لقد انطلقت بالفعل ولحدود 30 شتنبر الجاري عملية إجراء الإحصاء السابع العام للسكان والسكنى. وسيطرق الباحثون، الذي تم تكوينهم وإعدادهم لهذه المهمة، أبوابنا ليطرحوا علينا أسئلة محددة وفقا لمنهجية أعدتها المندوبية السامية للتخطيط بإتقان، إن هذا العمل الذي يتم كل عشر سنوات ليس مجرد حدث عادي. بل يشكل فرصة ثمينةً للنظر في المرآة والحصول على مؤشرات جديدة وشاملة ذات أهمية كبيرة لحاضر ومستقبل بلادنا.

العملية طبعا ليست سهلة، وتطلبت سنتين من الإعداد، وتعبئة كل ذكاء المندوبية السامية للتخطيط والإدارة بشكل عام، قبل الانتقال إلى المرحلة العملية. وبطبيعة الحال، كل هذا مكلف من الناحية المادية. ولكن ذلكً يبقى دون أهمية بالنظر إلى الفوائد المتوقعة من هذه العملية.

ينبغي الإشارة إلى أن هذا الإحصاء يختلف عن الإحصاءات السابقة من الناحيتين المنهجية والتكنولوجية. وهو ما أوردته مذكرة المندوبية السامية للتخطيط كما يلي:
« – دمج كافة عمليات تجميع المعطيات ضمن نظام معلوماتي يشمل ثلاثة مكونات رئيسية، وهي نظام المعلومات الجغرافية المتنقلة، والتطبيق المثبت (CAPI) على اللوحة الإلكترونية لجمع البيانات الإحصائية ومنصة (WEB) لمراقبة ومتابعة الأعمال الميدانية.
– القيام بالتعداد الكامل للأسر والسكان إضافة إلى استخدام المعاينة من أجل تقدير بعض مميزات السكان مما سيمكن من تحسين جودة معطيات الإحصاء وتقليص تكلفة إنجازه، وذلك باستخدام استمارتين:
– استمارة قصيرة موجهة لجميع الأسر.
– استمارة مطولة موجهة لكافة الأسر على مستوى الجماعات التي تضم أقل من 2000 أسرة، في حين سيتم تخصيص هذه الاستمارة فقط لعينة تتكون من 20٪ من الأسر (أي أسرة واحدة من بين كل 5 أسر) على صعيد الجماعات التي تضم 2000 أسرة وأكثر، سيتم اختيار هذه العينة بطريقة عشوائية ».
ولهذه المنهجية ميزتين: فبينما تسهل سير وتقدم العملية، فإنها لا تضحي بفعالية وأهمية النتائج التي سيتم الحصول عليها والتي سيتم استخدامها لاحقا كقاعدة عينات لإجراء المسوحات الأسرية الوطنية.
أما السكان المعنيون، فالإحصاء يشمل جميع الأشخاص المقيمين في المملكة بغض النظر عن جنسيتهم وحالة إقامتهم، بما في ذلك الرحل والمشردين، والأشخاص الذين يعيشون بشكل جماعي للعمل أو لأسباب أخرى (الثكنات العسكرية، المؤسسات السجنية، دور رعاية الفقراء، المستشفيات، أوراش البناء…). ويستثنى من الإحصاء مغاربة العالم والأجانب العابرون من غير المقيمين بالمغرب وأعضاء السلك الدبلوماسي.
ومع ذلك، فمن الجدير تسليط الضوء على عدد معين من الصعوبات المتعلقة بإحصاء الرحل والمشردين والمهاجرين واللاجئين. بالنسبة للفئة الأولى، تتوفر المندوبية السامية للتخطيط على خريطة تمكنها من تحديد الجماعات المعنية بالسكان الرحل والمواقع المحتملة لتواجدهم المحتمل خلال فترة الإحصاء، بالتنسيق مع السلطات المحلية. أما بالنسبة للمشردين، فيبقى السؤال قائما. وفيما يخص المهاجرين واللاجئين، تم تدريب أشخاص منتمين إلى هذه الفئة خصيصًا للمشاركة في الإحصاء.
وقد حددت لهذه العملية أهدافاً واضحة تتمثل في: تحديد السكان القانونيين على مستوى كافة الوحدات الإدارية للمملكة، وجمع الخصائص الديموغرافية والسوسيواقتصادية للسكان وكذلك الظروف المعيشية للأسر، وتحديد الرصيد السكني وخصائصه، وإنشاء إطار لأخذ العينات اللازمة لإجراء المسوحات الأسرية الوطنية.
وتتجلى أهمية المعلومات المجمعة على عدة مستويات:
– المساهمة في تقييم ورصد السياسات العمومية والتنبؤ بالاحتياجات المستقبلية للسكان في عدة مجالات مثل التعليم والصحة والتشغيل والهجرة والإسكان والبيئة وغيرها وطنيا ومحليا. ويمكن للمعلومات التي يتم جمعها أن تساعد السلطات العمومية في تخطيط البنية التحتية العمومية مثل المدارس والمستشفيات والطرق والخدمات الاجتماعية.
