الجزيرة:
2025-05-30@14:59:53 GMT

بوركينا فاسو: ماذا وراء محاولات زعزعة الاستقرار؟

تاريخ النشر: 28th, August 2024 GMT

بوركينا فاسو: ماذا وراء محاولات زعزعة الاستقرار؟

شهدت منطقة الساحل في الآونة الأخيرة تقلبات سياسية كبيرة نتيجة الانقلابات العسكرية التي اجتاحت دول تحالف الساحل الثلاث، وقد تميزت تلك الانقلابات بالدعم الشعبي للأنظمة العسكرية، وذلك في ظل ضعف استجابة الحكومات السابقة للتحديات الأمنية المتزايدة. أصبح الوضع الأمني في بوركينا فاسو مقلقًا بشكل خاص بعد تصريح الكابتن إبراهيم تراوري عن إحباطه خطة لزعزعة استقرار البلد، وقد سبق أن أفشل محاولة انقلابية أخرى في يناير/كانون الثاني 2024.

في هذا السياق، تم إنشاء قوة عسكرية مشتركة بين النيجر وبوركينا فاسو ومالي، بهدف محاربة الانفلات الأمني المتزايد في تلك الدول، التي باتت تشعر بقلق متزايد تجاه دول الجوار، متهمةً إياها بالسعي لزعزعة استقرارها لخدمة أجندات غربية.

وتتناول هذه المقالة سياسات المجلس العسكري في بوركينا فاسو للحدّ من النفوذ الأمني الفرنسي بعد القطيعة، كما تلقي الضوء على المخاطر الأمنية التي تتهدد المنطقة، وتستعرض مدى قدرة بوركينا فاسو على مواجهة تلك التحديات في ظل تواجد أجهزة الاستخبارات الغربية، وانتشار الجماعات المسلحة في أجزاء من أراضيها.

مخاوف تجاه دول الجوار

إن الظروف الانقلابية التي أوصلت الكابتن تراوري إلى السلطة قد تركت آثارًا عميقة على المشهد السياسي والأمني في بوركينا فاسو، مما جعل السلطة مطمعًا لدى القادة العسكريين، وذلك استنادًا إلى سوابق الانقلابات في البلاد.

وقد تعاظم هذا الخطر بعد رفض الكابتن تراوري إنهاء الفترة الانتقالية، متذرعًا بعدم أولوية الانتخابات في يوليو/تموز 2024، ما يشير إلى نيته الاحتفاظ بالسلطة، وهذا ما قد يدفع القوى الخارجية إلى التدخل لحماية مصالحها، متخذةً من الأمن ذريعة لتنشيط تحركاتها السياسية عبر قواعدها العسكرية في دول الجوار.

على هذا الأساس، تصاعدت مخاوف بوركينا فاسو تجاه دولتَي كوت ديفوار وبنين، حيث هاجم الكابتن تراوري، في 11 يوليو/تموز، جيرانه من كوت ديفوار وبنين، متهمًا إياهم بالسعي لزعزعة استقرار بلاده، وذلك في سياق التوترات الدبلوماسية التي تشهدها المنطقة على المستويين: الإقليمي والدولي. واتهم تراوري كوت ديفوار بالاستمرار في التحالف مع فرنسا التي تحاول زعزعة استقرار بوركينا فاسو، كما اتهم بنين باستضافة قاعدتين فرنسيتين تشكلان مركزًا لعمليات "الإرهابيين" ضد بلاده، رغم أن الدولتين قد نفتا هذه التهم.

تجددت هذه الاتهامات بعد تصريح الكابتن تراوري في أغسطس/آب 2024 عن إفشاله خطة لزعزعة استقرار بوركينا فاسو. يشير هذا الأمر إلى خطورة الوضع الأمني في البلاد، وربما يكون هذا النوع من العمليات خطوة استباقية لتصفية الجنود العسكريين الذين يعتبرهم الكابتن تراوري تهديدًا لسلطته، متهمًا إياهم بالتآمر ضده بالتواطؤ مع الأجهزة الخارجية.

كما يدخل هذا التصريح ضمن الحرب الإعلامية لتحذير القوات المعادية لقيادة بوركينا فاسو. لكن مهما يكن، فإن اتهام دول الجوار بالتواطؤ مع القوى الخارجية يؤدي إلى تضاعف التحديات الأمنية، خصوصًا أن دول المنطقة جميعها ذات سيادة ولها حرية في اختيار شركائها. وهذا يستدعي تقريب أهداف التكامل السياسي والأمني بما يخدم مصلحة المنطقة.

