راجح المحوري
كيف يتفوق شاعر على شاعر بإسكان قيم موروثة عامة ضمن إطاره الفني والرؤيوي الحديث؟
مازالت القيم الأساسية في الشعر العربي كما هي، ولم تتغير، والشاعر العربي القديم والمعاصر والحديث لا يملك أن يصك قيما جديدة أو يعدل قيما موجودة، أو يدخل قيما أجنبية، فهذا موضوع له سياقاته..
تعديل منظومات القيم في مجتمع ما، له ناسه وسياقاته وأطره الزمنية الخاصة، وهو قطعا ليس من وظائف الشاعر، وإن ظلت هذه القيم ذاتها (في ثوابتها العامة) هي المضمار الذي تركض فيه أفراس الشعراء، فيتقدم شاعر ويتأخر آخر.
كيف يتفوق شاعر على شاعر بإسكان قيم عامة موروثة ضمن إطاره الفني والرؤيوي الحديث؟
المسألة في رأيي تتعلق بشاعرية الشاعر نفسه، بتوقد قريحته.. بقوة وسعة خياله،
بثراء مخزونه اللغوي، سعة قاموسه وحساسية اختياره للمفردات، بقوة و(وفاء) ذاكرة الشاعر لحظة التجلي الإبداعي، والقدرة على استدعاء الصور الشعرية، في اللحظات الحاسمة…
هذا جانب الموهبة الذاتية الذي بالتأكيد تتفاوت فيه الإمكانات من شاعر لآخر. أما الانهماك بالعصر، والمعرفة الكافية بهذا العصر.. (على فكرة الكثير مننا يعيش داخل العصر وهو خارجه) قاموس العصر أدوات العصر الذوق العصري، (ليس فقط في الميول والاختيارات الأدبية) الموسيقى.. الألوان.. المظاهر الخاصة والعامة.. معجم العصر، ميول الناس واتجاهات ذوقهم… إلخ
كل هذه تخضع للجهد الشخصي من جانب، ومجال حركة الشاعر داخل المجتمع، والمكانة الاعتبارية لهذا الشاعر التي تمنحه إمكانية التحرك الرأسي والأفقي بين طبقات المجتمع، لأنه ليس لشاعر من الإمكانات ومجال الحركة في المجتمع ما لشاعر آخر، وهذه أمور تصنع فروقا دقيقة وأساسية في إمكانات الشعراء.
المهم
في المجمل معرفة المزاج العصري بشكل عام، وامتلاك الطرق الفاعلة التي تحقق امتصاص خلاصة العصر، هي من تمكن الشاعر من إسكان القيم الجمالية العامة ضمن النص الشعري، وفي إطار رؤية فنية جمالية حديثة، وبالتالي تحقيق الغرض الفني الجمالي الامتناعي من النص الشعري الذي يتقدم به إلى الجمهور الحديث.
ملاحظة:
“النص الجيد وليد لحظته” إذا كنت تردد هذه العبارة فعليك أن تهجرها منذ الآن، وتهجر معها طريقة تفكيرك المعتادة أيضاً.
المصدر: يمن مونيتور
كلمات دلالية: الحداثة الشعر النص
إقرأ أيضاً:
بيت الشعر العربي يطلق الملتقى الأول للنص الجديد بمشاركة 60 شابًا
في إطار توجه الدولة لدعم الفنون والآداب، وتحت رعاية الأستاذ الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة، يُنظم بيت الشعر العربي أولى دوراته من ملتقى النص الجديد للشعراء الشباب، وذلك في السابعة من مساء يومي السبت والأحد الموافقين 17 و18 مايو الجاري، بمقره في مركز إبداع الست وسيلة التابع لصندوق التنمية الثقافية، خلف الجامع الأزهر في قلب القاهرة التاريخية.
ويُعد هذا الملتقى أول مهرجان شعري شامل ينظمه بيت الشعر العربي منذ تأسيسه، ويأتي تتويجًا لجهود مؤسسية تهدف إلى اكتشاف الأصوات الشعرية الجديدة، وخلق مساحة حرة لتقديم تجاربهم المتنوعة ضمن أجواء تفاعلية تُعزز من قيمة النص الشعري المعاصر وتوجهاته الجمالية والموضوعية.
ويُقام الملتقى بدعم مباشر من صندوق التنمية الثقافية برئاسة المعماري حمدي السطوحي، الذي يواصل جهود الصندوق في تنشيط الحياة الثقافية وإحياء الدور الحيوي لمراكز الإبداع في احتضان التجارب الفنية الجادة، وفي مقدمتها الشعر الذي يُمثل أحد روافد الهوية المصرية والعربية.
ويشارك في الملتقى نحو ستين شاعرًا شابًا من مختلف المحافظات المصرية، يمثلون أطيافًا متعددة من مشهد الكتابة المعاصرة، بين قصيدة التفعيلة وقصيدة النثر والتجريب المفتوح، مما يعكس التنوع الحيوي في الحساسية الفنية والرؤى التعبيرية للأجيال الجديدة.
وفي خطوة غير مسبوقة لدعم هذه المواهب، قامت جريدة اليوم السابع بنشر القصائد المشاركة على مدار الأسابيع الماضية، في مبادرة تهدف إلى توسيع قاعدة القراءة، وتعزيز دور بيت الشعر العربي كمؤسسة راعية للمواهب الجديدة ومنصة لإطلاق النصوص الجادة.
كما قامت الأكاديمية والمترجمة د. سلوى جودة بترجمة النصوص المشاركة إلى اللغة الإنجليزية، ومن المقرر إصدارها في أنطولوجيا شعرية قريبًا، ما يفتح أفقًا عالميًا لهذه التجارب، ويعزز من فرص حضورها في المشهد الثقافي الدولي.
وفي تصريح خاص، أكد الشاعر سامح محجوب، مدير بيت الشعر العربي، أن الملتقى يأتي: "ضمن استراتيجية جديدة يتبناها البيت بدعم من وزير الثقافة، وبتعاون وثيق مع صندوق التنمية الثقافية، لإبراز الأصوات الجادة التي تُقدم نصًا غير تقليدي يحمل روح هذا العصر، نحن نؤمن أن الشعر لا ينتعش إلا حين نُتيح له منصات حقيقية وتفاعلاً حيًا بين النص والجمهور".
ويؤكد أن هذا الحدث على أولوية دعم الثقافة النوعية في أجندة الوزارة، وعلى أهمية التكامل بين المؤسسات الثقافية الرسمية والمجتمع الأدبي في تقديم نماذج ملهمة من الإبداع المعاصر، خاصة بين جيل الشباب الذي يحمل روح التجديد والجرأة الفنية .
كما يؤكد على حرص الشاعر الرائد أحمد عبدالمعطي حجازي رئيس بيت الشعر العربي ومؤسسه على تواصل الأجيال والانفتاح على التجارب الطليعية الجديدة للشباب .