غزة: ما ظل فينا حيل.. صرخة فلسطيني لا يجد شربة ماء ولا يعرف لمن يشكو مآسيه ومن يصغي لشكواه ويجديه
تاريخ النشر: 25th, August 2024 GMT
منذ بداية التصعيد العسكري في أكتوبر 2023، تعاني غزة من أزمة إنسانية خانقة. في كل زاوية من المخيمات المنتشرة عبر القطاع، تتجسد المعاناة الإنسانية في أبهى صورها، حيث تكافح العائلات الفلسطينية النازحة للحصول على الأساسيات التي تبقيهم على قيد الحياة: الماء والطعام.
في مخيم دير البلح، تتجلى هذه المعاناة بشكل مؤلم.
يقف أبو محمد، الذي نزح سبع مرات منذ بدء النزاع، في الصفوف الأمامية وعيناه تحملان قصصاً من الألم. "نشعر بالذل والجوع"، يقول بصوت مختنق بالعبرات: "لقد فقدنا كل شيء، ولم نعد نملك القدرة على التحمل".
يتحدث أبو محمد عن يومياته بكلمات بسيطة ولكنها تحمل في طياتها أعمق الجراح: "نأكل وجبة واحدة في اليوم من المساعدات. إذا لم تكن هناك مساعدات، لكان الجوع قد قضى علينا."
في كل مكان، تصطدم العيون بحزن يلف الوجوه الصغيرة والكبيرة. الفتيات الصغيرات يصرخن ويتدافعن وسط ازدحام الأجساد، في محاولة يائسة للوصول إلى مقدمة الطابور للحصول على طعام أو ماء. الأمهات يراقبن، وقلوبهن مثقلة بالحزن والخوف على مستقبل أطفالهن.
يتحدث محمد القايد، الذي نزح من مدينة غزة ويعيش الآن على طول الشاطئ، عن تضاؤل الفرص وتزايد الحاجة: "الطعام الذي يصلنا من الجمعيات الخيرية بالكاد يكفي الناس في مخيمنا. من أين يحصل الأشخاص الذين نزحوا مؤخرًا على الطعام؟ من أين نوفر لهم الطعام؟" كلماته تنبض بالقلق والحيرة، تعكس حال الآلاف الذين يعانون من نفس المصير.
في ظل هذه الظروف الصعبة، لم يعد بإمكان الكثير من النازحين الصمود. وصف جورجيوس بتروبولوس، رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في غزة، الوضع بكلمات مؤثرة: "لقد نزح الكثير من الناس هنا أكثر من 10 مرات. إنهم منهكون ومحطمون".
مع استمرار الأزمة، يتزايد عدد النازحين، وتقل الموارد، ويصعب الحصول على حتى أبسط الأساسيات. الصور التي التقطتها الأقمار الصناعية تظهر حجم المعاناة، مع زيادة كثافة الخيام على طول الساحل، حيث لا توجد مساحة كافية لاستيعاب جميع النازحين.
منذ بداية الحرب، أصدرت إسرائيل 12 أمر إخلاء في أغسطس فقط، مما أدى إلى نزوح حوالي 90% من سكان غزة البالغ عددهم 2.1 مليون نسمة، وفقاً لتقرير من أعلى مسؤول إنساني في الأمم المتحدة.
وأكدت الأمم المتحدة أن القانون الإنساني الدولي يتطلب حماية المدنيين، ودعت إلى حماية المدنيين، وتسهيل الوصول الإنساني، وإيجاد اتفاق لوقف إطلاق النار.
المصادر الإضافية • أب
شارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية شاهد: طوفان بشري تحت المطر في اليمن دعما لغزة وللمسجد للأقصى في الذكرى 55 لإحراقه أكسيوس: بايدن طلب من نتنياهو سحب القوات الإسرائيلية من جزء على الحدود بين مصر وغزةالمصدر: euronews
كلمات دلالية: الصراع الإسرائيلي الفلسطيني حزب الله روسيا إسرائيل فيضانات سيول السياسة الإسرائيلية الصراع الإسرائيلي الفلسطيني حزب الله روسيا إسرائيل فيضانات سيول السياسة الإسرائيلية أزمة إنسانية شح المياه قطاع غزة الغذاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الصراع الإسرائيلي الفلسطيني السياسة الإسرائيلية حزب الله روسيا إسرائيل غزة لبنان غرائب المسلمون محكمة حكم السجن تهديد إرهابي السياسة الأوروبية دیر البلح قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
برد وجوع وانهيارات.. صرخة استغاثة من مخيمات النزوح في غزة
تحت زخات المطر المتواصلة ورياح تعصف بالخيام البالية ومنخفض جوي جديد، وجد الغزيون أنفسهم في فصل جديد من المعاناة لا يقل قسوة عمّا عاشوه خلال أشهر الحرب.
فقد أعلنت وزارة الداخلية في غزة استشهاد 8 مواطنين منهم أطفال، وإصابة آخرين، بفعل تأثيرات المنخفض الجوي العميق الذي ضرب قطاع غزة، كما أشارت إلى وجود مفقودين تحت الأنقاض في مناطق متفرقة، في حين سُجل في ساعات قليلة 12 حادث انهيار مبانٍ مقصوفة سابقا.