"قوات كونفدرالية الساحل" وتحديات المرحلة

إن تعزيز الوحدة السياسية والأمنية بين دول الساحل الثلاث من شأنه أن يحافظ على حماية بوركينا فاسو من الاضطراب الأمني المتكرر. وبموجب ذلك، تم إنشاء قوة دفاعية مشتركة عام 2023؛ لتنسيق جهود مكافحة الإرهاب ووضع حد لعمليات زعزعة استقرار المجالس العسكرية من أي تدخل خارجي. لكن بوركينا فاسو بحاجة إلى وقت كافٍ للتعافي من الأزمة الأمنية؛ نظرًا لحجم التحديات التي تواجهها القوة الدفاعية، وأبرزها:

التدخل الإقليمي: قد يؤدي إلى تأجيج الصراعات المحلية مع دول الجوار، وتحتاج القوة الدفاعية المشتركة في هذه الحالة إلى دراسة ردود أفعال دول الإيكواس؛ لمنع أي اضطراب أمني قد ينجم عنها. التدخل الأجنبي: تمثل القطيعة بين فرنسا وبوركينا فاسو تهديدًا علنيًا لمصالح فرنسا، مما قد يدفعها إلى محاولة تأجيج صراع أمني داخل السلطة العسكرية بواسطة شركائها الدوليين. التهديدات الإرهابية: يمكن أن يتجدد الاضطراب الأمني في بوركينا فاسو في أي لحظة؛ نظرًا لانتشار الجماعات الإرهابية في المنطقة، التي تشكل تهديدًا للأمن ومصدرًا محتملًا لحدوث انقلاب عسكري. الضغوط الاقتصادية: تمارسها القوى الخارجية، حيث يمكن أن تؤثر سلبًا على القوة العسكرية المشتركة وتعرقل جميع أهدافها الدفاعية والأمنية.

في هذه المرحلة المضطربة أمنيًا وسياسيًا، تحتاج القوة الدفاعية إلى تعزيز التشغيل البيني بين جيوش الاتحاد الكونفدرالي الثلاثي، ويشمل ذلك تنفيذ اتفاقيات الدفاع المتبادل للتصدي لجميع المخاطر الأمنية التي تهدد بقاءها. ويظل هذا الانشقاق الذي حدث بين دول غرب أفريقيا حالة أمنية معقدة ستؤثر سلبًا على استقرار الحكومات، ما لم تجد ركائز قانونية وسياسية تستند إليها للتعاون.

وبالنظر إلى العوائق والتحديات التي يواجهها الاتحاد الكونفدرالي الثلاثي، مثل: ضعف مؤسساته الدستورية، ومشاكله الأمنية والاقتصادية، ونزاعاته الإقليمية، فإنّ هذه العوامل مجتمعة قد تؤدي إلى تفاقم الوضع، وربما تنتج عنها آثار مدمّرة للوضع الأمني والسياسي في المنطقة.

المجلس العسكري يقاوم النفوذ الأمني الفرنسي

يواجه المجلس العسكري في بوركينا فاسو العديد من الأزمات الأمنية نتيجة القطيعة مع فرنسا، والابتعاد عن وصايتها في المشاريع الإقليمية والدولية. وهذا سيستغرق وقتًا طويلًا لمحو التأثير الفرنسي في الشؤون السياسية والأمنية في البلاد.

وقد اتخذ المجلس العسكري سياسات معينة لمقاومة النفوذ الأمني لفرنسا، مثل: محاربة وجودها العسكري في المنطقة، وقطع العلاقات الدبلوماسية معها، بالإضافة إلى معاقبة الجنود المتواطئين. وقد تلا ذلك إفشال عدد من الخطط لزعزعة استقرار المجلس العسكري، ومكافحة الجماعات الإرهابية التي يعتبرها مصدر الاضطراب الأمني. واعتمد المجلس سياسة الشراكة الإستراتيجية بالتعاون مع روسيا للتصدي لجميع أنواع النفوذ الفرنسي في بوركينا فاسو.

