لائحة اتهام معدلة ضد ترامب في قضية التحايل الانتخابي
تاريخ النشر: 28th, August 2024 GMT
قدّم الادعاء الأميركي أمس الثلاثاء لائحة اتهام معدلة ضد الرئيس السابق دونالد ترامب في قضية محاولته قلب نتائج الانتخابات الرئاسية التي جرت عام 2020 وفاز فيها منافسه الديمقراطي جو بايدن.
وتتكون لائحة الاتهام الجديدة من 36 صفحة، بينما كانت اللائحة السابقة تتضمن 45 صفحة، وقد حذفت منها مواد شملها قرار المحكمة العليا ذات الغالبية المحافظة.
لكنّ نواة اللائحة بقيت نفسها، إذ إنها تشير إلى أن ترامب خسر انتخابات 2020 وكان مع ذلك "مصمما على البقاء في السلطة" وحاول تاليا قلب النتائج.
وتبقي اللائحة على التهم الجنائية الـ4 نفسها، ولكنها تزيل بعض الادعاءات ضد ترامب، وذلك بعد حكم أصدرته المحكمة العليا في يوليو/تموز الماضي يقضي بأن الرؤساء السابقين يتمتعون بحصانة تحميهم من الملاحقة القضائية في قضايا جنائية عن الأعمال الرسمية أثناء فترة توليهم المنصب.
ويتهم ترامب وعدة أشخاص بمحاولة قلب نتيجة الانتخابات الرئاسية التي جرت عام 2020 بعد خسارته أمام بايدن في ذلك الوقت واتهم بمحاولة تغيير نتيجة الانتخابات بأثر رجعي عن طريق الضغط على القادة السياسيين بالحكومة الفدرالية وفي ولايات مثل جورجيا.
وحسب اللائحة الاتهامية الجديدة، أسقط كل ما يشير إلى جيفري كلارك، وهو مسؤول رفيع سابق في وزارة العدل كان واحدا من 6 شركاء في التآمر مدرجين في اللائحة الاتهامية الأصلية.
أما بقية الشركاء في التآمر، ومن بينهم المحامي الشخصي السابق لترامب رودي جولياني، "فكانوا يتصرفون على نحو شخصي"، وفق اللائحة الاتهامية المعدلة "لمساعدته في جهوده الإجرامية لقلب النتائج الشرعية للانتخابات الرئاسية لعام 2020 والاحتفاظ بالسلطة".
ترامب يرفضووصف ترامب لائحة الاتهام المعدّلة بأنها "عمل يائس" يندرج في إطار ما يعتبره حملة اضطهاد يتعرض لها. وقال في منشور على منصته تروث سوشال إن "المستشار الخاص المعين خلافا للقانون جاك سميث، قدّم لائحة اتهام جديدة سخيفة ضدي، تحوي كل مشاكل اللائحة الاتهامية القديمة، ويجب ردّها على الفور".
ويأتي تقديم اللائحة الاتهامية المعدلة قبل 3 أيام من موعد تقديم المدعي الخاص جاك سميث الذي وجه التهم لترامب ومحامي الرئيس السابق جدولا زمنيا للإجراءات التمهيدية للمحاكمة.
ويوم الاثنين الماضي، استأنف جاك سميث حكما قضائيا رفض قضية الوثائق السرية التي احتفظ بها ترامب في مقر إقامته في مار إيه لاغو بفلوريدا بعد مغادرته البيت الأبيض.
وتم رفض القضية في منتصف يوليو/تموز الماضي بعد أن أعربت القاضية الاتحادية إيلين كانون، التي تم تعيينها من قبل ترامب، عن شكوكها بشأن قانونية تعيين وزارة العدل الأميركية لسميث.
ودفع ترامب ببراءته عندما تم تقديم التهم في ميامي العام الماضي. وقد يؤدي قبول الاستئناف في هذه القضية إلى إعادة فتح الإجراءات. ومع ذلك، يعتبر من المستحيل عمليا أن تتم المحاكمة قبل الانتخابات الرئاسية المقررة في الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
وكانت القاضية تانيا تشاتكان التي ترأس المحاكمة، حدّدت موعدا لجلسة تقييمية في الخامس من سبتمبر/أيلول المقبل، لكن لم يتضح على الفور ما إذا كانت الجلسة ستعقد في موعدها بعد تقديم اللائحة الاتهامية المعدلة.
ويسعى محامو ترامب إلى تأجيل المحاكمة إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، التي يتنافس فيها الرئيس السابق مع كامالا هاريس نائبة الرئيس.
وترامب متهم بالتآمر للاحتيال على نظام الولايات المتحدة والتآمر لعرقلة إجراءات رسمية خلال الجلسة المشتركة للكونغرس في السادس من يناير/كانون الثاني 2021، التي هاجم خلالها مناصرون له مبنى الكابيتول.