– توزيع الموارد: يساعد الإحصاء، من حيث المبدأ، على التوزيع العادل للموارد والتمويل العمومي حسب عدد سكان كل جهة أو جماعة.
– البحث والتحليل الإحصائي: يستخدم الباحثون والاقتصاديون بيانات الإحصاء لتحليل الظواهر الاجتماعية والاقتصادية والديموغرافية، والتي يمكن أن تساهم في فهم أفضل للبنية السوسيواقتصادية للبلاد.
– توفير « عينة رئيسية، بهدف تنفيذ كافة المسوحات الأسرية بشكل علمي، سواء التي تقوم بها المؤسسات العمومية أو الخاصة. ومن خلال توفير عدد السكان بجميع فئاتهم، يتيح الإحصاء أيضًا حساب المؤشرات الاجتماعية والديمغرافية والاقتصادية والبيئية. علاوة على ذلك، فإنه يوفر البيانات اللازمة لتنفيذ التوقعات الديموغرافية ». (المندوبية السامية للتخطيط)
– رصد التغيرات الديموغرافية: يساعد الإحصاء على تتبع التغيرات التي تطرأ على السكان مع مرور الوقت، مثل معدلات المواليد، ومعدلات الوفيات، ومعدلات الهجرة، وغيرها من المؤشرات المهمة.
– التخطيط الانتخابي: تستخدم البيانات السكانية لإعادة رسم الدوائر الانتخابية وضمان التمثيل العادل داخل المؤسسات الديمقراطية.
وفي نهاية المطاف، يعد الإحصاء أداة قيمة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، مما يسمح للحكومات والجهات الفاعلة الأخرى بالاستجابة بشكل أفضل لاحتياجات السكان.
ومن أجل المساهمة في إنجاح هذا المشروع الوطني، فإن جميع المواطنين مدعوون للمشاركة من خلال الإجابة بصدق على الاستبيان. ولا داعي للخوف من شفافية العملية واحترام « السرية ». إذ أن المندوبية السامية للتخطيط مطالبة بموجب القانون بحماية المعلومات الفردية للجميع. وهكذا فإن القانون رقم 001.71 المؤرخ في 16 يونيو 1971 المتعلق بالإحصاء العام للسكان والسكني بالمملكة المغربية ينص على ما يلي:
 » أما المعلومات الفردية المدرجة في الأجوبة عن أسئلة الإحصاء والمتصلة بالحياة الشخصية والعائلية وبصفة عامة العمل والسلوك الخاص، فلا يجوز تبليغها من طرف المودعة لديهم. ولا يمكن بأي حال من الأحوال استعمال هذه المعلومات لأجل متابعات قضائية أو مراقبة جبائية أو زجر اقتصادي ».
وعلى أية حال، فإن هذه العملية الوطنية تتميز، كما هو الحال في الأحداث الوطنية الكبرى، بالانخراط الشخصي للسلطة العليا في البلاد. وقد جاء في رسالة جلالةالملك الموجهة إلى رئيس الحكومة بتاريخ 20 يونيو 2024 ما يلي: « فبالنظر إلى ما توفره هذه العملية من معطيات ومؤشرات مهمة ومتعددة، فإنها ستساهم مساهمة قيمة في تجسيد مشروعنا المجتمعي وفي تحقيق نموذجنا التنموي القائمين معا على مبادئ الديمقراطية السياسية، والنجاعة الاقتصادية، والتنمية البشرية والتماسك الاجتماعي والمجالي ». كما خاطب جلالته المواطنين مباشرة في نفس الرسالة: « ومن أجل إنجاح هذا الإحصاء العام، فإننا نهيب برعايانا الأوفياء إلى المبادرة، على المعهود فيهم، بالتعاون التام والمشاركة الفعلية في هذه العملية ذات النفع العام بما سيقدمونه من معلومات موثوقة ودقيقة ».
من جانبه، حرص المندوب السامي للتخطيط، خلال ندوة صحفية نظمها الخميس الماضي، على تقديم كافة التوضيحات الممكنة لأسئلة الصحفيين، والتي لا يزال بعضها متداولا على مواقع التواصل الاجتماعي. وبالمثل، يمكن الحصول على جميع المعلومات المفيدة حول هذا الموضوع على موقع المندوبية السامية للتخطيط.
ورغم كل هذه الضمانات، سنجد دائماً أفراداً محترفين في الصيد في المياه العكرة، لا هم لهم سوى إثاًرة « البلبلة »من خلال التركيز على الأمور الهامشية والتعتيم على ما هو أساسي. وهو ما لن يمنع بأي حال من الأحوال القطار من المضي قدمًا.
ترجمه للعربية عبد العزيز بودرة