ومع ذلك، فإن تكرار محاولات زعزعة الاستقرار في بوركينا فاسو، يشير إلى ضعف التماسك العسكري بين الجنود، وقوة الانخراط الأمني الأجنبي. الأمر الذي يتطلب الحكمة للتغلب على الأجهزة الاستخباراتية المضرة بالأمن العام، مع أخذ الحيطة والحذر من أي صدام دولي قد ينتج عن الآثار السلبية الناجمة عن الوصاية الروسية في الشؤون الأمنية والعسكرية.

تحتل منطقة الساحل موقعًا مهمًا في غرب أفريقيا، ومن شأن الكونفدرالية أن تعزز ثقلها السياسي والاقتصادي على الساحتَين: الإقليمية والدولية؛ تجنبًا لأي مخاطر أمنيّة قد تؤدي إلى فشل التجربة. لكن، مبادرة القوة الدفاعية لكونفدرالية الساحل تواجه العديد من التحديات؛ نظرًا لانعدام الاستقرار، الأمر الذي أدى إلى حدوث محاولات عديدة لزعزعة الاستقرار في بوركينا فاسو.

وفي الختام، تجدر الإشارة إلى أن المجلس العسكري في بوركينا فاسو قد لا يمتلك القدرة الكافية لمواجهة تحديات المرحلة ما لم يسعَ للحصول على شرعية سياسية عبر الاستفتاء الشعبي، وإعادة الهيبة الدستورية بإشراك المدنيين، وتشديد المراقبة على الجيش؛ لمنع التهديدات الأمنية، وإلا، فسيظل المجلس مهددًا دائمًا بخطط التقويض من الأعداء لإسقاط نظامه.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات فی بورکینا فاسو القوة الدفاعیة لزعزعة استقرار المجلس العسکری زعزعة استقرار دول الجوار العسکری فی الأمنی فی أمنی ا

إقرأ أيضاً:

ما وراء اهتمام ترامب بجنوب أفريقيا

مع دخول دونالد ترامب البيت الأبيض أنشأ برنامجًا لمساعدة الأقلية البيضاء في جنوب أفريقيا على الهجرة للولايات المتحدة الأميركية؛ حيث نقلت طائرات مؤجرة من قبل الولايات المتحدة مواطنين بيضًا (أفريكان) من جنوب أفريقيا للولايات المتحدة، مما طرح العديد من الأسئلة عن أسباب هذا البرنامج وأهدافه؟

في الواقع، يبرز سبب جوهري لما يروّجه إيلون ماسك حول ما يصفه بـ"اضطهاد السود للأقلية البيضاء" في جنوب أفريقيا، وهي أقلية لا تتجاوز نسبتها 7% من السكان، لكنها تملك ما يقارب 70% من الأراضي الزراعية. ويُفهم من هذا الطرح – ضمنيًا – أنه يُحمّل السود مسؤولية فشل سياسات التمكين الاقتصادي التي أُقرّت بعد ثلاثة عقود على إنهاء نظام الفصل العنصري وحكم الأقلية البيضاء.

غير أن ما يدعو للتساؤل هو: لماذا يتصدر إيلون ماسك هذه الحملة تحديدًا؟ فالرجل وُلد في جنوب أفريقيا عام 1971، ثم انتقل لاحقًا إلى كندا، مسقط رأس والدته، ومنها إلى الولايات المتحدة، دون أن تُسجّل في مسيرته أية تجربة مباشرة تُظهر تعرضه لمضايقات من السود في بلده الأم.

الوجه الآخر لهذه الحملة يكشف إدراكًا متزايدًا لدى الأقلية البيضاء في جنوب أفريقيا بأن مساعي الحكومات ذات الأغلبية السوداء لتمكين المواطنين اقتصاديًا، تهدد بسحب بساط الثروة من تحت أيديهم. ويتعزز هذا القلق في ضوء قانون يجيز – في حالات معينة – مصادرة الأراضي الزراعية لأغراض اقتصادية. وعلى الجانب الآخر، تُظهر المواقف السياسية المتعاقبة منذ عهد نيلسون مانديلا أن جنوب أفريقيا تمضي تدريجيًا نحو تبني سياسات أكثر استقلالًا عن الغرب، وتعزز تموضعها ضمن المعسكر المقابل له.

إعلان

لم يُفوّت الرئيس الجنوب أفريقي سيريل رامافوزا أي فرصة لدحض الادعاءات التي يروّج لها إيلون ماسك، والتي كررها لاحقًا الرئيس الأميركي دونالد ترامب، حتى خلال لقائهما الأخير في البيت الأبيض، حيث أصر ترامب على عرض مقطع فيديو يدعم السردية الأميركية بشأن "اضطهاد البيض" في جنوب أفريقيا. وقد تضمّن الفيديو لقطات لجوليوس ماليما، السياسي اليساري الجنوب أفريقي، وهو يردد هتافات من عهد الفصل العنصري ضد البيض.