كما أنه متهم بالسعي لحرمان ناخبين أميركيين من حق التصويت من خلال حملة ادعاءات كاذبة زعم فيها أنه فاز في انتخابات 2020. وكان مقررا أن تبدأ محاكمته في الرابع من مارس/آذار الماضي، لكنها عُلّقت بعدما استدعى دفع محاميه بتمتعه بالحصانة بتّ المحكمة العليا بالأمر.
وسيقع على عاتق تشاتكان التي عينها الرئيس الأسبق باراك أوباما أن تقرر أي أفعال لترامب في ما يتصل بانتخابات 2020 كانت رسمية وأيها كانت غير رسمية وبالتالي يمكن ملاحقته قضائيا عنها.
ومن المتوقع أن يستغرق ذلك، إلى جانب مسائل أخرى في الإجراءات التمهيدية للمحاكمة، أشهرا، مما يعني أنه سيكون من غير المرجح أن تحال القضية إلى المحاكمة قبل الانتخابات الرئاسية.
يذكر أن 34 إدانة قضائية صدرت بحق ترامب تتعلق بتزوير سجلات تجارية للتستر على دفع مبلغ 130 ألف دولار لشراء صمت ممثلة الأفلام الإباحية ستورمي دانييلز في المرحلة الأخيرة من انتخابات 2016.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الانتخابات الرئاسیة ترامب فی
إقرأ أيضاً:
تمرد كاليفورنيا.. ما الأدوات التي تملكها الولايات لكبح السلطة الفدرالية؟
كاليفورنيا- في تصعيد هو الأقوى منذ إعادة انتخاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب لوّح حاكم ولاية كاليفورنيا غافن نيوسوم بإجراء غير مسبوق تمثل في وقف تحويل الضرائب الفدرالية من الولاية إلى واشنطن، ردا على ما وصفه بـ"الابتزاز السياسي" من الإدارة الفدرالية.
وتشهد مدينة لوس أنجلوس منذ أيام احتجاجات متصاعدة على خلفية حملة اعتقالات نفذتها سلطات الهجرة الفدرالية طالت عشرات المهاجرين في مناطق تعرف بـ"مدن الملاذ الآمن"، مما أسفر عن مواجهات عنيفة بين المتظاهرين وشرطة مكافحة الشغب، وهو ما دفع ترامب إلى نشر الحرس الوطني وقوات مشاة البحرية في المدينة.
ويأتي هذا التصعيد في لحظة سياسية دقيقة، إذ تسعى إدارة ترامب إلى تطبيق أجندة مركزية أكثر صرامة ترتكز على ضبط الحدود ومعاقبة الولايات المعارضة.
وبذلك، تتحول كاليفورنيا من مجرد ولاية "متمردة" إلى ساحة اختبار حقيقي لحدود السلطة الفدرالية، ومدى استقلالية الولايات بعد عودة ترامب للرئاسة.
ويعيد هذا التوتر السياسي إلى الواجهة تساؤلات جوهرية بشأن مدى استقلالية الولايات الأميركية، والأدوات السياسية والقانونية التي تملكها الولايات لحماية سيادتها، وماذا تملك الحكومة الفدرالية من صلاحيات للرد.
إعلان مبدأ عدم التسلطيشرح آرون كابلان أستاذ القانون الدستوري في كلية لويولا للحقوق بمدينة لوس أنجلوس أن القانون الأميركي يفرض قيودا صارمة لما يمكن للحكومة الفدرالية أن تمليه على الولايات، مؤكدا أنه "من الثابت أنها لا تستطيع إلزام الولايات بتنفيذ القوانين الفدرالية".
ويشير كابلان في حديثه للجزيرة نت إلى أن المحكمة العليا لطالما رفضت فكرة تحويل الولايات إلى "أدوات تنفيذية تابعة للحكومة الفدرالية"، إذ لا يجوز -بموجب التعديل العاشر للدستور- أن تُجبر حكومة الولاية أو مسؤولوها على سن قوانين أو تنفيذ برامج فدرالية تتعارض مع إرادتهم السياسية أو التشريعية.
ويضيف أن المحكمة استخدمت في سوابق قضائية مصطلح "التسلط" للدلالة على التجاوز الدستوري، ويرى كابلان أن هذا المبدأ لا يحمي فقط استقلالية الولايات، بل يكرس أيضا التعددية السياسية داخل النظام الفدرالي الأميركي، ويحول دون احتكار المركز صلاحيات التشريع والتنفيذ على حساب المجتمعات المحلية.
