تقرير بريطاني: اليمنيون يحكُمون البحرَ الأحمر
تاريخ النشر: 3rd, September 2024 GMT
يمانيون – متابعات
أكّـد موقعُ “انهيرد” البريطاني أن اليمنيين أصبحوا يحكُمون البحر الأحمر وأن الحصارَ البحري الذي فرضته صنعاءُ أصبح أقوى، مع فشلِ الولايات المتحدة والغرب عن رفعه، مُشيراً إلى أن المشكلة ليست في الافتقار إلى الإرادَة، بل في العجز الأمريكي والغربي عن فعل أي شيء، والحرج من الاعتراف بهذا العجز هو سبب عدم وجود تغطية إعلامية واسعة لما يجري في البحر الأحمر.
ونشر الموقع، الاثنين، تقريرًا أكّـد فيه أن من أسماهم “الحوثيين” أصبحوا “يحكمون البحر الأحمر”.
وجاء في التقرير أن “الحصار الذي فرضه أنصار الله في اليمن بالبحر الأحمر أصبح أقوى من أي وقت مضى، وقد يئس الجيش الأمريكي من محاولة رفعه. فقبل أسبوعين فقط، وفي مواجهة الردع الذي تدعمه حاملات الطائرات الأمريكية، تمكّن الحوثيون من الصعود إلى متن ناقلة نفط تحمل العلم اليوناني، وزرعوا بعضَ المتفجرات، وهتفوا: (الموت لأمريكا! الموت لإسرائيل!) بينما كانت السفينة تحترق”.
وَأَضَـافَ أنه “كان من المفترض أن يكون هذا خبراً ضخماً” بالنظر إلى أن العمليات تحدث في واحد من أهم طرق التجارة في العالم وأن “البحرية الأمريكية أبحرت بعيدًا في استسلام”.
وبحسب التقرير فَــإنَّ السبب وراء عدم حديث وسائل الإعلام عن هذا الأمر هو “الشعور المتزايد بالحرج”.
وأضاف: “لم نعد نعرف كيف نتحدث عما يجري؛ فمن المفترض أن البحرية الأمريكية هي البحرية الأقوى في العالم، وكما أصر كُـلّ فيلم حربي على مدى العقدين الماضيين على تذكيرنا، فَــإنَّ كُـلّ ما يتطلبه الأمر هو حاملة طائرات واحدة لإجبار دولة نامية على الركوع، وربما لا تكون أمريكا عظيمة في بناء الأمم، ولكنها تعرف كيف تقصف كُـلّ شيء حتى توقف أية مقاومة”.
ولكن، أوضح التقرير أنه “في اليمن، تصطدم هذه الروايات بالواقع”، مُشيراً إلى أن محاولات رفع الحصار اليمني في البحر الأحمر “ليست في واقع الأمر نوعاً من الحرب الاختيارية والتي يمكننا ببساطة الابتعاد عنها عند الشعور بالملل، فإذا استمر الحصار، فسوف يتلقى العالم بأسره أدلة درامية على العجز العسكري والسياسي المتزايد للغرب، وهو ما سوف يخلف عواقبَ حقيقية على الدبلوماسية الغربية في مناطقَ مثل المحيط الهادئ”.
وأكّـد التقرير أن ” هذا ما حدث بالضبط، ومن الواضح هذه المرة أن الولايات المتحدة لا تعرفُ ماذا تفعل. ففي ديسمبر من العام الماضي، أطلقت البحريةُ الأمريكية والقيادة المركزية الأمريكية لأول مرة عمليةَ حارس الرخاء، التي كان من المفترض أن تحميَ حركة الشحن ضد ضربات الصواريخ، وفي يناير عندما بدأت هذه المهمة تتعثر، أُطلقت عملية (بوسيدون آرتشر) المصمَّمة لقصف الحوثيين وإخضاعهم وردعهم عن شن المزيد من الهجمات على التجارة، ولكن كانت النتيجة مخيبة للآمال إلى حَــدّ كبير” مُشيراً إلى أن الولايات المتحدة خسرت عدة طائرات بدون طيار باهظة الثمن من طراز (إم كيو-9 ريبر)؛ بسَببِ الصواريخ اليمنية المضادة لطائرات.
وقال التقرير: إن المسألةَ ليست أن الولاياتِ المتحدة “تفتقرُ إلى الإرادَة وتلعَبُ بالقفازات” فقد “حاولت بأفضلَ ما في وِسْعِها، تحديدَ واستهدافَ أسلحة الحوثيين ومواقعَ الإطلاق داخل اليمن بدقة، ولكن هناك مشكلة واحدة فقط هي: إنها لا تستطيع ذلك”.