وفي منتدى أقيم في أبيدجان بساحل العاج، علّق رامافوزا على إعلان الولايات المتحدة فتح باب الهجرة للأفارقة البيض بدعوى تعرضهم للاضطهاد، وتعهّدها بإنهاء إجراءات لجوئهم خلال ثلاثة أشهر فقط – وهي إجراءات تستغرق عادة ما يصل إلى ثلاث سنوات – قائلًا: "هذا لا ينطبق عليهم، فهم لا يستوفون تعريف اللاجئ"، مضيفًا: "اللاجئ هو من يفر من بلاده خوفًا من الاضطهاد السياسي أو الديني".

تكشف متابعة الأحداث في جنوب أفريقيا أن الفترة بين أبريل/ نيسان 2020 و2024 شهدت مقتل 225 شخصًا في المزارع، بحسب بيانات شرطة جنوب أفريقيا، من بينهم فقط 53 من المزارعين البيض. ورغم ذلك، فإن الولايات المتحدة تواصل تضخيم حوادث استهداف البيض على وجه الخصوص، ما يطرح تساؤلًا: لماذا هذا التركيز الأميركي على هذا الملف تحديدًا؟

في الواقع، هناك جانب آخر يتعلق بصعود جنوب أفريقيا على الساحة الدولية؛ فقد باتت تُصنَّف ضمن الاقتصادات الصاعدة، وانضمت إلى مجموعة العشرين التي تمثل نحو 85% من الاقتصاد العالمي، رغم أن مساهمتها لا تتجاوز 0.6% من إجمالي الناتج المحلي للمجموعة. والأكثر دلالة، أن جنوب أفريقيا تستعد هذا العام لاستضافة قمة مجموعة العشرين، ما يعزز مكانتها الدولية.

لكن الأهمية لا تكمن فقط في هذا الحضور الدولي، بل في أن مثل هذه القمم تُسهم في إيقاظ الوعي الأفريقي الجماعي بقيمة الثروات والموقع الجيوسياسي للقارة، وهو ما يثير قلق الولايات المتحدة وشركاتها الساعية إلى إحكام سيطرتها على مفاصل الاقتصاد العالمي.

إعلان جنوب أفريقيا وروسيا

أعربت جنوب أفريقيا مرارًا عن تضامنها مع روسيا منذ بدء غزوها أوكرانيا، إلا أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لم يحضر قمة مجموعة "البريكس" التي استضافتها جنوب أفريقيا عام 2023، مبررًا غيابه بأن مشاركته قد تُفسد القمة. وبناءً عليه، يُستبعد حضوره المرتقب لقمة مجموعة العشرين المرتقبة في جنوب أفريقيا.

لكن التحدي الأبرز الذي يواجه الدولة المضيفة لا يتعلق بروسيا، بل يتمثل في ضمان حضور الرئيس الأميركي دونالد ترامب، إذ إن مشاركته ستُعد مكسبًا سياسيًا كبيرًا، وتعزز من فرص نجاح القمة، وتوطيد العلاقات بين جنوب أفريقيا والولايات المتحدة.

الاقتصاد يتحدث

هدد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية تصل إلى 100% على دول مجموعة "البريكس"، ردًا على دعوات بعض أعضائها إلى إنشاء عملة احتياطية بديلة للدولار. وتأتي هذه التهديدات في ظل مواقف جنوب أفريقيا نفسها، التي تنادي بإلغاء "الدولرة"، وتعزيز التبادل التجاري بالعملات الوطنية. ويتفاقم القلق الأميركي من تنامي علاقات جنوب أفريقيا مع شركاء "البريكس"، لا سيما الصين، وروسيا، وإيران، وهي علاقات شملت في بعض مراحلها تدريبات عسكرية مشتركة.

وعند إضافة موقف جنوب أفريقيا من الحرب على غزة، والمتمثل في رفعها دعوى ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية بتهمة ارتكاب جرائم إبادة، تتضح تعددية نقاط التوتر بين بريتوريا وواشنطن. هذا التوتر يفسّر سبب ضعف شعبية جنوب أفريقيا داخل الأوساط الجمهورية في الكونغرس الأميركي، حيث طُرِح – منذ فبراير/ شباط 2024 – مقترح لإعادة تقييم العلاقات الثنائية مع جنوب أفريقيا.

