ميشيل أوباما هل ترمي بظلالها على السودان
تاريخ النشر: 23rd, August 2024 GMT
زين العابدين صالح عبد الرحمن
استمعت للكلمة التي قدمتها ميشيل أوباما في المؤتمر العام للحزب الديمقراطي الأمريكي في ولاية شيكاغو، و كانت ميشيل واضحة في حديثها و مباشرة في نقدها إلي مرشح الحزب الجمهوري للرئاسة دونالد جون ترامب، في البداية أكدت على دعمها لكاماملا هاريس كمرشحة للحزب الديمقراطي في انتخابات الرئاسة، و انتقدت ترامب انتقادا حادا باعتباره يتلاعب بالكلمات التي تعتقد فيها قدر عال من العنصرية تجاه السود، و قالت لكن قوة الأمل التي تملأ عبق الهواء هو الذي سوف يخرجنا من الحالة التي يحاول ترامب أن ينثرها في المجتمع، من خوفه من السود المتعلمين الناجحين، و انتقدت دعوته للحد من الانجاب و خفض الرعاية الصحية و غيرها، كانت ميشيل أوباما واضحة و صريحة و مباشرة، لذلك أعتبرت كلمتها من أهم الكلمات التي قيلت في المؤتمر.
أن كلمة ميشيل ربما يستمع لها القيليل من السودانيين المهتمين بالقضايا السياسية، و خاصة الذين يهتمون بالشؤون الدولية، لكنها تعتبر واحدة من دروس الديمقراطية في المواجهة، على المنافس و كيف فهمه و فهم الإشارات التي يرسلها و الرموز التي يستخدمها.. و المواجهة الصريحة بعيدا عن الإساءة و الإسفاف هي التي تجد طريقها مباشرة إلي عقول و قلوب الناس. و الديمقراطية ليست شعارات و هتافات أنما هي وعي وإدراك للواقع، و استيعاب لبرنامج المنافس و كيفية تفنيده و تحليله.. و دائما المنافس لا يتخوف من الشتم و الإساءات و غيرها، لأنها تبين ضعف مقدرات قائلها، لكنه يتخوف من المنافس الذي يجيد قراءة ما بين السطور، و يفضح الإشارات و الرموز في اللغة التي تستخدم.. أننا في السودان حقيقة لم نصل لهذه الدرجة من الوعي السياسي الذي يجعل القيادات أن تكون صريحة في خطابها مع الجماهير، و أن تتحدث بلغة مباشرة و مرتبة لتبين من خلالها رؤيتها، و في نفس الوقت تنقد لغة المنافس في سياق الرآي و الرأي الأخر، ليس بهدف تدميره و تكسيره أنما بهدف توعيته، و انتشاله من تسيد ثقافة شمولية إلي ثقافة أخرى تحتاج لإعادة في طريقة التفكير، و أحترام للأخر مهما كانت درجة الخلاف معه، فالتغيير لأنه يعتمد على الوعي و على الفكر هو الطريق الذي تخاف منه العديد من القيادات السياسية.. أن طول فترة الإنقاذ قد أثرت سلبا على الأحزاب و صعدت إلي قيادتها عنصر تنفيذية قدراتها الفكرية متواضعة، هؤلاء لا يملكون تصورات للحل، و لا يستطيعون إجراء حوارات مع الأخرى يتخوفون الخذلان.. و همهم هو كيف يحافظون على مواقعهم القيادية ..
إذا كانت هناك قيادات حزبية في السودان تعتقد أن الإسلاميين و الجيش يشكلون تحديا لعملية التحول الديمقراطي، ما هي رؤيتهم للحل.. كان المتوقع أن يتحول التحدي إلي برنامج في الورق يبين تصورات كل حزب للحل، و تنشر في الصحف السيارة لكي تخلق حوارا يقارب بين المسافات، و في نفس الوقت يعيد الثقة بين الأطراف المختلفة، و يخفف لغة العنف و التحدي، و يحولها إلي لغة حوارية تخلق وعيا جماهيريا يزيد من قوة الثقافة الديمقراطية و يعمل على ترسيخها في المجتمع.. لكن للأسف أن الثلاثة عقود عمر الإنقاذ قد أثرت في الأحزاب تأثيرا سلبيا مباشرا..
ليس غريبا أن تجد لغة الحوار متواضعة في لساحة السياسية و تميل إلي استخدام الفزاعات، أي أن يصمت الأخر.. راقب في " Social Media " التعليقات أغلبيتها تستخدم كلمتين " كيزان و فلول" حقيقة تبين تواضع الثقافة التي حاولت أن تنشرها قيادات الأحزاب، أن تبخس حديث الأخر الذي لا تملك القدرة على نقده بمنهج علمي، حتى تسهم في نشر ثقافة ديمقراطية، تعلم الأخر طريقة النقد العلمية لأي مقال عندك فيه وجهة نظر.. لكن محاولة رمي التهم هي تعضيد للثقافة الشمولية التي ترسخت في المجتمع عبر التراكم لفترة طويلة..
