطفالنا".
وتضيف حنين، الحاصلة على بكالوريوس في الطب المخبري، أن حلمها بإيجاد عمل لم يتحقق قبل الحرب ولا خلالها، لكنها تأمل أن يتيح لها الخروج من القطاع فرصة لبناء مستقبل أكثر استقرارًا لعائلتها.
تحذيرات رسمية ودوليةقوبلت الخطة الإسرائيلية برفض فلسطيني وتحذيرات دولية واسعة، إذ اعتبرت حركة حماس أن ما يُروّج له تحت مسمى "الهجرة الطوعية" هو مخطط تهجير قسري يهدف لـ"تصفية القضية الفلسطينية" وتفريغ غزة من سكانها. وفي السياق ذاته، أكدت الأمم المتحدة أن "الطوعية" لا تُعتَبر شرعية في ظل الحرب والحصار وانعدام مقومات الحياة، مشيرة إلى أن التهجير القسري يُعد جريمة بموجب القانون الدولي.
كما حذّرت منظمات حقوقية، بينها هيومن رايتس ووتش وأونروا، من أن الخطة الإسرائيلية تُهدد بإعادة إنتاج النكبة، ودعت إلى احترام حق الفلسطينيين في البقاء على أرضهم بدل دفعهم إلى الرحيل تحت الضغط والجوع.
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة