مكاتب لتهريب البشر تنشط بين مناطق السيطرة شمال سوريا
تاريخ النشر: 2nd, September 2024 GMT
شمال سوريا- بعد رحلة استغرقت قرابة يومين، تمكنت المسنة السورية أم محمد من لقاء ابنها في ريف إدلب شمال غربي سوريا، بعد فراق دام أكثر من 8 سنوات، إثر خروج الابن الشاب مع قوافل مقاتلي المعارضة الذين رفضوا التسوية مع النظام السوري.
وكانت المسنة أم محمد انطلقت في رحلة من مدينة دوما في ريف دمشق، نحو مناطق سيطرة المعارضة السورية بالشمال السوري، بعد تنسيق دام أكثر من أسبوع مع مكتب تهريب في إدلب، قام بتنظيم عملية عبورها المحفوفة بالمخاطر.
ويروي ابنها محمد وهو مقاتل سابق في فصائل المعارضة، أن تكاليف الرحلة بلغت حوالي 500 دولار أميركي، تم دفعها إلى أحد العاملين في مكاتب نقل الركاب وتنظيم رحلاتهم بين مناطق سيطرة المعارضة والأخرى التابعة للنظام.
يقول محمد للجزيرة نت إن والدته اضطرت للسفر عبر طرق التهريب، منعا للمساءلة من الحواجز العسكرية التابعة للنظام السوري، والتي تنتشر بكثافة بالقرب من مناطق التماس بين المعارضة والنظام، سيما أن الشاب لديه سجل "فيش أمني" كمقاتل في صفوف المعارضة.
ويضيف أن والدته وصلت في حالة شبه مأساوية، كونها اضطرت للتنقل سيرا على الأقدام لمسافة لا تقل عن 3 كيلومترات، أصيبت خلالها بضيق في التنفس وحالة إغماء عدة مرات، قبل أن تنقل بحافلة خاصة بالمهربين إلى داخل ريف إدلب.
وتنامت ظاهرة تهريب المسافرين بين مناطق السيطرة شمال سوريا، بالتزامن مع تراجع حدة الصراع العسكري وانتشار الحواجز العسكرية التي تحد من حركة عبور السوريين، إذ وثقت جهات حقوقية اعتقال سوريين من القوى العسكرية الفاعلة في الصراع.
وبين مناطق السيطرة الثلاث التابعة للمعارضة أو النظام أو الأكراد، يمر المسافرون بمعابر تفرض عمليات "التفييش" الأمني، بحثا عن المطلوبين، فيما يسلك المطلوبون طرق التهريب التي لا تخلو من المخاطر.
ويقوم بتنظيم رحلات المسافرين -سيما عبر خطوط التهريب- مكاتب تظهر بالعلن بأنها مكاتب سفر، فيما تمر عمليات تنسيق التهريب "من تحت الطاولة".
وفي تجربة الشاب عبد الكريم الحلبي (اسم مستعار)، فقد خاض رحلة من مدينة حلب الخاضعة لسيطرة النظام نحو الشمال السوري المحرر، بعد تبليغه من شعبة التجنيد، بضرورة الالتحاق بالخدمة العسكرية الإلزامية.
واضطر الحلبي لدفع مبلغ ألف دولار أميركي لمهرب قام بتسهيل عملية انتقاله عبر سيارة خاصة رفقة شخصين آخرين، مشيرا إلى أن الحواجز العسكرية لم تطلب بطاقته الشخصية طوال الطريق الذي استغرق حوالي 36 ساعة.
وقال الحلبي للجزيرة نت إنه انتقل من حلب نحو مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية بريف حلب الشرقي، قبل الوصول إلى مدينة جرابلس التي تخضع لسيطرة المعارضة السورية، ومنها نحو إدلب.
ويشير الشاب إلى أن خوض طريق التهريب كان الخيار الوحيد له، بعد رفضه الالتحاق بالخدمة العسكرية الإلزامية، التي يفر منها غالبية الشبان السوريين في مناطق سيطرة النظام السوري.
وعلى عكس طرق التهريب، تنخفض تكاليف السفر عبر الطرق النظامية التي يلجأ إليها كبار السن والنساء ممن ليس لديهم عائق أمني قد يعرضهم للاعتقال من سلطات الأمن السوري، إذ لا تتجاوز تكلفة الرحلة من مناطق سيطرة النظام إلى مناطق المعارضة أكثر من 300 دولار أميركي.
ومع ذلك يتعرض المسافرون لعمليات ابتزاز من قبل حواجز "الفرقة الرابعة" التابع لقوات النظام، حيث يهدد عناصر الحاجز العابرين بالاعتقال وتلفيق التهم، مثل الانتقال إلى مناطق "الإرهابيين" أو وجود صلة قرابة مع المسلحين.