وتزامنت هذه التطورات مع مشاهد موجعة في المستشفيات، حيث أعلن مصدر طبي في مستشفى الشفاء وفاة طفلين رضيعين- تيم الخواجة وهديل المصري- بردا في مخيم الشاطئ ومركز إيواء غربي غزة، إضافة إلى وفاة الطفلة رهف أبو جزر داخل خيمة نزوح في المواصي بخان يونس.
وفي خان يونس، رسم مراسل الجزيرة رامي أبو طعيمة صورة أكثر تفصيلا لمعاناة آلاف النازحين، وهو يقف وسط مخيم العطار الذي غمرته المياه بالكامل، ومن خلفه خيام غارقة، وأطفال يرتجفون، وأصوات الرياح تختلط بصرخات العائلات وهي تحاول إنقاذ ما تبقى من مقتنيات.
يقول رامي، إن هذا المخيم يضم 250 عائلة باتت جميعها تقريبا بلا مأوى بعد أن اجتاحت السيول خيامها.
عجز مركبومع تقدمه داخل الأزقة الطينية، كانت الكاميرا ترصد أطفالا حفاة يسيرون في الوحل بملابس رقيقة لا تقيهم البرد، في حين تحاول الأمهات إخراج المياه من الخيام بأوعية صغيرة، في مشهد يختصر عجزا مركّبا، عن ضعف الإمكانات وغياب البدائل.
وفي إحدى الخيام التي دخل إليها، ارتفع منسوب المياه إلى متر ونصف متر، في حين غطّت طبقة الطين الأغطية والأفرشة والأمتعة البسيطة التي تعتمد عليها الأسر للبقاء، وقضت بعض العائلات ليلتها في العراء بعد أن غرقت خيامها تماما، وأخرى لجأت إلى خيام الجيران رغم اكتظاظها أصلا.
ويضيف رامي أن المشهد لم يقتصر على الغرق فقط، بل تحوّلت الرياح القوية إلى خطر إضافي بعدما مزّقت "الشوادر" البلاستيكية التي تغطي الخيام.
إعلانويؤكد أن وضع النازحين في هذا المخيم يعكس جزءا صغيرا فقط من واقع 900 ألف نازح في جنوب القطاع ووسطه، ممن هم في أزمة مضاعفة تجمع بين آثار الحرب والمنخفض الجوي.
وتحدّث المراسل أيضا عن انهيار منزل في خان يونس بعد أن سقطت 3 أسقف على ساكنيه، ما اضطر إلى إجلاء 3 عائلات من عائلة العقاد، في مشهد يعكس هشاشة الأبنية التي دُمّر جزء منها خلال الحرب، والتي لم تعد قادرة على تحمل الأمطار الغزيرة.
ومن وسط غزة، قدّم مراسل الجزيرة غازي صورة مشابهة لما يجري في الجنوب، إذ غرقت خيام مخيم "البصة" في دير البلح بعدما تحولت الساحة إلى برك مياه ضخمة.
وأوضح أن معظم الخيام هنا لم تصمد أمام الأمطار المتواصلة، مما أجبر العائلات على مغادرتها دون أن تتوافر بدائل جاهزة.
مناشدات عاجلةورصدت الكاميرا رجالا يحفرون مجاري مياه بوسائل بدائية، في محاولة لإبعاد السيول عن خيامهم، في وقت تعالت المناشدات العاجلة للمؤسسات الدولية لإدخال خيام جديدة ومستلزمات عاجلة لمواجهة البرد والأمراض.
أما في الشمال، فكانت المأساة أكثر قسوة، حيث وقفت مراسلة الجزيرة نور خالد أمام منزل انهار في منطقة بئر النعجة شمالي القطاع، كان داخله 6 أشخاص، انتُشِل جثمان الأب وطفل مصاب، في حين لا تزال الأم و3 أطفال تحت الأنقاض منذ ساعات.
وتوضح نور أن طبقات الإسمنت الهائلة تتطلب معدات ثقيلة للوصول إلى العالقين، لكن الدفاع المدني ليس عنده سوى أدوات بسيطة بسبب الحصار وتدمير معداته خلال الحرب.
ومع استمرار هطول الأمطار، كان الأهالي يحفرون بأيديهم في مشهد يجسّد اليأس والتمسّك بالأمل في آن واحد.
وبين جنوب القطاع ووسطه وشماله، تتقاطع روايات المراسلين الثلاثة عند حقيقة مشتركة وهي أن المنخفض الجوي كشف هشاشة واقع النزوح، وعمّق جراحا لم تلتئم بعد.
فبينما خيام مزقها الريح، وأطفال يمشون حفاة على الطين، وأمهات يبحثن عن مكان جاف لأطفالهن، تتضاعف الحاجة إلى تدخل عاجل يوفّر خياما بديلة وملاجئ آمنة ومعدات إنقاذ.
وفي انتظار ذلك، يبقى النازحون في مواجهة بردٍ لا يرحم، وحربٍ لا تزال آثارها قائمة، ومنخفضات جوية تزيد العبء فوق كاهل من لم يعد يمتلك غير الخيمة، وهي الأخرى لم تعد تقوى على الصمود.