قوة جنوب أفريقيا

تمتلك جنوب أفريقيا مصدر قوة إستراتيجيًا يتمثل في معادنها النادرة، مثل المنغنيز، والبلاتين، والإيريديوم، والتي شكّلت نحو 6.4 مليارات دولار من إجمالي صادراتها السلعية إلى الولايات المتحدة، بما يمثل 7.4% من واردات واشنطن من السلع الأولية في عام 2022. ومن هذا المنطلق، يدرك الطرفان أهمية هذه الصادرات ودورها في العلاقة الثنائية.

إعلان

وفي هذا السياق، سعى الرئيس سيريل رامافوزا خلال زيارته الأخيرة إلى الولايات المتحدة – ثاني أكبر شريك تجاري لبلاده – إلى الحصول على طمأنات بشأن مستقبل العلاقات الاقتصادية، لا سيما في ظل تهديدات بفرض تعريفات جمركية مرتفعة، وهو ما قد يُفاقم الأعباء على اقتصاد جنوب أفريقيا الذي يعاني أصلًا من معدلات بطالة مرتفعة وتباطؤ في النمو.

إيلون ماسك

في خضم هذه التطورات، برز إيلون ماسك كـ"صيّاد فرص"، إذ سارع إلى الدفع بشركته "ستارلينك" المتخصصة في بث الإنترنت عبر الأقمار الصناعية نحو التفاوض مع حكومة جنوب أفريقيا لتقديم خدماتها في البلاد. بيد أن هذا التوجه اصطدم بقانون محلي يشترط طرح نسبة من أسهم الشركة المحلية التابعة لـ"ستارلينك" للمواطنين السود، ضمن سياسة تمكين اقتصادي تهدف إلى تصحيح التفاوتات التاريخية. وقد قوبل هذا الشرط برفض من ماسك وعدد من المستثمرين الأميركيين.

لكن حكومة جنوب أفريقيا قدّمت بديلًا عمليًا عبر ما يُعرف بـ"مكافئ الأسهم" (Equity Equivalent Investment Programme)، والذي يتيح للشركات الأجنبية المساهمة باستثمارات تنموية في المناطق المحرومة بدلًا من التنازل عن أسهمها. وقد سبق تطبيق هذا النموذج بنجاح في قطاع السيارات داخل البلاد، ما يشير إلى أن الطريق أصبح ممهّدًا أمام ماسك للاستثمار في السوق الجنوب أفريقية.

ويبقى السؤال المطروح: هل تُمثّل هذه الخطوة بداية لتطور إيجابي في العلاقات بين جنوب أفريقيا والولايات المتحدة قبيل انعقاد قمة العشرين في نهاية العام الجاري؟

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • وزير الدفاع اللواء المهندس مرهف أبو قصرة: إيماناً بأن الجندية تمثل رسالةً سامية ومسؤوليةً وطنية كبرى، ولأن تصرفات أي عامل في القوات المسلحة تنعكس بالضرورة على الجيش بأكمله، كان من الضروري إعداد لائحة تتضمن الواجبات والمحظورات التي ترسم قواعد السلوك والانض
  • إنهم الآن يذوقون من الكأس ذاتها التي أرادوا أن يذيقوها للسودان
  • رئيس خلية الإعلام الأمني في العراق: بغداد من أقل العواصم على مستوى المنطقة في الجرائم الجنائية.
  • قيادي بحركة فتح: لا مكان للمؤامرات في ظل وعي الشعوب العربية
  • مركز الملك سلمان للإغاثة ينفذ مشروع نور السعودية التطوعي لمكافحة العمى في بوركينا فاسو
  • حياة ذهبية.. فيلم يوثّق العمل القسري للأطفال في مناجم الذهب ببوركينا فاسو
  • ماذا وراء التحذيرات الجيبوتية من الاستثمارات الإماراتية في أفريقيا؟
  • ما وراء اهتمام ترامب بجنوب أفريقيا
  • ماذا وراء المكالمة الغاضبة بين ترامب ونتنياهو؟
  • الدبيبة يبحث مع المجلس الأعلى للدولة تطورات الأوضاع الأمنية ومسار توحيد المؤسسات