المصدر: اليوم 24

كلمات دلالية: المندوبیة السامیة للتخطیط هذه العملیة

إقرأ أيضاً:

منصة وطنية تدعم التنمية والتصنيفات الدولية.. حصاد حافل لبنك المعرفة المصري خلال 2024-2025

أكد الدكتور أيمن عاشور، وزير التعليم العالي والبحث العلمي، أن بنك المعرفة المصري يواصل ترسيخ مكانته كمنصة وطنية وإقليمية رائدة تُسهم في تمكين الباحثين، ودعم المؤسسات الأكاديمية، وتعزيز مكانة الجامعات المصرية في التصنيفات الدولية، مشيرًا إلى أن البنك أصبح أداة استراتيجية شاملة تخدم خطط التطوير التي تتبناها الوزارة ضمن رؤية مصر 2030.

وأوضح الوزير أن البنك شهد نشاطًا غير مسبوق خلال العام المالي 2024/2025، عبر مبادرات نوعية على المستويين المحلي والدولي، من أبرزها إطلاق أكاديمية شباب الباحثين بالتعاون مع مؤسسة "Clarivate"، والتي استهدفت تدريب 1500 باحث مصري على سبعة محاور رئيسية تشمل كتابة البحوث، مهارات التدريس، التعاون مع الصناعة، وغيرها، بما يعزز بناء اقتصاد قائم على المعرفة.

وشهد العام أيضًا توسعًا كبيرًا في تدويل خدمات البنك، حيث تم إطلاق منصة "بنك المعرفة المصري - الدولي" خلال المؤتمر العام لاتحاد الجامعات العربية بالكويت في أبريل 2025، وذلك بعد توقيع اتفاقية استراتيجية في يناير ضمت 16 ناشرًا دوليًا، بالتعاون مع اتحاد الجامعات العربية واتحاد مجالس البحث العلمي العربية، لتمكين المؤسسات العربية من الاستفادة من خدمات البنك.