ورغم أن مبدأ "عدم التسلط" متاح لجميع الولايات فإن استخدامه يختلف باختلاف التوجهات السياسية للولاية، إذ تلجأ إليه ولايات ليبرالية مثل كاليفورنيا لحماية المهاجرين أو مقاومة سياسات تعليمية أو بيئية، في حين تستند إليه ولايات محافظة لرفض تطبيق قوانين فدرالية تتعلق بتنظيم السلاح أو مناهج الهوية والعرق.
ولا تعتبر كاليفورنيا مجرد ولاية ذات توجهات ليبرالية تختلف جذريا عن سياسات إدارة ترامب، بل تعد أيضا رابع أكبر اقتصاد في العالم وأكبر "ولاية مانحة" للخزينة الفدرالية، أي أنها تحول سنويا مبالغ ضخمة من الضرائب تفوق بكثير ما تتلقاه من الإنفاق الفدرالي.
وتصنف كاليفورنيا إلى جانب ولايات مثل نيويورك وإلينوي وماساتشوستس ضمن الولايات التي تعاني من "عجز عكسي"، حيث تمول برامج فدرالية في ولايات أخرى أقل دخلا وأكثر اعتمادا على الدعم الحكومي.
إعلانومنح هذا الواقع المالي كاليفورنيا ورقة ضغط سياسية رمزية -لكنها تحمل دلالة قوية- دفعت بحاكمها غافن نيوسوم إلى التلويح بما سماها "إعادة النظر في آليات تحويل الضرائب"، ردا على ما وصفه بـ"الابتزاز الفدرالي" الذي تتعرض له برامج الولاية وجامعاتها.
ورغم أن الضرائب الفدرالية تجبى مباشرة من الأفراد والشركات عبر مصلحة الضرائب (آي آر إس) ولا تمر عبر خزائن حكومات الولايات، وبالتالي لا يمكن حجبها قانونيا بقرار محلي فإن محللين يرون أن استخدام هذه الورقة -ولو على مستوى الخطاب- يهدف إلى إعادة طرح العلاقة المالية بين واشنطن والولايات المانحة على طاولة النقاش العام.
وفي هذا السياق، يؤكد جارد والزاك نائب رئيس مشاريع الولايات في معهد الضرائب بواشنطن أن التهديد بوقف تحويل الضرائب الفدرالية لا يتعدى كونه "خطوة تفاوضية عالية الصوت"، وليس إجراء قانونيا قابلا للتطبيق من الناحية الدستورية.
ويضيف أن أي محاولة "للتفلسف الضريبي" قد تواجه برد قضائي حاسم، وذلك حسب تصريحه لمؤسسة "كال ماترز" الإعلامية.
أدوات ضغط متبادلةورغم أن تصعيد الأحداث في كاليفورنيا يبدو غير مسبوق من حيث الحدة والتوقيت فإن العلاقة المتوترة بين الحكومة الفدرالية والولايات ليست جديدة في التاريخ الأميركي، بل خضعت مرارا لاختبارات قضائية وسياسية حاسمة.
فقد رسّخت المحكمة العليا مبدأ "عدم التسلط" في قضية "برنتز ضد الولايات المتحدة" عام 1997 حين رأت أن إلزام قادة شرطة المقاطعات بتنفيذ قانون فدرالي يتعلق بفحوصات شراء السلاح يعد انتهاكا للدستور، وأكدت أن الحكومة الفدرالية لا تملك سلطة تسخير أجهزة الولايات لخدمة برامجها.
في المقابل، أقرت المحكمة في قضية "ساوث داكوتا ضد دول" عام 1987 بشرعية ربط التمويل الفدرالي بشروط محددة، مثل اشتراط رفع سن شرب الكحول مقابل استمرار تمويل الطرق، شرط أن تكون تلك الشروط واضحة ومشروعة وغير تعسفية، وقد شكّلت هذه السابقة أساسا يُستخدم حتى اليوم لتبرير ممارسات الضغط المالي على الولايات.
وتملك الحكومة الفدرالية أدوات فعلية للرد على تمرد أي ولاية، من بينها:
قطع التمويل عن قطاعات محددة. تحريك دعاوى قضائية ضد القوانين المحلية. استخدام الوكالات الفدرالية لممارسة ضغط مباشر كما حصل في لوس أنجلوس. إعلانلكنها في المقابل تخاطر بإثارة ردود فعل داخلية تتهمها بممارسة "عقاب سياسي"، خاصة عندما تكون المواجهة مع ولاية ذات ثقل اقتصادي وانتخابي كبير مثل كاليفورنيا.
ويخلص أستاذ القانون الدستوري آرون كابلان في حديثه للجزيرة نت إلى أن "التوتر بين الولايات والحكومة الفدرالية ليس عارضا، بل جزء بنيوي من النظام الفدرالي الأميركي، حيث تعاد صياغة حدود السلطة في كل حقبة سياسية، ويبقى موضوعا قابلا لإعادة التفاوض مع كل إدارة جديدة أو أزمة سياسية".