أن الاستماع لمثل خطابات ميشيل أوباما و باراك أوباما و بيل كلينتون و أخرين من قياداة الحزب الديمقراطية مسألة مهمة للقيادات السياسية السودانية، أولئك الذين يرفعون شعارات الديمقراطية و يمارسون نقيضها.. و الديمقراطية وعي و ثقافة و قوانين و لوائح و أهمها الممارسة و احترام القوانين و معرفة الحقوق و الواجبات.. أن الذين يتحدثون عن عملية التحول الديمقراطي في البلاد، و في نفس الوقت ينشرون لغة الإقصاء و الفزاعات لا اعتقد أن هؤلاء آهلا لعملية التغيير و التحول الديمقراطي.. بعد سقوط الإنقاذ أي شخص متابع للشأن السياسي كان يتوقع أن عناصر النظام السابق سوف يشكلون تحدي للنظام الجديد، ليس لأنهم كيزان و فلول.! فقط لأنهم كقوى سياسية كانت أكثر تنظيما من غيرها بعد الانتفاضة 1986م، و حكمت ثلاثين عاما أكتسبت فيها خبرة واسعة في إدارة الأزمة، و أيضا هناك مجموعات من الأحزاب الأخرى شاركت معها في السلطة، هؤلاء كانت لهم مصالح مع الإنقاذ، و سوف يشكلون التحديا للنظام الجديد.. لكن أغلبية القيادات السياسية من " الناشطين" كانوا يعتقدوا أن سقوط الإنقاذ يعني كل شخص كان مع النظام يروح لحال سبيله، هؤلاء ليس هم الاتحاد الإشتراكي.. هذا تنظيم أيديولوجي سيظل يصارع حتى يصبح جزءا من العملية السياسية.. من هذا المنطلق كان يجب أن يكون التفكير لآن الهدف هو التحول الديمقراطي، و تأمينه لكي يصبح هو نظام التداول السلمي للسلطة عبر صناديق الاقتراع.. لكن للأسف كان هدف القيادات السياسية الوصول للسلطة و المحاصصات و ليس عملية التحول الديمقراطي.. الرهان على السلطة يعني استمرار للصراع و لا تضمن نهاياته، و لا الأدوات التي تستخدم فيه، و لا تستطيع أن تمنع الجيش الدخول فيه.. و المنتصر هو الذي يملك القوة.. و القوى المدنية قد خسرت الشارع الذي كان يحافظ على توازن القوى... نسأل الله حسن البصيرة...
[email protected]
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: التحول الدیمقراطی میشیل أوباما
إقرأ أيضاً:
حضور كثيف في الساعات الأخيرة يؤكد وعي الناخبين وحيوية المشهد الديمقراطي
اختتمت محافظة أسوان، اليوم الخميس 11 ديسمبر 2025، فعاليات اليوم الأخير لجولة الإعادة في انتخابات مجلس النواب وسط أجواء انتخابية اتسمت بالحيوية والانتظام، حيث شهدت اللجان إقبالًا متزايدًا مع اقتراب موعد إغلاق الصناديق، في مشهد يعكس وعي المواطنين وحرصهم على المشاركة في اختيار ممثليهم داخل البرلمان.
ومنذ الساعات الأولى للصباح، بدأت اللجان في استقبال الناخبين في مدن ومراكز المحافظة، وسط استعدادات مكثفة شملت انتشار عناصر التأمين في محيط اللجان، وتجهيز ممرات الدخول والخروج لضمان الانسيابية، بالإضافة إلى تواجد فرق مساعدة لتسهيل عملية التصويت لكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة. وقد حرص رؤساء اللجان على المتابعة الدقيقة لضمان الالتزام بكافة التعليمات الصادرة عن الهيئة الوطنية للانتخابات.
وخلال جولة المتابعة الميدانية، لوحظ ارتفاع ملحوظ في نسب الإقبال خلال فترات الظهيرة والمساء، خاصة في لجان مراكز أسوان وكوم أمبو وإدفو ودراو، حيث توافد المواطنون بأعداد كبيرة قبل ختام اليوم الانتخابي، مؤكدين أن مشاركتهم تأتي انطلاقًا من المسؤولية الوطنية ورغبتهم في دعم الاستقرار ودفع عجلة التنمية داخل المحافظة.
وفي السياق ذاته، واصلت غرف العمليات بالمحافظة متابعة مجريات العملية الانتخابية لحظة بلحظة، من خلال التنسيق المستمر مع اللجان الفرعية لمتابعة أي مستجدات، وتذليل العقبات فور ظهورها. كما أكد مسؤولو المتابعة أن سير عملية التصويت جاء منتظمًا دون رصد شكاوى جوهرية، مما يعكس نجاح الإجراءات التنظيمية والاستعدادات المبكرة.
ومع اقتراب لحظات الغلق، شهدت بعض اللجان داخل المدن والقرى طوابير متزايدة، خاصة من الشباب والموظفين الذين حرصوا على الإدلاء بأصواتهم بعد انتهاء ساعات العمل. وقد بدت الأجواء الانتخابية هادئة ومنضبطة، مع تفاعل إيجابي من المواطنين وتعامل احترافي من عناصر التأمين واللجان المشرفة.
وتترقب أسوان خلال الساعات المقبلة بدء عمليات الفرز وإعلان النتائج الرسمية، وسط حالة من الاهتمام الشعبي والتوقعات المتزايدة بشأن من سيحصل على ثقة الناخبين في هذه الجولة الحاسمة التي اختتمت بصورة مشرفة تعكس نضج التجربة الديمقراطية داخل المحافظة.