وأضاف: “في عصر حرب الطائرات بدون طيار ومِنصَّاتِ الإطلاق المتنقلة والبنية التحتية المتقدمة للأنفاق، تفتقرُ الولاياتُ المتحدة ببساطة إلى القدرةِ على تحديد وتفجير غالبية الطائرات بدون طيار أَو الصواريخ قبل إطلاقها، هذه المشكلة ليست جديدة تماماً أَيْـضاً، فقد كان صيد صواريخ (سكود) مشكلة كافية خلال حرب الخليج الأولى، وكانت منصات إطلاق سكود أشياءَ ضخمة وثقيلة، أما اليوم، مع تكنولوجيا الطائرات بدون طيار والصواريخ الجديدة، فَــإنَّ العثورَ على مِنصة إطلاق طائرة بدون طيار داخل سلسلة جبلية يشبهُ البحثَ عن إبرة في كومة قش”.
وأوضح أن “هناك مشكلةً أُخرى أكثر وضوحا أَيْـضاً هي أن الطائرات بدون طيار رخيصة الثمن، والصواريخ الاعتراضية الأمريكية والقنابل الموجهة بدقة باهظة الثمن، وبالإضافة إلى هذا، فَــإنَّ الطريقة التي يتم بها تسليم هذه القنابل ــ الطائرات النفَّاثة المأهولة ــ تضيفُ طبقةً أُخرى من التكاليف؛ لأَنَّ الطائرات المقاتلة قد تكلف أكثر من 100 مليون دولار في تكاليف الطيران، وأكثر من ذلك بكثير عندما نضعُ في الحسبان تدريبَ الطيارين (10 ملايين دولار على الأقل للكفاءة الأَسَاسية)، والصيانة والبنية الأَسَاسية”.
وتابع “بعبارة أُخرى، كلما قاتلت أمريكا الحوثيين، كلما خسرت أكثر”.
واعتبر التقرير أنه “إذا كانت البحريةُ الأميركية عاجزةً حتى عن رفع الحصار الذي تفرضُه اليمن، إحدى أفقر دول العالم، فَــإنَّ فكرة رفع الحصار حول تايوان مُجَـرّدُ خيال”.
وبالمثل، أوضح التقريرُ أنه إذَا كانت الولايات المتحدة “عاجزةً” عن منافسة إنتاج الأسلحة اليمنية، فَــإنَّ “فكرة التفوق على الصين بأي شكل من الأشكال لا بُـدَّ أن تنتهي على الفور”.
واختتم بالقول: إن “هذا هو السبب وراء الصمت الذي تقابل به هزيمة البحر الأحمر؛ فأكثر من أي صراع آخر محتدم اليوم، تسلِّطُ هذه الهزيمة الضوءَ على الأزمة داخل المنظمة العسكرية الغربية، فضلًا عن حقيقة مفادُها أنه لا توجدُ وسيلةٌ حقيقيةٌ لإصلاحها”.
وأضاف: “الاعترافُ بعجزنا يعني الاعتراف بأن عصرَ الهيمنة الغربية قد انتهى بالفعل، وفي مواجهة القليل من البدائل، سنستمر في السماحِ “للحوثيين” بتفجير سفننا، ثم نتظاهَرُ بأن كُـلَّ هذا لا يهم حَقًّا”.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: الطائرات بدون طیار الولایات المتحدة البحر الأحمر التقریر أن ف ــإن إلى أن
إقرأ أيضاً:
ناشطة في رحلتها التاسعة لغزة: نكسر الصمت العالمي لا الحصار فقط
بينما تستمر آلة التجويع الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، اختارت المحامية والناشطة الفلسطينية الأميركية هويدا عراف أن تنحاز لكلمة "لا" في وجه الاستسلام الجماعي.
ورفعت الناشطة شعار "لا للحصار، لا للصمت، لا للاحتلال"، وجعلت من تلك الكلمة سفينة تبحر نحو ما لا يسمح بالوصول إليه، متحدية بحرا وسلطة، ومصممة على كسر الحصار المفروض على غزة منذ عام 2007.
ومنذ الأحد الماضي، تواصل سفينة "حنظلة" الإبحار باتجاه غزة، في مسعى جديد لكسر الحصار، واستكمال مسار طويل من المواجهة السلمية مع الاحتلال الإسرائيلي، دفاعا عن حق الفلسطينيين في الحياة والكرامة.
على متن هذه السفينة، لا تكون غزة مجرد جغرافيا محاصرة، بل تتحول إلى رمز تتحدى الحصار، وأمل تتشبث به شعوب لا تزال تؤمن بأن للعدالة صوتا يمكن أن يعبر البحار، فبالنسبة لهويدا وطاقم "حنظلة"، لا يقتصر دورهم على الشهادة على الظلم، بل يتعداه إلى مقاومته والمشاركة في مواجهته.