وفي هذا السياق، أشاد كل من الدكتور عمرو عزت سلامة، الأمين العام لاتحاد الجامعات العربية، والدكتور عبد المجيد بن عمارة، الأمين العام لاتحاد مجالس البحث العلمي العربية، بالتجربة المصرية، ودعوا المؤسسات العربية إلى الانضمام للبنك والاستفادة من مؤشر المعرفة المصري وفهرس الاستشهادات العربي (ARCI)، بما يسهم في تعزيز حضور الأبحاث العربية عالميًا.

وعلى الصعيد الدولي، شارك وفد من بنك المعرفة في الزيارة الدراسية الثالثة للمبادرة في مدينة ووهان الصينية، حيث تم تبادل الخبرات مع الجانب الصيني، كما استقبلت الوزارة وفودًا من 20 دولة من أعضاء منظمة اليونسكو، في زيارة هدفت لنقل تجربة بنك المعرفة للمنظمة.

وقد تُوّجت هذه الجهود باعتراف دولي مهم، حيث اعتمد المجلس التنفيذي لليونسكو مشروع القرار المصري باعتبار بنك المعرفة نموذجًا رائدًا في إفريقيا والشرق الأوسط لتحقيق تطوير تقني وشمولي في التعليم، ودعم أجيال من الطلاب والعلماء بالأدوات العلمية الضرورية.

كما التقى وفد بنك المعرفة مع ممثلي مجموعة تنمية جنوب إفريقيا (SADC) من 12 دولة، وناقش سبل نقل الخبرات المصرية وتعزيز التعاون في مجالات التعليم والبحث، إلى جانب انضمام البنك لمبادرة Gateways Digital Learning، وعقد اجتماعات تنسيقية مع ناشرين وشركاء دوليين لوضع خارطة طريق مشتركة لرفع جودة التعليم وتعزيز صورة مصر عالميًا.

وأكد الوزير أن بنك المعرفة واصل دوره المحوري في تحسين تصنيفات الجامعات المصرية عبر توفير قاعدة بيانات معرفية ضخمة تُمكن الباحثين من الوصول إلى دوريات علمية محكمة وقواعد بيانات دولية مرموقة، ما أسهم في رفع جودة النشر العلمي والاستشهادات وتحسين مخرجات الأبحاث.

كما نظّمت الوزارة بالتعاون مع البنك سلسلة ورش عمل مخصصة للمعاهد العليا المتميزة (A+)، بهدف تعزيز كفاءتها في النشر الدولي وتأسيس مجلات علمية، وتوثيق العلاقة مع الصناعة، بما يضمن حضورًا أكاديميًا وبحثيًا متقدمًا في التصنيفات العالمية.

مقالات مشابهة

  • عاجل | تعديلات جديدة بالغة الأهمية تخص الدراسة في الخارج
  • استمرار دوره في دعم المؤسسات التعليمية.. حصاد بنك المعرفة المصري 2024/2025
  • منصة وطنية تدعم التنمية والتصنيفات الدولية.. حصاد حافل لبنك المعرفة المصري خلال 2024-2025
  • بحث الخطة التدريبية واعتماد شهادة التحول الرقمي في اجتماع مركز الحاسب ببني سويف
  • محافظ القليوبية يتابع انطلاق امتحانات الثانوية العامة 2024 / 2025
  • إسرائيل تعلن تنفيذ عملية اغتيال بالغة الأهمية في اليمن
  • محافظ المنوفية يترأس اجتماعا موسعًا لمراجعة الاستعدادات النهائية لامتحانات الثانوية العامة 2024 / 2025
  • البنك المركزي :أكثر من( 118) مليار دولار ديون العراق الخارجية والداخلية
  • لقاء بين الجماعة الإسلامية وشعبة المعلومات في الأمن العام
  • السفير الياباني بالجزائر يزور المندوبية الوطنية للمخاطر الكبرى