ويروي الشاب وحيد المعري (اسم مستعار) كيف أوقفه عناصر من قوات النظام السوري بالقرب من معبر "التايهة"، الذي يربط مناطق النظام بمناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية الكردية، بسبب تشابه اسمه مع شخص مطلوب للأجهزة الأمنية.
ويؤكد المعري أنه دفع مبلغ 500 دولار مقابل الإفراج عنه، رغم أنه لم يكن لديه نشاط عسكري أو مدني مناهض لحكومة النظام، لكن عناصر الحاجز وجدوا حالة التشابه فرصة لابتزازه ماليا مقابل إطلاق سراحه.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات سیطرة النظام مناطق سیطرة بین مناطق
إقرأ أيضاً:
طالبهم بالإخلاء في خان يونس وعدة مناطق.. الاحتلال يصعّد عملياته العسكرية ويستهدف المدنيين
البلاد – غزة
في مشهد يعكس تصاعدًا غير مسبوق في الحملة العسكرية الإسرائيلية على قطاع غزة، وسّع الجيش الإسرائيلي عملياته في جنوب القطاع، طالبًا من آلاف المدنيين في مناطق خان يونس وبني سهيلا وعبسان والقرارة إخلاء منازلهم “فورًا” والتوجه إلى مناطق غربية.
جاء ذلك في بيان رسمي مرفق بخريطة نشرها المتحدث باسم الجيش على منصة “إكس”، حذر فيها من أن المنطقة أصبحت “ساحة قتال خطيرة”. هذا التصعيد الميداني تزامن مع قصف عنيف طال مناطق مدنية، أبرزها مدرسة تأوي نازحين في حي الدرج بمدينة غزة، أسفر عن مقتل 33 مدنيًا، معظمهم من النساء والأطفال، وفق الدفاع المدني الفلسطيني. وقد أثار الاستهداف موجة استنكار محلية ودولية، خاصة أن المدرسة كانت تؤوي عائلات نزحت من مناطق سابقة تحت القصف.
الجيش الإسرائيلي ادعى أن الموقع “كان يُستخدم كمركز قيادة مشترك لحركتي حماس والجهاد الإسلامي”، ما يفتح الجدل مجددًا حول معايير الاستهداف في ظل الكثافة السكانية في القطاع.
الميدان يشتعل ومصير المدنيين على المحك
في جباليا شمالًا، أسفر قصف استهدف منزلاً عن مقتل 19 فلسطينيًا آخرين. ووسط هذا التصعيد، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه رصد إطلاق ثلاثة صواريخ من غزة، جرى اعتراض أحدها، بينما سقط الاثنان الآخران داخل القطاع.
ووفق مصادر إسرائيلية نقلًا عن صحيفة معاريف، من المتوقع أن تمتد العمليات العسكرية لشهرين آخرين، في إطار خطة استراتيجية تهدف إلى “السيطرة على 75% من أراضي القطاع”، وهو ما قد يفضي إلى تهجير جماعي لنحو مليوني فلسطيني، ودفعهم إلى مناطق محددة مثل المواصي ووسط غزة.
ومنذ اندلاع الحرب في 7 أكتوبر 2023، قتل ما لا يقل عن 53,939 فلسطينيًا في غزة، معظمهم من المدنيين، وفق بيانات وزارة الصحة في القطاع. وفي المقابل، تشير إسرائيل إلى مقتل 1218 شخصًا في الهجوم الذي شنّته حركة حماس على جنوبها في بداية الحرب، إضافة إلى احتجاز 251 رهينة، لا يزال 57 منهم في غزة. وتشير التقديرات إلى أن العمليات العسكرية الإسرائيلية المستمرة منذ استئناف القصف في مارس 2025 بعد هدنة قصيرة، أوقعت أكثر من 3,785 قتيلًا جديدًا.
الاستراتيجية الإسرائيلية القائمة على “تفكيك بنية حماس” تقابلها اتهامات بانتهاك القانون الدولي، لا سيما مع استهداف المدارس والمرافق المدنية، وفرض قيود مشددة على دخول المساعدات. كما بدأت المحكمة الجنائية الدولية إجراءات بحق مسؤولين إسرائيليين، بينهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، في ظل تزايد الدعوات لمساءلة قانونية.
الوضع في غزة يدخل مرحلة حرجة، وسط تحذيرات من انهيار كامل للخدمات الإنسانية، وتراكم الغضب الشعبي إزاء صمت المجتمع الدولي، فيما تستمر إسرائيل في الدفع نحو تغيير ميداني قد يكون له تداعيات سياسية وجغرافية عميقة على مستقبل القطاع والمنطقة ككل.