البداية من البحر
وفي حديثها للجزيرة نت من على متن سفينة "حنظلة"، استحضرت هويدا عراف محطات رحلاتها السابقة، مؤكدة أن غزة لم تكن يوما وجهة عابرة، بل كانت رمزا لمعنى العدالة حين تتخلى عنها الدول، وللكرامة حين تغيب القوانين.
وكانت هويدا من بين النشطاء الذين شاركوا في أول كسر بحري للحصار على غزة، عندما وصلت سفينتا "الحرية" و"غزة الحرة" إلى شواطئ القطاع في أغسطس/آب 2008، في خطوة أربكت الحسابات الإسرائيلية والدولية في آن.
وقالت عضو تحالف "أسطول الحرية" للجزيرة نت "تحدينا الحصار، وطلبنا من العالم أن يتحرك خلفنا، لأن ما تقوم به إسرائيل مخالف للقانون الدولي، وهو عقاب جماعي وجريمة حرب".
وتابعت: "دخلنا البحر رغم كل التحذيرات، ووصلنا إلى غزة دون إذن من إسرائيل، وبقينا هناك بضعة أيام قبل أن نغادر. كان هناك طفل صغير قطعت ساقه ويريد السفر للعلاج، لكن إسرائيل رفضت. لم يكن الحصار مجرد منع، بل كان شكلا من أشكال الموت البطيء".
إعلانوأضافت هويدا: "لا نقبل بهذا الواقع، ولا نقبل أن يجوّع الأطفال عمدا في هذا العالم ونحن صامتون. رسالتنا إلى إسرائيل واضحة: افعلي ما تشائين، لن نتوقف. وعلى الشعوب أن تضغط على حكوماتها، لا فقط لإرسال المساعدات، بل لرفع الظلم".
لن نستسلم
الناشطة التي شاركت في تأسيس حركة التضامن العالمية، تذكرت أيضا مشاركتها في سفينة "مافي مرمرة" عام 2010، التي تعرضت لهجوم إسرائيلي أسفر عن مقتل 10 متطوعين وإصابة العشرات واختطاف نحو 700 مدني أثناء إبحار السفينة في المياه الدولية.
وتصف هويدا عراف تلك اللحظات بقولها "اقتحموا السفينة وقتلوا واختطفوا النشطاء، وكان ظن إسرائيل أن العنف سيردعنا، لكننا نظمنا أسطولا جديدا بعد ذلك بعام واحد".
وأكدت أن "الأسطول لم يكن فقط لنقل المساعدات، بل موقف سياسي وإنساني بأن الشعب الفلسطيني يستحق الحرية ورفع الحصار. لكن التحديات لم تقتصر على البحر، بل شملت الجانب السياسي أيضا، حيث بدأت إسرائيل التنسيق مع دول متوسطية لمنع السفن من الإبحار نحو غزة، وهذا مؤسف للغاية".
جريمة علنية
وتخوض هويدا عراف اليوم مشاركتها التاسعة في رحلات كسر الحصار، لكنها ترى أن "الوضع أصبح أكثر سوءا من أي وقت مضى".
وتوضح "في عام 2008، كنت أعتقد أن إسرائيل تخدع العالم، وأننا إذا فضحنا ممارساتها فإن الناس سيكتشفون الحقيقة، أما اليوم، فالعالم يرى الجريمة بعينه، لكنه يصمت".
وأضافت "الحصار انتهاك صارخ للقانون الدولي، وهو جريمة حرب تستخدم كأداة للتطهير العرقي والإبادة الجماعية. إسرائيل لا تسمح حتى بإدخال حليب الأطفال إلى غزة، والإبادة تمارس علنا أمام العالم، بينما الدول تتفرج بلا خجل".
ورغم هذا الواقع القاتم، لا تفقد هويدا إيمانها بقدرة الشعوب على إحداث التغيير، قائلة: "هناك ملايين حول العالم يقفون إلى جانبنا، لكن الحكومات في أميركا وأوروبا اختارت أن تمرر هذه السياسات، وأن تجعل من القوة حقا، ومن الظلم قانونا، ومن الصمت موقفا".
وتواصل عراف حديثها بصوت تختلط فيه العاطفة بالصمود، وتقول: "أعلم أن ما نقوم به صعب، خاصة بالنسبة لي كأُم. أترك أطفالي في كل رحلة، وأدرك أنني قد لا أعود. لكن لا يمكنني أن أنظر في أعينهم وأصمت على ما يتعرض له أطفال غزة. لا يمكنني أن أطلب من أطفالي أن يعيشوا في عالم يرى المجازر ويصمت".
وفي ختام حديثها، تعود هويدا إلى البحر، حيث بدأت الحكاية "إذا تمكنا من الوصول هذه المرة، نريد أن نؤسس خطا دائما نحو غزة. لا نريد أن يبقى القطاع معزولا. هذا البحر لا تملكه إسرائيل، ولن نتركه لها".